ربما يعكف بعض الناس على متابعة المصارعة الحرة والتي تظهر أمام شاشة التلفاز وذلك لبعض الساعات، وتستثير هذه الجولات حماس الكثير من المتابعين لها، حتى ان أحد المعجبين بهذه الرياضة الخطيرة والمرعبة لمَّا أعجبته حركة لبعض المصارعين أخذ يطبق هذه الحركة على زوجته الضعيفة، حيث قام هذا الرجل بإدخال قدمه بين قدمي زوجته وقلد حركة ذلك المصارع أو (الثور الهائج) مما أحدث اشتباكاً بين قدميه وقدمي زوجته، ولم يستطع ذلك الزوج تخليص القدمين إلا بشق الأنفس، وتسببت تلك الحركة المقلدة بعض الضرر بقدم تلك المرأة التي أكرهت على تلك الحركة مع زوجها المعجب بهذه الجولات من المصارعة الحرة!! قد تقام بعض الحلقات للمصارعة الحرة في بعض البيوت أو الكثير من البيوت في مجتمعنا، ولكن هذه الحلقات لا تُنقل على الهواء مباشرة للمشاهدين، وأبطال هذه الحلقات في غالب الأحيان (الزوج والزوجة) وربما تكون الغلبة في أكثر الجولات للزوج صاحب العضلات، وربما تكون الغلبة تارة للزوجة إذا كانت الزوجة ذات بنية جسمانية عظيمة، ولديها خبرة في بعض المبادىء العامة للكاراتيه أو الجودو، أو إذا تلقت الزوجة بعض العون والتشجيع من أولادها المراقبين عن كثب لهذه الحلقة المثيرة.. ويزداد الأمر عجباً إذا كان المتصارعان عجوزا هرمة وشيخاً كبيراً، ولا يكاد منزلاً يخلو من حلبة للمصارعة.. وقد يظن الكثير من الناس أنني مبالغ فيما أذكر أو أقول ولكن هذا واقع وحاصل. أطرح سؤالاً وأقول: هل لهذه المضاربات الواقعة بين الزوجين أسباب؟ وإذا كان لها أسباب فهل بالإمكان منع هذه الأسباب؟ لا أريد أن أسهب في ذكر أسباب هذه المضاربات، كما لا أرغب أن أطيل في ذكر الحلول. إن أول أمر نذكره في ذلك أن قيام مثل هذه المصارعة بين الزوجين خطأ فادح ما كان ينبغي له أن يحصل بين الزوجين الكريمين. أما أعظم الاسباب لقيام هذه المصارعة والمطارحة بين الزوجين فالابتعاد عن ذكر الله.. فمتى ابتعد المسلم عن ذكر الله كان الشيطان قريبا منه.. يقول الله تعالى: {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} ويقول: {أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} فإذا اطمئن قلب المسلم فإنه يبتعد عن المشاكل. ومن أسباب قيام هذه المضاربات تحميل الزوج أكثر من طاقته وقدرته و تحميل الزوجة أكثر من قدرتها، ولا شك أن هذا الأمر بالنسبة للزوج أو الزوجة يولد ردة فعل لدى الذي حُمِّلَ أكثر من طاقته، فلا يزال الزوج تحمله الزوجة أكثر من طاقته فيتحمل ويتحمل حتى ينفجر وينقض على زوجته ويشبعها ضرباً، فترد عليه بالمثل فتكون المشكلة، ولا يزال الرجل يُحمِّلُ زوجته أكثر مما تطيقه فتتحمل وتتحمل فترة من الزمان حتى ينفد صبرها فتهجم على زوجها وينشب بينهما الخلاف. ومن أسباب الخلافات بين الزوجين تدخل أهل الزوجين وعلى وجه التحديد أم الزوجة (الحماة) أو والدة الزوج، حيث يُحدث هذا التدخل في خصوصيات الزوجين مشاكل بين الزوجين.. وكان الأجدر بالزوجين والأمثل عدم تمكين الغير من التدخل في علاقتهما الزوجية، وكم من حالات للطلاق حصلت بين زوجين بسبب تدخل والدة الزوجة أو والدة الزوج. ومن أسباب نشوب المضاربات بين الزوجين تدخل الزوجة في شئون الزوج الخاصة مما يسبب الشقاق والخلاف بين الزوجين. إن الذي ينبغي للمرأة ألا تتدخل فيما لا يخصها من أمور زوجها.. فالزوج هو الأعلم بما يخصه. ومن أسباب حدوث المشاكل بين الزوجين شروع الزوج في البحث عن زوجة أخرى أو تفكيره مجرد تفكير.. فالويل له ثم الويل له إذا فكر في ذلك أو سولت له نفسه، وإن معارضة الزوجة لإقدام الرجل على الزواج وهو بحاجة ماسة له ظلم للزوج ولا يحل للزوجة أن تكون عقبة في طريق زوجها في تحقيق رغبته.. ونجد أن المرأة التي تشك أن زوجها قد تزوج عليها أو أنه يرغب في الزواج من أخرى توجه ألوان السب والشتائم وربما بعض اللكمات للزوج المسكين، ولو تقبلت المرأة هذا الأمر لما وقعت بينها وبين زوجها أي مشكلة أو شقاق أو نزاع. ومن أسباب حصول هذه المضاربات أن بعض الرجال الذين يتزوجون بأكثر من زوجة لا يعدلون بين زوجاتهم مما يحدث لدى من نالها تقصير زوجها ردة فعل لديها فتتربص بزوجها حتى تتمكن منه وتنتقم منه بإشعال حرب بينها وبين زوجها قد تصل في بعض الأحيان للتشابك بالأيادي. وإن أعظم الأسباب لزوال المشاكل بين الزوجين تلافي الأسباب المؤدية للمشاكل. وأختم بأعظم سبب لزوال أسباب المشاكل بين الزوجين وهو التزام كل زوج بالدين وتعاليمه قال الله تعالى: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا}