ألقت زيارة «العمل» التي قام بها سمو ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني ورئيس المجلس الاقتصادي الأعلى لعدد من أحياء مدينة الرياض الفقيرة، بأضواء كثيفة على الحياة المتدنية التي يعيشها عدد من الأسر داخل هذا الوطن.. ولعل الأبرز في هذه الزيارة هو انه لم يسبقها أيٌّ من إجراءات «التزويق» أو الحذف والإضافة حتى تبدو «الصورة» أنقى وأظهر مما هي عليه في الواقع.. لتغيب من ثم فاعلية النظر ودقة التصويب حين العلاج. وهذا فعل حميد في الممارسة المهنية والإنسانية لأعمال الرئاسات، يحرص على تجسيدها دائماً قادة المملكة العربية السعودية حفظهم الله ورعاهم . ظللنا نتابع ومنذ مدة طويلة «خطة سير وعمل» سمو ولي العهد الأمين الرامية لتعزيز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي لمواطني هذا البلد.. وليست القرارات الاقتصادية الجريئة التي اتخذت بشأن تخصيص عدد من المرافق الحكومية وقبلها القرار القاضي بسعودة بعض الوظائف والمهن.. إلا خطوات جادة في سبيل مشاركة القطاع الخاص والمواطنين في تحقيق التنمية الاقتصادية على نحو أكثر جدية. وهذه المرة.. يأتي سموه الكريم بعمل بارز حين يتقدم بنفسه للاستماع والنظر لأحوال مواطنيه ممن أقعدتهم الظروف الحياتية القاسية عن تحقيق مطامح أطفالهم ومن يعولون في حياة اجتماعية مقبولة. والدرس القابل للاحتذاء هنا هو ان الاعتراف بقضية الفقر والسعي لايجاد المنافسة المباشرة والصريحة لحلها.. يأتي متجاوزا هذه المرة لجميع «التقارير والاحصاءات» ولو دقت وأوفت.. ذلك ان تجاوز برودة الأوراق إلى حرارة المكاشفة يقفز بالمسألة مباشرة إلى الواجهة التي لا يصح التغافل عنها أو إعادة شحنها مجدداً بمزيد من التطمينات.. ونحن اليوم جميعاً مسؤولون حكوميون أو في القطاع الخاص أو في المؤسسات والجمعيات الخيرية نجد أنفسنا ووفقاً لهذه الزيارة العملية لسمو ولي العهد الأمين في مأزق البحث الجاد والعاجل عن حلول أكثر واقعية لقضية الفقر والفقراء في هذا الوطن عموماً وليس في مدينة الرياض لوحدها. ولا ينبغي الركون أبداً عند الزيارة وحدها على رغم أهميتها التي سبق الإشارة إليها واخراجها عن طبيعتها التي أشار إليها سمو ولي العهد بنفسه.. وإنما يجب ان نتجاوز لما بعدها.. وليس بعدها إلا التفكير الجاد في ضرورة تحويلها إلى برنامج صارم يؤتي ثماره على أعجل ما يتيسر من وقت. إن سمو ولي العهد قال إنه «ليس الغرض من الزيارة ليس هو الرياء وأعوذ بالله من الرياء»، وإنما الوقوف مباشرة على أحوال الناس.. ومن هنا وحتى نترجم أهداف هذه الزيارة.. فإن وزارة العمل ووزارة الصحة والخدمة المدنية والجمعيات الخيرية مطالبة بأن تلتقط زمام المبادرة عاجلاً. ونحث رجال الأعمال في المملكة الذين عرفوا بوطنيتهم وصدق مواقفهم تجاه مواطنيهم دائماً على التفاعل والتجاوب مع المبادرات التي يمكن ان تطلقها تلك الجهات بما يساعد على خدمة الأهداف المرجوة من الزيارة الكريمة.. والله الموفق.