لا يخفى على كل مسلم ما للدعوة إلى الله تعالى من أهمية، وما لها من شرف عظيم ومكانة سامية؛ حيث إنها مهمة الرسل عليهم الصلاة والسلام ومهمة أتباعهم، وقد أثنى الله تعالى على الدعاة إلى سبيله فقال تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}. والدعوة إلى الله تعالى ليست نهباً لكل أحد، فلا يتصدى لهذه المهمة العظيمة إلا من أنس من نفسه القدرة على القيام بها على الطريقة المرضية الموافقة لما جاء في كتاب الله تعالى وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم. وحيث إن الداعي إلى الله تعالى هو الركن الركين في الدعوة فيجب عليه أن يتحلى بالخصائص والسمات التي ينبغي توفرها لمن تصدى لهذا العمل الجليل ومن هذه الصفات: أولاً: التسلح بالعلم الشرعي المستمد من الكتاب والسنة وفهم السلف الصالح فبالعلم الشرعي يكون كالجبل الأشم والطود الشامخ يسهل عليه أن يؤثر في المجتمع بما لديه من علم ويجعله قدوة وإماماً يقتدى به كما قال تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ}. ثانياً: الحكمة في الدعوة إلى الله كما قال تعالى: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} وكلما كان الداعية متصفاً بهذه الصفة كلما كان على علم واطلاع - بعد توفيق الله- على أحوال المدعوين. والحكمة يلازمها الرفق والعلم يزينه الحلم، ولما بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذاً إلى اليمن قال له: (إنك تأتي قوماً أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله) الحديث. فبدأ بالتوحيد لأنه أساس الملة ثم الصلاة... وهكذا بدأ بالأهم فعلى الداعية إلى الله تعالى مراعاة التدرج في أمور الدعوة والبدء بالأصول وترتيب الأوليات والموضوعية في الدعوة إلى الله ومراعاة فقه الموازنات أي مراعاة المصالح والمفاسد، فكل ذلك ينبغي أن يراعى في الخطاب الدعوي. ثالثاً: التخلق بالخلق الحسن بأن يكون الداعي إلى الله متصفاً بهذه الصفة لأنه يعد مثلاً يحتذى به وقدوة لمن يدعوهم. فقدوة البشر وإمامهم محمد صلى الله عليه وسلم أكرم الناس خصالاً وأحسنهم خلقاً، فقد امتدحه الله سبحانه وتعالى بقوله: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} وقال سبحانه: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ}، وعندما يتصف الداعي بهذه الصفة يكون أقرب إلى قلوب الناس. وعكس ذلك صحيح. والله أسأل أن يوفق الجميع لكل خير وأن يهدي ضال المسلمين كما أسأله أن يوفق ولاة أمرنا وعلماءنا وأن ينصر بهم دينه ويعلي كلمته، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. ( * ) مدير مركز الدعوة والإرشاد بالرياض