انخفاض أسعار الذهب بنحو واحد بالمئة    نائب أمير مكة يطلع على التقرير السنوي لمحافظة الطائف    قفزات استثنائية للرؤية السعودية (1 4)    11.3 مليار ريال استهلاك.. والأطعمة تتصدر    التقوا رئيسها واستمعوا لتوجهاته المستقبلية.. رؤساء تحرير يطلعون على مسيرة التطور في مرافق "أرامكو"    خلال لقائه مع أعضاء مجلس اللوردات.. الربيعة: السعودية قدمت 134 مليار دولار مساعدات ل 172 دولة حول العالم    هجوم على الفاشر ومجزرة في أم درمان وضربات للبنية التحتية.. الجيش السوداني يُحبط خطة شاملة لميليشيا الدعم السريع    سوريا.. ملاحقة المتورطين في أحداث جرمانا    في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا.. إنتر المتراجع ضيفًا على برشلونة المتوهج    ينتظر الفائز من النصر وكواساكي.. الأهلي يزيح الهلال ويتأهل لنهائي نخبة الأبطال    وزير الخارجية يبحث العلاقات الثنائية مع نائب رئيس فلسطين    هيكل ودليل تنظيمي محدّث لوزارة الاستثمار.. مجلس الوزراء: الموافقة على تعديل نظام رسوم الأراضي البيضاء    "الشورى" يطالب "التلفزيون" بتطوير المحتوى    المرور: تجاوز المركبات أبرز أسباب الحوادث المرورية    حوار في ممرات الجامعة    هند الخطابي ورؤى الريمي.. إنجاز علمي لافت    ترامب وهارفارد والحرية الأكاديمية    الاحمدي يكتب.. الهلال سيعود ليُعانق البطولات    أمير الشرقية يستقبل السفير البريطاني    أمانة الرياض توقع استضافة "مؤتمر التخطيط"    جيسوس: الأهلي كان الأفضل    بيولي: نواجه فريقاً مميزاً    محمد بن ناصر يزف 8705 خريجين في جامعة جازان    العلاقات السعودية الأميركية.. الفرص والتحديات    إسبانيا: الحكومة والقضاء يحققان في أسباب انقطاع الكهرباء    أمير الرياض يكرّم المتطوعين والمشاركين في {منقذ}    سعود بن نهار يثمن مبادرة "الطائف المبدعة"    انطلاق مبادرة "الشهر الأزرق" للتوعية بطيف التوحد بالأحساء    المملكة: أمن الشرق الأوسط يتطلب حلاً عادلاً للقضية الفلسطينية    فيصل بن مشعل يتسلم تقرير "أمانة القصيم"    بيئة عسير تنظّم مسامرة بيئية عن النباتات المحلية    "هيئة العناية بالحرمين": (243) بابًا للمسجد الحرام منها (5) أبواب رئيسة    مسؤولو الجامعة الإسلامية بالمالديف: المملكة قدمت نموذجاً راسخاً في دعم التعليم والدعوة    مدير عام الجوازات يستقبل أولى رحلات المستفيدين من مبادرة طريق مكة بمطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة    بدء المسح الصحي العالمي 2025    "الداخلية" تحتفي باليوم العالمي للصحة المهنية    مستشفى الملك خالد بالخرج يدشن عيادة جراحة السمنة    فريق فعاليات المجتمع التطوعي ينظم فعالية بعنوان"المسؤولية الإجتماعية للأسرة في تعزيز الحماية الفكرية للأبناء"    الاتحاد السعودي للهجن يؤكد التزامه التام بتطبيق أعلى معايير العدالة وفق اللوائح والأنظمة    إيلون ماسك يقلق الأطباء بتفوق الروبوتات    سان جيرمان يقترب من التأهل لنهائي "أبطال أوروبا" بفوز في معقل أرسنال    أسباب الشعور بالرمل في العين    اختبار للعين يكشف انفصام الشخصية    نائب أمير منطقة مكة يستقبل محافظ الطائف ويطلع على عددًا من التقارير    قصف مستمر على غزة لدفع الفلسطينيين إلى الهجرة الطوعية    أمين منطقة القصيم: مبادرة سمو ولي العهد تجسد حرص القيادة    ورم المحتوى الهابط    من شعراء الشعر الشعبي في جازان.. علي بن حسين الحريصي    تنوع جغرافي وفرص بيئية واعدة    المسار يسهم في نشر ثقافة المشي والتعرف على المواقع التراثية وجودة الحياة    الصوت وفلسفة المكان: من الهمسات إلى الانعكاسات    الداخلية تعلن اكتمال الجاهزية لاستقبال الحجاج    الموافقة على تعديل نظام رسوم الأراضي البيضاء    للعام السابع.. استمرار تنفيذ مبادرة طريق مكة في 7 دول    أمير جازان يستقبل مدير فرع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء بالمنطقة    محمد بن ناصر يتسلّم التقرير الختامي لفعاليات مهرجان "شتاء جازان 2025"    أمير منطقة جازان يرعى حفل تخريج الدفعة ال20 من طلبة جامعة جازان    42% من الاستثمار الأجنبي المباشر في المنطقة الشرقية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رأي في قصيدة «الأوهام» للدكتور سعد عطية الغامدي
نشر في الجزيرة يوم 26 - 04 - 2003

وكما علمت فإن الشاعر الدكتور سعد عطية الغامدي أستاذ جامعي سابق وهو الآن من كبار رجال الأعمال، المشتغلين بالكمبيوتر والدجيتال والحسابات، وما أشد فرحي أن يكون واحد من رجال الأعمال شاعراً ولديه متسع من الوقت لبسط مشاعره على الورق.
وكنت أحسب رجال الأعمال بلا قلوب.. فلا محل للعاطفة ولا للوجدان لديهم لكي يغيّر ظني الشاعر الغامدي، فأغلب الشعراء من الفقراء «والشعر ما يوكّل عيش» «ولا بيطعمي خبز» ويكفي.
وكتب الشاعر لقصيدته مقدمة نثرية ولا أدري لماذا لم ينظمها شعراً أم أن النثر أسهل تناولا وأقل كلفة وأوضح تعبيرا؟
والمقدمة تحكي عن كتابة الناس وصاياهم وفي الحديث الشريف ما معناه ألا يبيت مسلم ثلاث ليال دون كتابة وصية، وأنا لا أدري فإلى الآن لم أوص (أنا) بالعقارات والأرصدة التي لديّ!
ويقول في مقدمته إن الناس يتوارثون متاعا وأموالا، والمتاع كل ما يُنتفع به ويرغب في اقتنائه كالطعام وأثاث البيت والسلعة والأداة والمال (دخل المال في المتاع). وفي التنزيل العزيز: {وما اوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وزينتها وما عند الله خير وابقى افلا تعقلون} [القصص: 60] .
ولعل البتاع (بتاع المصريين) مأخوذ من المتاع هو والبتاعة والبتاتيع. وأنا أظن المتاع مشتقاً من المتعة وما يتمتع به.
والمال كل ما يملكه الفرد أو الجماعة من متاع أو.....
وهكذا اذا بحثت في معاجمنا عن المتاع ذكروا لك المال فإذا بحثت عن المال قالوا لك: المتاع، وإذا بحثت عن الدِّين قالوا: الملة فإذا بحثت عن الملة قالوا الدِّين فياليت من يخرج لنا معجماً غير.
والمال أكثر ما ينصرف إلى النقود والذهب والفضة:
رأيتُ النَّاسَ قد مالُوا
الَى مَنْ عِنْدَهُ مَالُ
وَمَنْ ما عِنْدهُ مَالُ
فَعنْهُ النَّاس قَدْ مَالُوا
***
رأَيْتُ النَّآس قَدْ ذهبُوا
إلى مَنْ عِنْدهُ ذهبُ
وَمَنْ مَا عنْدَهُ ذََهَبُ
فَعَنْهُ النَّاسُ قَدْ ذهَبّوا
***
رَأيْتُ النَّآسَ مُنْفضَّهْ
إلَى مَنْ عِنْدَهُ فِضَّهْ
وَمَنْ ما عِنْدَهُ فِضَّهْ
فَعَنْهُ النَّآس مُنْفَضَّهْ
معنى صحيح مع الأسف وشعر (خرطي) بدون أسف
ومثله:
حَيَّاكَ مَنْ لََمَ تكُنْ تَرجْوُ تَحِيَّتهُ
لَوْلاَ الدَّراهمُ مَا حيَّاكَ مِنْ أَحَدِ
ومنه:
إِنَّ الدَّراهِمَ في المْواطِنِ كُلِّها
تَكْسُو الرِّجَال مَهَابةً وَجَلالاَ
فهي اللِّسانُ لمَنْ أَرادَ فََصَاحةً
وَهيَ السِّلاحُ لمنّْ أَرادَ نِزَالاَ
طرفة: في حفلة في بلدي نابلس (فك الله أسرها) دخل رجل من الناس العاديين وسلم فرد عليه السلام أقل القليل، ثم دخل الحاج محمد (صاحب صَبَّانة مصبنة - مصنع صابون) غني وسلم فرد عليه الجميع السلام قياماً ولما جلس أخذ الحاضرون بالتناوب: الله يمسّيك بالخير ياحاج محمد، فقال له صاحبنا (الغلبان): الله يمسِّي مصاريك (فلوسك) بالخير، فقامت ضجة ولغط و(طوشه) مضاربة وانفض الحفل. وبالمناسبة فأرجو الله ألا يكون اليهود قد هدموا مصبنة الحاج محمد (في حارة القريون - حارتي القديمة) وأظن الحاج محمد في ذمة الله منذ زمن طويل لما كنت أنا ولداً
ونرجع إلى المقدمة: يقول الشاعر الدكتور: «إن الناس ينسون شيئاً لا يوصون به ويبقى لهم»ولعلنا نعرف هذا الشيء فيما بعد.
وعنوان القصيدة مناسب والشاعر موفق في اختياره: «الأوهام» وهي جمع وهم وهو الغلط والخطأ وما يقع في الذهن من الظنون والخواطر.
قال عنترة:
هَلْ غَادَرَ الشُّعَراءُ مَنْ مَتُرَدِّمِ
أَمْ هَلْ عَرَفْتَ الدَّارَ بَعْدَ تُوَهُّمِ
وقال زهير:
فَلأْياً عَرَفْتُ الدَّارَ بَعْدَ تَوَهُّمِ
وقصيدة الشاعر من البحر الكامل: متفاعلن متفاعلن متفاعلن في كل شطر، ومُتَفاعلن تأتي مُتْفاعلن، والتفعيلة الأخيرة من البيت في قصيدتنا جاء «مُتَفاعِلْ أو مُتْفاعلْ».
1 قَوْمي أُحِبُّهُمُ وَأَعْلَمُ أَنَّهُمْ
كانُوا عَلَى فَجْرِ الوَرَى الأَنْسَامَا
والقوم: قالوا إنهم الرجال فقط دون النساء وَاستشهدوا بقوله تعالى: {يا ايها الذين امنوا لا يسخر قوم من قوم عسى ان يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى ان يكن خيراً منهن ولا تلمزوا انفسكم ولا تنابزوا بالالقاب بئس الاسم الفسوق بعد الايمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون } [الحجرات: 11].
وقالوا: الجماعة من الناس لهم حاجة يقومون لها.
وأقول إن القوم أيضا جماعة الرجل وأهل بلده والشعب الذي ينتمي إليه. وفي الحديث الشريف: «كان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى كل أسود وأحمر».
والشاعر يحب قومه وهذا طبيعي وواجب حتى لو بخل القوم على ابنهم:
بَلاَدِيْ وِإِنْ جَارَتْ عَلَيَّ عَزِيزَةٌ
وَأَهِْلي وإِنْ ضَنُّوا عَلَيَّ كِرَامُ
ويحبهم حتى لو آذوه لأنه لو آذاهم فسيؤذي نفسه:
قَوٌمِي هُمُ قَتَلُوا أُمَيْمَ أَخِي
فَإِذَا رَمَيْتُ يَصِيبُنِي سَهْمِي
فَلَئِنْ عَفَوْتُ لأَ عْفُوَنْ جَللاً
وَلئِنْ قَتَلْتُ لأُوْهِنَنْ عَظْمِي
ويحسن إلى قومه ولو أساءوا إليه:
يُعاتَبُنِي بالدَّيْنِ قَوْمِي وَإِنَّما
دُيُونِيَ فِي أَشْيَاءَ تُكْسِبُهُمْ حَمْدَا
.. وإنَّ الذَّيِ بَيْنِي وبَيَْن بَنِيِ أَبِي
وَبَيََن بنِي عَمِّي لمَخْتْلَفٌ جِدَّا
فَإنْ أَكَلُوا لَحْمِي وَفَرْتُ لُحُومَهُمْ
وَإَنْ هَدَمُوْا مَجْدِي بَنَيْتْ لَهُمْ مَجْدَا
وَلاَ أحْملُ الحِقْدَ القَدِيمَ عَلَيْهِمُ
وَلَيْسَ رئَيسَ القَوْمِ مَنْ يَحمِلُ الحِقْدَا
وَيعتب عَلَى قَومه إذا خذلوه:
لَؤْ كُنْتُ مَنْ مَازِنٍ لَمْ تَسْتَبِحْ إِبِلي
بَنوُ اللَّقِيطَةِ مِنْ ذُهْلِ بِنِ شَيْبَانَا
.. لكِنَّ قَوْمِي وَإِنْ كِانُوا ذَوِيْ عَدَدٍ
لَيْسُوا مَنَ الشَّرِّ فَي شَيء وإِنْ هَانَا
يَجْزونَ من شَرِّ أَهْلِ الشَّرِّ مغفرةً
وَمِنْ إسَاءةِ أَهْلِ السُّوءِ إحْسَانَا
كَأَنَّ رَبَّكَ لَمْ يَخْلُقْ لخَشْيَتِهِ
سَوَاهُمِ مَنْ جَمِيع النَّاسِ إِنْسَانَا
فهو يتهمهم بأنهم يدَّعون خشية الله ادعاءً وكذبا لعجزهم عن نصرته واستعادة إبله.
ولا بأس بأبيات لمعروف الرصافي قالها لقومه نصائح تَهكمية ضد بطش العثمانيين:
يَا قَوْمِ لاَ تَتَكَلَّمُوا
إِنَّ الكَلاَمَ مُحرَّمُ
نَامُوُا وَلاَ تَسْتَيِقظُوا
مَا فَازَ إِلاَّ النُّوَّمُ
وَتأخَّرُوا عَنْ كَلِّ مَا
يَقْضِي بأَنّ تَتَقَدَّمُوا
وَدَعُوا التَّفَهُّم جَانِباً
فَالْخَيْرُ أَلاَّ تَفْهَموا
إِنْ قيلَ هَذَا يَوْمُكُمْ
لَيْلٌ فَقُولُوا: مُظْلِمُ
أَوْقِيْلَ: هَذا شَهْدُكُمْ
مُرٌّ فَقَوُلُوا: عَلْقَمُ
أَوْقِيلَ: إنَّ بِلاَدَكمْ
يَا قَوْمِ سَوفْ تُقَسَّمُ
فَتَحَمَّدُوا وَتَشَكَّرُوا
وَتَنَعَّموُا وتَرَنَّمُوا
وقوم الشاعر كانوا أنساماً يستروح بها الناس فجراً، والفجر عادة جَوُّه لطيف ونسائمه رقيقة فلو جعلها كما شدا الراحل عبدالوهاب:
كُلِّ دا كَانْ لِيهْ
لَمّا شُفْتِ عِينيِهْ
حَنِّ قَلْبِي إِليه
وِانْشَغَلْتِ عَلِيهْ
والشاهد:
قَالِّلي كَمْ كِلْمهْ
يِشْبِهُوا النِّسْمَه
فِي لَيَالي الصِّيْفْ
فَاتني وفْقَلبِي
شُوْقِ بِيِلْعب بِي
وِبْخَيَالِي طِيْفْ
وطبعا لابد ان العالم استروح بنسائم الإسلام والمسلمين.
2 - قَوْمٍي أَخَاطِبهُمْ وَأَعْلَمُ أنَّهُمْ
لَيْسُوا أَقَلَّ وإِنّ بَدَوْا أَفهَامَا
وللأسف يتهمنا الشاعر بأن أمارات قلة الفهم بادية علينا سامحك الله لكن لسنا أقلَّ أفهاماً ممن؟
ثم إنك ادعيت دعوى:ما هي مظاهر عدم الفهم البادية علينا قدم عليها الدليل:
والدَّعَاوَى مَا لَمْ يقيمُوا عَلَيْها
بَيِّنَاتٍ أَصْحَابُهُا أدَعَِياءُ
ثم قدِّم الدليل أننا بعكس ما اتهمتنا به. ثم تخاطب قومك وعسى أن يفهموا خطابك لكن بم تخاطبهم؟ وعلى كلٍّ خطابك من باب: {فذكر ان نفعت الذكرى } [الأعلى: 9] .
3 - قَوْمِي أُجِلُّهُمُ وَأَعْلَمُ أَنَّهُمْ
أَعْلَى إذَا عَزَموُا المَسِيرَ مَقَامَا
وما يزال السؤال قائماَ: أعلى مقاماًَ بم وأعلى مقاماً ممن؟
أين المفضل عليه ولو تلميحاً إن لم يكن تصريحاً.
4 قَوْمِي إِذَا رَفَعَ الجِهَادُ لِواءَهُ
كَانْوا أَشَدَّ لَدَى الوَغَى إِقْدَامَا
والكلام سهل والفعل صعب وأرجو أن تلاقي دعوتك للجهاد آذاناً صاغية وإلا تُتَّهَمَ بالإرهاب.
5 - قَوْمِي مَتَى بَسَطَ الكتابُ حُرُوفَهَ
كَآنُوا الأَئِمةَ يَقتْفَوُنَ إِمَامَآ
ولعل الكتاب هو القرآن وهو الإمام أو القرآن الكريم والسنة الشريفة أو العلوم والمعارف بشكل عام أو الإِمام هو الرسول صلى الله عليه وسلم. واسألوا الشاعر لماذا لم يبسط المقصود.
6 قَوَمِي هَنَا وَهُنَاكَ كَآنُوا كُلَّمَا
ذُكِرُوا رأَيْتَ المَجْدَ يُعلِي الهَامَا
ولعل الراحلة ام كلثوم تتوجه اليك بهذا السؤال؟
لسَّهْ فَاكِرْ ؟ كَآنْ زَمانْ
كَانْ زَمَانْ.. لسَّه فَاكِرْ كَانْ زَمَانْ
ويا سيدي: أما قرأت لامية العرب؟
لاَ تَقْلْ أَصْلِي وَفَصْلِي أَبَداً
إِنَّماَ أَصْلُ الفَتَى مَا قَدْ حَصَلْ
وإذا ذكرتهم قومك فاعمل بالآتي:
لَسْنَا وَإنْ أحسَابُنَا كَرُمَتْ
يَوْماٍ عَلَى اْلآبَاءِ نَتَّكِلُ
نَبْنِي كَمَا كَانَتْ أَوَائلُنَا
تَبْنِي وَنَفْعَلُ مِثْلَمَا فَعَلُوا
أما الهام فهو جمع الهامة وهي الرأس أو طير يألف المقابر أسطورة وكان العرب في الجاهلية يعتقدون أنه إذا قُتل شخص قامت هامة على قبره تقول.. اسقوني، اسقوني حتى يؤخذ بثأره:
قال ذو الأصبع العدواني:
ليَ ابْنُ عمً عَلَى مَا كَانَ مَنْ خُلُقٍ
مَخْتِلفَانِ فَأَقِلْيهِ وَيَقْلِينِي
طبعاً لا يقليه بالزيت مثل البطاطس ولا بالسمن مثل اللحم وإنما يقليه: يكرهه.
قال ابن شُهَيْدٍ صاحب التَّوابع والزَّوابع:
وَكُنْتُ هَجَرْتُكِ لاَ عَنْ قِلَى
وَلاَ عَنْ فَسَادٍ جَرَى في ضَميرِي
كَمِثْلِ مَلاَلِ الفتَىَ للنَّعِيْمِ
إِذَا دَامَ فِيهِ وَحَالِ السُّرورِ
(قلت ذلك على الهامش) وأعود إِلى ذي الأصبع:
لاهِ ابنُ عَمِّكَ لاَ أَفْضلْْتَ فيِ حَسَبٍ
عَنِّي وَلاَ أَنّتَ دَيَّانِي فَتَخْزُونِي
(لست أفضل حسباً ولا لك عنده يد فتخزوَه بها). لاه: لله. والشاهد:
يَا عَمْرُو إِلاَّ َتدَعْ شَتِمْي وَمنْقَصَتِي
أَضْرِبْكَ حَتَّى تَقُولَ الهَامَةُ : اسَقُونِي
رأيت المجد: العرب أمجاد غَنّى كارم محمود:
أمجادْ يا عربْ أمجادْ
في بْلاَدْنَا كِرامْ أَسَْيادْ
قومي هنا وهناك (في كل مكان).. كما قلنا: كان زمان أما الآن فنحن العالم الثالث أو النامي وحتى قالوا عنا العالم المتخلف وقال بعضنا العالم النايم.
7 قَوْمِي هُمُ التَّارِيخُ فيِ عَلْيَائِهِ
عَدْلاً وَعِلْمَاً مُشْرٍقَاً وَسَلاَمَا
وَنِعْمَ القَوْمُ لكنَّهم كما قلتَ: تاريخ.
أمَّا العدل فبه قامت السموات والأرض
وأما العلم فهو نور(ن) إن شئت
وأما السلام فها نحن نسعى لسلام عادل ودائم ومشرِّف ترضى عنه الأجيال (وياريت طايلينه).
8 قَوْمِي أبَوُحُ لَهُمْ وَأَعْلَمُ سِرَّهُمْ
سِرَّاً يَبِيتُ الخْوَضُ فِيهِ حَرَامَا
بيني وبينك أنا ما عرفت سرك ولا سرهم الذي يحرم الخوض فيه.
بيني وبينك أنا ما عرفت سرك ولا سرهم الذي يحرم الخوض فيه. قال تعالى:{الا اصحاب اليمين39في جنات يتساءلون 40عن المجرمين41 ما سلككم في سقر 42قالوا لم نك من المصلين43ولم نك نطعم المسكين44و كنا نخوض مع الخائضين45} [المدثر:39 45]
ثم تذكَّر قول الشاعر:
كُلُّ سر جَاوَزَ الاثْنَيْنِ شَاعْ
كَلٌّ عِلْمِ لَيْسَ فيِ القٍرْطَاسِ ضَاعْ
والله سبحانه يعلم الجهر وما يخفى ويعلم السر وأخفى.
وفي رباعيات الخيام شدتْ أم كلثوم:
يَآ عَالِمَ الأَْسْرَارِ عِلْمَ الْيَقينْ
يَا كَاشِفَ الضُرِّ عَنِ البَائِسينْ
يَا قَابِلَ الأَعْذَارِ جِئْنَا إِلَى
بَابِكَ فَاقْبَلْ تَوبَةَ التَّائبِيِنْ
(يا ألله).
9 قَوْمي مَتَى نَشَرَ العَفَافُ بَيَانَهُ
كَانُوا الأَعَفَّ مَشَارِبَاً وَذِمَامَا
وبدون الخوض على رأى الشاعر في التفاصيل فإن العفة صفة ملازمة لنا: قالت الشاعرة:
لاَيَبْعِدَنْ قَوْمِي الَّذينَ هُمُ
سُمُّ العُداةِ وَآفَةُ الجُزُرِ
النَّازٍلُونَ بِكُلِّ مُعْتَرَكٍ
وَالطَّيِّبُونَ مَعَاقِدَ الأُزُرِ
لا يَبْعِدن: لا يهلكن
سُمّ العداة: قاتلوا الأعداء: شجاعة
آفة الجزر: يذبحون الابل ج جزور كرم. النازلون بكل معترك: محاربون. والطيبون معاقد الأزر والأزر جمع إزار (وزرة) وهنا دلالة على العفة قال تعالى: {والذين هم لفروجهم حافظون 5إلا على ازواجهم وما ملكت ايمانهم فانهم غير ملومين} [المؤمنون: 6]
ولله أبوها وأبو قومها
10 كَانُوا لِذِيَ رَحِم أَبَرَّ وَذِي َ أسَىً
أَدْنَى وَأَوْفَى فِي النَّدَى أَقْسَامَا
قوم الشاعر أبر بالرحم، والبر بالوالدين والصلة للأرحام، ويواسون ذا الأسى (الحزين) ووافون بالندى (كرماء).
وبالمناسبة في الحديث المتواتر: «لايدخل الجنة قاطع رحم».
11 - كَآنُوا إِذَا جَهِلَ الجَهُولُ شَفَوهُ مِنْ
جَهْلٍ بِعِلْمٍ أَوْسَقُوْهُ حُسَاما
قال عَمرُو بن كلثوم:
أَلاْ لاْ يَجْهَلنْ أَحَدٌ عَلَيْنَا
فَنَجْهَلَ فَوْقَ جَهْلِ الجَاهِلِينَا
12 كَانُوا أَقَلَّ لمِغْنْمَ إِنْ قَاتَلُوا
طلَبَاً وَأَعْظَمَ فِي النُّهى أَحْلاَمَا
والأول مثل قول عنترة:
هَلاّ سَأَلْتِ الخْيْلَ يَآ ابْنَةَ مَالِكٍ
إِنْ كُنْتِ جَاهِلَةً بِمَا لَْم تَعْلَمِي
(طبعا هي جاهلة بما لم تعلم)
يُخْبرْكِ مَنْ شَهِدَ الوَقِيعَةَ أَنَّني
أَغْشَى الوَغَى وَأَعَفّْ عِنْدَ المَغْنَم
والثاني قول حسان:
وَلَوْ وُزِنَتْ رَضْوَى بِحِلْمِ سَرَاتِنَا
لَمَال بِرَضْوَى حِلْمُنَا وَيلَمْلَمِ
ورضوى ويلملم جبلان معروفان.
والأحلام: العقول:
لاَبَأْسَ بالقَوْمِ مِنْ طُولٍ وَمِنْ غِلَظٍ
جِسْمُ البِغَال وَأحْلاَمُ العَصَافيرِ
كأَنَّهَّمُ قْصَبٌ جُوْفٌ أَسَافِلُهُ
مٌثَقَّبٌ نَفَخَتْ فِيِهِ الأْعَاصِيرُِ
واختلاف حركة الحرف الأخير (حرف الروي) في البيتين السابقين يسميه العروضيون «الإِقواء» بدون تفصيل .
13 قَوْمِي أَضاءُوا بَالْجهادِ عَوَالماَ
وَطَوَوْا فَسَاداَ ضَارِباً وظَلاَمَا
والجهاد. بالسيف والنفس:
والجهاد. بالسيف والنفس: قال تعالى: {يا ايها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير 73} [التوبة: 73]
وبالمال: {وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم و انفسهم اعظم درجة عند الله واولئك هم الفائزون 20} [التوبة: 20]
وبالقرآن: {فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيراً 52} [الفرقان: 52]
وبالكلمة: {ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي احسن ان ربك هو اعلم بمن ضل عن سبيله وهو اعلم بالمهتدين125} [النحل: 125] ثم جهاد النفس: وهو حبسها عن المعاصي وأفضلها جهاد السيف:
ثم جهاد النفس: وهو حبسها عن المعاصي وأفضلها جهاد السيف:
فعن فضل الأعمال في عشر ذي الحجة قال صلى الله عليه وسلم: «ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجلاً خرج بنفسه وماله ولم يعد من ذلك بشيء».
وباختصار: المسلمون أخرجوا الناس من الظلمات الى النور ومن عبادة العباد الى عبادة رب العباد وقضوا على الجهل والفساد.
14 فَغَدَوْا عَلَى أُفُقِ الصَّلاَحِ أَئِمَّةً
وَغَدَوْا عََلَى أُفُق الهُدى أَعْلاَمَا
والأعلام: الرايات
قال جرير للأخطل:
قَالَ الأُخَيْطِلُ إِذْ رَأَىَ رَاياتِنَا
يَامَارِ سَرْجِسَ لا نُرِيَدُ قِتَالاَ
والأعلام الجبال. قال تعالى: «{وله الجوار المنشات في البحر كالاعلامٌ}
وقالت الخنساء:
وَإِنَّ صَخْرَاً لَتَأْتََّمُّ الهُدَاةُ ِبهِ
كَأَنَّهُ عَلَمٌ فِي رَأْسِهِ نَارُ
والأعلام: الأسماء والعلامات والمعاني واضحة وباينة
15 لَكِنَّهُمْ عَكَفُوا عََلَى أَمْجَادِهِمْ
فَتَحوَّلَتْ أَمْجادُهُمْ أَوْهَاما
ولعل هذا الذي نسيه قومه في أول القصيدة ولم يوصوا به
وهذا الذي قلناه أولاً: وعسى أن يعودوا إلى أمجادهم الأولى.
والقصيدة لطيفة سهلة لعلها من السهل الممتنع لكن بودي عدم التكرار وإلا فلماذا اخترعت الضمائر؟ كما أن الصور البيانية تزين الشعر وكذلك الأساليب الإنشائية وهي:
مَرْ وانْهَ وَاَدْعُ وَسَلْ وَاعِْرْض ِلحَضِّهُمُ
تَمَنَّّ وَارْجُ/ كَذاكَ النّفَيُ قَدْ كَمُلاَ
الأمر والنهي والدعاء (النداء) والاستفهام والعرض والتحضيص والتمني والرجاء.. هي لغة الشعر دون القص والحكي والسرد وبس .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.