يعجني النهج التفاؤلي لأبي أسامة الدكتور عبدالرحمن العشماوي، وقد كتب مقالاً عن ذلك في «الجزيرة» يوم 15/10/1424ه بعنوان «بشروا ولا تنفروا» وهو جزء من حديث المصطفى - عليه افضل الصلاة والسلام - كما هي الحال مع عنوان هذا المقال.المتابع والمستقرئ للاحاديث النبوية يلمس التفاؤل بوضوح ولا يحتاج لكبير جهد لكي يبحث عنها فحياته - صلى الله عليه وسلم - كلها تمثل هذا النهج حتى في احرج اللحظات فها هو يبشر الصحابة بالفتوح وهو يعالج صخرة كبيرة منعت الصحابة من مواصلة حفر الخندق أثناء غزوة الاحزاب كما انه عندما قَدِم سهيل بن عمرو مندوب قريش للتفاوض يوم الحديبية قال - صلى الله عليه وسلم - «سهل أمركم» تفاؤلاً باسم سهيل ولا يوجد - حسب علمي - أي حديث عن التشاؤم الا حديث «الشؤم في ثلاث: الدابة والمسكن والمرأة» وقد ذكر بعض شرَّاح هذا الحديث ان معناه ان الناس يتشاءمون من هذه الأشياء لانها ملازمة لهم لا لأن فيها شؤماً فعلاً، وهذا التأويل للحديث يتماشى مع دعوات الرسول - صلى الله عليه وسلم. المتشائم اذا نظرت اليه نظرة فاحصة تجده عدواً للعمل والإنجاز والإصلاح لانه ينظر الى السلبيات في كل شيء ويهمل الايجابيات فاذا تكلم عن شخص عدَّد مثالبه او تكلم عن ادارة أوضح لك عيوبها وفسادها وان الأمور «خربانة» لا تحاول أن تصلح فالشَّقُ اكبر من الرقعة لذلك تجده مع الوقت يصبح سلبياً لا يكاد يعمل شيئاً سوى ما يقوّم به حياته، وهو يؤثِّر على مَنْ حوله فتنسحب صفاته التشاؤمية عليهم وقليل منهم من ينعتق من هذه الصفات الا إذا احتك بأشخاص ايجابيين، وقد ذكر الدكتور عبدالكريم بكار قصة شاب احتك بأحد المتشائمين فأثَّر عليه واصبح ينظر إلى الحياة نظرةً سوداء، يقول: كان هذا المتشائم إذا رأى سيارة متعرضة لحادث مثلاً قال: «أعتقد أنه لم ينجُ أي راكب في هذه السيارة» أو إذا تحدث شخص عن امر ما ارتاب في مقاصده ونيته. يقول هذا الشاب: «أصبحت أشك في كل الناس واسودت الدنيا في عيني حتى اتاح الله لي استاذاً في الجامعة أزاح هذه الغمة عن عيني وجعلني أنظر للحياة بمنظار آخر يتضمن كل الألوان وليس لوناً واحداً. اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه. ياسر المجاهد /[email protected]