نحن الآن في الاجازة الصيفية والتي تكثر فيها أوقات الفراغ وخصوصا بين فئة الشباب، والفراغ يسبب الكثير من الحيرة والضيق، الحيرة من طريقة استغلال الوقت، والضيق من الملل الذي يصاحب أوقات الفراغ. فإهدار الوقت فيما لا ينفع من أكبر الأخطاء التي قد يرتكبها الشخص ولا يدرك ذلك إلا بعد أن تتسرب لحظات العمر الثمينة من بين يديه ويفوت الأوان لاستغلالها كما ينبغي. ففكرة إضاعة الأوقات عبثاً هي الخطأ بعينه، وعموماً فإن الإنسان معرض للفراغ، سواء كان ممن يمضون الساعات والأيام بلا عمل وجدوى أم كان من الذين يستغلون أوقاتهم وفراغهم بما هو مفيد. فلكي تستثمر وقتك جيداً، اعلم أن الفراغ أمر قد تصاب به، وهو جزء من وقتك، فاعمل على أن تتحكم فيه وتستثمره بخير. فلو استثمر الانسان وقت فراغه لتعلم شيئا ينفعه ويعود عليه بالفائدة ولكان أفضل من قضائه بما لا ينفع. إن وقت الفراغ هو تلك الفترة الزمنية التي تكون تحت التصرف الكامل للفرد بعد أن يكون قد أنجز عمله، وأوفى واجباته الأخرى، ويعتبر استخدام هذا الوقت أمراً ذا أهمية حيوية لمشاركة في الاسترخاء الجسمي، والرياضة البدنية. وتتيح أنشطة الفراغ للإنسان فرصة تنشيط مواهبه الأساسية والنمو الحر للإرادة والذكاء والشعور بالمسؤولية. فساعات الفراغ فترة من الحرية حينما يكون الإنسان قادراً على دعم قيمه ككائن بشري وعضو منتج في مجتمعه. وتلعب أنشطة الفراغ والترويح دوراً هاماً في إرساء العلاقات الطيبة بين شعوب وأمم العالم. إنّ من أول الأمور الأساسية في حالات الفراغ التي قد يصاب بها الإنسان ان يكون محافظا على علاقة وارتباط حسنين مع خالقه، ثم بعد ذلك تأتي قضيته التحكم الجدي في وقت الفراغ واستثماره. والناس من جهة حدوث الفراغ على قسمين فهناك من تجده يقول: لقد تعبت من الفراغ، وليس من عمل أقوم به، وهناك من يقول: ليس لدي وقت فراغ من كثرة الأعمال وزحمتها. ومن الأمور التي لا يختلف عليها اثنان، أن يكون لكل شاب هدف في الحياة، وهذا بدوره بحاجة إلى تكاتف جهود الدولة والمجتمع والمدرسة والأسرة لترسيخ السلوكيات والقيم الفاضلة في حياة الشباب، وهي قيم العمل وأهمية العلم والثقافة واستثمار كل دقيقة في حياتهم، وترسيخ ذلك كله في نفوسهم وتحبيبهم فيها، ليس فقط بالنسبة للشباب وإنما للمجتمع ككل. يتصل بذلك ايضا معادلة صعبة ودقيقة، بين أن يمضي الشباب وقتهم بما يفيدهم ويفيد وطنهم ومجتمعهم، أو إهدار ذلك كله فيما لا طائل من ورائه ولا عائد، وقد قيل قديماً «الوقت كالسيف، إن لم تقطعه قطعك». ولأن الفراغ ذو أهمية فقد وضعت له منظمة خاصة بالفراغ وهي «المنظمة العالمية للفراغ والترويح» وصدر له ميثاق خاص سمي ب«ميثاق الفراغ» ويركز على الاستفادة بأقصى ما يمكن لاستغلال الفراغ وتطوير أساليب الاستفادة الشخصية منه. ويعاني الشباب الكثير من المشاكل، التي تسبب لهم أضراراً نفسية، واجتماعية، واقتصادية. ومن أهم هذه الأسباب مشكلة الفراغ التي تتجلى بصورة واضحة بعد تخرج الشاب من المرحلة الثانوية، خاصة إن لم يجد البديل الذي يساعده على استثمار الفراغ بشكل جيد، وهذا يرجع الى طريقة تفكير الشاب، فإن كان تفكيره بسيطاً، ولم يكن يمتلك الثقافة العلمية والإيمان القوي بالله. فإن هذه الأفكار ستصبح مشتتة له بين الصواب والخطأ. وكذلك التربية التي حصل عليها في أثناء طفولته، فربما نقصها جانب الوعي بمتطلبات الحياة، فيضطر هذا الشاب إلى البحث عن البديل، الذي يتمثل في مشاهدة الأفلام والبرامج الهادمة، ومشاهدة الشاشة الصغيرة بما تحويه من برامج عديمة الفائدة. والمجلات الفاسدة. إن وقت الفراغ سلاح ذو حدين إيجابي وسلبي. فالإيجابي يتمثل في أنه يجدد حيوية الإنسان ونشاطه. ويساعد على تطوير إبداعات الإنسان، أما الدور السلبي، فيظهر عند عدم استثماره، أو استثماره سلبا. ومن الآثار السلبية قتل فعاليات الإنسان فيصبح الإنسان عضواً مشلولاً، غير نافع في المجتمع، بالإضافة إلى إن وقت الفراغ قد يجر الإنسان إلى المعاصي والجرائم. ومن المشاكل الفراغ أيضاً عيش الشاب حالة من القلق والإحباط خصوصاً وهو يرى ان جميع الأبواب مغلقة أمامه، من ناحية العمل، والأهل، والتعليم وغير ذلك، مما يؤدي إلى انعزاله عن المجتمع. وفي النهاية اصابته بحالة نفسية. وتفكك علاقة الشاب مع أهله وجيرانه، فيصبح بالتالي غير محبوب من قبل الجميع وذلك بسبب تغير شخصيته وانحرافها عن الجادة الصحيحة. فيستمر الشاب في هذا المسار لأنه وجد نفسه أمام الفراغ وتخلى الأحباب عنه، فيقوم حينئذ بالبحث عن البديل وهم رفقاء السوء الذين يشجعونه على هذا الطريق غير السوي. أو يعيش الشاب مشكلة البطالة، والتي من أسبابها عدم وجود الفرص الكاملة للقبول بالجامعات، وقلة الوظائف المتاحة، وظهور الإعلام الفاسد الموجه؛ لشل حركة أمتنا. إن فرص القيام بأعمال مفيدة وقت الفراغ كثيرة جداً، حيث كثرت المؤسسات الخيرية التي تركز على هذا الجانب وما على الشخص إلا المبادرة بالالتحاق بها واختيار ما يناسبه من النشاطات كالتدريب على برامج الحاسب الآلي، أو استخدام الشبكة العنكبوتية بما ينفع ويرد بالفائدة للشخص. وتخصيص وقت للقراءة، ووضع البرامج الأسرية والالتحاق بالدورات المفيدة والمراكز الصيفية. بالاضافة الى الألعاب الرياضية المنتشرة، والنوادي الرياضية التي تمثل عامل جذب مهم للشباب. والنشاطات الاجتماعية التطوعية موجودة والمدن الترفيهية والشواطئ الممتدة والوديان الفسيحة. أما النوادي فتتيح قدراً معقولاً لهواة الأنشطة والألعاب المختلفة مثل سباقات الجري وركوب الخيل والسباحة. ولعل الجانب الآخر في تحقيق هذه المعادلة يتمثل في التوعية الدينية والإعلامية والاجتماعية. وعلى كل أسرة تريد إسعاد أبنائها، أن تساعدهم في البحث عن أفضل السبل الكفيلة بتمضية وقت فراغهم على أحسن ما يكون. لذا لابد لنا، ونحن في الإجازات الصيفية ان نمعن التفكير جيداً في الكيفية التي من الواجب على شبابنا أن يقضوا أيام إجازاتهم على منوالها.