يعد واحداً من أشهر المعاقين في المملكة العربية السعودية فلا يكاد مجلس تذكر فيه قضية من قضايا الإعاقة والمعاقين إلا وتجد سيرته الطيبة قد سبقته لما يتسم به من حب لتلك الفئات التي حرص على بذل وقته وجهده في سبيل رسم ابتسامة الأمل من أجلها والمتأمل في سيرته منذ نعومة أظفاره يعرف كيف استطاع هذا الرجل أن يقهر إعاقته بصبره وحرصه الدؤوب على التواصل مع جميع أبناء مجتمعه الذي يعيش فيه فعرفه الجميع بتلك الانطلاقة الباهرة التي فجرت في وجدانه أملاً لا ينقطع وغاية ليست لها حدود حباه الله قوة الإرادة والعزيمة التي استطاع من خلالها أن يقهر أحلك الساعات ويتغلب بها على فقد بصره ويشق مشواره في الحياة فبعد أن تخرج من معهد النور بالثانوية تدرب على الحركة والاعتماد على النفس والطباعة بإحدى المعاهد المتخصصة في لندن ثم توجه إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية ودرس اللغة الإنجليزية والتحق عام 1981م بجامعة أورجن وتخصص في الدراسات الدولية وعلم الاجتماع وقد نال درجة البكالريوس مع مرتبة الشرف الاولى ثم التحق بجامعة واشنطن بسياتل وحصل عام 1988م على درجة الماجستير في التربية الخاصة، كما واصل دراسته حتى نال شهادة الماجستير مع مرتبة الشرف الاولى في العلاقات الدولية من الجامعة الأمريكيةبواشنطن دى سي في العام 1992م، وفي أثناء دراسته الجامعية شغل منصب رئيس اتحاد الطلبة المسلمين في الساحل الشمالي الغربي للولايات المتحدةالامريكية و ذلك خلال الفترة من عام 1981م إلى عام 1986م، كما عمل كمحلل سياسي بالسفارة السعودية من عام 1990م إلى عام 1992م. إنه عبدالرزاق بن علي التركي، الحاصل على كأس الاممالمتحدة كاعتراف دولي لتميزه في خدمات المعاقين ونجاحه في أعماله التجارية، وعضو المنظمة العربية للمعاقين ببيروت/ لبنان، الجمعية الخليجية للمعاقين بالبحرين، لجنة التربية الخاصة بإدارة تعليم المنطقة الشرقية، مندوب الاتحاد السعودي لرياضة المعاقين بالمنطقة الشرقية، لجنة سباق الجري الخيري السنوي بمدارس الظهران الأهلية ومدير عام التسويق والمبيعات بشركة نما لخدمات الشحن المحدودة، وقد نال عدة جوائز وشهادات منها شهادة رجل العام 2000 2001م ، شهادة جمعية المفتاح الذهبي الوطنية التشريفية (جامعة ارويجون، يوجين)، شهادة بي جاما المتخصصة في مجال العلوم الاجتماعية وشهادة تقديرية من جمعية الملك عبدالعزيز ورجاله لرعاية الموهوبين، كما جرى تسجيل ملامح من سيرته الذاتية في بحوث موسعة بعنوان «الأشخاص المتميزين في القرن العشرين» و«من هو».. الذي نلتقي معه في هذا اليوم ليحدثنا ليس عن إعاقته وإنما عن تجاربه ورؤيته التي نمت وترعرعت واشتد عودها بين تلك الفئات التي عمل معها منذ ما يربو على ثلاثة عقود و نصف من الزمان فكان لعطاء السنوات ذلك الأثر البين في تجربته التي ندلف إليها من خلال هذا الحوار : * ما هي متطلبات العمل في ميدان الإعاقة؟ دعني أحدثكم عن هذا التساؤل من خلال تجارب شخصية لاسيما أنها تجارب ذات شجون.. إن متطلبات العمل مع المعاقين تنقسم إلى عدة محاور: - المحور الأول: الأشخاص العاملون في هذا الميدان لابد أن يكونوا أصحاب خبرة ودراية تؤهلهم لخدمة تلك الفئات بعيداً عن الزوابع الإعلامية التي يحاول البعض إثارتها حول نفسه باحثاً عن مجد شخصي وهذه الخبرة تتطلب الأمانة في أداء تلك الرسالة والإخلاص فيها والتفاني من أجلها إنها رسالة سامية. المحور الثاني: دعم تلك الرسالة مادياً ومعنوياً: ولكي يتم العمل في ميدان خدمات المعاقين لابد أن يكون هناك دعم مادي بحيث تستطيع الهيئات العاملة في هذا المجال تأدية رسالتها على الوجه الأكمل والأمثل كما أن الدعم المعنوي له أثره البارز أيضاً في تأدية تلك الرسالة. المحورالثالث: تقديم الخدمات التأهيلية والطبية وغيرها وكذلك فتح قنوات التواصل مع أولياء أمور المعاقين وتقويتها وتبني البرامج التي تخدم المعاق وتوفير المعرفة، واستخدام البرامج المثلى لتأهيلهم ضمن المجتمع. المحور الرابع: احترام الكفاءة متى توافرت مع الإعاقة: لاسيما أن الإعاقة لا تمنع أبداً من توافر الكفاءة ووجود القدرات الإبداعية سواء كان صاحبها معاقاً أو غير ذلك، كما أن الشريعة الإسلامية تعمل على توجيه المجتمع المسلم بحيث لا يجعل من المعاقين كماً بشرياً مبعداً عن المجتمع الإسلامي والتأثير في مجرياته. المحور الخامس: حب المعاقين والعمل معهم. وهو محور مهم في غاية الأهمية لاسيما أنه ينضوي على جانب أخلاقي وإنساني عميق المدى فليس العمل مع المعاقين هدفه أداء وظيفة فحسب وإنما أساسه حب تلك الفئات والتفاني في خدمتهم بما يعود عليهم بالنفع. * هل رأيت في الإعاقة البصرية حائلاً بينكم وبين الغاية التي تأملونها؟ أحمد الله عز وجل أن الإعاقة لم تحل بيني وبين غايتي وهذا كله توفيق منه جل وعلا، فالمعاق واجب عليه أن يعمل جاهداً بحيث يتغلب على إعاقته وأن يعرف أنه إنسان يعيش في هذا المجتمع له ما لغيره من الحقوق والواجبات. * ما هي مشاكل المعاقين التي تؤرقك؟ مسألة توظيف المعاق، فإذا كانت مؤسسات رعاية المعاقين تعمل على تأهيل المعاق وتدريبه على مهنة تتناسب مع إمكاناته وقدراته العقلية والبيئية من خلال المتخصصين الذين يقومون بتصميم البرامج، إضافة إلى الجامعات التي تخرج كماً هائلاً من المعاقين جسدياً وبصرياً سنوياً.. إن دور الهيئات والمؤسسات الحكومية و الشركات التجارية أن تساعد المعاقين على إيجاد العمل المناسب لهم بحيث يستطيع المعاق أن يتوافق مع المجتمع الذي يعيش فيه، خصوصاً أن هناك أمراً سامياً صادر من مجلس الوزراء بضرورة توظيف نسبة 2% من المعاقين ضمن القوى العاملة، كما أناشد وزارة الإعلام أن تفتح أبوابها لتوظيف المعاقين بصرياً وجسديا في الإعلام المسموع، المرئي و المقروء، وفتح أبواب التدريب اللازمة لذلك، كما أناشد وزارة الشئون الاجتماعية بتوظيف المعاقين في جميع الأنشطة التابعة للوزارة، آمل أن تفتح الجامعات أبوابها العلمية والادبية وغيرها للمعاقين، فالمعاقون قادرون على ذلك إذا أتيحت لهم الفرصة. * عملت مديراً للعلاقات العامة بجمعية المعاقين بالشرقية ومسؤولاً للإعلام بالمنظمة العربية للمعاقين كيف ترى الفرق بينهما؟ وكيف يمكن تحقيق انطلاقة مأمولة لهما؟ لقد عملت مديراً للعلاقات العامة بجمعية المعاقين بالمنطقة الشرقية وكانت تجربة مليئة بالتفاعل والحركة والنشاط لاسيما أن الجمعية كانت في بدايتها، ولقد تركزت تلك الفترة على التعريف بالجمعية ودورها المجتمعي ورسالتها التي كانت تعمل في إطارها في تلك الفترة، وكانت الجمعية تتخاطب مع المجتمع المحلي في المنطقة الشرقية خاصة والمملكة عامة، ونحمد الله تعالى أننا أدينا تلك الرسالة على الوجه الأكمل، فما خلت بضعة ايام إلا وترى اخبار الجمعية مسطرة على الصحف المحلية، كما قمنا بأنشطة فعّالة احتذى الآخرون حذونا فيما بعد مثل الأسواق التجارية والمهرجانات وغيرها، و قد شاركنا في احتفالات محلية وعالمية مثل اليوم الوطني للمملكة العربية السعودية، يوم البيئة، الاسبوع الصحي، اسبوع المعاقين الدولي والعصا البيضاء وغيرها، وقامت جمعية المعاقين بالشرقية و لأول مرة بإرسال وفد من المعاقين لمساندة المنتخب السعودي في مونديال عام 94م بامريكا و كان له الأثر الطيب، و بحمد الله تعالى وفضل منه ذاع صيت الجمعية محلياً واقليمياً ودولياً، وهناك الكثيرون ممن حاولوا استغلال تلك العملية فتحايلوا بتنظيم هذه المهرجانات لصالح أنفسهم وعادت على الجمعيات بالنذر اليسير أما المنظمة العربية للمعاقين فإنها تتخاطب مع المجتمع العربي بأسره وكذلك المجتمع العالمي ولقد طرحنا عليهم خطة عمل شاملة نأمل أن يتم تفعيلها في المستقبل القريب، أما عن التصورات المستقبلية فإنني أرى أنه لكي يتم وضع سياسة واستراتيجية لإدارة العلاقات العامة والإعلام فلابد أن تكون هذه الاستراتيجية نابعة من ذوي الخبرة والاختصاص، أي من العاملين في ميدان الإعاقة فهم أعلم بحاجة المعاقين وما يقدم لهم من خدمات، وكما قيل: «أهل مكة أدرى بشعابها»، إنني أتطلع أن تكون هناك تغطية للأنشطة على نطاق جميع الوسائل الإعلامية من أجل توعية المجتمع بالإعاقة والحد منها وكذلك إبراز المعاق بوصفه عضواً فاعلاً في المجتمع والقيام بدور في تشغيل المعاقين والتركيز على قدرة المعاق في الإبداع والتغيير والعمل وكذلك توعية المعاق وذويه، إضافة إلى إلقاء الضوء على العديد من القضايا والقرارات التي أصدرتها مراكز المعاقين وإعداد الدراسات والأبحاث ونشرها ، والمناداة بتحسين أوضاع المعاقين والعمل على دعم الجمعيات ومتابعة إصدار المجلات المتخصصة التي تمثل لسان الحال الناطق باسم تلك الفئات.