جاء على صدر صفحتها الأولى عنوان كبير يقول: «يوم القتلى»،وكتب تحته خبر مقتل الجنود الأمريكيين الأربع إثر هجوم انتحاري، وخبر وصول جثامين الجنود البريطانيين العشرة الذين قضوا في الحرب على العراق، بينما كتب روبرت فيسك في نفس الصفحة مقالا عن الضحايا المدنيين العراقيين في الحرب، وينتقد فيه طريقة إلقاء القنابل على الأماكن المدنية من قبل قوات الغزو، بينما قال ريتشارد كيبل في نفس الصفحة: «إننا نشاهد المزيد والمزيد من الصراع ولكننا لا نعلم إلا القليل»، مشيرا إلى التعتيم الذي تمارسه الولاياتالمتحدةالأمريكية على أخبار الحرب، ونشرت الصحيفة صورة كاريكاتورية يظهر فيها بوش وهو يقود طائرة حربية وقد تعلق بمقدمتها رئيس الوزراء البريطاني وهو مكمم الفم حاملا يافطة كتب عليها«دور الأممالمتحدة في العراق وخريطة الطريق للسلام». «صنداي تايمز» أبرزت الصحيفة في الصفحة الأولى عنوانا يقول: «انتحاري عراقي يقتل أربعة في الوقت الذي يهدد فيه صدام المملكة المتحدة بشن حرب داخلها»، ونشرت تحت العنوان صورة عسكريين يحملون تابوتا لجثة عسكري بريطاني وصل للتو من العراق، وكتب مراسل الصحيفة في مدينة الناصرية، مارك فرانشيتي، عن الضحايا المدنيين الذين يأسف الكاتب لوضعهم بين ناري قوات الغزو وقوات صدام حسين، وكان رأي الصحيفة أن الحرب التي دعا إليها الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش لم تكن سهلة كما كان يتوقعها، وأن قوات العدوان لا تزال تواجه مقاومة عنيفة لإبقاء ميناء أم قصر تحت سيطرتها، فضلا عن مدن كبيرة كالبصرة. كما تناولت مقالة معنونة بعنوان«قولوا الحقيقة» تحليلا للنكسة الإعلامية لقوات الغزو جراء تضارب التصريحات، واستشهدت المقالة كمثال على ذلك بتصريح رئيس الوزراءالبريطاني توني بلير عن قتل الجنديين البريطانيين بعد أسرهما. «صنداي تلجراف» جاء في صفحتها الأولى عنوان يقول: «أربعة أميال داخل البصرة عراقيون غاضبون يحملقون في»، وكانت هذه بداية مقال لمراسلة الصحيفة في البصرة، أولجا كرايج، تصف فيه موقف البصريين المعادي لقوات الغزو وكيف أنهم لم يستقبلوهم كمحررين بل كأعداء، وفي نفس الصفحة هناك تعليق عن خبر الاستشهادي الذي تسبب في مقتل أربعة جنود أمريكيين وعن صدام الذي أطلق العنان ل«الاستشهاديين». في غضون ذلك، طغت على باقي صفحات الجرائد أخبار الصعوبات التي تواجه قوات الغزو في الميدان، والدهشة من مقاومة العراقيين الذين كان من المفترض أن يستقبلوا هذه القوات بالورود والغناء، وأجمعت الصحف على مسألة خطأ الإدارة الأمريكية في اعتمادها على سكان الجنوب في إسقاط النظام العراقي، وكيف أن صور قصف المدنيين أثرت كثيرا على حملة قوات الغزو. «الدايلي تلجراف» كان رأيها مغايرا لرأي الصحيفتين السابقتين، فقد نشرت مقالا عنوانه «تذكروا لماذا نحارب»، تدعو فيه إلى وجوب إسقاط النظام العراقي، الذي تقول إنه سبب المآسي لشعبه، وأنه استعمل الأسلحة الكيماوية ضده، واسترسل المقال يقول:«إن تحرير الشعب العراقي واجب علينا وإن الرأي العام العربي والبريطاني غير مهم الآن ونحن في سبيل النصر». أما إدوارد لتواك فقد كتب مقالا عنونه «إنها الحرب وليس لدينا الوقت لإقامة علاقات عامة»، مؤكدا فيه أن إطالة أمد الحرب بأنصاف الوسائل ستوقع من الضحايا أكثر مما يمكن وقوعه من الخسائر المتبادلة في إطار حرب القنابل الموجهة، بينما حذر كيفن مايرز في مقال عنوانه« إذا تحولت بغداد إلى برلين فكان الله في العون»، من أن يكثر عدد الضحايا في الجانبين المتحاربين لأن بغداد مدينة كبيرة ولأن التاريخ يقول إن مدينة واحدة سكانها يزيدون على المليون تم التغلب عليها وكان عدد الضحايا نصف مليون جندي سوفييتي. بينما نشرت صحيفة التلجراف رسالة للقارئة فارشا إيديلز تتساءل فيها: «إننا نلقي القنابل على الشعب العراقي وعلى مؤسساته ثم نقول إننا نحررهم وإننا ننوي أن نبني بلادهم بنفطهم وأن نعطي حقوق التجارة لشركاتنا الكبرى فكيف سينظر العراقيون إلينا؟» ونشرت نفس الصحيفة مقالا للصحافي عبد الباري عطوان، رئيس تحرير صحيفة القدس العربي اللندنية، يفسر فيه لماذا يبقى العراقيون أوفياء لصدام، قائلا إن عددا من أصدقائه يقولون إن الأولوية الآن هي لمحاربة الأمريكيين، ونستطيع بعد ذلك معرفة كيفية التعامل مع صدام. وظهر في الصحيفة كاريكاتور مصورا الرئيس الأمريكي في دور الأب ورئيس الوزراء البريطاني في دور الأم وهما يركبان سيارة ومن خلفهما ابناهما ممثلين بقناتي البي بي سي والسي أن أن، وتوني بلير وهو يسأل:«هل وصلنا حقا؟» «التايمز» نشرت مقالا يقول فيه الميجور جون فورت: «إن عدد مستقبلي رئيس الوزراء تشامبرلاين كان كبيرا حينما أتى بمعاهدة ميونيخ، ولكن العدد كان أكبر حينما ربحنا الحرب، وإنني واثق أن التاريخ سيعيد نفسه وأن عدد مناصري الحرب سيكون كبيرا إذا تخلصنا من صدام حسين». ونشرت الصحيفة كذلك كاريكاتورا يظهر فيه الرئيس بوش- وقد تعلق بلير بحزامه حاملا سلاحا رشاشا، أطلق من خلاله النار على المجتمع الدولي مع آثار من الدخان تعلو الأفق.