تقفز في ذهني الآن مقولة شهيرة نسمعها دائماً ولم نمعن النظر فيها على الاطلاق يقال: (اعمل المعروف وارمه البحر). وتعجبت كثيراً إذا كنا كما يقال سوف نرمي هذا المعروف في البحر فلماذا اذا نفعله من باب أولى؟!! اعلم ان القارئ في هذه اللحظة يغالطني ليقول المقصود بها ألا يعرف أحداً عن هذا الصنيع اقتداء بالصدقة مثلا أو من المفترض ان من يصنع المعروف لا ينتظر مقابلاً.. لا بأس ولعلك محقاً في ذلك .. ولكن يبدو لي أن الشاعر حينما قال بيت القصيدة الشهير: ومن يصنع المعروف في غير أهله يجد حمده ذماً عليه ويندم لعل هذا الشاعر كان يتنبأ بما سوف يحدث في مثل هذا الزمن أو لعله وجد مقابل معروفه بالناس ذماً ونكراناً ان لم تكن حرب شعواء ! سيدي القارئ .. سيدتي القارئة ..هب أنك من أولئك الذين لا تعلم شمالهم عما تفعله يمينهم وهب أنك من أولئك الذين لا يستطيعون رد شخص يطرق بابه لأنك في الأساس مولع بفعل الخير ومساعدة الآخرين وخدمة الأحبة حينما يطلبون منك عملاً تستطيع أن تقدمه وان صادفتك الصعوبات.. ثم بعد ذلك تجد ان أول من يطعنك وينكر كل صنيعك هو الشخص الذي قدمته على غيره وفضلته على من حولك تفضيلاً!!! ماذا ستكون ردود الفعل أقول ردود الفعل.. لأن ردة فعل واحد لا تكفي !!! لا بأس سأخبرك بما سيحدث.. لأنه من منا لم يمر في مثل هذه المحطة ووجد النكران ممن وجد عندنا صدراً رحباً يستوعب كل أخطائه لا شك سيعود إليك البصر خاسئاً وهو حسير.. وستتقافز إلى عقلك علامات الاستفهام التي لا تشفي الغليل بل إنها تزيد مرارتك مرارة، لماذا أمنحهم كل شيء ويمنحونني خنجراً مسموماً يدخل بين أوردتي ويستقر في شراييني.. لماذا وهل نطلب المستحيل ؟!!! سيدي القارئ سيدتي القارئة من الطبيعي أن الإنسان الذي يحب أن يمنح كل شيء إنسان لا ينظر المقابل فما بالك حينما يمنحه لمن يحبهم .. انه لا يطلب الا نظرة رضا وكلمة جميلة وإحساساً صادقاً بمن يعطي لأجله هو وليس من أجل الآخرين. سيدي القارئ سيدتي القارئةكارثة عظيمة ان تخرج كل ما في جعبتك.. ويعود إليك رماداً يعمي العين ويفقدك النظر.. إنني لا أبالغ ولعل مثل هذا الإحساس القاهر يمر به كثير من البشر.. انهم يعانون عدم تقدير الصنيع !! فمتى تكون لدينا نظرة ثاقبة نميز من خلالها أحبتنا وأعداءنا ومن يحرص علينا ومن يريد أن ينال منا ؟!! (*) ص.ب 1542/عنيزة 81888