في مثل هذا اليوم من عام 1959، وبعد قضاء تسعة أعوام في السجن البريطاني، تم الإفراج عن كلوس فوشس، العالم الذي وُلد في ألمانيا وعمل في لوس الاموس وقام بمساعدة الاتحاد السوفيتي في صناعة أول قنبلة نووية وأول قنبلة هيدروجينية. وقام فوشس بمغادرة بريطانيا في الحال متوجها إلى ألمانياالشرقية الشيوعية لاستكمال أبحاثه العلمية. وقد التحق فوشس بالحزب الشيوعي الألماني عام 1930عندما كان طالبا في الجامعة في فترة ما قبل الحرب، بيد أنه اضطر للهروب عندما تولى الزعيم النازي أدولف هتلر السلطة عام 1934. واستقر فوشس في بريطانيا ونبغ كعالم شاب وتم تعيينه في الجيش البريطاني بعد اندلاع الحرب العالمية الثانية. ورغم ماضيه الشيوعي فقد مُنح فوشس عفوا أمنيا. وفي عام 1943 تم إرساله مع مجموعة من العلماء البريطانيين إلى الولاياتالمتحدة للالتحاق بالعمل في البرنامج النووي السري الأمريكي. وبعد استقراره في المراكز الرئيسية للتطوير الذري في لوس الاموس بولاية نيو مكسيكو أصبح فوشس عضوا بارزا في هذا البرنامج. ودون علم أحد في لوس الاموس قام فوشس بالتواصل مع أحد عملاء الاتحاد السوفيتي بعد وصوله مباشرة وقدم إليه معلومات دقيقة عن البرنامج النووي، بما في ذلك المخطط التفصيلي لتصنيع القنبلة (الرجل البدين) التي تم إسقاطها علي ناجازاكي في اليابان. كما أخبره بكل شيء يعرفه العلماء في لوس الاموس عن القنبلة الهيدروجينية المحتملة. وبعد الحرب، عاد فوشس إلى إنجلترا لاستكمال عمله النووي وتجسسه لحساب السوفييت حتى شهر ديسمبر من عام 1949، عندما قام أحد ضباط المخابرات بإخبار فوشس بأنه متهم بتسريب معلومات تفصيلية عن الأسلحة النووية إلى الاتحاد السوفيتي. وتم الكشف عن أعمال فوشس الجاسوسية بعد أربعة أشهر من نجاح الاتحاد السوفيتي في تفجير أول قنبلة ذرية لها. وتمت إدانة فوشس في 1 مارس آذار عام 1950 بعد محاكمة استمرت لمدة ساعتين. وطبقا للقانون البريطاني؛ فإن الحكم على فوشس يصل إلى السجن مدة 14 عاما حيث أن الاتحاد السوفيتي لم يكن عدواً رسمياً لبريطانيا في وقت إلقاء القبض علي فوشس. وبعد تسعة أعوام، تم الإفراج عن فوشس لحسن السير والسلوك وقام بمغادرة البلاد مباشرة متوجهاً إلى ألمانياالشرقية الشيوعية. وتوفي عام 1988. وكان اكتشاف جاسوسية فوشس أحد العوامل الأساسية في موافقة الرئيس هاري ترومان على التمويل الضخم الذي يتطلبه تطوير القنبلة الهيدروجينية، وهو السلاح الذي يفترض أن تكون قوته مئات أضعاف القنابل الذرية التي أُسقطت على اليابان. وتم تفجير القنبلة الهيدروجينية الأمريكية بنجاح في 1952. وبعد ثلاثة أعوام نجح الاتحاد السوفيتي أيضا في تفجير أول قنبلة هيدروجينية.