إشادة سعودية – فرنسية بتقدم مشروع «فيلا الحجر»    وزير الدفاع ونظيره البريطاني يستعرضان الشراكة الإستراتيجية    البيان المشترك الصادر عن الاجتماع الثاني للجنة الوزارية السعودية- الفرنسية بشأن العُلا    14% نموا في أعداد الحاويات الصادرة بالموانئ    عروض ترفيهية    المملكة تستعرض إنجازاتها لاستدامة وكفاءة الطاقة    شارك في الطاولة المستديرة بباكو..الجاسر: 16 مليار دولار تمويلات البنك الإسلامي للمناخ والأمن الغذائي    عمق إنساني    أمن واستقرار المنطقة مرهون بإقامة دولة فلسطينية مستقلة    اكتشاف تاريخ البراكين على القمر    تجاوز الدحيل القطري.. الخليج ينفرد بصدارة الثانية في «آسيوية اليد»    ضمن منافسات الجولة ال11.. طرح تذاكر مباراة النصر والقادسية "دورياً"    الأهلي والهدى يواصلان التقدم في «ممتاز اليد»    الأخضر يبدأ تحضيراته لمواجهة أندونيسيا في تصفيات مونديال 2026    محافظ محايل يتفقد المستشفى العام بالمحافظة    ضبط أكثر من 20 ألف مخالف لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    السخرية    إطلاق النسخة الرابعة من «تحدي الإلقاء للأطفال»    المؤتمر العالمي الثالث للموهبة.. عقول مبدعة بلا حدود    الابتسام يتغلّب على النصر ويتصدّر دوري ممتاز الطائرة    الحكمة السعودية الصينية تحول الصراع إلى سلام    رحلة قراءة خاصة براعي غنم 2/2    دخول مكة المكرمة محطة الوحدة الكبرى    «الجودة» في عصر التقنيات المتقدمة !    وزير الرياضة يشهد ختام منافسات الجولة النهائية للجياد العربية    حكم بسجن فتوح لاعب الزمالك عاما واحدا في قضية القتل الخطأ    ابنتي التي غيّبها الموت..    وطنٌ ينهمر فينا    المرتزق ليس له محل من الإعراب    ختام مزاد الصقور السعودي    الإعلان عن أسماء الفنانين العالميين في «نور الرياض» ومشاركة «18» سعوديًا    ألوان الأرصفة ودلالاتها    زيلينسكي يفضل الحلول الدبلوماسية.. ومجموعة السبع تهاجم روسيا    «إنسان».. خمس جوائز وتأهل للعالمية    المملكة تتسلم رسميًا استضافة منتدى الأمم المتحدة العالمي للبيانات 2026 في الرياض    المملكة تقدم مساعدات إنسانية وإغاثية ب133 مليار دولار ل170 دولة    "ديوان المظالم" يقيم ورشة عمل لبوابة الجهات الحكومية    إحباط تهريب (32200) قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي في جازان    تحقيق يكشف الدهاء الروسي في أوكرانيا    أمير تبوك يطمئن على صحة الضيوفي    ختام مسابقة القرآن والسنة في غانا    خطيب المسجد الحرام: احذروا أن تقع ألسنتكم في القيل والقال    إمام المسجد النبوي: استبصار أسباب الفلاح يؤدي إلى السعادة    المؤتمر الوزاري لمقاومة مضادات الميكروبات يتعهد بتحقيق أهدافه    اتحاد القدم يحصل على العضوية الذهبية في ميثاق الاتحاد الآسيوي لكرة القدم للواعدين    ضبط يمني في الدمام سكب الأسيد على آخر وطعنه حتى الموت    الزفير يكشف سرطان الرئة    تطوير الطباعة ثلاثية الأبعاد لعلاج القلب    القهوة سريعة الذوبان تهدد بالسرطان    أمير الباحة يكلف " العضيلة" محافظاً لمحافظة الحجرة    خطأ في قائمة بولندا يحرم شفيدرسكي من المشاركة أمام البرتغال بدوري الأمم    تطبيق الدوام الشتوي للمدارس في المناطق بدءا من الغد    "السوق المالية" و"العقار " توقعان مذكرة تفاهم لتنظيم المساهمات العقارية    «سلمان للإغاثة» يوزّع 175 ألف ربطة خبز في شمال لبنان خلال أسبوع    تركيا.. طبيب «مزيف» يحول سيارة متنقلة ل«بوتوكس وفيلر» !    مركز عتود في الدرب يستعد لاستقبال زوار موسم جازان الشتوي    عبدالله بن بندر يبحث الاهتمامات المشتركة مع وزير الدفاع البريطاني    البصيلي يلتقي منسوبي مراكز وادارات الدفاع المدني بمنطقة عسير"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طريف المدينة التي أحياها شريان البترول عام 1371ه
قصر «دوكرا» أحد معالم الرومان الأثرية بطريف
نشر في الجزيرة يوم 21 - 07 - 2003

نصحبكم عبر حلقات هذا الأسبوع إلى الشمال حيث الكرم المتوسم به الأهالي هناك.. والأرض التي تزهو بكل ألوان الزهور.
طريف المدينة الحالمة وسط الصحراء الشمالية.
نتعرف في حلقة اليوم على جانب من تاريخ نشأتها ومراحل تطور الاستيطان بها.
بدأت سابقاً بمركز صغير كغيرها من التجمعات السكانية التي سكنت بالقرب من محطات ضخ البترول والتي أنشئت بواسطة شركة مد الأنابيب عبر البلاد العربية «التابلاين» ثم ما لبثت أن تطورت وتنامت واتسعت سكانياً وعمرانياً بعد أن أخذت نصيبها من مشاريع التنمية المباركة التي امتدت اطرافها لتشمل كل مدن وقرى البلاد والتي كان لها الفضل في ظهور محافظة حديثة عمرها الزمني يتجاوز النصف قرن وهو يعتبر مقارنة مع بعض المدن الأخرى صغيراً نسبياً رغم أنه سكن في تلك المواقع القريبة منها وحسب ما يستدل به من آثار ونصوص أنها كانت هنا منذ آلاف السنين.
المسمى
لم يعرف سبب مقنع لإطلاق مسمى «طريف» على هذه المحافظة فقد تعددت الآراء فيها إلى درجة حملت البعض على القول بأنه ربما أطلق نسبة لطرافة المناخ الذي تنعم به والذي يستمتع به سكانها وزائروها وخاصة في فصل الصيف حيث يعتدل جوها ويحلو فيه السهر في الليل بعد أن تهب عليها النسمات الباردة التي تلطف حرارة النهار، فيما قيل أن سبب تسميتها نسبة إلى شعيب طريف الذي يقع في غرب المحافظة بمسافة 20 كلم حيث كانت القبائل العربية تسكن بالقرب منه عندما يرتوي ترابه بمياه الأمطار فيكثر فيه العشب والكلأ التي ترعى به أغنامها وجمالها وهذا في اعتقادي هو الرأي الراجح، كما يقال بأنه هذا الاسم ربما ينسب لنبات «الطرفه» الذي ينبت في البراري المجاورة، فيما يعتقد البعض بأنه ربما كان لرجل أو امرأة حيث كان هذا الاسم موجوداً في شبه الجزيرة العربية في قبائل كنده وتغلب.
المساحة والسكان
تبلغ مساحة المحافظة 15 كيلو متراً مربعاً تمثل مساحة النطاق العمراني، ويبلغ عدد سكانها أكثر من أربعين ألف نسمة يزداد عددهم إلى خمسة وأربعين ألف نسمة في الإجازات حيث يعود إليها أبناؤها الذين يعملون أو يدرسون في بقية المدن الأخرى وكذلك من الزائرين لها من المعارف والأصدقاء، وتوجد بها أكثر من خمس آلاف وحدة سكنية تقع في أكثر من اثني عشر حياً سكنياً نذكر منها:
حي الفيصلية واليرموك وسلطانه وحي الصالحية والخالدية والمساعدية والعزيزية وحي الورود بالإضافة إلى المخططات الجديدة التي تقع في جنوب المحافظة والتي لا تزال مسمياتها مجرد حروف فقط نذكر منها مخطط ج ه وز.
كما أن بها عدداً من الشوارع الرئيسية منها شارع الملك عبدالعزيز التجاري والذي يعد أول وأقدم الشوارع الرئيسية فيها حيث تقع عليه أقدم المحلات التجارية ويتقاطع معه شارع المطار الذي يمر ببلدية طريف ويتجه شمالاً إلى محطة التابلاين حيث كان المطار التابع لها هناك ولذا نسب إلى هذا المطار، ثم ظهر بعده شارع الملك فيصل ثم شارع عشرين ويليه شارع الأربعين وهناك في المخططات الجديدة شارع الثلاثين وهي مسميات تحتاج إلى التغيير بالضبط لتصبح واضحة للجميع بالإضافة إلى الأحزمة التي تحيط المدينة.
كما تم منذ ثلاثة أعوام الانتهاء من مشروع تجميل وتحسين مدخل المحافظة الذي يمتد على مسافة أربعة كيلو مترات ويقسم المدينة إلى قسمين شرقي وغربي ويحتوي على جزيرة وسطية وإنارة وجلسات على جوانب الطريق للمسافرين ومناظر جمالية وتقوم البلدية حالياً بجهود كبيرة لتشجير جوانبه وإقامة استراحات خضراء تكون متنفساً لأهالي المحافظة.
المناخ
تقع المحافظة في أقصى شمال المملكة على الحدود الأردنية حيث تتأثر بمناخ قاري بارد جداً شتاء ومعتدل صيفاً فيما تتأثر بالمنخفضات والمرتفعات الجوية وكذلك هبوب الرياح الباردة القادمة في فصل الشتاء من أوروبا وسيبيريا ونتيجة لهذه العوامل وكذلك ارتفاعها 840 متراً فوق سطح البحر فإن شتاء المحافظة يعتبر قارساً وصقيعها بارداً حيث تصل فيه الحرارة في بعض الفصول إلى أكثر من 5 درجات تحت الصفر غير أن صيفها معتدل وجميل وخاصة أثناء الليل حيث تهب عليها نسمات تلطف أجواء حرارة النهار مما يجعل كثير من أهاليها يستغنون عن أجهزة التكييف في فترة الليل.
تضاريس المنطقة وما جاورها
تتكون أرض المنطقة السكنية التي تقع عليها محافظة طريف من أرض منبسطة شكلاً وذات تربة صحراوية عادية، ولكنها في الواقع ترتفع بحوالي 800 متر فوق سطح البحر، وأما المناطق البرية القريبة منها فتتخذ أشكالاً عديدة تختلف عنها اختلافاً كلياً حيث توجد في غرب المحافظة شعاب وتلال مرتفعة مثل شعيب الجراني وشعيب طريف وتلال أقرن واذريبينات وأما شمالها وشرقها فيتكون من أرض منبسطة في بعض الأماكن ومرتفعة في أماكن أخرى أغلبها خبرات مثل صفيه والبردويل والهوة وترابها هناك يميل للأصفر والأحمر وأغلبه من حجر الصوان، أما في جنوبها وجنوبها الشرقي فالأرض عبارة عن صخور بركانية سوداء كما في منطقة حرة الحرة وأقرن وكتيفا والحنو.
الموقع والأهمية
تقع محافظة طريف في أقصى شمال المملكة من الناحية الشمالية الشرقية وذلك على الحدود الأردنية والعراقية بين خط طول 42،38 شرقاً وخط عرض 40،31 شمالاً وتمتد حدودها من مركز حزم الجلاميد الذي يقع شرقها حتى مركز الحماد في جنوبها فيما تحدها من جهة الشمال والغرب حدود العراق والاردن.
وهي تبعد عن العاصمة الرياض 1450 كلم، وتتبع لمنطقة الحدود الشمالية حيث تقع في الجهة الغربية منها وتصنف ضمن فئة محافظة «ب»، وتكمن أهميتها بما ينتظرها من مستقبل اقتصادي كبير اذا تم استغلاله بالشكل المطلوب وذلك نظراً لتمتعها بأجواء صيفية معتدلة وجميلة، ولاكتشاف كميات كبيرة من خام الفوسفات بجوارها كما يمر بها الطريق الدولي الذي يربط دول الخليج العربي ببلاد أوروبا وتركيا والشام عبر جمرك الحديثة من خلال طريق بري سريع يبلغ طوله أكثر من 1500 كلم وهو طريق يمر بعدة مناطق ومحافظات وهجر ومنها محافظة طريف التي تعتبر محطة استراحة لكثير من المسافرين الذين يرتاحون فيها من عناء السفر حيث يتسوقون من محلاتها وأسواقها قبل إكمال رحلتهم إلى ديارهم، وهذا الطريق بمسمار واحد من محافظة رفحاء وحتى محافظة القريات بمسافة 700 كلم وتحدث فيه نتيجة لذلك العديد من الحوادث المرورية الأليمة بسبب كثرة انعطافاته وانخفاضاته وانتهاء عمره الافتراضي وفي كل عام تسجل فيه عشرات الحوادث التي يذهب ضحيتها عدد كبير من الأرواح البريئة، مما يستدعي بضرورة الإسراع في ازدواجية هذا الطريق الذي يلقى الكثير من الاهتمام والمتابعة من لدن أمير منطقة الحدود الشمالية صاحب السمو الأمير/ عبدالله بن عبدالعزيز بن مساعد آل سعود، حيث تمت في الفترة الأخيرة موافقة وزارة المواصلات على إزدواجية طريق الشمال عبر عدة مراحل تم العمل فيها منذ سنتين منها ازدواجية طريق رفحاء- عرعر بمسافة 290كلم وكذلك طريف- عرعر بمسافة 250 كلم ضمن عدة أجزاء تتم على مراحل وذلك بانتظار أن يتم الإسراع في انهاءه في أقرب وقت حقناً لأرواح الأبرياء الذين يزداد أعدادهم كل صيف نتيجة زيادة عدد مستخدمي هذا الطريق من المسافرين براً خلال عطلة الصيف.
وقد قام جلالة الملك سعود «يرحمه الله» بزيارة تفقدية لمركز طريف ولمحطة التابلاين ومنها انتقل لإكمال جولته على مدينة القريات وقراها فيما زارها في المرة الثانية في عام 1376ه وهو في طريقه إلى دولة سوريا الشقيقة عبر منفذ جمرك الدميثة البري، كما يقال بأنه زارها في رحلات كثيرة للقنص في براريها المعروفة.
ظهور المحافظة
تدل الآثار والنصوص التي تم اكتشافها على وجود حضارات قديمة سكنت في تلك الأماكن المجاورة لموقع المحافظة الحالي حيث تقول بعض الدراسات بأن الأنباط وثمود الذين عاشوا قبل الميلاد وكانت لهم حضارات في مدائن صالح التابعة لمحافظة العلا وكذلك في منطقة البتراء في دولة الاردن قد سكنوا في هذا المكان الذي كان منطقة عبور ومرور لهم بين تلك المدينتين القديمتين وكذلك الآشوريين والصفويين وتوجد بالقرب من محافظة طريف في الجنوب الغربي معالم تدل على ذلك منها:
1- قصر دوقرا ويقال بأن اسمه الحقيقي دوكرا ولكن أهل البادية حرفوه ليتناسب مع لهجتهم العامية، وهو عبارة عن قصر مساحته الإجمالية 5850 متراً مربعاً ويقع على بعد 35 كم غرب المحافظة وفيه تتضح آثار قصر متهدم دفن تحت الأرض مع مرور السنين لكن معالمه لاتزال باقية حيث تظهر أساسته والتي تدل على أنه كان حصناً منيعاً وكبيراً بسبب حجم البوابة الرئيسية ويوجد بالقصر سبع غرف مساحة الغرفة الواحدة 5 في 5 وجميعها تقع في الجهة الغربية من القصر وبمسافات متساوية وصالات وساحة كبيرة وأبراج للمراقبة ويعتقد بأن القصر يعود إلى الفترة الرومانية المتأخرة التي قضت على دولة الأنباط الذين كانوا يسكنون في هذا المكان ونتيجة لعبث البعض فيه فقد تم تسويره كمنطقة أثرية.
2- آثار تبين وجود قنوات مياه ومقابر في عدة مواقع متفرقة حول المحافظة في منطقة أقرن وذريبينات ومحمية حرة الحرة، وكذلك نقوش وكتابات يقال بأنها صفوية قديمة وهذا يدل على أنها كانت منطقة سكن لبعض الحضارات وخط هجره ومرور من وإلى المناطق المجاورة حولها.
كما كانت منطقة طريف البرية معروفة كثيراً للعديد من أهل البادية قبل ظهور طريف المدينة وذلك لوجود مناطق برية ورعوية هامة تكثر فيها الأعشاب في فصل الربيع وقد كان يؤمها سنوياً عدد كبير من القبائل العربية المعروفة وذلك لرعي ماشيتهم من الأغنام والإبل فيها، والسكن بقرب تجمع مياه الأمطار التي تتكون في الخباري التي ينهل البدو وماشيتهم منها، وقد كان الجيش الروماني كما ذكر: أحمد وصفي زكريا في كتابه «عشائر الشام» ينتفع بهذه الخبرات ويجعل المسالك الكبيرة والطرق التي تخترق الحماد قائمة عليها، والخبرات التي تقع حول محافظة طريف كثيرة نذكر منها خبراء أم طرفاء وزلاقة وصفية والبردويل وخبراء دوقرا وأقرن وكتيفا الخور وخبراء النوق وغيرها، ونذكر أيضاً من الشعاب التي تمتلىء بالمياه عند هطول الأمطار الغزيرة شعيب طريف وشعيب الجراني الذي يقع في غرب المحافظة وشعيب القبر الذي يقع في جنوبها، وحيث أن هذه القبائل لم تكن مستقرة أبداً فقد كانت تقيم هنا لفترة ثم ترحل بحثاً عن العشب والماء والدفء لهم ولماشيتهم، ولا يزال أهالي البادية سابقاً يذكرون المناطق البرية التي كانوا ينزلون فيها بالقرب من المحافظة في فصل الربيع ومنها جبل عنازة والهوة والبردويل وصفية وفروع الدميثة حيث يكثر الحطب الذي يستخدمه أهل البادية للتدفئة وصناعة القهوة والشاي وكذلك لخبز الدقيق على قطعة من الحديد تسمى «الصاج»، ونذكر أيضاً منطقة المعلي في حدود الحرة ومنطقة أم وعال وهذه الأخيرة التي كان البدوي ينشد وهو يسوق جماله للمرعى :
وضحى وسنامه عالي..
ووردت على أم الوعالي
وهي من أكبر قيعان المياه الموجودة حيث يبلغ طولها 15 كلم، ويتذكر كبار السن فيها كيف كانت قطيع الغزلان تمر من أمامهم في فترة كانت تنتشر فيها بكثرة قبل أن تظهر السيارات ويبدأ صيدها بشكل جائر تسبب في انقراضها ولذا سمي هذا المكان باسم أم الوعال، ومع انشاء خط التابلاين في عام 1369ه ثم انشاء المحطة بعده بعام فقد تم بدء ظهور الاستيطان في المحافظة في عام 1371ه وذلك مع ظهور فرع لشركة الأنابيب عبر البلاد العربية المعروفة باسم محطة التابلاين والتي أنشئت لمد أنبوب لإيصال البترول من آبار النفط في المنطقة الشرقية إلى ميناء صيدا في لبنان على البحر الأبيض المتوسط مروراً بدولة الاردن وسوريا بمسافة «1700» كلم، ولذا فقد تم بناء محطة ضخ في طريف ضمن عدد من المحطات الفرعية على امتداد الطريق الدولي الذي أنشىء هو بعد ذلك بموازاة هذا الخط الطويل من الأنابيب أي أنه ظهر بعد ظهوره، وتعتبر طريف آخر محطة ضخ في الشمال مع الحدود الأردنية، وقد كانت المدينة مجرد خيام وبيوت شعر وبيوت من الطين وكلها كانت تقع بالقرب من محطة التابلاين جنوباً فيما أقامت الشركة بعد فترة من إقبال بعض أبناء البادية على العمل فيها وقد كان لهم جهود كبيرة وواضحة في حفر وبناء القواعد التي يجلس عليه الأنبوب الضخم، فيما تبوأ البعض منهم مراكز هامة داخل المحطة، وقد اكتسبوا نتيجة تعاملاتهم مع الأجانب تعلم اللغة الإنجليزية رغم أميتهم في اللغة العربية حيث لا يزال كثير من كبار السن يقرأ ويكتب بعض الحروف الإنجليزية ويتحدثها بطلاقة وعندما كانت بقية المدن في بدايات ظهورها فقد سبقها بعض أهالي طريف بمشاهدة الأفلام الوثائقية والثقافية التي كانت تعرض لأبناء العاملين في محطة التابلاين من السكان ومن أبناء الجاليات المقيمة التي كانت تدير العمل في المحطة من الأجانب، كما شاهدوا السينما وتذوقوا لأول مرة الهمبوغر والكولا واستمتعوا بمشاهدة الألعاب النارية وهي اشياء كانت غريبة بالنسبة لأبناء البادية كما لم يكن يصدقها الناس في المدن الأخرى عندما كان أبناء طريف يتحدثون عنها وكانوا يعتبرونها ضرباً من الخيال أو المزاح.
وبسبب زيادة الإقبال في العمل فيها من أبناء البادية فقد قامت الشركة ببناء بعض المعسكرات للسكن وكذلك مركز صحي لعلاجهم وأقاربهم فيه، وبعد سنوات من إقبال الناس على الاستيطان بالقرب من هذه المحطات اشترطت الدولة السعودية في عهد الملك سعود «رحمه الله» الذي تبنى مشروع استيطان أهل البادية على شركة مد خط الأنابيب عبر البلاد العربية بناء مقر ليكون مركزاً لإدارة المدينة ومدرستين ابتدائيتين للبنين والبنات وسجن ومقر للشرطة ولا تزال آثار هذه المباني قائمة حتى هذا الوقت ويستفاد منها كما في السابق.
* تبرز أهمية المحافظة في عدد من الأمور لعل أبرزها:
أولاً: وقوعها كنقطة التقاء لحدود المملكة مع دولة الاردن وجمهورية العراق حيث تلتقي فيهم في مثلث واحد، كما أنها منطقة عبور لآلاف المسافرين براً من العرب والجاليات الأجنبية الذين يستخدمون الطريق الدولي الذي يربط دول مجلس التعاون الخليجي ببلاد الشام وتركيا وأوروبا حيث يمر بها سنوياً الاف المسافرين من كافة الجنسيات العربية والأجنبية وعدد كبير من السيارات الصغيرة وحافلات النقل الجماعي وسيارات نقل البضائع المعروفة بالترانزيت.
ثانياً: أنها تقع بالقرب من جمركين بريين معروفين قديماً وهما: جمرك الدميثة البري الذي يعد من أول وأقدم المنافذ البرية بالمملكة حيث أنشىء في عام 1349ه وكان عبارة عن عدد من الخيام ويقع بالقرب من المحافظة، وقد تم مؤخراً بناءه فيبعد عن المحافظة 20 كلم غرباً غير أن طريقه ترابي بداية من المحافظة إلى الجمرك وكذلك منه إلى الحدود مع الاردن وقد كان يستفاد منه سابقاً في استيراد الخضار والأغنام وبعض البضائع الاستهلاكية والأطعمة من دولة الاردن الشقيقة وسوريا وتركيا غير أنه أغلق الآن وأصبح يستخدم بأعداد قليلة جداً للمسافرين براً.. والثاني وهو جمرك الحديثة الذي يبعد عن محافظة طريف 150 كلم بطريق مسفلت وقد تم تحويل مسار المسافرين والبضائع إليه بعد الانتهاء من انشائه وإيقاف العمل في جمرك الدميثة وهذا العمل تم قبل عشرات السنين.
ثالثاً: أنها تقع قرب منطقة رعوية معروفة كل عام بظهور كافة أنواع الأعشاب البرية النادرة كالنفل والخزامى والميرامية والبابونج والزعتر والبعيثران والرشاد والحمضل وبقية النباتات الأخرى التي تراعاها الماشية، والتي يعتمد عليها عدد كبير من أهل المحافظة تمسكاً بمهنة الآباء والأجداد التي توارثوها منهم عبر السنين بالإضافة إلى ظهور نبات الكمأ المعروف باسم «الفقع» والذي ينبت مع هطول الأمطار الموسمية وبزوغ نجم الثريا، كما أن فيها ثروة حيوانية كبيرة تقدر بحوالي مليون رأس من الأغنام، وألف رأس من الإبل وعدد كبير من الماعز وما تنتجه هذه الأعداد من لحوم وأصواف وجلود ومنتوجات الألبان والأجبان.
رابعاً: وجود أكبر محمية للحياة الفطرية بالقرب منها وهي محمية حرة الحرة في الجنوب الشرقي من محافظة طريف والتي تحتوي على كافة الحيوانات البرية التي تتكاثر فيها مثل الغزلان والأرانب والجرابيع والذئاب والثعالب.
خامساً: اكتشاف معدن الفوسفات الهام وذلك في منطقة حزم الجلاميد وطريف وأم الوعال وهي مناطق برية قريبة منها، حيث وجد بكميات كبيرة سيتم استغلالها في الوقت القريب.
كما تعتبر المناطق البرية القريبة من محافظة طريف من المناطق المعروفة لهواة القنص حيث يفد إليها كل عام الكثير منهم من مختلف محافظات المملكة وكذلك من الدول الخليجية القريبة وذلك لصيد طائر الصقر الذي يمر سنوياً بالأجواء الشمالية في رحلته الموسمية من قارة أوروبا للبحث عن الدفء في قارة أفريقيا، وتنتعش نتيجة لذلك الحركة التجارية في المنطقة حيث يفد إليها كثير من الناس لشراء حاجيات الرحلات من محلاتها والتزود من محطاتها بالوقود وكذلك الإقامة في فنادقها واستراحاتها، ولعل أشهر المناطق البرية المعروفة بمرور الطيور فيها والتي سبق وأن اصطاد فيها العديد من هواة القنص الطيور الحرة التي وصل أعلى سعر لها إلى أكثر من 150 ألف ريال، وهذه المواقع هي «البحيرات- والهوة- والطرفاوي- والبردويل- والمراء- والخور- وحزم الجلاميد»، وجميعها قريبة من محافظة طريف وتقع إما في غربها أو في الشمال الشرقي منها ويفد إليها كل عام تجار الطيور الذين يقومون بتثمينها وشرائها من أصحابها، وتتعدد أنواع الصقور التي تمر بالمحافظة فمنها الصقر الكامل وهو أغلاها والشيهانة وهي انثى الصقر والمثلوث والوكري والقرناس والقوسية وهي من صغار الصقور، ويمتد بقاء هذه الطيور فترة استراحة قد تمتد شهرين تبدأ بعدها بإكمال رحلتها للمناطق الحارة في أفريقيا كما تزور المنطقة سنوياً أسراب من الطيور المهاجرة الأخرى كالبط والوز والنسر والقطا والكدري والصفيرا والسمان وبقية الطيور الصغيرة.
مناطق رعوية
وكغيرها من مدن الشمال التي تتميز بمناطقها البرية الرعوية واتجاه أهلها لتربية الماشية بأنواعها الثلاثة الإبل والأغنام والماعز فقد كان يسكنها عدد قليل من الناس لعلمنا أن أهل البادية كثيرو التنقل والترحال من مكان لآخر ولم يكونوا يلتزمون بالبقاء في مكان معين إلا إذا توفرت فيه الماء والكلأ لماشيتهم، ومع وجود محطة التابلاين بدأ البعض من أبناء البادية بالالتحاق للعمل فيها بالأجر فتبوأ فيها مكانة عظيمة إلى جانب العاملين فيها من الأجانب، وقد بدأت تتواجد تجمعات بدوية ترحل بحثاً عن الربيع في عدد من المواقع لكنها ما تلبث أن تعود في الصيف حيث يلتحق أبناؤها بالعمل بالأجر اليومي في التابلاين وذلك للحصول على دخل مادي إضافي يساعدهم على شغف المعيشة في البراري، وقد بدأت شركة التابلاين بتوفير انبوب لإيصال المياه بالقرب من تجمعاتهم في مكان قريب يسمى «القرو» بطول 6 كلم وعمل خزان صغير للاستفادة منه في سقيا أهل البادية لهم ولماشيتهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.