باتت الديون الأمريكية المتزايدة مصدر قلق لصناع القرار بالولاياتالمتحدة والمؤسسات الاقتصادية الدولية كصندوق النقد الدولي الذى يخشى من تأثر النمو الاقتصادي الامريكي والعالمي بتداعيات تلك القضية. ويرى محللون اقتصاديون ان ارتفاع المديونية الامريكية إلى حوالى 7.3 تريليون دولار في أغسطس الحالي يهدد بتراجع معدل نمو الناتج المحلي الاجمالي بالولاياتالمتحدة وهو ما يخشاه الرئيش الامريكي جورج بوش الذي يخوض سباقا انتخابيا في مواجهة المرشح الديمقراطي جون كيري. ويرى وزير الخزانة الامريكي جون سنو: ان الولاياتالمتحدة لن تكون قادرة على تسديد فواتير ديونها حال رفض الكونجرس زيادة الحد الاقصى للاستدانة من الخارج والذي يبلغ حاليا 7.4 تريليون دولار. واشار الى ان الولاياتالمتحدة سوف تصل الى الحد الاقصى للاستدانة بحلول سبتمبر القادم مشددا على ضرورة رفع الحد الاقصى للمديونية الامريكية. ويرى المحلل الاقتصادي الأمريكي ادوارد بورتر ان توقف الولاياتالمتحدة عن سداد ديونها أمر مستبعد حتى في حالة رفض الكونجرس الموافقة على زيادة الحد الاقصى للاستدانة لان تداعيات تلك الخطوة - التوقف عن السداد - تعنى اهتزاز سوق السندات العالمية وارتفاع معدل الفائدة. ويجد الديمقراطيون في مطالبة وزير الخزانة الأمريكي للكونجرس بزيادة الحد الاقصى للمديونية فرصة سانحة لتأكيد انتقاداتهم لادارة الرئيس بوش للاقتصاد. ويرى الجمهوريون ان معدل المديونية ارتفع بسبب زيادة فاتورة الحرب الدولية التى تقودها الولاياتالمتحدة على الارهاب سواء داخل الولاياتالمتحدة أو خارجها. وتسعى الادارة الامريكية الى استدانة حوالى 89 مليار دولار من الخارج خلال الربع الثالث من العام الحالي، وتتوقع الادارة الامريكية ان يصل معدل العجز بالموازنة 445 مليار دولار العام الحالي بينما تتوقع لجنة الموازنة بالكونجرس عجزا يصل الى 477 مليار دولار. ويرى محللون اقتصاديون ان الولاياتالمتحدة ينبغى ان تجد الحلول المناسبة للسيطرة على المديونية الخارجية لتفادي الانزلاق الى الركود والاضرار بنمو الاقتصاد العالمي خلال الاعوام القادمة. وأوضح المحلل الاقتصادي الأمريكي ستيفان كينج ان واشنطن تلجأ الى الاقتراض من الخارج لمواجهة العجر في الميزان الجاري مشددا على ان المديونية العالية سوف تدفع بنك الاحتياط الفيدرالى الى زيادة الفائدة وهو ما سوف ينعكس سلبا على نمو الناتج المحلي الاجمالي وأسواق المال الامريكية والدولية. وتزايدت معدلات الاستدانة من جانب الشركات الامريكية خلال الفترة الماضية نتيجة السياسة التي طبقها بنك الاحتياط الفيدرالي لدعم النمو والمرتكزة على خفض معدل الفائدة الى ادنى مستوى لها. ويرى المحلل بيتر ايفيز ان رفع معدل الفائدة سوف يؤدي الى تراجع معدلات الاقتراض من جانب الشركات الامريكية الا انه في الوقت نفسه ينذر بزيادة معدل الافلاس في صفوف الشركات الامريكية مما يهدد النمو المتوقع ويزيد من معدل البطالة. وأوضح صندوق النقد الدولي ان زيادة المديونية الخارجية بالتزامن مع ارتفاع العجز في الموازنة بالولاياتالمتحدة يهدد الاستقرار المالى العالمى. ويرى خبراء بصندوق النقد الدولى ان زيادة الطلب الأمريكي على الاقتراض من الخارج والعجز المتزايد في ميزان المدفوعات وتذبذب سعر الدولار وارتفاع اسعار النفط بالسوق العالمية سوف يودى الى تداعيات سلبية داخل الولاياتالمتحدة وخارجها منها ارتفاع الفائدة وزيادة الركود والبطالة وتقويض الثقة في بيئة الاستثمار الامريكية والدولية. وقال تشارلز كولنز كبير الخبراء الاقتصاديين بصندوق النقد الدولي ان الميزانية الفيدرالية الامريكية التي حققت فائضا بلغ 2.5% عام 2000 منيت بعجز قياسي بلغ حوالي 5 % من الناتج المحلي المالي (500 مليار دولار ) العام الماضي. واشار الى ان زيادة معدلات الطلب وارتفاع العجز في الموازنة والديون الامريكية سوف يدعم الاقتصاد العالمي على المدى القصير فقط بينما سيعاني الاقتصاد الدولي من التداعيات السلبية على المدى المتوسط والطويل. ويتوقع محللون اقتصاديون امريكيون ارتفاع الفائدة حال استمرار الزيادة في العجز بالموازنة وانخفاض معدل الادخار بالولاياتالمتحدة، ويرى محللون اقتصاديون امريكيون ان ارتفاع العجز في الميزان التجاري وانخفاض معدل الادخار سوف يدفع الادارة الامريكية إلى زيادة معدلات الاستدانة من الخارج. وتوقع المحلل الاقتصادى الأمريكي روبرت كتنر ارتفاع حجم الديون الامريكية مع استمرار ارتفاع مخصصات خدمة الديون الامريكية مشيراً الى ان زيادة الديون والعجز في الموازنة سوف يضر بالنمو الاقتصادي الأمريكي والعالمى على المدى القصير. وأضاف ان العديد من الموسسات الاقتصادية الامريكية حذرت الادارات الامريكية طيلة العقدين الماضيين من تجاهل قضيتي الديون والعجز في الموازنة، وتخشى أسواق المال الامريكية والدولية من تداعيات رفع الفائدة المتوقع بالولاياتالمتحدة ولا سيما بعد رفعها موخرا بنحو 0.25 نقطة مئوية لتصل الى 1.25 نقطة مئوية. وأوضح المحلل بيتر ايفيز ان رفع الفائدة من 3 % الى 6 % خلال الفترة من 1993 حتى 1995 اثر على سوق السندات وميزانيات البنوك الا انه لم يوثر على النمو الابم بالولاياتالمتحدة خلال تلك الفترة. الا ان رفع الفائدة المتوقع العام الحالى حال زيادة معدل التضخم واستمرار اسعار النفط في الارتفاع سوف يلقى بتداعياته السلبية على النمو في ضوء الارتفاع المتزايد في عجز الموازنة ومعدلات الاستيراد. وأوضح ان رفع الفائدة سوف ينعكس سلبا على سوق العقارات الأمريكية حيث سيحجم المتعاملون على الاقتراض لشراء عقارات وبالتالى ستنخفض الاسعار في ذلك القطاع الحيوى.