يسعى الإنسان غريزياً إلى إشباع حاجاته الإنسانية كالحاجة إلى المال، والتقدير، والاعتراف، وتحقيق طموحاته، وآماله، ورغباته.. الخ، بل إن علماء النفس يقولون: (إن السلوك الإنساني كله إنما هو موجه نحو إشباع الحاجات). وبناء على ذلك فإن للحوافز دوراً كبيراً في دفع الإنسان نحو تحقيق حاجاته، لذا فهو في سعي دائم نحو تحقيق ذلك. كما أنه للحوافز دور كبير في إذكاء روح التنافس بين زملاء المهنة في العمل، وفي دفعهم نحو التفوق والتميُّز، لذا اهتمت المؤسسات والشركات ومختلف الدوائر بالحوافز اهتماماً كبيراً، ورصدت من أجل ذلك المكافآت المختلفة والمتعددة، لتحفيز العاملين لزيادة الإنتاج، والإبداع، والعناية بتوفير الحوافز تُعد عامل جذب لذوي الخبرات والإبداع والقدرات، مما يؤدي إلى نمو ونجاح العمل وتحقيق أهداف المنشأة، كما يعمل على وقف تسرب الكفاءات إلى إدارات أخرى أو مؤسسات أخرى. ولا يمكن أن تتحقق مشاعر الانتماء والولاء للمنشأة في ظل إدارة لا تهتم بالحوافز ولا تُلقي بالاً لذلك. وقد حدد علماء الإدارة الحوافز بأنها على نوعين: حوافز مادية، وحوافز غير مادية، أو ما يُطلق عليها البعض الحوافز المعنوية، ولا شك أن لكل منهما أهميته وأثره في حياة الإنسان، كما أن توزيع الحوافز ينبغي أن يكون على أساس من العدل والكفاءة وإلا كان أثرها سلبياً، وبدلاً من أن تكون عامل جذب ينقلب الحال وتكون عامل طرد للكفاءات وذوي القدرات والمواهب. وقد ذهب بعض علماء الإدارة إلى أنه ينبغي عدم التوسع في تقديم الحوافز المادية كأساس لدفع العمل وإطلاق الطاقات الكامنة لدى العاملين، لأنه ربما تعجز المنشأة عن الاستمرار في هذا الاتجاه. ولا يجب أن تقتصر الحوافز على الجوانب المادية فقط، بل يجب أن تهتم أيضاً بالجوانب الأخرى كالإطراء والثناء وخطابات الشكر.. الخ، وقد أيد ذلك ما أكدته حصيلة التجارب والبحوث العلمية فقد ذكر كلٌ من الدكتور عبدالكريم درويش والدكتورة ليلى تكلا أن نتيجة تلك التجارب والبحوث أجمعت على أن الحوافز المادية وحدها ليست كافية.. وما لم يساندها أنواع أخرى من الحوافز فإن آثارها تقتصر على مجرد إشباع الحاجات البيولوجية لدى الأفراد، ومن ثم فإن الحوافز المادية تصبح ضئيلة الأثر بعد حد الإشباع المناسب لهذه الحاجات. إلا أن الدكتور يوسف أسعد يرى أنه يجب الاقتصاد في مدح الموظف وإطرائه، وعليه - أي الرئيس - أن يُبدي الرضا من وقت لآخر في غير مبالغة، وفي أوقات متباعدة بحيث ان من يحظى بمدحه يعتز بما يسمعه، ويكون حدثاً سعيداً اختص به، والواقع أن الشخصية التي تدأب على مديح الآخرين والثناء عليهم بغير تحرز أو تدقيق، إنما تفقد ما يمكن أن يؤثر به المديح في الآخرين، بل إنها تتهم بالمبالغة والمداهنة، ويصير المديح الذي يُكال جزافاً لكل من هبّ ودبّ مدعاة للهزء والسخرية، ولعلنا إذا حللنا شخصية من يُكيل المديح جزافاً نجد أنه إنما يستخدم ذلك لتغطية ما لديه من ضعف في الثقة بالنفس، وكذا ما يحس به من عدم الثقة في الآخرين أيضاً، ولو تسنى له أن يقف على الانطباع الذي يتأتى للآخرين بعد مديحهم بهذه الطريقة الجزافية إذاً لكان قد امتنع عن مدحهم تماماً، أو على الأقل التزم الخط السليم في ذلك، وصار مقتصداً في إطراء الآخرين. والذي يمكننا قوله إنه على الرئيس في العمل اتباع سياسة الوسط فلا إفراط ولا تفريط، فلا يجب إكالة المديح الجزافي بحيث يصير الثناء حدثاً عادياً، ولا يجب أن يمتنع عن الثناء والمديح البتة، فالاعتدال في ذلك هو القصد. وختاماً فإنه ينبغي التوازن في تقديم الحوافز للعاملين فلا يطغى الجانب المادي على الجانب المعنوي.