مع حلول الأول من محرم من هذا العام 1424ه، تكون المرحلة الأخيرة من سعودة محلات الذهب والمجوهرات قد حلت حيث تقضي تلك المرحلة بالسعودة الكاملة، وذلك بعد تدرج في نسب سعودة تلك المحلات استغرق العديد من السنوات، حرصاً من الدولة على عدم الإثقال على محلات الذهب، وحتى يتمكن أصحاب تلك المحلات في تدريب الشباب السعودي الراغب في العمل في تلك المحلات. وفي الوقت الذي كنا نأمل من جميع تجار الذهب والمجوهرات أن يقدروا للدولة منحهم تلك السنوات الطويلة حتى يتم تطبيق السعودة بشكل تدريجي في محلاتهم، إلا أن البعض منهم لا يزال يغلب عليه طابع الأنانية وحب الذات متنكراً لكافة تلك التسهيلات التي قدمتها الدولة له من خلال عدم فرض ضرائب عالية عليهم. إن ما دفعني إلى ذكر ذلك هو ما صرح به تاجر الذهب والمجوهرات وعضو لجنة الذهب والمجوهرات بغرفة جدة طارق فتيحي لمجلة التجارة «العدد 519، ص7-8»، واسمحوا لي أعزائي القراء أن أعلق على بعض ما جاء في تصريحه، ومن ذلك: - أشار طارق في تصريحه بأن «السعودة لا تأتي بين يوم وليلة»، ونحن نشاركه هذا الرأي ولكننا نذكره بأن الدولة قد أعطت تجار الذهب مدة زمنية فاقت الخمس سنوات حتى يهيئوا أنفسهم ويلتزموا بالسعودة. - ذكر طارق فتيحي في تصريحه بأن سعودة محلات الذهب تحتاج إلى «وضع برنامج طويل المدى قد يصل إلى عشرة أعوام أو حتى عشرين عاماً». ونحن نقول بأن مثل هذا التاجر قد تجاوز المعقول، ويا ليته يخبرنا عن تلك التقنية العالية اللازم توافرها فيمن يعمل بائعاً في محلات الذهب حتى يطالب بعشرين عاماً حتى تتاح الفرصة لأبناء البلد بالعمل في تلك المحلات بدلاً من تلك العمالة الأجنبية والتي تمتلئ بها المحلات التابعة له. وفي ظني أن مثل هذا التاجر لو تم إعطاؤه مئة عام لما التزم بسعودة العاملين في المحلات التابعة له. - يؤكد فتيحي في تصريحه على «أهمية عامل الوقت في نجاح فكرة السعودة أما الأخذ بها بهذا الشكل المفاجئ والسريع يعطي نتائج سلبية على التاجر المتضرر» وهنا نؤكد على مخالفة تصريح هذا التاجر للحقيقة والواقع، فالدولة لم تطبق السعودة على محلات الذهب بشكل مفاجئ وسريع وإنما استمر برنامج السعودة التدريجي لسنوات طويلة، ولا نملك إلا أن نقول إزاء ما يقوله سوى إن كان فتيحي لا يعلم بأن الدولة قد سارت في سعودة محلات الذهب وفق برنامج استغرق سنوات فتلك مصيبة، خاصة وأنه عضو في لجنة الذهب والمجوهرات، وإن كان يعلم بذلك «وهو الأكيد» ولا يزال يقول بأن سعودة محلات الذهب قد طبقت بشكل سريع ومفاجئ فتلك هي الطامة بعينها، بل إنه لا يمكن أن يفسر مثل هذا الكلام سوى أنه استخفاف بعقول الآخرين. - اختتم طارق فتيحي تصريحه بالقول «إن تطبيق السعودة بالشكل الحالي والمفاجئ والإلزامي قد يؤدي إلى إغلاق الكثير من المحلات مما يضر باقتصاد البلد، حيث أن التاجر سلسلة في هذا الاقتصاد وهنا نؤكد بأن الوطن ليس في حاجة لأمثال هؤلاء التجار والباب مفتوح أمامهم لإخراج أموالهم «ولكنهم لن يفعلوا» لأنهم هم بحاجة لهذا الوطن وأهله وليس الوطن بحاجتهم. رجاء: سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز، جهودكم وخطواتكم موفقة في سبيل نجاح سياسات السعودة رجاؤنا يا سمو الأمير ألا يكون هناك مجال للمرونة مع البعض من تجار الذهب الرافضين تطبيق قرارات السعودة، ونتمنى من سموكم الكريم التوجيه بإغلاق كافة محلات الذهب التي لا تلتزم بالسعودة الكاملة. نداء: جميعنا مسؤولون عن نجاح سعودة محلات الذهب، ويتمثل دورنا في هجر محلات الذهب التي لا يزال يعمل بها عمالة غير سعودية، لأنها محلات لا يهمها مصلحة الوطن وأهله. مفارقة: يقول طارق فتيحي«السعودة لا تأتي بين يوم وليلة»، ويقول أحد كبار تجار الذهب الآخرين «لسنا مسؤولين عن حل مشكلة البطالة في بلدان أخرى» وهنا نلاحظ الفارق بين التصريحين، وبالتالي يمكننا الإدراك بأن المشكلة ليست في قرار السعودة وإنما هي في بعض تجار الذهب الذين بالغوا في نكران الجميل لهذا الوطن وأهله.