فرع هيئة الصحفيين بجازان يحتفي بيوم العلم السعودي بالتعاون مع فندق جازان ان    ارتفاع الفائض التجاري للمملكة خليجياً    التجارة: التشهير والغرامة لمتسترين في نشاط الديكورات    تعهد بملاحقة مرتكبي انتهاكات بحق وافدين.. العراق يعيد مواطنيه من «الهول» ويرمم «علاقات الجوار»    ضغوط تجاه «مقترح ويتكوف».. وتباين حول موقف «حماس».. الضبابية تخيم على «مفاوضات الدوحة»    «السداسي العربي» يبحث مع ويتكوف خطة إعمار غزة.. ترامب يتراجع عن «التهجير»    القيادة تهنئ رئيس موريشيوس بذكرى استقلال بلاده    الاتفاق يودع دوري أبطال الخليج    السعودية تستضيف "نخبة آسيا" الشهر المقبل في جدة    بحضور عدد من قيادات التعليم.. انطلاق «قدرات» الرمضانية في جدة التاريخية    إدخال السرور على الأسر المتعففة.. «كسوة» تطلق سوقها الخيري الخامس    محافظ جدة يشارك أبناء وبنات شهداء الواجب حفل الإفطار    مشروع الأمير محمد بن سلمان يحافظ على هوية مسجد الجامع في ضباء    عناوينه وثّقت محطات مهمة في تاريخ المملكة.. الموت يغيب خوجه خطاط «البلاد» والعملة السعودية    «تعليم الطائف» يكرم المتأهلين لنهائي «إبداع 2025»    المفتي ونائبه يتسلمان تقرير فرع الإفتاء بالشرقية    ترحيب دولي بنتائج «محادثات جدة».. جهود المملكة تدعم السلام    وزير الخارجية يشارك في اجتماع بشأن فلسطين في الدوحة    إدانات دولية لجرائم الحرب الإسرائيلية    التسليح النووي: سباق لا ينتهي نحو القوة والردع    واشنطن: مشروع قانون لتجنب شلل الحكومة الفدرالية    عَلَمُنا.. ملحمتنا الوطنية    أمير القصيم يزور شرطة المنطقة ويشارك رجال الأمن مأدبة الإفطار    الرياض يهدد صدارة الاتحاد    المملكة تدشّن مشاركتها في معرض لندن الدولي للكتاب    ملبوسات الأطفال في رمضان.. تعكس هوية الشمالية    رينارد يعلن قائمة الأخضر لمواجهتي الصين واليابان    الحرص على روافد المعرفة    روحانية الشهر الكريم    الجنين.. ودودة العلق    السمات الشخصية المظلمة في بيئة العمل    السهر في رمضان.. تراجع إنتاجية العمل    الأهلي يهدد بالانسحاب من الدوري المصري    سعود بن مشعل يشهد «ليلة وقفة جود مكة»    فيصل بن مشعل يرفع العلم على سارية ميدان التوحيد    أمير الشرقية يكرّم شركاء التأهيل.. ويطمئن على المرضى    «الملك سلمان للإغاثة» يواصل أعماله ضمن مشروع سلة إطعام    الأمن العام والدفاع المدني يشاركان في معرض «الداخلية»    مركز جراحة المخ والأعصاب بمجمع الدكتور سليمان الحبيب بالعليا يعيد الحركة لمراجعة وينهي معاناتها مع الآلام    إدارة الحشود في المسجد الحرام بالذكاء الاصطناعي    آرت بروميناد تستهوي زوار جدة    "أدير العقارية" تحقق مبيعات تجاوزت نصف مليار ريال في مزاد مخطط "المشرق" بالخبر خلال خمسين دقيقة    الرباعي السعودي يتزعم القارة الصفراء    الزواج من البعيدة أفضل!    52 خزانا تنقل وتوزع المياه المجددة    التخلص من 492 رأس ماشية في رمضان    سعوديات يدرن مركز الترميم بمكتبة المؤسس    الشباب شغوفون بالطائرة والمشي يستهوي الفتيات    اتفاق عربي أمريكي على مواصلة التنسيق بشأن خطة مصر لإعمار غزة    غُرفة عمليات أجاويد 3 بخميس مشيط تحتفل بيوم العلم    سبل تصدر طابعاً بريدياً بمناسبة يوم العلم    مكتبة الملك عبدالعزيز العامة تشارك في معرض لندن الدولي للكتاب    أمير منطقة جازان يتسلم التقرير السنوي لفرع الإدارة العامة للمجاهدين بالمنطقة    حكاية كلمة: ثلاثون حكاية يومية طوال شهر رمضان المبارك . كلمة : القطيبة    دلالات عظيمة ليوم العلم    الأولمبية والبارالمبية السعودية تعتمد تشكيل مجالس إدارة 24 اتحاداً ولجنة ومركز التحكيم الرياضي    وزير الدفاع يستقبل وزير الدفاع التركي    شوارع وميادين مناطق المملكة تتزين بالأعلام احتفاء بيوم العلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وقفات مع مصطلح (الفكر الإسلامي)
نشر في الجزيرة يوم 19 - 08 - 2004

تطلق كلمة (الفكر) على معنيين أحدهما: النظر والتأمل والاستنباط (أي عملية التفكير نفسها). والمعنى الآخر أن الفكر هو: نتاج عمليات التفكير من موضوعات وتصورات ونظريات وغيرها. والمعنى الثاني هو الأكثر شيوعاً واستخداماً.
أما مصطلح (الفكر الإسلامي) فله الكثير من التعريفات وسأذكر تعريفين حديثين: الأول هو للدكتور عبدالرحمن الزنيدي (2002م) حيث عرفه بأنه: (الصنعة العقلية وفق منهج الإسلام)، انظر: كتابه (حقيقة الفكر الإسلامي، ص 14). أما التعريف الآخر فهو للدكتور أحمد فرحات (2003م) حيث عرفه بأنه: (نتاج التأمل العقلي المنبثق عن نظرة الإسلام العامة إلى الوجود والمتوافق مع قيم الإسلام ومعاييره ومقاصده).
وهذا المصطلح حديث النشأة لم يعرفه علماء الأمة المتقدمون ولا المتأخرون. وقد كانت نشأته رد فعل لهجمة الفكر الغربي على الإسلام والمسلمين. أي أن وظيفة الفكر الإسلامي في بداياته كانت ذات طبيعة دفاعية، ثم ما لبث أن أصبح دفاعياً وبنائياً معاً.
ويظهر أن كلمة (الفكر) هي ترجمة لكلمة (أيدلوجيا) والتي ظهرت في اوروبا بعد أن انسحب رجال الدين المسيحي من الحياة العامة وانزووا داخل كنائسهم وأديرتهم. وانطلق المفكرون الغربيون يبحثون في جوانب الحياة السياسية والاجتماعية بروح عقلانية ومادية وإلحادية غير مرتبطة بالدين. وكان لهذا الفكر مجالان رئيسان تحرك فيهما بقوة: المجال الأول هو مجال الفكر العقائدي وأقصد به الدراسات التي هاجمت الإلهيات والغيبيات، وهذا المجال تمثله الأيدلوجية الماركسية في جانبها الفلسفي. أما المجال الثاني فهو مجال الفكر العملي واقصد به ما قدمه أولئك المفكرون من مناهج ومذاهب للحياة بعيداً عن الدين. وأهم مثالين لذلك هما المذهب الاشتراكي والمذهب الليبرالي، اللذان جهدا في وضع نظم تغطي جوانب مختلفة في الحياة. لقد كان عمل أولئك المفكرين هو وضع الأساس النظري والمبادىء الكلية لهذه المذاهب والنظم وتركوا بعد ذلك للمتخصصين في الاقتصاد والسياسة والاجتماع أمر تنزيلها إلى ارض الواقع. ولذلك أرى أن من أوجب المهام الملقاة على عاتق المفكرين الإسلاميين هو التصدي لهذا الفكر اللاديني في جانبيه العقائدي والعملي، وترك الردود التفصيلية لأصحاب التخصصات في مجالات الاقتصاد الإسلامي والسياسة الشرعية والدراسات الاجتماعية.
أما كون هذا (العمل الفكري الإسلامي) هل هو من باب الاجتهاد، أم لا؟، فالذي يظهر أنه يختلف عن الاجتهاد. حيث إن الاجتهاد مصطلح يراد به: (بذل الجهد في استخراج الأحكام الشرعية العملية من أدلتها التفصيلية). أي أن الاجتهاد بصورة عامة ملتزم بأصول وقواعد الاستنباط المعروفة في الشريعة الإسلامية. أما عمليات التفكير التي يمارسها المفكرون الإسلاميون بمشاربهم المختلفة فلا يظهر فيها - في الأغلب - التزام دقيق بهذه الأصول والقواعد. واقترح أن يطلق على هذا النوع من التفكير: (تنظيراً) تمييزاً له عن الاجتهاد. ويقودنا هذا، إلى التفرقة بين المفكر الإسلامي وعالم الشريعة، حيث إن العالم يصدق عليه أنه متخصص في علوم الشريعة وانه أكثر انضباطاً بالمنهج العلمي الدقيق في البحث والاستنباط، وانه امتداد لتراث علمي متراكم وممتد ومتواصل عبر الأزمنة والأجيال.
ومن المناسب هنا التنبيه إلى أنه من الخطأ إطلاق تعبير (فكر إسلامي) على تراث علماء المسلمين، لأمور منها: أن هذا التراث وجد قبل ظهور هذا المصطلح. ومنها أن هذا التراث قد جرت العادة بتسميته بالعلوم الشرعية أو العلوم الإسلامية. وهذه العلوم تتكون من شقين: الشق الأول والأهم والأعظم هو العلم الإلهي والذي هو نصوص القرآن الكريم والسنّة المطهرة. والشق الثاني هو العلم البشري والذي هو نتاج اجتهاد علماء الأمة (سلفاً وخلفاً). وهذا الشق يصدق عليه أنه (علم) أكثر من كونه (فكراً) حيث إن العلماء التزموا في اجتهاداتهم بمنهج الاستنباط المعروف لدى المذاهب الإسلامية.
وآمل ألا يفهم مما سبق أنني أريد الحط من شأن الفكر الإسلامي ورموزه المعاصرين وإنما المقصود محاولة إزالة التداخل بين الفكر والعلم والذي أصبح سمة بارزة في كثير من الدراسات المعاصرة. وقد سبقني إلى هذه المحاولة معالي الشيخ صالح آل الشيخ في محاضرة له بعنوان: (العلم والفكر) حيث أجاد وأفاد.
إن المفكرين الإسلاميين أصبحوا طليعة مهمة في معالجة الكثير من القضايا والأفكار التي اجتاحت عقول المسلمين خاصة خلال العقدين السابقين، والذي دخلنا بهما في عصر العولمة الثقافية، حتى أصبح العلماء والمتخصصون لا يقدرون على التصدي لهذا السيل الجرار. أما المفكرون (وكما هو مشاهد) فلهم جهد مقدر في هذا الشأن. والفكر الذي أعنيه هنا هو الذي ينطلق من قواعد الشريعة ومبادئها العامة، ولا يناقض مواطن الإجماع والأحكام الظاهرة. وهو إنما يحمد بموافقة الكتاب والسنّة أو التصدي لمن يعارض الكتاب والسنّة. وينبغي كذلك على المفكرين الإسلاميين أن يراجعوا فكرهم بين الفينة والأخرى في ضوء الدراسات المتخصصة (والتي في الغالب تظهر متأخرة عن الكتابات الفكرية)، فإذا تبين لهم شيء من الأخطاء أن يبادروا بتصحيحها.
إن العالم والمتخصص في علم من العلوم يمكن أن يستفيد من جهود المفكرين حيث ينتبه إلى قضية تناولها المفكر، فيأخذها ويدرسها وفق المنهج العلمي التفصيلي الذي يستخدمه في تخصصه، وبذلك يعمل على تحويل هذه المسألة من مجرد تناول فكري عام إلى مسألة علمية تفصيلية.
كذلك نجد أن المفكر الإسلامي يستفيد من نتائج الدراسات العلمية التخصصية ويعمل فيها نظره وفكره ويجتهد في الربط بين هذه المسائل الجزئية ليخرج بموجهات وملامح وقواعد عامة تكون أكثر أهمية وفائدة لعموم الأمة. وذلك لأن أصحاب التخصصات الدقيقة تغلب عليهم النظرة الجزئية ويضعف لديهم التناول الشمولي للأمور.
ومما يمتاز به حملة الفكر الإسلامي أن طابع المعاصرة فيهم أوضح من غيرهم، ولهم سلاسة الأسلوب وخفة العبارة. ولذلك نجد أنهم هم الأكثر حضوراً في الفضائيات العربية والصحف والمجلات. ولهم جمهور ذو طابع صفوي يضم المثقفين والإعلاميين والفئات الأكثر تعلماً في المجتمعات العربية والإسلامية. أما العلماء والمتخصصون فقد لا يستسيغون كثيراً من الكتابات الفكرية التي تكون في دائرة تخصصهم حيث يكتشفون ما في هذه الكتابات من التعميم والإجمال وعدم الالتزام بالتناول العلمي الدقيق الذي يعرفونه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.