عندما تقر ميزانيات التخطيط التنموي والمقترحات والإلزاميات المناط بها تحقيق الأهداف من عملية التخطيط فإن الإشارة سوف تنسحب صوب المخططين كونهم الأكثر إحاطة بنتائج التخطيط وما يؤول إليه ومن التخطيط المفترض أنه مُدرج في أي خطط تنموية بشرية تهتم بالكوادر والأيدي العاملة وتوفرها في مختلف التخصصات فهو التخطيط المبني على معرفة مدخلات السلك التعليمي والتربوي والفني والمهني ومخرجاته وحاجة السوق والتنمية في مجالاتها الصناعية والاجتماعية والاقتصادية للأعداد والكوادر المؤهلة والمدربة والمتسلحة بالعلوم والتطبيقات النظرية والعلمية سواء في مدى متوسط أو بعيد وعلى الرغم من أن هذه الحالة لا تنطبق على هذه الناحية من التخطيط فقط ولكنها أكثر ما يميز نجاح التخطيط في المجال التنموي والتطويري معا حيث يتحدد على إثر ذلك مدى الحاجة للكوادر الاختصاصية واستيعابها في نقاط الإنتاج المحلي ميدانياً وعلمياً ونظرياً وغيره من التشكيلات الوظيفية التي تسهم في بناء أي مجتمع يفترض فيه التقدم إلى الأفضل ولأن المواطن البسيط مثلي وغيري كثير لا يدرك ماهية الأسس والمرتكزات التي يبنى عليها التخطيط للكادر البشري والإمكانات المتوفرة في مختلف المجالات إلا أننا نلمس في أحاديث الغير مدى الفجوة بين مخرجات السلك التعليمي والواقع على أرض الميدان فهناك أعداد مهولة في تخصصات معينة تتخرّج كل سنة دون انخراط في السلك العملي مما يعني تعطيل كوادر صرف الكثير من الوقت والجهد في سبيل تأهيلها وإعدادها لتسد حاجة السوق في مجال ما والغريب أن الكثير ممن يتوجه لمقاعد الدراسة يتجه إلى نفس التخصصات التي اكتفى السوق منها وهذا يشير الى أن الفرد في المجتمع قد لا يكون قادراً بشكل دائم على توجيه أو على الأصح التوفيق بين رغباته وحاجة السوق الأمر الذي يُعزى بسببه حدوث مترتبات مجتمعية مثل: البطالة، جنوح الأحداث، التكتل السكاني العشوائي، وأحد السبل في هذا الصدد هو تقنين ملف خاص يوجه من خلاله المسؤولون عن مدخلات التعليم العالي والمهني والاختصاصي إلى فرز المتقدمين حسب الحاجة على المدى القريب والبعيد إذ ان الانسياق والتقليد في الاتجاه إلى التخصصات المختلفة من قِبل بعض الشباب دون دراية يتسبب في فائض من الخريجين قد لا يوفقون في سرعة إيجاد عمل يوافق ما تعلموه وتعبوا في تحصيله كما أن الاتجاه الآخر هو التوسع من نفس مؤسسات التعليم لدعم خريجيها للاتجاه إلى العمل الحر لتنويع مجالات احتواء هذه الأعداد الهائلة كل سنة من الخريجين للسعي للقضاء على جزء من معوقات المسار المتفق عليه في مجال الخطط التنموية والتي يعم نفعها للجميع مجتمعاً وأفراداً، ولعل فيما انتهجته رئاسة الحرس الوطني في مجال تدريب فئات من الخريجين خير مؤشر على ارتفاع معدل المشاركة من القطاعات ذات المسؤولية الدائمة في الاستفادة من الخريجين بطرق واساليب جد متطورة بغية تفعيل دور هذه الكوادر وينتظر الجميع أن تخطو الجهات الأخرى وعلى رأسها وزارة التعليم العالي ووزارة التربية والتعليم والمؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني خطوات مماثلة تدعم التوجه الذي تتبناه الدولة في توفير فرص عمل أكبر مفيدة للسوق والمجتمع بمختلف أطيافه.