** العالم كلُّه.. يشهد تحولاتٍ كبيرةً على كافة الأصعدة والمستويات وعلى رأسها.. المستويات الثقافية والفكرية. ** بالأمس.. كان التحول بطيئاً.. وكان تأثيره حضارة أو فكراً وثقافة في الآخر.. تأثيراً بطيئاً.. وكان بوسع أي حضارة أو قيمة أو فكر.. أن ينغلق على نفسه.. وأن يضع كوابح وموانع ضد أي ثقافة معادية. ** اليوم.. تداخلت الأمور.. وتداخلت الثقافات.. ولم تعد المسألة.. مسألة تأثير صحفي أو إعلامي بسيط.. بل صار هناك فضائيات وإنترنت.. تقذف يومياً بآلاف المعلومات والأخبار والثقافات والأمراض الاجتماعية وبلغات شتَّى.. ** اليوم.. الإعلام الغربي.. لم يعد يتحدث بلغته.. بل بكل لغات الدنيا.. وبالذات اللغة العربية.. التي صارت لغة شهيرة.. ولعلنا اليوم نشاهد الكثير من المحطات الغربية تبث باللغة العربية.. وهكذا مواقع الإنترنت الغربية.. التي تبث معلومات باللغة العربية. ** اليوم.. لم يعد في وسع «أي مجتمع» أن ينغلق أو يتقوقع أو يقول.. إن بوسعي أن أنغلق أو أغلق الأبواب أو النوافذ.. لأن أفراد كل مجتمع.. صاروا يتعاملون مع هذه الثقافات بشكل مباشر.. وصاروا يتعاطون معها.. فصار التحصين تحصيناً داخلياً من ذات الفرد نفسه.. ومن ذات الأسرة.. ولم يعد بوسع أي مجتمع سوى أن يُحصِّن الأفراد فرداً فرداً.. ويكسبهم مناعة ذاتية.. ويُبيِّن لهم.. أن بعض ثقافات الغرب والشرق.. مجرد أمراض اجتماعية ومصائب.. وأنها ليست كما يقال.. ثقافة حرية أو انفتاح أو سعادة.. بل هي ثقافة شقاء وتعاسة وفساد. ** إن هناك ثقافات ومعلومات جيِّدة يمكن الاستفادة منها.. ولكن في المقابل.. هناك ثقافات ضارة للغاية تسعى لتدمير المجتمع.. وإغراقه في أوحال الفساد والدمار والضياع الأخلاقي والسلوكي. ** إن العصر اليوم.. هو عصر تداخل وتلاقح المعلومات والثقافات.. وليس أمامنا.. سوى سنين قصيرة جداً حتى يصير العالم كله واحداً وكتلة معلومات واحدة.. لا يخفى عليك أي مادة أو معلومة تحصل في الشرق أو الغرب أو الوسط.. لأن كل شيء سيُبث في حينه. ** أنت اليوم.. أمام حوالي خمسمائة محطة تلفازية أو أكثر.. وأمام سيل جارف من المعلومات والمعارف في الإنترنت.. وكلها بلغتك.. ولم يعد أمامك مشكلة اسمها.. اللغة أو الترجمة.. بل كل شيء قريب وواضح ومتيسِّر ولكن.. تبقى المشكلة.. هي مشكلة حجم الضرر ومستوى الضرر.. ومن هو المتضرر. ** إن من لا يحمل خلقاً ولا ديناً ولا مبادئ ولا مُثلاً ولا قيماً.. لا يهمه شيء.. ولن يخسر شيئاً.. ولكن.. نحن كمجتمع مسلم.. نعرف حجم الأضرار التي قد تصيبنا من تداخل أو تقارب الثقافات بهذا الشكل المريع. ** إن هذه التحديات التي تواجهنا اليوم على المستوى الثقافي والفكري والمعرفي والمعلوماتي.. يبدو لي أنها أكبر تحدٍ يواجه المجتمع المسلم على امتداد التاريخ؛ لأن هناك من يسعى بقوة.. إلى إذابة كل الثقافات وصهرها في ثقافة واحدة اسمها «العولمة» وهنا.. مكمن الخطر. ** إننا.. يجب أن نستعد من خلال تحصين أنفسنا وذواتنا وأولادنا وأسرنا.. فما لم يملكوا التحصين الذاتي الداخلي.. فلن يستطيعوا الدخول في أي معركة ثقافية.. وقد نكون الخاسرين فيها. ** إننا متى التزمنا بالإسلام وتمسكنا بديننا بكل قوة.. فلن يستطيع أحد اختراقنا.. ولا فرض ثقافة علينا مهما كانت.. لأننا.. نملك حصانة ولكن.. متى فرَّطنا أو ضعفنا أو «جاملنا» وسكتنا.. فسيسهل اصطيادنا.