الطائف ** مرة اخرى,, من يملك الحل,,؟! هذه المرة نتوجه بالسؤال الى شريحة من المثقفين والمفكرين والمؤلفين الذين يصطلون بنار الازمة قبل غيرهم,, وكنا في القسم الاول قد حاورنا بعض الناشرين ممن تجاوب مع طرحنا وافترض (بعض) الشجاعة في نشرنا,,,! وتفاءل في طريق البحث عن حل او حلول. ** المعضلة مع بعض الادباء والمثقفين لا تقل خطورة عن سابقتها مع الناشرين,,! بل تكمن خطورتها في الغموض الذي يلف شريحة من ادبائنا ومثقفينا وخصوصا من ينتمي منهم الى الاندية الادبية والثقافية,, وهنا يبرز إشكال آخر: اذا كان الاديب والمثقف وهو اول المكتوين بنار الازمة (يتمايه) في رأيه ويتهرب من المواجهة,, على من نلقي اللوم إذن,,! ** لقد توجهت بهذا الطرح لعدد ليس بقليل من الأدباء والمؤلفين وحتى من منسوبي الاندية فثبت لي ان اكثر من (قربة مشقوقة) في اكثر من جانب ما عدا نادي الباحة واسماء اخرى في هذا الحوار في القسم الثاني الذي يناقش ازمة الكتاب السعودي فتحية لهؤلاء واولئك,. في القسم الثاني هذا,, نتناول الازمة من ثلاثة محاور رئيسية,, سبب,, مسبب,, نتيجة في شكل مقترح,, فإلى الاسئلة والاجوبة عنها: توزيع كسول وموزع غير مستوعب ** قبل الدخول في المداخلات لفت نظري ايماءات وردت على هامش ندوة عقدت بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة تحت عنوان: (الطباعة والكتاب في المملكة من روافد الثقافة),, فقد (وصف الدكتور يحيى محمود جنيد حركة توزيع الكتاب في المملكة بانها معيقة للنشاط الثقافي وانها حركة كسولة وغير مواكبة لحركة النشر ولا تستطيع تقديم الصورة الواضحة,, واعتبرها سببا في عدم وصول النتاج الفكري السعودي الى الخارج لان الكتاب في اساسه لم يحقق الوصول الى قارئه الاول في الداخل). كما اعتبر الدكتور عباس طاشكندي عميد شؤون المكتبات بجامعة الملك عبدالعزيز,, اعتبر غالبية باعة الكتب غير مستوعبين لقيمة الكتب وانتقاء المفيد منها خلاف ما ساد في فترة تأسيس حركة النشر في المملكة حيث كان الناشرون من النخب المثقفة الواعية بدورها الحضاري. الشرق الاوسط عدد يوم الأربعاء 2/2/2000م ** هذه في الواقع ادانة مباشرة وواضحة تضع المسؤولية على عاتق الناشرين والموزعين وهم الذين رموا بالكرة في اكثر من مرمى في القسم الاول من هذا الحوار,, فماذا يقولون وهم في رأي الدكتور جنيد والدكتور طاشكندي كسالى غير مستوعبين! ألف دار,, ولكن,,؟! ** ومن رأي الاستاذ عثمان مليباري (مجلة اليمامة عدد 13 شوال 1420ه) ان في المملكة الف دار نشر ولكن ليس لها مساهمة تذكر في نشر الادب السعودي او تصديره خارج البلاد فهي تتجاهل ما يقدمه رواد ادبنا من نتاج شعري وقصصي ومؤلفات. ** ويطلب المليباري تفسيرا لما يحدث ويذكر بما قاله اساتذة في الجامعات العربية من ان (الادب السعودي ادب انساني لا يقف عند حدود البيئة السعودية بل اتسع خصوصا بعد ان سطعت أضواء العلم والادب في الاندية الادبية الموجودة في المدن الرئيسية بالمملكة). ** وهذا اتهام آخر للناشرين مباشر وواضح ايضا فهم ليس لهم اي مساهمة في نشر الكتاب لا في الداخل ولا في الخارج ,, فماذا يقولون ايضا,,! وفي هذه المحطة من القسم الثاني,, كان لنا هذا السؤال,,. * انت كمؤلف,, ما هي من وجهة نظرك اسباب عدم انتشار الكتاب السعودي خارج حدود الوطن: هل تعود الاسباب الى: الناشر. الموزع. المستهلك الثقافي المتلقي. ام الى مستوى الطرح الفكري الذي قد يراه البعض لا يشجع على المزاحمة والمنافسة في الاسواق العربية والعالمية. وكيف ذلك. الكتاب نعم,, الموزع لا,. ** المداخلة الاولى كانت جوابا من الاديب والمؤلف المعروف الاستاذ عبدالله بن حمد بن حقيل قال: للكتاب السعودي دور رائد وفعال في تنشيط الحركة الادبية وبناء صروح النهضة الفكرية وخدمة العلم والمعرفة والثقافة والكتاب في بلادنا فله دوره التاريخي, ولذا فقد اسهم اسهاما فعالا في الثقافة وقد صدرت في السنوات الاخيرة مجموعة من الكتب والدواوين الشعرية والمؤلفات المتنوعة في ضروب الآداب ومجالات العلوم وفنون الشعر والقصة والرواية والتاريخ والرحلات والتربية وغير ذلك من الاثار الادبية والابحاث والدراسات الرائدة والتي هي جديرة بالانتشار خارج الحدود وخصوصا,, المؤلفات الجادة فولت القيمة العلمية ولكن الكتاب السعودي يواجه ازمة في توزيعه وخصوصا خارج حدود الوطن وهو جدير وقادر على المزاحمة والمنافسة في الاسواق العربية والعالمية فهو يحتاج الى شيء من عناية دور التوزيع، وبعض الجهات التي لها صلة بالكتاب وفي اللقاء الاخير الذي عقد في جامعة ام القرى للادباء السعوديين في شعبان 1420ه نوقش هذا الموضوع بعنوان: (واقعنا المعاصر في مجال نشر الكتاب السعودي) وكان من ضمن التوصيات تشجيع الكتاب السعودي نشرا وتسويقا باتخاذ عدة قنوات لتوزيعه في الداخل والخارج بصورة فعالة ودائمة,, وقد جرى تفويض جامعة ام القرى والرئاسة العامة لرعاية الشباب بمتابعة تنفيذ توصيات المؤتمر. كما عقدت ندوة اشتركت فيها شخصيا مع ناشرين نشطين هما السيد محسن باروم والاستاذ محمد سعيد طيب,, وأحد المتخصصين في المكتبات في جامعة الملك سعود,, وتحدثنا عن هذا الموضوع، وجرت مناقشات ومداخلات واسئلة كثيرة حول هموم الكتاب السعودي واهمية انتشاره في الخارج ونرجو ان تتحقق الآمال ان شاء الله. وكذا التوصية بالعمل من خلال شبكة الانترنت لنشر نماذج من الاعمال الابداعية والدراسات الادبية والفكرية للأدباء السعوديين. المحلي أولاً,, ثم النظر إلى العربي وفي مداخلة الاستاذ الدكتور محمد بن مريسي الحارثي تحليل دقيق لابعاد الازمة بين المؤلف والمؤلَّف والمتلقي وقنوات التوصيل,, يقول: كان الجاحظ من اوائل الكتاب الذين نبّهوا الى اهمية اصطناع الكتاب والترغيب في ذلك في زمن لم يشهد فيه الكتاب ما يشهده الان من مشكلات تعوق تأثيره من حيث مسالك الوصول الى القارىء ولمواصلة السير في خدمة العلم ينبغي علينا ان يكون سبيلنا لمن بعدنا كسبيل من كان قبلنا فينا كما هي عبارة الجاحظ,, فالكتاب هو الذي يحمل فكر الامة وهو حلقة الوصل بين الاجيال ومع منتج الامم الاخرى اخذاً وعطاء، ولما لم يعد الكتاب في عصرنا الحاضر هو الصاحب في السفر والصديق الذي يؤنسك في الوحشة لما يسّر الله من وسائل نقل المعرفة وما يحتاجه الانسان من ثقافة الترفيه فان الترغيب في اصطناع الكتب اصبح من الضرورة بمكان عن طريق تيسيير وصوله الى القارىء وتكثيف الدعاية له اذ لولا الكتب المدوّنة لانقطعت الصلة بين تراث الامم وجديدها ولمات ذكر الاول وانقطع اثره عن الآخر. والشعوب او الامم التي لا تهيىء الفرص لانتشار فكرها من خلال الاهتمام بالكتاب تأليفا ونشرا وتوزيعا ستحكم على نفسها بشيءمن الانقطاع والعزلة. ونظرا لما طرأ على صناعة الكتاب في عصرنا الحاضر من تطور واسع من حيث اعداد المؤلف، وتقنيات النشر والتسويق فقد شهدت المملكة العربية السعودية حركة نشطة في صناعة الكتاب وتهيأت مع ذلك الوسائل والاسباب التي تساعد على النهوض بابراز دور الكتاب السعودي وتفعيل هذا الدور داخليا وخارجيا. لكن لا تنس ان هناك معوقات تحد من صناعة الكتاب من ذلك مثلا تردد المثقف السعودي في نشر نتاجه وصعوبة الانفاق على الطبع وهذه تكاد تكون ظاهرة عامة. وهناك مؤسسات علمية كان بامكانها ان تسهم في حل هذه الاشكالية الجامعات ومراكز البحوث والاندية الادبية مع غياب دور المؤسسات التجارية عن الاسهام في ذلك والاشارة الى الاهتمام بالكتاب السعودي لا يعني عدم الاهتمام بالكتاب التراثي او التقليل من اهميته اذ لابد من وضع خطة تهتم بنشر هذا وذاك في آن واحد. ودعني اسألك هل نشرت الجامعات مثلا نتاج باحثيها من رسائل علمية وبحوث اخرى, ان هناك المئات من الرسائل العلمية التي اعدت في الجامعات لا يعرف احد عنها شيئا,فنحن لم نصل الى تعريف المثقف السعودي بالمنتج السعودي من صناعة الكتاب فكيف السبيل الى تجاوز المحلي الى العربي وغير العربي. نحن بحاجة الى ايجاد دعم مادي لنشر الكتاب وتسويقه وهذا الدعم يأتي من تخصيص ميزانية في مراكز البحوث والدراسات تفي بصناعة الكتاب وانشاء مراكز تعريف وتسويق للكتاب السعودي في عواصم الدول العربية وغير العربية وترجمة ما يمكن ترجمته منها للتعريف بما انجزناه في هذا الجانب واهم شيء هنا المحافظة على حقوق المؤلف وحين انضمت المملكة العربية السعودية الى الاتفاقية العالمية لحقوق المؤلف فإن هذا يعني الرغبة في حل إشكالية المواجهات المستمرة بين المؤلف والناشر اضف الى ذلك اننا بحاجة الى ناشر يهتم بتنمية الفكر بقدر اهتمامه بالمردود المالي. ما هو الكتاب المتأزم؟ ** الدكتور عثمان الصيني نائب رئيس تحرير جريدة الوطن في مداخلته حول ازمة الكتاب السعودي يضعنا امام اشكالية من نوع جديد,, ما هو الكتاب الذي نقصده؟ ومن هو المتلقي الذي (ينبغي) ان يعول عليه,, الى آخر ما في المداخلة من طرح يتم عن تجربة مهمة في هذا الصدد يقول: تتكرر دائما مقولة ان الكتاب السعودي يعيش ازمة توزيع وانتشار وان هناك قضية اسمها الكتاب السعودي غير ان المسألة لا يمكن ان تكون بهذا التعميم او التبسيط لان الحديث يأخذ غالبا طابع الاتهام ثم يتجه الى البحث عن متهم نحمله المسؤولية وهذه مسألة، مريحة لان محاولة اثبات الاتهام للآخر هو في الوقت نفسه محاولة لاثبات البراءة لانفسنا. وحين نخص الكتاب السعودي بالذكر فاننا نشير الى ان له خصوصية وامتيازات يجب ان يحصل عليها، ومشكلات خاصة به في جانبي التوزيع والانتشار وهذه جميعها تصورات لا تستقيم لكتاب يحمل فكرا او معلومات او ابداعا او مجرد ثرثرة لانه لا يمكن ان نتحدث عن الكتاب السعودي بمعزل عن الكتاب في العالم العربي وعن مشكلة الكتاب الورقي في عصر طغيان الاعلام المرئي وبداية مد الكتاب الالكتروني ثم ان الحديث عن الكتاب السعودي هكذا على الاطلاق فيه تعميم، فأي كتاب يقصد به؟ أهو الكتاب الجامعي ام الكتاب التراثي ام الكتاب الابداعي ام الكتاب الذي تنشره المؤسسات الرسمية لان نسب توزيعه وانتشاره تختلف من نوع الى آخر ثم من كتاب الى آخر داخل النوع الواحد، ومن المعروف اوسع الكتاب انتشارا ليست بالضرورة اجود الكتب، فكتب الادب التافه تعد اكثر الكتب مبيعا وتوزيعا في العالم كله كالروايات البوليسية (أرسين لوبين واجاثا كريستي ورجل المستحيل) والروايات الرومانسية والعاطفية (روايات عبير ونادين) والقصص والروايات الجنسية (البورنو والايروتيك) في حين يقل كثيرا توزيع الكتب التي حصلت او حصل مؤلفوها على جوائز عالمية (نوبل، بوكرز البريطانية، جونكور الفرنسية). ما يتعرض له الكتاب السعودي يتعرض له الكتاب العربي عموما، وارقام اتحاد الناشرين العرب تؤكد على ان الكتاب لا يطبع منه في المتوسط اكثر من ثلاثة آلاف نسخة توزع على امتداد العالم العربي، وان متوسط المبيعات من كل كتاب لا يتجاوز الالف نسخة عدا الاهداءات ومبيعات الدعم باستثناء الكتاب الجامعي فله اعتبارات اخرى لا تدخل فيها حرية اختيار القارىء لما يقرأ، وكذلك روايات الادب التافه وكتب القراءة السطحية ككتب الطبخ وكتب تغييب الوعي كالتنجيم والسحر والشعوذة والابراج واذا كان الفكر والابداع إنتاجا فان الطبع والتوزيع والتسويق صناعة تستأثر بالدخل الاكبر في شتى مناحي الحياة وشؤون السوق والكتاب من بينها، اما (المستهلك الثقافي المتلقي) فمع انه مجموع هلامي لا يمكن ضبطه بقاعدة ولا يصح اصدار حكم موحد عليه فانه كأي مستهلك لاي منتج آخر لا يدفع مالا الا لما يقنعه او يستهويه سواء كان باحثا عن مصادر معرفة او اساليب ترفيه، وصاحب الوعي يبحث عن الكتاب الجيد ولا يمكن خداعه، والباحث عن الترفيه يجده في مصادره واهمها الكتاب التافه بأنواعه المذكورة. يتبع خلاصة القول ان الكتاب يجب ان تتاح له فرصة الخروج الى النور والوجود في الاماكن التي يجب ان يصل اليها مهما كان هذا الكتاب جيدا او رديئا، مع التسليم بنسبية كثير من معايير الجودة والرداءة وسوق القراءة هو الذي يفرز بعد ذلك ما يستمر في التداول بين ايدي القراء وما يبقى حبيسا في المخازن، وتجد نماذج كثيرة لهذا النوع في مكتبات سور الازبكية على سبيل المثال حيث تعرض بخمسين قرشا او اربعة كتب بجنيه ثم لا تجد من يأخذها، والناشر لا ينشر الا ما يرى امكانية توزيعه والموزع لا يقدم جهده الا فيما يرى ان وراءه عائدا، ومن يطبع على حسابه دون ان يحصل على ما يعوض خسارته لا يغامر مرة اخرى ومن بيده فائض مالي ويطبع ثم لا يقنع القراء يدفعه تكدس المطبوعات الى عدم تكرار التجربة. اما توصيل الكتاب الى منافذ البيع والتوزيع وبخاصة كتب المؤلفين الذين لا يملكون ما يكفي من المال او العلاقات للتوزيع فان من مهمة المؤسسات التي تعنى بالكتاب والثقافة بما انها مؤسسات غير ربحية ان تيسر هذه السبل وتساعد في ايصال الكتاب الى مختلف ارجاء العالم ليخضع بعد ذلك الى معيار سوق القراءة، وهذه المهمة مازالت دون المستوى المأمول او الاعداد والتنظيم الجيدين. تداخل أسباب ** ووصولا الى مداخلة من الدكتور عالي بن سرحان القرشي الناقد والمؤلف المعروف؛ نصل الى قناعة بان اسباب الازمة لا تنحصر في طرف دون غيره,, ماذا اذن يقول: ** جميع هذه الاسباب تتداخل في هذا الشأن الذي يقعد بالكتاب السعودي عن المنافسة لكن ذلك الامر ليس على اطلاقه. وتحمل مسئولية الناشر العبء الاكبر في ذلك, ذلك ان عددا من الاصدارات السعودية يتم عن طريق المؤسسات الثقافية والاندية والجمعيات والجامعات ولما كانت هذه المؤسسات لا تعنى بالربح المادي فان تفاوت اهتمامها بالتوزيع يترتب عليه وصول الكتاب الى مدى واسع ولقد حدثنا رئيس نادي جدة الادبي عن توافر اصدار النادي الثقافي بجدة في اطراف العالم العربي وسؤال المثقفين عنه ومتابعتهم له. اما الناشرون التجاريون فان امكاناتهم واهتمامهم بالتسويق لم يبرهن حتى الان على وجود صناعة نشر مجلة تخرج ابداعنا وفكرنا الى العالم. واما مستوى الطرح الفكري فان كان المفكر السعودي ليس بجرأة المغامرة الفكرية لدى الاخرين فان هناك اصواتا فكرية استطاعت ان تطاول النتاج الفكري العربي وان تصدر طروحاتها عن دور نشر معروفة ومتميزة ببحثها ومتابعتها للجديد والمختلفكما ان مبدعينا لهم حضورهم في الكتاب المنشور عربيا. يتبع غداً