تعد تجربة الشاعر الشيخ محمد بن ابراهيم آل ابراهيم «الوافي» تجربة ثرية مؤصلة جمع فيها بين أصالة البيئة والنشأة وحداثة المفردة والأسلوب. شاعر ينهل من منهل عذب، كتب القصيدة الوطنية فقدمته بشكل قوي وجعلته في مصاف شعراء الصف الأول، ثم طرز تجربته بالقصيدة العاطفية بنوعيها العمودي والحر، فكانت مرحلة النضوج واكتمال التجربة. بعد ذلك تنوعت أغراض الشعر لديه ما بين الشعر الاجتماعي والاخوانيات والرثاء وغيرها. استمر «الوافي» في التواجد فلفت الأنظار اليه وأثار الدهشة والاعجاب بما حباه الله به من موهبة، وأتت اليه الشهرة تطرق بابه فتعامل مع جمهوره العريض بكل حب وتواضع وأخوية. وطنيات الوافي معاني الوفاء والحب والولاء للوطن وقادته الأوفياء جسدها «الوافي» في قصائده الوطنية؛ حيث عرف في بداية تجربته كشاعر وطني كتب أروع ملاحم الحب، في وطن الحب والعطاء وقادته الأوفياء؛ فقد كتب أجمل القصائد في مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز أيده الله بنصره.. ومن ذلك: همس المشاعر في بيوت الشعر جاك يومك يابوفيصل لشعبك حبيبه نبدع قوافينا لمثلك وشرواك أنت الذي ظلل على الشعب طيبه يا نصرة المظلوم.. بالخوف ينصاك والحق لأهل الحق لازم تجيبه ومنها أيضا قوله: عذب القوافي يا بوفيصل تماري بك ولا ننظم بوصف طيبك غير أطايبها مولاي وإن طاب شعري فيك من طيبك وإنت الذي لا وطيت أرض تطيّبها الناس بالشرق.. وإلا الغرب تحكى بك خيرك مثل ممطر الخيرات صايبها ثم كانت «العشرينية» مناسبة مرور عشرين عاما على تولي خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز، يحفظه الله، مقاليد الحكم فتجلت وطنية «الوافي» وحبه الصادق للوطن وقيادته الحكيمة وترجم ذلك شعراً.. فقال: عقدين لولو زينت صدر الأيام يا فرحة الذكرى بعشرين بيعة اليوم لك عشرين.. ياسرع الأعوام أوقاتنا الحلوة تعدي سريعة في عهدك الميمون قام البناء قام وأخضرّت أرض بالجزيرة وسيعة كذلك أبدع «الوافي» في الكتابة عن رموز الوطن وقادته ومنهم صاحب السموالملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني، حفظه الله، المساعد الأيمن للفهد فقال واصفا حكمة سموه الكريم ومواقفه البطولية: في وصف عبدالله حديث الفخر طاب شيخ تعطّر سيرته منجزاته كيف أوصفه بأجمل مضامين الألقاب وهو الفخر والمجد في حد ذاته تاج الوفاء.. تشريفنا عند الأجناب في حكمته.. كم صف وحّد شتاته وأيضا أبدع في وصف «سلطان الخير» صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام، الأمير الانسان المعطاء.. فقال في سموه: سلطان أمير الجود للمجد عنوان زيزوم صعبات الحمول.. وجملها به همة القايد.. وبه صدق الانسان وأمانة المؤمن ضميره حملها حرَّ.. بحومات الوغى فيه مزبان إن ضاقت وساع الصدور بزملها و«الوافي»، رغم كل هذا العطاء الوطني الصادق المتدفق، يعترف بالتقصير، ويعلن في جميع حواراته أن هذه القصائد لا تعدو كونها مشاعر وطنية متواضعة لا تترجم ما في القلب تجاه هذا الوطن الحبيب وقادته الأوفياء. توثيق التجربة أصدر «الوافي» ديوانه الأول: «ديوان الشاعر الشيخ محمد بن ابراهيم آل ابراهيم» وكان اصداراً خاصا وزع على شكل اهداء ولم يطرح رسميا في الأسواق رغم تساؤل الجمهور المتلقي وتعطشهم للحصول على ديوان يضم تجربة «الوافي» الرائعة في مرحلة من مراحلها. ثم ما لبث أن أصدر ديوانه الصوتي «همس القوافي للشاعر الوافي» فكان عملا مميزا يستحق الاشادة والوقوف أمامه طويلا، لما حواه من قصائد منتقاة بعناية فائقة وملقاة بصوت مخملي ومتعايش مع الكلمة، والذي كان بصوت الشاعر نفسه. وقد حقق هذا الديوان المسموع مبيعات كبيرة وكانت له أصداء قوية في الوسط الشعري. الأمسية الأولى أقام «الوافي» أمسيته الأولى في البحرين فوقفت الجموع تصفق إعجاباً بفارس الامسية الذي يستثير الاعجاب وينتزع الدهشة ببساطة أسلوبه وملامسته لهموم الناس واستخدامه للأسلوب السهل الممتنع. تراقصت البحرين على أنغام كلمات «الوافي» واحتضنته بكل الحب كما أتاها محباً لها والاهلها فقال في ذلك: جيت يالبحرين وبقلبي لك العرفان شايل جيت يا دار ملت عيني قبل ما أشوفها ساقتي يمك غلاك ودعوة شيوخ الطوايل وحب ناس والله إني شايف معروفها والجدير بالذكر ان هذه الأمسية كانت خيرية، قدم خلالها الدعم لجمعية الأطفال المعاقين. التجربة الصحفية كانت مجلة «أصداف» على موعد مع النجاح والتميز، وذلك عندما اقترن اسمها باسم «الوافي» حيث نقلها الى النجاح ومنافسة أقوى المطبوعات الشعبية مضمونا وانتشاراً. رأس «الوافي» مجلس ادارة هذه المجلة وأشرف على خطواتها في طريق النجاح خطوة خطوة حتى آتت الجهود ثمارها لتفوز «أصداف» في العديد من الاستفتاءات كمجلة مفضلة لدى القراء. وقد بادر «الوافي» وكعادته بتكريم الرواد في مختلف المجالات من خلال هذا المنبر الاعلامي الهام، وذلك عرفنانا منه بما قدموه لأمتهم خلال سنوات عمرهم، سواء في مجال الثقافة أو الشعر أو الرياضة أو غيرها. وما أجمل أن يكرم الانسان في حياته وفي قمة عطائه؛ فيكون التكريم وفاء وحافزاً لتقديم الأجمل. ويلاحظ القارئ المتابع الخط التصاعدي لمجلة «أصداف» منذ اشراف «الوافي» على اصدارها، وترقيها في سلم النجاح شهرا بعد شهر وسنة بعد سنة، حتى أصبحت احدى أهم وأنجح المجلات الشعبية في المملكة والخليج. همس المشاعر استهوت الكتابة الصحفية «الوافي» كونه بعد اقتران اسمه بمجلة «أصداف» أصبح أحد رموز العطاء الفكري والمعنوي في بلاط صاحبة الجلالة، وقد كتب زاويته الشهرية «همس المشاعر» في مجلة أصداف، فكان يطل على القراء تارة كشاعر وتارة ككاتب، وتارة بهما معاً. وبالفعل تجلت انسانية «الوافي» نثرا كما كانت متجلية شعرا وحقيقة على أرض الواقع فقد لامست كتاباته هموم المجتمع، فتعايش بعواطفه وقلمه مع آمال مجتمعه وآلامه. وبالمناسبة فاسم الزاوية «همس المشاعر» هو اسم رومانسي لقصيدة وطنية شهيرة «للوافي» كتبها وهو على السرير الأبيض بعد تلقيه مكالمة غالية من خادم الحرمين الشريفين للاطمئنان على صحته، فتفتحت مكامن الابداع الشعري لتخرج بهذه القصيدة التاريخية في مسيرة «الوافي»، والتي تغنى بها، فيما بعد، فنان العرب محمد عبده فزادته تألقا وزادها روعة وألقاً. الوافي والإنترنت دخل «الوافي» عالم الانترنت من خلال موقعه المميز www.Al waf.com الذي ضم حياته ونشأته وتعليمه وتجربته الشعرية، فكان موقعا متكاملا يتجول متصفحه في عالم «الوافي» المليء بالروعة والابداع. الوسام الملكي وكان تتويج تجربة «الوافي» هي أرفع لقب ممكن ان يناله شاعر، وهو لقب «شاعر الملك» الذي أطلقه خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز أيده الله بنصره على الشاعر «الوافي» فكان وساماً من الدرجة الأولى، بل أرفع الأوسمة كلها، وكان أكبر جائزة تلقاها الوافي في حياته.. وفي ذلك يقول: الفخر بالشعر يا مقلدني وسامك ما دامني شاعرك يا «فهد» يكفيني يا شيخ يالله عساه يمتع أيامك بالشعر عبرت عن بعض الذي فيني لا ما على أمة الاسلام.. ما دامك ذخرٍ للاسلام.. وذخرٍ للمسلميني شاعر الخليج الأول في عام 1999 تربع «الوافي» على قمة الشعر في الخليج وذلك من خلال الاستفتاء الذي أجرته جريدة «الرياضي»، حيث فاز بلقب شاعر الخليج الأول؛ وذلك لحصوله على أكبر عدد من أصوات القراء والمعجبين بتجربته ونتاجه الشعري. وأكد ذلك عند حصوله، وفي نفس السنة، على المركز الأول في استفتاء مجلة «النهضة» كأفضل شاعر في الخليج. ويظل «الوافي» اسما شعريا لامعا في سماء الابداع، ونجما متألقاً في عالم الشعر، وتبقى بصمته الفكرية وعطاؤه السخي للقصيدة منهلاً عذباً ونبراساً للجيل الصاعد من الشعراء وعشاق الكلمة الجميلة.