كل عام وأنتم بخير.. أيها المسلمون.. أيها الصائمون حيثما كنتم، وأينما اتجهت وجوهكم.. وتقبل الله طاعاتكم. كل عام وأنتم بخير.. أيها الأهل الذين ودعتم رمضان، وأنتم في شوق إلى عناقه.. ورضي الله عن أعمالك، وضاعف لكم أجر إحسانكم. كل عام وأنت بخير.. أيها الوطن، ما توالت الأيام، وهلت الأعياد.. وما سبحت رمالك بحمد ربها، وناجت نخلاتك جلال خالقها، وحماك الله من كيد الكائدين، ومن أظفار المخربين، وخروج الخارجين. لك العيد والمجد أيها الوطن، وأنت تفتح ذراعيك صباح كل عيد لأطفالك، فتضمهم في عناق شذى الراحة، شذى اللحن، حلو المذاق، وتدفع سعف نخيلك، وأشواك سدرك إلى عيون الأشقياء، دعاة الشقاق، وبغاة الشر والخذلان لأهلك. في هذه الأيام - حين ينام الصوم، ويستيقظ العيد، يتداخل الفرح في الأنفاس، وينادم الصائمون موائدهم، وتتجول في الخواطر لحظات الأومنة - ينكشف وجه الأرض، وتمتد الاغصان، لتتلقف أوراق السعادة، وتنثرها في الأفق. كل المشاهد تقطر سعادة، وكل الألسنة تلهج بالخير والطاعة.. وحدهم العابثون محرومون من بهجتنا، ومطرودون من ساعات الفتنا، ومن صفحات أمجادنا اليانعة. حين تدق الساعات الأولى للعيد، نفرح نحن، ويحزنون.. ولن نشفق عليهم، فهم الذين أوصدوا الأبواب دون قلوبهم، وحرموها من الهداية، وثكلونا بأبنائنا وأحبائنا الذين كانوا ينتظرون العيد معنا. هم الذين حاولوا دون كثير من البسمات، ومساحات الفرح، وأسكتوا ألسنة صغيرة عن الكركرة، وأحضانا دافئة عن العناق. حين تدق الساعات الأولى للعيد، نتجول نحن في فضاء الحياة الصافي، ويتحولون هم الى دخان ونار ليعرفوا متى ستنطفىء هكذا هم.. ابواق تردد كلمات لا علاقة لها بلغتنا، واصداء ترجع أصواتا لا رابط لها بقلوبنا وأسماعنا. كل صباح في هذا العيد يفتح الله سبحانه وتعالى أبواب الرحمة والمغفرة لعباده الصالحين، وتطلع الشمس لتلقي التحايا على أهل النور والنهار.. ولا ترى هؤلاء لأنهم في كهوفهم خامدون، وعن الخير والعمل الصالح خاملون. فاليكم عنا، ايها النازفون دما غير دمائكم، والباذرون في خريف العبث اعمارا ليست أعماركم. اليكم عنا، ايها الفارون من ظلالكم خشية ان تفضحكم، ومن عيوننا مخافة ان تزدريكم، ومن ألسنتنا كي لا تلعنكم. إليكم عنا.. فنحن مشغولون عنكم بأعيادنا.. وانتم منشغلون عن إنسانيتكم بدمائنا. أما أنت أيها الوطن.. فكل عام وأنت بكل الخير.. وبكل الأمن.. وبكل ما يبقى راياتك عالية خفاقة.. وتاليتها.