كثيراً ما يشعر المرء بالضعف والخمول تحت تأثير المشكلات وضغوط الحياة والهموم التي بداخله لسبب أو لآخر، قد يكون السبب ظلمه لنفسه أو لغيره أو لهم اعتراه بسبب شخص ما.. ولكن هل جرَّب كل واحد منا أن يكون صريحاً مع نفسه أولاً ومع الآخرين ثانياً.. فالصراحة مع النفس تتطلب جهداً وافراً لكنها في النهاية ممكنة وسهلة المنال، لكن الصراحة مع الآخرين أمر في غاية الصعوبة عند الكثير من الناس، فالغالبية لا يحبذ الإنسان الصريح ويتجنب الجلوس معه لا لشيء إلا لكونه صريحاً، فهو في اعتقاده أن صراحته تعتبر تعدياً على حقوقه أو ربما تكون جرحاً لمشاعره كما يعتقد، وكما يقال «الحقيقة احياناً تكون مرة».. فنحن في عصر المجاملات والمطلوب من كل واحد أن يتصنَّع الابتسامة وان يكون بوجه مختلف عن الحقيقة لكي يرضي الآخرين مع العلم «أن رضا الناس غاية لا تدرك»، فالمجاملة مطلوبة ولكن بحدود.. فما اصعب ان تبتسم رغماً عنك وتتقبل ما لا تريد وتجامل من لا تحب، فمن تعود على الحرية في الرأي، والجد في القرار، والثقة بالنفس لن يرضى ابداً أن يحيا ذليلاً، وذلك بكتمانه كلمة حق لا بد أن تقال لانه يعلم «أن الساكت عن الحق شيطان أخرص». وما دفعني لكتابة هذا الموضوع هو ما حصل لقريبة لي كانت تربطها علاقة متينه مع احدى زميلاتها في الجامعة فهما متفقتان في الافكار والطموح والآراء وفي كل شيء تقريباً لدرجة انهما لا تفترقان أبداً «في الجامعة طبعاً، ولكن لسبب ما اختلت العلاقة وانهارت روابط المحبة بينهما نوعاً ما، لا لشيء إلا لأن قريبتي هذه كانت صريحة بعض الشيء مع صديقتها..!! ألم أقل في البداية ان الصراحة احياناً تكون مرة وقاسية، وذلك ليس دفاعاً عن قريبتي ولكن كلمة حق لا بد أن تقال..!.. لذلك يجب أن نتقبل صراحة الآخرين بروح طيِّبة وصدر رحب، ألم نسمع بالحكمة التي تقول «رحم الله امرأ اهدى إلي عيوبي».. ثم ان الصراحة والمواجهة تكون مطلوبة في كثير من الاحيان لانتشال البعض من خطأ وقعوا فيه ولم يدركوا عواقبه، هنا تكون المصارحة واجبة فلا وقت للمهاترات والمجاملات.. وايضاً نجد ان البعض يكبت مشاعره تجاه الآخرين، ولا يصرح بها حتى وان كانت مشاعر طيبة وصادقة وما ينتج من ذلك من هم وضيق عند صاحب المشاعر، ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم» في الحديث «إذا احب احدكم احداً فليخبره انه يحبه».. كذلك نجد ان اغلب الخلافات الزوجية تنتج من عدم مصارحة كل طرف للآخر وما ينتج عن ذلك الكبت من خلافات لا حصر لها.. وأنا اعلم أن هناك اموراً لا ينبغي ان نصرح للآخرين بها«ولكنها قلة» لما لها من ضرر بالمصلحة العامة وفي بعض العلاقات الاجتماعية عند بعض الافراد.. وفي حقيقة الامر انك عندما توجه سؤالاً: للآخرين مضمونه، مارأيك بالصراحة؟ وهل تحب الإنسان الصريح؟ نجد ان الكل يؤيِّد الصراحة ويحب الانسان الصريح، ويحب كذلك ان يكون صريحاً، ولكن عند التطبيق الفعلي نجد ان الاغلبية يدس رأسه في التراب كالنعام لأنه يخشى الصراحة والمصارحة..! ولا بأس بالنفاق والمجاملة الزائدة عن الحد إذا كان ذلك يرضي الآخرين أو يرضيه هو وأخيراً.. في اعتقادي أن الصراحة والمصارحة هما السبيل لزرع الثقة بين الجميع، واظهار الحقائق وعدم طمس معالمها والقضاء على الشائعات في مجتمعنا القيم.