أسعده الله تعالى.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد: قرأت يوم الخميس الموافق 24/1/1424ه بعدد جريدة الجزيرة الصادر هذا اليوم في صفحة عزيزتي الجزيرة «أعزف بقلمي أوتار الموهبة» للأخ سليمان العقيلي ولي هذه المداخلة حول الموهبة وآمل قبولها بقبول حسن. من حكمة الله سبحانه وتعالى في خلق الإنسان، انه جعل هذا الإنسان يحمل ألوانا متعددة واحجاما مختلفة وأطوالاً متفاوتة، كما ان القدرات العقلية تختلف من شخص لآخر، وهنا نعرف ما يسمى بالفروق الفردية، فالناس ليسوا على مستوى واحد من الذكاء والقدرات العقلية، ونحن المعلمين قد لمسنا هذا منذ ان كنا طلابا وصغارا في السن، ونجد ان هناك أشخاص أذكياء جداً وهناك أشخاص متوسطو الذكاء وهناك أشخاصاً أقل من المتوسط كما ان هناك أشخاصاً عباقرة وموهوبين ونجد كذلك ان الاستعداد الواحد ليس بقوة واحدة عند الأفراد الذين لهم هذا الاستعداد، فإذا بلغ الاستعداد حد القوة الممكنة ووجد الفرص الملائمة للظهور والنضج عُدَّ صاحبه من الموهوبين أو عُدَّ عبقرياً.. وليس العبقري بطبيعة الحال عبقرياً في كل شيء، بل ومن العباقرة والموهوبين من يصل إلى حد العجز في نواحي القدرات التي لا تمت إلى قدراته بنسب، فقد يكون الشخص في الرياضيات جبارا وهو في قدرته على تعلم اللغات دون المتوسط، فالموهوب خارج قدرته شخص عادي في كثير من الأحيان، وكأنما القدرة التي تميز بها وفيها على حساب القدرات الأخرى. من هو الموهوب؟ يعرف بعض المربين الموهوب بأنه: الذي يبدي إمكانية إبداع مستمرة في أحد المناشط الإنسانية القيمة، بينما يعرفه البعض من المربين بأنه: من أُوتي طاقة عالية للتعلم حتى انه يستطيع ان يتعلم اكثر من المنهج المقرر، خلال الوقت المقرر، وتحت الظروف المقررة، كما يعرفه أهل الاختصاص بأنه: من كان يملك محصول ذكاء أقله 140% حسب مقاييس الذكاء المعروفة، وبناء على نتائج أبحاث جتزلس وجاكسون «1962» وجليفورد «1963» وحلمي المليجي «1965» يمكن التمييز بين نوعين من الموهوبين، النوع الأول: يتميز بقدرات ابتكارية عالية ويغلب عليه اسلوب التفكير المشعب «كالأصالة، والطلاقة، والمرونة» ونوع آخر يتميز بذكاء مرتفع ويغلب عليه اسلوب التفكير اللام، «كالاستدلال القياسي والسهولة العددية، واستنباط المتعلقات» وقد وجد ان القدرات الابتكارية التي يمكن قياسها باختبارات مناسبة للتفكير المشعب تتميز نسبيا عن الذكاء العام للإنسان ويؤيد هذا أبحاث جليفورد الذي يرى ان هناك عوامل ابتكارية عديدة مستقلة عن العامل العام «الذكاء العام» كما تدل أعمال «ماكينون وتيلور» وغيرهما من الأشخاص الراشدين الذين يتصفون بغزارة الإنتاج الإبداعي لا تميزهم جيداً اختبارات الذكاء التقليدية.. ويقرر تورانس «1962» نتيجة لدراساته بجامعة منيسوتا: اننا قد نفقد حوالي 67% من أعلى 20% من الطلبة المتميزين بقدرات التفكير الإبداعي إذا اعتمدنا فقط على المقاييس العقلية التقليدية «أي الذكاء» في اختيار الموهوبين. الكشف عن الموهوبين: من ناحية الكشف عن الموهوبين أو الاهتداء إليهم فهو أمر ضروري، ولابد من البحث عنهم والأخذ بأيديهم ولفت الأنظار إليهم حتى يعطوا العناية وتستفيد منهم الأمة، فالموهبة والعبقرية ليستا حكراً على وطن أو لون أو جنس.. وعلى الآباء والأمهات تقع المسؤولية أولاً، فعليهم ملاحظة أبنائهم وبناتهم وآرائهم ونموهم العقلي والجسمي واللغوي والاجتماعي وعليهم ان يطلعوا المدرسة على ملاحظاتهم وما يتصف به أطفالهم من خصائص ومميزات من غير تميز أو غلو.. ومن طرق الكشف عن الموهوبين تطبيق الاختبارات الخاصة بالذكاء وتقارير الباحثين النفسيين والاجتماعيين وفي المدرسة يقوم بذلك المرشد الطلابي.. وعندئذ تكون فكرة أصوب عن حقيقة الطلاب والتلاميذ واستعداداتهم. مميزات الطفل الذكي: يتميز الطفل أو من العلامات المبكرة للطفل الذكي ما يلي: 1 الكلام المبكر. 2 المشي المبكر. 3 الأسئلة الاستفسارية. 4 سهولة استعمال الكلمات والأفكار واستعمال أكبر عدد من المفردات على الوجه الصحيح. 5 التخيل وسعة الحيلة عند مواجهة المشاكل. 6 الرغبة في مزيد من التعلم والأسئلة الهامة، ومحبة الكتب والرغبة في القراءة، وفي المدارس يجدر بالمدرسين والمدرسات ملاحظة حديث الطفل واستعماله لأكبر عدد من المفردات خاصة تلاميذ الصفوف الأولية وكذلك التخيل وسعة الحيلة عند مواجهة المشاكل والاهتمام بأشياء كثيرة، والرغبة في مزيد من التعرف عليها والأسئلة الهامة، واظهار الاهتمام بالاجوبة، ومحبة الكتب والتمييز بين الكلمات على الصفحة المطبوعة وفهمها والرغبة في القراءة والتركيز على موضوع ما من غير تشتت مدة أطول، ويمكن اعتبار النقاط التالية كمقياس للتقدير يستخدمه المعلم في الكشف عن موهبة التفوق والنبوغ لدى الطلاب في المراحل التعليمية المختلفة: 1 مدى تفوق الطالب على أقرانه في الفصل الدراسي الواحد. 2 مدى السرعة والسهولة التي تبدو عليها في استيعاب المعلومات والحقائق وفهمها. 3 مدى قدرته على التعرف وحفظ المعلومات والحقائق دون تكرارها أو ترديدها. 4 مدى قدرته على التفكير والاستنتاج وادراك العلاقات واستيعاب المفاهيم المرتبطة به. 5 مدى احتفاظه بمعلومات ومفردات غير متوافرة لدى أقرانه ويقوم باستخدامها في المناسبات المختلفة. 6 هل يفضل قراءة الكتب التي تفوق مستوى عمره الزمني ويتردد باستمرار على المكتبة؟ 7 هل يظهر قدرات عقلية متميزة عندما يتعامل مع العمليات التي تستدعي ذلك؟ 8 هل يظهر اهتمامات عديدة لكل ما حوله من أمور خاصة منها العلمية والعملية؟ 9 هل يكترث من الأسئلة المختارة بعناية فائقة والتي تمثل تحدياً عقلياً له؟ 10 هل يظهر سرعة بديهية في الاجابة على الأسئلة الصعبة ويناقش برد فعل وزمن أقل من غيره؟ 11 هل يبدو واثقا بقدراته ومعلوماته ولا يتردد في قبول التكليفات والمسؤوليات؟ 12 هل لا يستسلم بسهولة عندما تواجهه مشكلات أو صعوبات ويستخدم المعلومات والمهارات اللازمة لحلها؟ 13 هل يميل إلى المثابرة أو المنافسة ويستمر في النشاط حتى يكمله؟ 14 هل يشعر بالسعادة عندما تعرض عليه مسائل حسابية لفظية أو نشاط عقلي حسابي؟ دور المرشد الطلابي في رعاية الموهوبين والمتفوقين: بما ان التفوق يتحدد بفعل عوامل كثيرة تمثل التفاعل بين مكونات الشخصية والظروف البيئية والاجتماعية بالفرد، لذا يجب ألا يكون التخطيط للعمل الارشادي بمعزل عن جميع الجوانب المؤثرة والمتفاعلة مع المتفوق، وعلى المرشد الطلابي ان يراعي الجوانب التالية عند وضعه خطة لرعاية الموهوبين والمتفوقين: 1 الجوانب البيئية الاجتماعية، الأسرة والمجتمع المحيط. 2 الجوانب الذاتية: طاقات الطالب العقلية وسمات الشخصية ومستوى الطموح. المشكلات التي تواجه الموهوبين: يواجه الطالب الموهوب مشكلات وهي: 1 مشاعر اللامبالاة التي يبديها والده تجاه مواهبه ونجابته وعبقريته وقد يثبط بعض الآباء العبقرية عند ابنه، كذلك الانشغال عنه بمشاغل الحياة ومشاكل الحياة، ولا يعطي نفسه فرصة للتعرف على ابنه وحاله.. وعند بعض الآباء النقيض، فنجد عندهم من يغالي في الاحتفاء بذكاء ابنه ويدفعه دفعاً نحو ممارسة بعض المسائل العقلية مما يثقل كاهل الطفل ويفسد عليه نموه الطبيعي لأنهم لا يعرفون ان نمو الطفل الاجتماعي والعاطفي قد لا يكون على مستوى نموه العقلي، وفاتهم ان النمو المتكامل في الطفل الموهوب هو سبيل إلى الإبداع المنشود. 2 مشكلات تكوين الصداقات مع الزملاء في الفصل، فالغالب ان زملاء الفصل عندما يعرفون هذا الطالب الذكي الموهوب وقدراته العقلية يعرضون عنه، فإما ان يفرض نفسه عليهم بشتى الطرق أو ان يعتزلهم إلى عالم الكتب والنشاطات العقلية الخاصة. 3 ومن أخطر المشكلات التي تواجه الموهوب، استهانة معلمه به ومعاملته له من غير اكتراث دون ان يحاول تحري ذكائة واطلاق طاقاته العقلية، وهذا يسبب له خيبة أمل وانطواء. 4 وبعض المشكلات عند الموهوبين نفسية وهو انه يتصف احياناً بالسلبية في بعض المواقف الاجتماعية ويفضل الانطواء والعزلة ويبدو عليه الخجل والتردد والارتباك وذلك بسبب سوء التوافق النفسي والاجتماعي. ضيف الله مهدي رئيس قسم البحوث التربوية بتعليم صبيا