لم تهدأ إسرائيل منذ أن كشفت صحيفة هآرتس في تقرير مفصل لها اشتباه الشرطة بتورط رئيس الحكومة ارئيل شارون ونجليه جلعاد وعومري في الحصول على رشاوى مالية وخرق الثقة و ذلك بالحصول على رشاوى مالية من عدد من رجال الأعمال اليهود في جنوب أفريقيا مقابل خدمات و معاملات مالية مشبوهة. وأوضحت شعبة التحقيقات الدولية في النيابة العامة الإسرائيلية، انها حولت طلبا الى وزارة القضاء في جنوب أفريقيا للتحقيق في الجانب الجنوب الأفريقي في قضية الشركات الوهمية، حيث يشتبه قيام احد رجال الأعمال و يدعى سيريل كيرن، بتحويل مبلغ 5 ،1 مليون دولار الى حساب نجلي شارون في سبيل تسديد قرض حصل عليه جلعاد بطريق الخداع من بنك لؤومي أحد أهم البنوك الإسرائيلية. ويشار الى ان مراقب الدولة الإسرائيلي كان قد أمر رئيس الحكومة شارون بإعادة مبلغ 7 ،4 ملايين شيكل أي ما يوازي قرابة مليون دولار الى شركة «أناناس للأبحاث» التي كانت حولت مبلغا مماثلا لدعمه في حملته الانتخابية لرئاسة الليكود عام 1999، وفي سبيل إعادة المبلغ قدم نجل شارون، جلعاد، طلبا الى بنك لؤومي للحصول على قرض، مقابل رهن مزرعة «هشكاميم» التي تقيم فيها عائلة شارون، لكنه تبين لاحقا ان المزرعة مرهونة لدائرة أراضي إسرائيل، ولايمكن رهنها للبنك، لذلك اضطر جلعاد الى إعادة المبلغ الى بنك لؤومي، وفي سبيل ذلك قام مع شقيقه عومري بالحصول على قرض من بنك ديسكونت، الذي وافق على منحهما القرض مقابل رهن مبلغ 5 ،1 مليون دولار، كان حولها الأفريقي سيريل - اليهودي الديانة - إلى حسابهما في البنك. ويشتبه في ان شارون قام بإخفاء هذه الحقيقة عن مراقب الدولة لدى استجوابه في إبريل الماضي عام 2002، في قضية الشركات الوهمية، حيث ادعى انه تم الحصول على القرض مقابل رهن المزرعة. يشار الى ان المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية اليكيم روبنشتاين كان قد صادق على طلب الشرطة التحقيق مع شارون وولديه في هذه القضية و ذلك في شهر اكتوبر الماضي، لكن الشرطة لم تستدعهم الى التحقيق بعد و المستفز ان روبنشتاين أوضح في مؤتمر عقده ظهر الأربعاء، ان التحقيق في ملف شارون وعائلته، والاشتباه بحصوله على رشوى من سيريل، لن ينتهي قبل الانتخابات!! زاعما ان سبب ذلك غير مرتبط بإسرائيل وانما لأن الشرطة في جنوب أفريقيا تدير جانبا من التحقيق مع سيريل، الأمر الذي يستغرق وقتا طويلا. وكان روبنشتاين يتحدث للإذاعة الإسرائيلية حول تطورات التحقيق في الملف الذي كشفت صحيفة «هآرتس» تفاصيله، واتهم روبنشتاين جهات مجهولة بتعمد تسريب المعلومات الى وسائل الإعلام الآن، لاستغلالها في المعركة الانتخابية من جهة وللتخريب على التحقيق من جهة أخرى حسب تعبيره. الى ذلك، بين استطلاع اجرتة صحيفة معار يف ونشر اليوم على اكثر من 7500 إسرائيلي و اجري باعقاب كشف صحيفة «هآرتس» عن قضية شارون - كيرن، أن ثلثهم يعتقدون أن شارون يجب ان يفصل من منصب رئيس الحكومة بسبب احتمال خداعه للشرطة واخفائه لمعلومات كان من شأنها ان تشوش على مجريات التحقيق في قضية الفساد في الليكود. وفي أعقاب استمرار النشر عن أعمال الفساد داخل الليكود يزداد تخوف الليكود من استمرار تراجع الحزب وفقدانه لمقاعد اضافية. ولم ينف مستشارو شارون حصوله على قرض بمبلغ مليون ونصف المليون دولار من المليونير اليهودي سيريل بل و كشفوا انه صديق قديم لشارون، لكنهم قالوا ان هذا القرض شرعي وتم بطرق قانونية. وقد استغل حزب العمل هذه المعلومات لمهاجمة شارون والليكود ومطالبته بالكشف عن الحقيقة أو الاستقالة، ومن المتوقع ان يقوم حزب العمل باستغلال دعايته الانتخابية وابراز أعمال الفساد داخل الليكود على خلفية تقرير «هآرتس»: مطالبة شارون بالاستقالة من رئاسة الحكومة وإخضاعه الى تحقيق شامل. و لم تتوقف حرب التصريحات من مسؤولي الليكود عند ذلك الحد حيث زعم ايال أراد، المستشار الاستراتيجي لرئيس الحكومة الإسرائيلية ارئيل شارون، ان التقرير الذي نشرته صحيفة هآرتس حول الشبهات بتورط شارون بدفع رشاوى مالية وخرق الثقة والخداع، «يأتي في إطار حملة انتخابية كاذبة تستهدف إسقاط شارون». وقال أراد خلال مؤتمر صحفي عقده أمس في تل أبيب، بمشاركة محامي نجل شارون، جلعاد، إن رئيس الحكومة يعتقد بأنه من المهم أن تقوم الشرطة بالتحقيق في كل الشبهات، مضيفا انه تعاون شخصيا مع الشرطة في التحقيق الذي أجرته حول الشركات الوهمية التي اتهم ابنه بإقامتها عام 99، وقدم لها كل المعلومات المتوفرة لديه، علما ان الشبهات تقول ان شارون أخفى خلال تلك التحقيقات معلومات حول مصدر القرض المالي الذي حصل عليه لاعادة الأموال للشركة الوهمية التي يشتبه بأن عمري شارون أقامها لتجنيد تبرعات لدعم والده في المعركة الانتخابية. وقد سارع حزب العمل وحركة ميرتس إلى التقاط هذا التقرير للمطالبة بالتحقيق مع رئيس الحكومة شارون وباستقالته من رئاسة الحكومة، وهو المطلب الذي طرحه زعيم حزب العمل، عمرام متسناع، منافس شارون على رئاسة الحكومة، وقال متسناع:«اذا اختار شارون الصمت فانه سينتزع بذلك شرعيته ولن يكون ملائما لقيادة إسرائيل في هذا الظرف القاسي». وطالب يوسي ساريد زعيم حزب ميرتس، المستشار القضائي للحكومة اليكيم روبنشتاين، فتح تحقيق شامل في كل الصفقات التي أدارها شارون وأولاده، خلال توليه لكل المناصب الوزارية والرسمية. وقام رئيس طاقم حزب العمل اوفير بينس بتقديم شكوى رسمية الى الشرطة ضد عائلة شارون، طلب فيها استدعاء عائلة شارون للتحقيق معه وبالتالي يتأكد ان الفساد و الفشل السياسي الذي يسيطر على شارون قد تلاه فشل وفساد اقتصادي آخر و هو ما سيعجل بالتأكيد بسقوطه والإطاحة به.