لأن الإبل تمثل تراثاً عريقاً مرتبطاً بديننا الحنيف بوثاق وتيد، أولى ولاة أمرنا في هذه البلاد الطيبة رياضة الإبل عناية خاصة. فعلى سبيل المثال في مجال الهجن نجد أن الدولة وفقها الله وهي الأب الحنون لكل مواطن قامت بنشر ودعم سباقات الهجن المنتشرة في ميادين المملكة العربية السعودية، والتي نالت أيضاً دعم وسخاء أصحاب الأيادي البيضاء كأمثال سمو الأمير سعود بن محمد بن عبدالعزيز آل سعود والأمير سلطان بن محمد بن سعود الكبير اللذين لم يأليا جهداً في سبيل تطوير ورفعة رياضة الهجن في المملكة العربية السعودية. إلا أنه برز في الآونة الأخيرة اهتمام أكيد على مستوى أشمل اتجه إلى إيجاد رياضة جديدة نالت نفس الاهتمام الذي يعطى لرياضة الخيل والهجن ألا وهي رياضة مزاين الإبل، فها هو صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن عبدالعزيز آل سعود قد بدأ رياضة تنافس الإبل عن طريق الهجيج وحدد لها مناطق معينة حضرها الكثير وقدم لها الجوائز القيمة، ولكنه حفظه الله لما وجد أن في تلك الرياضة (أعني رياضة الهجيج)، تعباً ومشقة على الإبل وأهلها، قرر أن يقيم مسابقات لأجمل الإبل فأطلق عليها جائزة الملك عبدالعزيز للإبل الممتازة والتي أقيمت في أم رقيبة، ثم بعد ذلك أسماه مهرجان مزاين الإبل في أم رقيبة، والذي أصبح أشمل وأوسع حيث تعددت فيه الجوائز التي أطلق عليها مسميات كثيرة كجائزة الملك عبدالعزيز لأجمل إبل وضح، وجائزة خادم الحرمين الشريفين لأجمل إبل شعل، وجائزة ولي العهد لأجمل إبل صفر، وجائزة الأمير سلطان لأجمل إبل مجاهيم وهكذا سميت كل جائزة بأسماء عظماء ورواد لتعطي الفخر والمعزة لمربي الإبل، حيث يتنافس على تلك الجوائز المئات ويفوز بجوائزها ما يقارب الخمسين مربي إبل. فأصبحت هذه المنافسة سنوية يجتمع فيها أصحاب السمو الملكي الأمراء، وبعض وجهاء الدولة وجمع غفير من عشاق ومحبي الإبل في أم رقيبة لمدة اسبوعين يستمر فيها التنافس ويلتقي فيها كبار أبناء القبائل ويلتقي فيها الأحباب، وتعجب فيها من كرم أولئك الرجال أقصد مربي الإبل، فما تذهب إلى أحدهم إلا وتجده أكرم من الذي قبله، فهكذا رجل المكارم صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن عبدالعزيز أحيا الكرم في نفوس أبناء البادية، وجعل لهم ملتقى اجتماعياً يلتقون فيه سنوياً يتنافسون فيه تنافساً شريفاً، ويحيون فيه رياضة عريقة لم ولن تندثر بحول الله وقوته ثم بهمم الرجال الحريصين على اقتناء أفضل السلالات، فللإبل كما نعلم دور عظيم في تاريخ أمّتنا الإسلامية وتاريخ وطننا الغالي، ولها دور كبير في حياة آبائنا وأجدادنا، فمهما حصل من تقدم وتطور فلن ينسى حكام هذه البلاد الدور الذي لعبته في حياة أسلافنا الأمجاد. فنحمد الله تعالى على هذه النعم ونثني بالشكر لصاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن عبدالعزيز آل سعود على تكرمه بإشعال هذه المناسبة وإظهارها إلى حيز الواقع والتطبيق فأصبح الآن يقتدي بسموه كثير من أبناء القبائل ففي كل فترة نسمع ونقرأ أن قبيلة ما قد أقامت سباق مزاين إبل لأبنائها وقدمت الجوائز الكثيرة لهم. وكما نعلم فإن بعض الدراسات على قلتها قد أثبتت أن مربي الإبل في المملكة العربية السعودية بحاجة إلى الدعم والإعانة فعلى كواهلهم تقع مسؤوليات جسيمة يصعب على بعضهم من ذوي الدخول المتوسطة أن يستمروا في تحقيق غاياتهم النبيلة التي هدفها تربية الإبل وتنميتها. ولا ننسى أيضاً الدور البارز لسمو الأمير سلطان بن محمد بن سعود الكبير في مسابقات مزاين الفحول حيث أقام أطال الله في عمره منافسات لتحقيق تلك الغاية الهادفة وهي تحسين سلالات الإبل ودعم مربيها والرفع من معنويات عشاق ومحبي هذه الرياضة العريقة. فثبّت الله خطاكم وعوضكم مقابل ما تقدمون لهذه الفئة الكريمة والنادرة التي لو اندثرت وزالت لزال تراث عظيم من هذا الوطن المغوار، ولنُسي الدور الذي قامت وتقوم به الإبل في سبيل تحقيق الحياة الاجتماعية الطيبة لأهلها، ولنَسي النشء ما ناله آباؤنا وأجدادنا من تعب ونصب ومشقة في سبيل العيش الهنيء والأمن والأمان. إن هذا الدعم الكبير الذي توفره حكومتنا الرشيدة لمربي الإبل من خلال إعانات الأعلاف وتوفير مستلزمات الطب البيطري عن طريق الوحدات البيطرية الممثلة بوزارة الزراعة ومديرياتها لهو السبب الرئيسي في وصول المملكة للمرتبة الرابعة بين دول العالم العربي من حيث التعداد، وسوف بلا شك تتحقق أمنيات هذا الوطن المعطاء وذلك بتحقيق مستويات أفضل بفضل الله ثم التشجيع المتواصل من ولاة أمرنا والمهتمين بهذا التراث العريق.