فضّل الله يوم الجمعة على سائر الأيام واختص به عباده المؤمنين وجعله عيدا لهم في كل اسبوع يرتاحون فيه من أعمالهم وأشغالهم ولهثهم وراء الدنيا ومغرياتها، ويوم الجمعة هو خير يوم طلعت فيه الشمس فيه خلق آدم وفيه أهبط من الجنة وفيه تاب الله عليه وفيه توفاه الله وفيه تقوم الساعة فيه ساعة لا يوافقها مسلم يسأل الله شيئا إلا أعطاه أياه وقد أجمع العلماء أن أرجأ ما تكون هذه الساعة من دخول الإمام حتى تقضى الصلاة وقيل بعد العصر إلى أن تغيب شمس يوم الجمعة ولقد سمي يوم الجمعة لأنه جمعت فيه طينة آدم عليه السلام أبو البشر وفيه الصعقة والبطشة والبعث، ويسمى يوم الجمعة عند الله يوم المزيد ومن اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح في الساعة الاولى فكأنما قرب بدنة ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب بيضة. وقد أمرنا ربنا جل وعلا أنه إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة أن نسعى لذكر الله ونذر أعمالنا قال تعالى: {يّا أّيٍَهّا الّذٌينّ آمّنٍوا إذّا نٍودٌيّ لٌلصَّلاةٌ مٌن يّوًمٌ الجٍمٍعّةٌ فّاسًعّوًا إلّى" ذٌكًرٌ اللَّهٌ وّذّرٍوا البّيًعّ ذّلٌكٍمً خّيًرِ لَّكٍمً إن كٍنتٍمً تّعًلّمٍونّ} وعن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يغتسل رجل يوم الجمعة ويتطهر ما استطاع من طهر ويدهن من دهنه أو يمس من طيب بيته ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين ثم يصلي ما كتب له ثم ينصت إذا تكلم الامام إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى) رواه البخاري، من اجل هذا يتسارع المؤمنون ويتسابقون الى صلاة الجمعة في كل اسبوع اضافة للصلوات الأخرى ولكن هناك فئة كبيرة جدا من إخواننا المسلمين غير الناطقين بالعربية (الأعاجم) على مختلف جنسياتهم ولغاتهم يعيشون بين ظهرانينا يعملون في جميع القطاعات العامة والخاصة والمنازل يحضرون إلى صلاة الجمعة من أجل ما ذكر آنفا طمعا في الأجر والثواب والمغفرة ولكنهم محرومون من خطبة الجمعة حيث إنهم لا يفقهون كلمة واحدة من الموعظة لأن الخطبة تلقى كما هو معلوم باللغة العربية فقط وهذا بالتالي يفوت عليهم أهم ما جاءوا من أجله وهو الاستفادة والتفقه في أمور دينهم أسوة بإخوانهم العرب فيا حبذا أن يسمح بترجمة الخطبة بعد الصلاة في بعض المساجد التي يكثر فيها إخواننا من الجاليات المسلمة المقيمة لكي تعم الفائدة على الجميع وينفعهم الله ويصلح شأنهم فإذا كان الاخوة في جمهورية مصر العربية جزاهم الله خيرا بدأوا بترجمة خطبة الجمعة بالإشارة للصم والبكم فالناطقون من الأعاجم أولى بذلك وهناك فتوى لسماحة العلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله وأسكنه فسيح جناته في جواز ترجمة خطبة الجمعة أوردها للدلالة والفائدة: * حصل خلاف بيننا حول جواز ترجمة خطبة الجمعة بلغتنا الوطنية فبعضنا يرى المنع فما الحكم الشرعي في ذلك؟ أفيدونا أفادكم الله؟ الجواب: قد تنازع العلماء رحمة الله عليهم في جواز ترجمة الخطب المنبرية في يوم الجمعة والعيدين باللغات العجمية، فمن جمع من أهل العلم رغبة منهم رضي الله عنهم في بقاء اللغة العربية، والمحافظة عليها والسير على طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم في إلقاء الخطب باللغة العربية في بلاد العجم وغيرها، وتشجيعا للناس على تعلم اللغة العربية والعناية بها. * وقال تعالى: {الچر كٌتّابِ أّنزّلًنّاهٍ إلّيًكّ لٌتٍخًرٌجّ النَّاسّ مٌنّ الظٍَلٍمّاتٌ إلّى النٍورٌ بٌإذًنٌ رّبٌَهٌمً إلّى" صٌرّاطٌ العّزٌيزٌ الحّمٌيد} *إبراهيم: 1* وكيف يمكن إخراجهم به من الظلمات الى النور وهم لا يعرفون مراد الله منه نعلم أنه لابد من ترجمة تبين المراد وتوضح لهم حق الله سبحانه إذا لم يتسير لهم تعلم لغته والعناية بها ومن ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر زيد بن ثابت أن يتعلم لغة اليهود ليكاتبهم بها ويقيم عليهم الحجة كما يقرأ كتبهم إذا وردت ويوضح للنبي صلى الله عليه وسلم مرادهم، ومن ذلك ان الصحابة رضي الله عنهم لما غزوا بلاد العجم من فارس والروم لم يقاتلوهم حتى دعوهم إلى الإسلام بواسطة المترجمين ولما فتحوا البلاد العجمية دعوا الناس الى الله سبحانه باللغة العربية وأمروا الناس بتعلمها، ومن جهلها منهم دعوه بلغته وأفهموه المراد باللغة العربية التي يفهمها، فقامت بذلك الحجة وانقطعت المعذرة ولاشك أن هذا السبيل لا بد منه ولاسيما في آخر الزمان وعند غربة الإسلام وتمسك كل قبيل بلغته فإن الحاجة للترجمة ضرورية ولا يتم للداعي دعوته إلا بذلك. أسأل الله أن يوفق المسلمين أينما كانوا للفقه في دينه والتمسك بشريعته إنه جواد كريم.. انتهى كلام الشيخ رحمه الله.. فهل نحن بعد ذلك لخطبة الجمعة مترجمون؟!