مبادرة لتمكين الامتياز التجاري في نشاط صيانة السيارات    تراخيص صناعية جديدة لصيانة وإصلاح الطائرات بالمملكة    ختام ورش مساحات العمل الصحية    محافظ جدة يتفقد النفق الشرقي    توظيف الذكاء الاصطناعي في التعليم والتدريب    ترامب: الحرب في أوكرانيا قد تنتهي "خلال أسابيع"    الفتح يحقق فوزًا مهمًا على الأخدود    وزير الخارجية ونظيره النيوزيلندي يبحثان العلاقات الثنائية    المنتخب السعودي يخسر من منتخب العراق ويغادر كأس الخليج لقدماء اللاعبين    الجبير يلتقي المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي    وزير الصحة يبحث تعزيز الشراكة الصحية مع وزيري القوى العاملة وحماية العمال الإندونيسيين    الموارد البشرية بنجران تحتفل بيوم التأسيس    أقدم حفل موسيقي    ارتباط حقن التخسيس بفقدان البصر    النيابة العامة تحتفي بمناسبة يوم التأسيس    (ثمارية العقارية) تطلق المراحة البيعية الرابعة لمشروع "المها" الأكبر في جنوب غرب العاصمة الرياض    قرية "ذاكرة الأرض" تختتم فعالياتها بتبوك    عقوبات أمريكية على 16 كياناً وسفينة إيرانية    500 لاعب ولاعبة يتنافسون في بطولة المملكة في جازان    الزواج ليس ضرورة.. لبنى عبدالعزيز: الأمومة مرعبة والإنجاب لا يناسب طموحاتي المهنية    إسرائيل تستعد لاستئناف الحرب في غزة    انعقاد جلسة رفيعة المستوى حول الدبلوماسية الإنسانية في النزاعات ضمن فعاليات منتدى الرياض الدولي الإنساني الرابع    نائب أمير تبوك يكرّم الطلاب والطالبات الفائزين بجوائز «منافس» في مساراتها الخمسة    أمير الرياض يعزي جبران بن خاطر في وفاة والدته    فقيه ل«عكاظ»: "روح الفريق الواحد" قادت الاتحاد للانتصارات    أتلتيكو مدريد يهدد برشلونة    سمو أمير منطقة الباحة يشهد حفل إمارة المنطقة بمناسبة يوم التأسيس    عبادي الجوهر قدمني للناس كشاعر.. عبدالرحمن بن مساعد: أغنية «قالوا ترى» ساذجة    لجنة فلسطين في البرلمان العربي: إعمار غزة واجب .. وتهجير أهلها جريمة    أمانة تبوك توفر 260 بسطة رمضانية في 13 موقعاً    يوم التأسيس: جذور المجد وبداية الحلم    "الشؤون الإسلامية" تنهي فرش 12 جامعا بمنطقة القصيم    بلدية صبيا تطلق فعاليات الاحتفال بيوم التأسيس    بعد وفاة 82 شخصاً.. بريطانيا تحذّر من استخدام حقن إنقاص الوزن    الرياض: ضبط 4 وافدين لممارستهم أفعالاً تنافي الآداب العامة في أحد مراكز «المساج»    الاتحاد الأوروبي يُعلن تعليق بعض العقوبات المفروضة على سوريا    لافروف: الحوار مع أمريكا في الرياض «إيجابي»    محكمة الاستئناف بعسير تحتفل بيوم التأسيس    وزارة الصحة تؤكد أهمية التطعيم ضد الحمى الشوكية قبل أداء العمرة    اليابان تسجل عجزًا رقميًا قياسيًا    زيادة تناول الكالسيوم تقلل من خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم    أمانة الرياض تباشر تركيب لوحات أسماء الأئمة والملوك في 15 ميداناً    ضيوف منتدى الإعلام يزورون "مكان التاريخ"    وقفات مع تأسيس السعودية وتطورها ومكانتها المتميزة    الدبابات تدخل الضفة للمرة الأولى منذ 23 عامًا.. ووزير جيش الاحتلال: إخلاء مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس ومنع عودة سكانها    موجة برد صفرية في السعودية.. «سعد بلع» يظهر نهاية الشتاء    زياد يحتفل بعقد قرانه    كشافة شباب مكة تقلد محمود (المنديل والباج)    الطباطيبي يزفون عصام وهناء    مختبر ووهان الصيني.. «كورونا» جديد في الخفافيش    "غينيس" توثق أكبر عرضة سعودية احتفاء بذكرى يوم التأسيس في قصر الحكم    مسيرات الحب في ذكرى يوم التأسيس    يوم التأسيس.. يوم التأكيد    لماذا يحتفل السعوديون بيوم التأسيس ؟    رئيس "سدايا": يوم التأسيس .. اعتزاز ممتد على مدى ثلاثة قرون من الأمجاد والنماء    فرع "هيئة الأمر بالمعروف" بنجران يشارك في الاحتفاء بيوم التأسيس    برعاية مفوض إفتاء جازان "ميديا" يوقع عقد شراكة مجتمعية مع إفتاء جازان    برعاية ودعم المملكة.. اختتام فعاليات مسابقة جائزة تنزانيا الدولية للقرآن الكريم في نسختها 33    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الوزير بن بقية والشاعر الأنباري وقصة وفاء

تاريخنا الإسلامي والسياسي والأدبي حافل بكل طريف وجديد وإن الأمة العربية بالإسلام رجحت عقول أبنائها وسمت أذواقهم، وعلت إبداعاتهم فالإسلام هذب أخلاقهم ورقق مشاعرهم وعلمهم كل الصفات الحميدة من كرم وبذل وسخاء وأمانة وصدق ووفاء. وأمامنا قصة وفاء والوفاء من خلق الكرام وهي مأثورة ترويها كتب الأدب وممن سجلها أبو منصور عبدالملك بن محمد بن إسماعيل الثعالبي النيسابوري المتوفى عام 429ه في كتابه (يتيمة الدهر) بالجزء الثاني صفحة 373 - 375 وخلاصتها:
أن الوزير بن بقية كان من وزراء الملك البويهي وقام بأعمال جليلة في خدمة البويهيين والدولة والأمة ثم اتهمه اعداؤه وحساده بتدبير مؤامرة سياسية فقبض عليه وقتل وصلب جثمانه معلقاً في الهواء ثلاثة أيام وذلك عام 367 هجرية.
وكان للوزير بن بقية أياد كريمة على الشاعر أبي بكر محمد بن أبي محمد القاسم المعروف بالأنباري فلم يخف الشاعر بطش البويهيين إنما اندفع بداعي الوفاء يرثي الوزير القتيل المصلوب، ويقول الثعالبي في مؤلفه الأدبي المعروف باسم (يتيمة الدهر): بلغني أن له قصيدة فريدة تدل على أن صاحبها من أعلام الشعراء وقد أثبتها كما هي، وهي:
علو في الحياة وفي الممات
لحق أنت إحدى المعجزات
وفود نداك أيام الصلات
كأن الناس حولك حين قاموا
وكلهم قيام للصلاة
كانك قائم فيهم خطيباً
كمدهما إليهم بالهبات
مددت يديك نحوهم احتفالاً
يضم علاك من بعد الممات
ولما ضاق بطن الأرض عن أن
عن الأكفاف ثوب السافيات(1)
أصاروا الجو قبرك واستنابوا
بحراس وحفاظٍ ثقات
لعضمك في النفوس تبيت ترعى
كذلك كنت أيام الحياة
وتشعل عندك النيرانُ ليلاً
علاها في السنين الماضيات
ركبت مطيةً من قبل زيد
تباعد عنك تعيير العداة
تلك قضية فيها تأسٍ
تمكن من عناق المكرمات
ولم أر قبل جذعك قط جذعاً
فأنت قتيل ثأر النائبات
أسأت إلى النوائب فاستثارت
فعاد مطالباً لك بالترات(2)
وكنت تجير من صرف الليالي
إلينا من عظيم السيئات
وصير دهرك الإحسان فيه
مضيت تفرقوا بالمنحسات
وكنت لمعشر سعداً فلما
حقيق بالدموع الجاريات
عليك باطن لك في فؤادي
بفرضك والحقوق الواجبات
ولو أني قدرت على قيامي
ونحت بها خلاف النائحات
ملأت الأرضَ من نظم القوافي
مخافة أن أعد من الجناة
ولكني أصبر عنك نفسي
لأنك نصب هطل الهاطلات
ومالك تربة فاقول تسقى
برحمات غوادٍ رائحات
عليك تحية الرحمن تترى
والذي روته اليتيمة واحدا وعشرين بيتاً ولم ترد كتب الأدب غيرها وكلها تأخذ من اليتيمة وترجع إليها. وتقيم الثعالبي للقصيدة يدل على اعجاب شديد بها. وتقدير كبير لها واستحسان لشاعريتها ولشعرها. وحقاً أنها لتستحق مزيداً من التقدير لجودة معانيها وخصب خيالها وروعة تصويرها وجمال أسلوبها وحلاوة جرسها ودقة تجربتها الشعرية وعمقها ولما تدل عليه من كريم الوفاء ونبيل الاخاء وحسن الذكرى وطيب الأحدوثة ولاعجاب الثعالبي بها قال عنها إنها قصيدة فريدة وإنها تدل على شاعرية صاحبها ومكانته العالية بين الشعراء ولم يكن الأنباري بالشاعر المشهور ولا بالأديب المعروف ولا بصاحب القلم المتميز وإنما عرف ببلاغة الرثاء وجودته بمقام الوفاء الكريم والأنباري قصة والقصة قصة وفاء والوفاء لوزير كبير قتل وصلب ظلماً ورعى الشاعر أياديه عليه فبكاه ورثاه بكاء حزنٍ ورثاء قلب ملتاع وفؤاد مجروح وجفن مقروح.
وكم من وزراء ظلموا ولكن ليس هناك شعراء ظلوا على وفائهم إلا القليل فقصة مصرع البرامكة قصة تاريخية معروفة أيام الخليفة العباسي هارون الرشيد ولعدد من الشعراء قصائد رثاء لهم حيث وقفوا منهم موقف وفاء ونبل وإخاء وحسن ذكرى. ومن غلب عليه الخلق الكريم لابد أن يقف هذا الموقف النبيل.
هذا والقصيدة مع تفعيلاتها الجميلة وأسلوبها العالي وبلاغتها الفارهة ذات وحدة عضوية رفيعة وهي صورة بليغة لما بلغه الشعر في عصر الشاعر فتحية للشاعر وتحية لصدق الإخاء وكرم الوفاء وجمال الرثاء.
المساواة في الإسلام
الإسلام الدين الذي حطم الفوارق بين الطبقات وجعل المؤمنين اخوة متساوين لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ} ولقد رسم الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه يوم أن فتح مكة المكرمة السياسة الإسلامية في مبدأ المساواة بقوله: (يا معشر قريش إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظيمها بالآباء والأجداد الناس لآدم وآدم من تراب) وفي الحديث النبوي الشريف أن امرأة مخزومية سرقت وقد قامت عليها البينة فوجب عليها الحد بقطع يدها جزاء وفاقاً فحزنت لذلك قبيلة قريش وخافوا أن يكلموا الرسول لكي يعفو عن السارقة فوسطو لذلك أسامة بن زيد رضي الله عنه وكان الرسول يحبه حباً جما فلما كلمه أُسامة غضب حتى اشتد به الغضب وقال: (أتكلمني في حد من حدود الله؟ ثم خطب في الناس فقال: إنما أهلك من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد والذي نفس محمد بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها) وفي الحديث الشريف (المسلمون: تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم) وكما حطم الإسلام فوارق الطبقات حطم القيود التي قد كبلت بها المرأة في الأمم السابقة قبل دين الإسلام دين المساواة دين أستاذ الإنسانية ومعلم البشرية محمد صلى الله عليه وسلم. نعم حطم هذه القيود التي قضت على عزة المرأة وكرامتها واحترامها وأداء رسالتها السامية في الحياة.
ولقد أعطى الإسلام المرأة بعدالته ومساواته حقوقاً لم تعرفها البشرية إلا في هذا القرن العشرين إذ جعل النساء شقائق الرجال واحترم عفافها وشرفها وأمرها بالحجاب تكريماً لها وتقديراً واحتراماً وإجلالاً فتحية للإسلام هذا الدين الخالد الصالح لكل زمان ومكان وتحية لرسول الإسلام الرحمة المهداة والنبي الخاتم الذي أنقذ الخليقة من دياجير الشرك والجهل والظلام والوثنية والخرافات والخزعبلات وعبادة الأصنام.
الهامش:
(1) جمع سافية وهي الريح تحمل غباراً.
(2) جمع ترة وهي الثأر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.