بعد يوم واحد من اتهام الرئيس الباكستاني برفيز مشرَّف لتحالف الأحزاب الدينية بمحاولة طلبنة باكستان في إشارة لتبني هذا التحالف لأفكار ورؤى متشددة على غرار نظام طالبان الأفغاني المخلوع، لم يتوقف الجدل بين الباكستانيين حول امكانية فرض مثل هذا النموذج على بلادهم. واتفق المعلقون الباكستانيون على أن الجنرال برفيز مشرَّف لا يمكن أن يشعر بسعادة عندما تتوالى المؤشرات حول امكانية ظهور نظام طالبان جديد في الاقليم الحدودي الباكستاني، وهو الذي تحالف مع الولاياتالمتحدة للإطاحة بنظام طالبان في أفغانستان المجاورة والقضاء على تنظيم القاعدة الذي حمَّلته إدارة الرئيس جورج بوش مسؤولية الهجمات التي تعرضت لها نيويورك وواشنطن يوم الحادي عشر من سبتمبر عام 2001. ويأتي اتهام مشرَّف لتحالف الأحزاب الدينية بمحاولة طلبنة باكستان في الوقت الذي يستعد فيه للقيام بزيارة للولايات المتحدة يلتقي فيها بالرئيس جورج بوش ووصفت في إسلام آباد بأنها (زيارة بالغة الأهمية لتعزيز التعاون الدفاعي والاقتصادي والسياسي بين الدولتين). وكادت الصحف الكبرى في باكستان تجمع أمس الثلاثاء حول الاعتقاد أن نموذج طالبان الذي استمر قرابة الأعوام الخمسة في أفغانستان أضر كثيرا بتلك البلاد وفقا لوجهة نظر تلك الصحف. ويرى افراسياب خاتاك رئيس اللجنة الباكستانية لحقوق الإنسان أن تحالف الأحزاب الدينية يتجه بالفعل لفرض نموذج طالبان في الاقليم الحدودي ولكن بأسلوب أكثر تعقيدا فيما تلاحظ معراج خان الناشطة في مجال المنظمات غير الحكومية أن حكومة تحالف الأحزاب الدينية لم تبد حتى الآن اهتماما يذكر بالقضايا الأكثر إلحاحاً في هذا الاقليم مثل مكافحة الفقر ومحو الأمية ورفع مستوى الخدمات الصحية والتصدي لممارسات العنف واستشراء الأسلحة غير المرخصة وتعاطي المخدرات. وفي المقابل ينفي ظافر أعظم وزير العدل في حكومة تحالف الأحزاب الدينية بالاقليم الحدودي الاتهامات الموجهة لحكومته بانتهاج نموذج طالبان الأفغاني ويقول: لسنا طالبان.. فنظام طالبان كان شيئا مختلفا تماما وقادته لم ينالوا قسطا كافيا من التعليم أما نحن فنحترم الديموقراطية. ولكن هيمنة تحالف الأحزاب الدينية الذي لم يخف تعاطفه مع حركة طالبان على هذا الاقليم الذي كان سكانه الأكثر سخطا في باكستان على الحملة التي قادتها الولاياتالمتحدة منذ السابع من اكتوبر عام 2001 في أفغانستان المجاورة للإطاحة بنظام طالبان أمر يفجِّر المخاوف من أن يكون الاقليم الحدودي الباكستاني مهيأ بالفعل لنظام أقرب ما يكون لنظام طالبان المخلوع. ويوصف سكان الاقليم الشمالي الغربي الحدودي الباكستاني المتاخم لأفغانستان بأنهم الأكثر محافظة بالمقارنة مع بقية سكان الاتحاد الفيدرالي الباكستاني الذي ظهر إلى حيز الوجود كدولة مستقلة منذ الرابع عشر من اغسطس عام 1947. وشأنه شأن غيره من قادة تحالف الأحزاب الدينية يقر ظافر أعظم بأن التحالف يتطلع لأن يكون الاقليم الحدودي نموذجا لبقية الاقاليم في الاتحاد الفيدرالي الباكستاني وهي البنجاب والسند وبالوشيستان. ويتمتع تحالف الأحزاب الدينية بأغلبية مطلقة في المجلس البرلماني للاقليم الحدودي فيما وافق هذا المجلس بالإجماع مؤخرا على مشروع قانون بتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية غير أن العديد من المعلقين في وسائل الإعلام الباكستانية اعتبروا أن الموافقة على هذا المشروع مجرد تحصيل حاصل لأن الدستور الفيدرالي الباكستاني ينص على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريعات في باكستان. كما توجد محكمة فيدرالية للشريعة في باكستان للتأكد من أن كافة القوانين في الاتحاد الفيدرالي الباكستاني لا تخالف أحكام الشريعة الإسلامية، ومن ثم فإن الخلاف بين الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم الحدودي لا يتعلق بالشريعة في حد ذاتها وإنما يدور حول قضايا سياسية بالدرجة الأولى أو ما يوصف بالاجندة الخفية لتحالف الأحزاب الدينية الحاكم في الاقليم الحدودي. وذكرت صحيفة الدون (الفجر) الباكستانية واسعة الانتشار في افتتاحيتها أمس الثلاثاء أن أحدا لم يعترض على تطبيق أحكام الشريعة في الاقليم الحدودي ولكن الاعتراضات والمخاوف جاءت بسبب حملات تحطيم لوحات الإعلانات واللافتات المضيئة والهجمات على رواد المسارح والتسلية البريئة وترويع الآمنين وإثارة حالة من الفوضى في هذا الاقليم.