قام صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية امس بزيارةلاسرتي شهيدي الواجب اللذين توفيا اثناء مواجهة مع مجموعة من المطلوبين في احدى مزارع منطقة القصيم. وشملت الزيارة منزل والد الملازم اول الشهيد سطام بن غزاي المطيري بمحافظة عنيزة ومنزل والد الرقيب اول الشهيد على بن غازي الحربي بمدينة بريدة. ونقل سمو وزير الداخلية خلال الزيارة عزاء القيادة الرشيدة لهما ولذويهما مؤكدا سموه انهما توفيا في ميادين الشرف والبطولة. من جانبهم عبر ذوو الشهيدين عن شكرهما وتقديرهما للقيادة الرشيدة التي غمرتهم بمشاعر الود والابوة الحانية سائلين الله ان يحفظ البلاد من كل سوء ومكروه. ورافق سمو وزير الداخلية في الزيارتين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز مساعد وزير الداخلية للشؤون الامنية وصاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن ماجد بن عبدالعزيز نائب امير منطقة القصيم ومدير شرطة منطقة القصيم اللواء خالد بن عباس الطيب وقائد قوة الطوارئ اللواء مروان بن أحمد الصبحي مدير مكتب سمو وزير الداخلية للدراسات والبحوث بالنيابة واللواء سعود بن صالح الداود والمستشار الخاص لسمو مساعد وزير الداخلية للشؤون الامنيةالعميد الدكتور سعد بن خالد وعدد من المسؤولين. سخاء وقد أجرت «الجزيرة» بهذه االمناسبة لقاءات مع ذوي الشهيد وأصدقائه بدأتها بوالده غزاي الذي أعرب عن شكره لسمو وزير الداخلية على هذه الزيارة وتقديمه العزاء ثم قال: كان سطام سخياً لا يبخل على أحد وباراً لم أر منه ما يغضبني يوماً من الايام فرحمه الله رحمة واسعة.. وأكمل الشيخ غزاي حديثه والدمعة تحشرج في صدره: والله إننا لا ندري ماذا سنفعل بعد رحيل سطام؟ كما تحدث لنا ماجد شقيق الشهيد وتمنى فعل ما وعده سمو الأمير نايف قال: لقد قال لي الأمير نايف سوف أجعلك مكان أخيك سطام.. والأمير نايف «يقول ويطول».. وأنا أتمنى أن احل محل أخي سطام لأخدم الدين والوطن والمليك وليتني أموت ميتة سطام شهيداً في سبيل الله.. وحول زيارة سمو وزير الداخلية وتقديمة العزاء قال: إن زيارته تعني لنا الشيء الكثير وكان من المفترض أن نقوم نحن بزيارته وتقديم العزاء له لان سطام هو ابن من ابنائه.. وفي سؤاله عن كيفية تلقيه خبر الوفاة أجاب: لقد بلغني الخبر تدريجياً حيث كنت في الرياض وقيل لي بأنه قد دخل العناية المشددة ولما وصلت إلى هنا أبلغوني باستشهاده وقد صدمت في البداية لكنني بعدها رضيت بالقضاء والقدر وأيقنت بأن الشهادة في سبيل الله ثم الوطن ما هي إلا فخر وعزة.. ولدي سؤال «الجزيرة» له عما يمثله له الشهيد سطام سكت قليلاً وتنهد ثم قال: ها هو والدي موجود ولكن أقولها بصراحة سطام كان هو والدنا. * معاملة خاصة من جهته أعرب شقيق الشهيد الذي يكبره بعشر سنوات عن عميق حزنه على رحيل سطام مشيراً إلى انه لم يستطع تصديق خبر وفاته، وقدم شكره وتقديره لسمو وزير الداخلية على هذه الزيارة. وبنبرة حزن تحدث «للجزيرة» وجب المطيري الشقيق الأصغر للشهيد قائلاً: لقد تحدث معي شقيقي الشهيد سطام قبل ساعة من وفاته في موضوع خاص، وعن طريقة تعامل شقيقه معه بما انه الاخ الاصغر له قال الطالب في كلية الطب: كان يعاملني كما يعامل الاب ابنه، فلم يقصر يوما معى، وكان يوفر لي كل ما احتاجه. وعن شعوره بعد زيارة سمو الأمير نايف قال وجب: ان هذه الزيارة هي وسام على صدورنا جميعاً فلن ننسى منه هذه الوقفة وهذا الموقف الحاني هذا من جهة، ومن جهة اخرى لها أثر كبير في تخفيف حزننا وتهوين مصابنا ومسح دموعنا الذارفة فأن ترى أب الشعب السعودي ورجل الامن الاول يواسيك في فقد أخيك فذاك يعني لنا الشيء الكثير. * مواقف أبوية ولم يستغرب جهاد شقيق سطام زيارة سمو وزير الداخلية إذ يقول بأن سموه عود الشعب على مواقفه الابوية معرباً عن الاثر البالغ الذي تركته هذه الزيارة في نفوس الجميع. ويضيف: كان خبر وفاة أخي سطام رحمه الله بالنسبة لي صدمة كبيرة رغم أني تلقيت الخبر تدريجياً فهذه هي أصعب اللحظات في حياتي.. ثم قاطعت جهاد عبرة حزينة ليكمل حديثه بصوته المبحوح قائلاً: كنت اتمنى أن اكون انا من فارق الحياة لا سطام، وأضاف: لم أكن أصدق أن سطام قد استشهد حين سمعت الخبر وظل هذا هو الشك الذي يداخلني. وحول صفات الشهيد سطام أوضح جهاد بأن خصال سطام الحسنة لا يمكن ذكرها لأنها- في كل الاحوال- أكثر من ان نتحدث عنها فهو يفضلنا في بره بوالديه وأكثرنا حرصا على الصلاة في وقتها ومع الجماعة. وراح جهاد يروي لنا بعضاً من مواقف الشهيد حيث يقول: كنا اذا تناقشنا مع والدينا في موضوع او عارضنا والدنا في امر اشار لنا بيده يطالبنا بالصمت وبعدها يقول لنا على انفراد: انا اعطيكم ما اردتم لئلا نجادل ابانا كثيراً. وفي الختام شكر جهاد سمو الأمير نايف وسمو الأمير محمد بن نايف وسمو الأمير عبدالعزيز بن ماجد على زيارتهم ومواساتهم في وفاة شقيقهم سطام. كما دعا للفقيد بالرحمة والمغفرة. * فخر واعتزاز هذا وقد أبدى بجاد الأخ الأكبر للفقيد عن فخره واعتزازه بزيارة سمو وزير الداخلية مبيناً انها مكرمة من ولاة الامر، مشيراً إلى ان الفقيد هو فقيد المسلمين عامة لانه قدم نفسه دفاعاً عن دينه ووطنه ومليكه وينشد الامن والاستقرار لهذا البلد الطاهر. وعندما سألناه عن كلمة واحدة يوجهها للشهيد لو وقف امامه في هذه اللحظة حاول استجماع شجاعته والحفاظ على رباطة جأشة وقال:«لن ننساك يا سطام». ثم التفت يضيف: سطام كان يتحلى بكل الصفات الحسنة والاخلاق الحميدة منذ طفولته ومنها حفاظه على الصلاة وطاعة الوالدين، موضحاً ان الفقيد رحمه الله كان يعطف ويتفضل على جميع أهله من كان منهم في عنيزة أو خارجها. وقدم بجاد شكره لكل من قدم لهم العزاء وواسهم في هذه الظروف العصيبة.. كما قدم شكره وتقديره ل«الجزيرة» على متابعتها للحدث وتقديمها واجب العزاء وايصال صوتنا لولاة الامر. فريح العقيلي الصديق الحميم للفقيد وابن عمه قال: لم تكن هذه البادرة بمستغربة على سمو الأمير نايف فهو أب للجميع ولذا كان الواجب العزاء حق لسموه علينا. وأردف قائلاً: سطام هو أخي وصديقي وابن عمي عشت معه أيام الطفولة البريئة كبرنا وكبر حبنا لبعضنا فما فقدته اليوم ليس شخصاً عادياً بالنسبة لي بل هو أكثر من ذلك بكثير. عشق الابل وتحدث لنا فريح عن خصال سطام وطباعه من حب للصدقة حتى انه كثيراً ما يتكفل بتسديد ديون اصحابه وزملائه العاجزين، ثم إنه يعشق الابل ويهوى تربيتها كما انه مولع بلعب كرة القدم ويجيد فنونها، وأهم من ذلك انه ذو خلق عال ملتزم بالصلاة في وقتها مع الجماعة وبار بوالديه يحمل الكثير من الولاء لهذا الوطن. وما يجهله الكثير من اصحابه- والحديث لفريح- انه كان مكافحاً حيث عمل بقوات الطوارئ في الرياض برتبة عريف ثم واصل دراسته الثانوية وتخرج بتقدير امتياز والتحق بالكلية الامنية وكان من الأوائل على دفعته، وبعد ان تخرج عام 1419ه جاء إلى عنيزة وبنى منزله. * حزن بعد فرح أما فواز غازي المطيري ابن عم سطام فقد قاطع الحزن فرحته بزواجه المزمع الاحتفال به في الثاني من الشهر القادم حيث قدم اعتذاره للمدعوين عن تأجيله للاحتفال إذ يقول بأنه لا يمكن إقامة الاحتفال في هذه الظروف الصعبة. وأضاف فواز: كان الشهيد سطام هو من قدم رقاع الدعوة لزواجي وهو ايضاً من قام بحجز قصر الافراح فإنا لله وإنا إليه راجعون. فيما تمنى بدر سعد المطيري ابن عم الشهيد أن يموت كما مات سطام مؤكداً ان ذلك شرف للجميع، وكذلك كان حال طلال سعد المطيري الذي دعا الله العلي القدير ان يسكن الفقيد فسيح جناته وان يلهم اهله وذويه الصبر والسلوان مشيراً إلى ما يتمتع به سطام رحمه الله من صفة النخوة والمروءة حيث كان هو السبب بعد الله في حصوله على وظيفة في القطاع العسكري. * دموع التاريخ * تمتزج بدواخلك مشاعر فياضة تجمع لك الحزن بالفخر حين تتذكر ان الفقيد عاش حريصاً على الصلاة باراً بوالديه ومات شهيداً في سبيل الله ثم الوطن. * لم يكن الدمع عصياً أكثر من لحظة قال فيها بجاد وعيونه تلمع لكي لا تدمع: «لن ننساك يا سطام». * جموع المعزين الذين غص بهم منزل الشهيد تجسد شجرة الحب التي زرعها في قلوب الناس. * مشهد الأمير نايف وهو يحتضن ابن الشهيد رسم ابتسامة على ثغور من جاءوا يجففون دموعهم.