نهج جديد في التعامل مع الكربون ينطلق من السعودية إلى العالمية، هذا النهج يقوم على استراتيجية رباعية تهدف إلى خفض انبعاثات الكربون، وإعادة استخدامه، وإعادة تدويره، وتخليص الغلاف الجوي منه، وهو نهج يواكب رؤية المملكة 2030. منذ انطلاقة كاوست في 2009 اهتمت في البحث في تقنيات الاقتصاد الدائري للكربون باعتباره جزءاً لا يتجزأ من خطط وأهداف الجامعة، ومع إطلاق كاوست مبادرتها للاقتصاد الدائري للكربون، والتي هدفت إلى إنشاء شبكة قوية من الباحثين، تدعم على نحو فعال واستباقي ريادة السعودية في هذا المجال. يعد الاقتصاد الدائري للكربون نموذج اقتصادي حديث مصمم للتخفيف من تراكم الكربون في الغلاف الجوي من أجل التصدي لتغير المناخ، وطورت الجامعة المفهوم من الثلاثية: الحد من انبعاثات الكربون، وإعادة استخدامه، وإعادة تدويره، إلى الرباعية بإضافة سحبه من الغلاف الجوي. اهتمت الجامعة بتطوير تقنيات تحد من انبعاثاته، وتقنيات تزيل الكربون من الغلاف الجوي، ثم إعادة استخدامه وتخزينه في خزانات النفط المستنفدة، أو إعادة استخدامه من خلال العمليات الكيمائية، وتحويله إلى مواد أولية صناعية مثل الأسمدة أو الميثانول، كما تشجع مبادرة الجامعة على إعادة تدوير الكربون الطبيعية والطاقة الحيوية من خلال التشجير القادرة على سحب الكربون بشكل طبيعي من الغلاف الجوي. اتجهت الجامعة إلى تأسيس قاعدة بيانات أولية لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناجمة عن أكثر من 1200 صناعة محددة من أجل وضع خرائط جغرافية لمواضع تخزين الكربون في السعودية. أتى اهتمام الجامعة بالاقتصاد الدائري للكربون لأنها ترى أن تطوير وتنفيذ تقنيات الطاقة المتجددة وحدها غير كاف لتحقيق أهداف المناخ العالمية، إلى جانب أن استخدام الوقود الأحفوري سيبقى أحد مصادر الطاقة طوال القرن الواحد والعشرين، مما يحتم تطوير أساليب لضبط انبعاثاته الكربونية. ترى الجامعة أيضا أن اتفاقية باريس أحد أهم أهدافها تحقيق توازن بين مصادر الكربون ومصارفه بحلول عام 2050 لضمان صافي انبعاثات صفرية على مستوى العالم للحد من الزيادة في درجات الحرارة العالمية في حدود درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، أو 1.5 درجة مئوية إذا أمكن، لتجنب الآثار الأكثر تدميرا لتغير المناخ، ومع ذلك هناك توقعات أن ترتفع درجات الحرارة العالمية بنحو 3 درجات مئوية إذا استمرت الاتجاهات الحالية والسياسات المعتمدة بعد اتفاقية باريس، لذلك يعد تمكين احتجاز الكربون واستخدامه وتخزينه أمرا ضروريا للاستراتيجيات التي يجب تطويرها للوصول إلى تحقيق أهداف اتفاقية باريس. تعد كاوست جهة مرجعية للدراسات المتعلقة باقتصاد الكربون الدائري، تغطي مفهوم الدائرية كاملا، وتقدم إسهامات بالغة الأهمية على صعيد الاستراتيجية الرباعية، وتسعى الجامعة إلى أن تكون رائدة عالمية بمساهماتها في تقديم حلول فعالة للتحديات الوطنية والعالمية. تنظر الجامعة إلى أن البشر أخلوا بتوازن المناخ، ومن أجل استعادة التوازن، فهي ترى أن على البشر أن ينظروا إلى الطبيعة كي يتعلموا كيفية دمج جميع عملياتهم المجتمعية في اقتصاد الكربون الدائري. تهتم الجامعة بتقليص مستويات انبعاثات ثاني أكسيد الكربون إلى أدنى حد ممكن من خلال ابتكار تقنيات الأغشية كبدائل صديقة للبيئة تحل محل عمليات الفصل الحراري المهدرة للطاقة، مثل التقطير الذي تستخدمه الصناعات في الوقت الراهن، مع استخدام مواد طبيعية مثل السليوز والسيكلودكسترين لتصنيع الأغشية، وتهتم الجامعة بفهم عملية احتراق زيت الوقود في الغلايات الصناعية ويجرب علماء الجامعة الاستعانة بخلائط من الهيدروكربونات التقليدية وأنواع الوقود الخالية من الكربون على غرار الأمونيا في تشغيل توربينات الغاز. تلك الجهود شجعت الدولة على تبني منصة عالمية للاقتصاد الدائري للكربون من خلال رئاستها لمجموعة العشرين. ** ** - أستاذ بجامعة أم القرى بمكة