تحديدا في تاريخ 15-3-1423ه كتبت هذه الزاوية مقالاً لها تناشد من خلاله معالي وزير التربية والتعليم التمهل في عملية استئناف تدريس مادة اللغة الإنجليزية في المرحلة الابتدائية، وكان ذلك بعنوان (ونحن نسعى إلى تطوير مخرجاتنا التعليمية.. تمهلاً قليلاً يا معالي الوزير)، وقد كان المقال أحد الأصوات المناشدة والمرحبة بانضمام هذه المادة المهمة إلى كوكبة مناهجنا العريقة، إلا أنه في الوقت نفسه كانت هناك مناشدة بل رجاء من عدم الإسراع في تطبيق هذا المنهج دون أن تكون هناك جاهزية تامة حيال تدريسها، والوسائل المصاحبة لها، والتي أضحت إحدى الركائز الأساسية التي تدعم عطاءات تدريسها. وقد أثلج الصدر ذلك القرار الموقر الحكيم الذي أرجأ أمر تطبيق الدراسة على أرض الواقع إلى أن تخضع الوزارة إلى المزيد من الدراسة والبحث حول آلية وإمكانية تدريس هذه المادة في كل مناطق ومحافظات وقرى وهجر بلادنا الغالية. بعد ذلك أقرت حكومتنا الرشيدة البدء في تدريس مادة اللغة الإنجليزية في المرحلة الابتدائية للصف السادس الابتدائي بدءاً من العام الدراسي القادم، تمهيداً إلى أن يتبع ذلك التطبيق في الصفوف الأقل درجة وهكذا. ولا شك أن صدور هذا القرار الأخير قد بني على ما كلفت به الوزارة من دراسات وبحوث أظهرت نتائجها إمكانية التطبيق من جوانب عدة، أهمها الفنية والإدارية، لكن يبدو أن الوزارة حينما قدمت هذه الدراسة لم تكن تشمل النواحي المالية، لتغطية النفقات أو المصروفات المالية لسد الاحتياجات اللازمة من هذا التوجه التعليمي المأمول؛ ولهذا فنحن واقعون في قضية رئيسة الآن, يتمثل ذلك في أن التطبيق سوف يبدأ من العام الدراسي القادم، والوزارة غير مستعدة الاستعداد الكامل لتقديم تدريس هذه المادة كما ينبغي، وهذا ما أشار إليه المشرف العام على مشروع اللغة الإنجليزية بالوزارة, في تصريح له في جريدة الرياض عدد يوم الأحد الموافق 23-5- 1425ه قائلاً: (إن مدارس البنين تحتاج إلى (1500) معلم وهذا العدد يمكن توفيره في مدارس البنين، ولكن عدد الاحتياج في المدارس الخاصة بالبنات كبير، ولا يمكن توفيره بما هو متوافر)، ويردف قائلا: (إن أمر تدريس اللغة الإنجليزية في مدارس البنات يعتمد على توفير وزارة المالية وظائف معلمات؛ تنفيذا لقرار مجلس الوزراء الموقر، وإن وزارة المالية لم تعتمد أي وظيفة لمعلمي ومعلمات اللغة الإنجليزية للصف السادس الابتدائي في ميزانية هذا العام. ومن المؤمل أن تتجاوب وزارة المالية بتوفير اعتمادات لتوظيف المعلمين والمعلمات لهذا العام ...) انتهى كلامه. إذن القضية مرتبط نفاذها ونجاحها بتجاوب وزارة المالية لتوفير الاعتمادات الوظيفية للمعلمين، والسؤال المطروح: ماذا سيحدث إذا لم تتجاوب، وواضح أن التجاوب ضعيف ، وواضح أيضا أن وزارة التربية والتعليم تظهر لنا مثل هذه التصريحات حالياً، وقبيل بدء الموسم الدراسي القادم لتنقل أو تبعد المسؤولية تجاه ملعب وزارة المالية. وهذا يذكرنا بقضية التهرّب من مسؤوليات الآخر، كما حدث من قبلُ في قضية الوادي المتصدّع، الذي صدع برؤوسنا حتى عرفنا أو لم نعرف حتى الآن، لا أدري أيضاً بعدُ من المتسبب ومن المسؤول عن قضيته؛ هل هي وزارة الزراعة أم وزارة الصحة؟ إن قضية التعليم قضية خطيرة، وترك الطالب أمام كتاب مادة أجنبية وبدون معلم، هي إشكالية تعليمية لا تبشر بالخير، خصوصاً أن وزارة التربية والتعليم تدارست الأمر وتباحثته من أوجه عدة، فلماذا لا يكون النصيب المالي وهو عصب القضية هو صلب الدراسة والبحث فيما كلفت به الوزارة من مقام مجلس الوزراء؟ وهل هذا يعني أيضاً أن لا مشاركة في تلك الدراسة من جانب وزارة المالية؟ وهل يعني هذا أيضاً أننا سنبدأ في التدريس على مضض وإكراه لأبنائنا وبناتنا، ونوجد لهم صدمة كبيرة؟ لماذا كنا ننتظر تطبيقها منذ الأزل، ونطمح أن يكون لها بداية طيبة ونهل حسن؟ أرى أن الوزارة مندفعة في الأمر، وأرى أن لا جاهزية لديها البتة، فعليها مراجعة هذا الأمر، قبل أن نرفض هذه المادة على الإطلاق داخل مؤسساتنا التعليمية كافة. الباحث في شؤون الموارد البشرية