اهتمام المملكة بالنهوض بالقطاع السياحي والحفاظ على الإرث التاريخي دخل مرحلة متقدمة من خلال العديد من المشاريع التي أُطلقت، ولعل تتويجها بالبرنامج النهضوي الكبير الذي أطلقه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس إدارة الهيئة الملكية لمحافظة العلا للرؤية التصميمية لمخطط «رحلة عبر الزمن» بهدف إحياء وتأهيل المنطقة الأثرية الرئيسية في العلا بهدف الاستدامة للحفاظ على هذا الإرث التاريخي العالمي، ضمن بيئة ثقافية وطبيعية فريدة من نوعها في شمال غرب المملكة؛ فالمشروع يعد مرحلة رئيسية ضمن البرنامج الشامل لتطوير العلا بهدف نقلها لتكون وجهة عالمية رائدة في مجال الفنون والتراث والثقافة والطبيعة تحقيقًا لمستهدفات رؤية المملكة 2030 لتكون العلا من بين أيقونات السياحة بالمملكة، وتضعها على الخارطة السياحة عالميًّا. فرحلة عبر الزمن ليست رؤية تقليدية بل هي نموذج كامل لإحياء التراث، ولتوزيع التنمية المستدامة في أرجاء الوطن كافة عبر الاستثمار الأمثل للإمكانيات والثروات التي من أهمها ثروة الإرث الحضاري والتاريخي الذي تتميز به المملكة، فقد روعي في هذه الرؤية أن تمثل نقلة اقتصادية مهمة لمحافظة العلا من خلال المشاريع التي ستنفذ على طول 20 كيلومترًا؛ إذ تمرُّ بخمسة مراكز، هي: مركز البلدة القديمة جنوبًا، مرورًا بمركز واحة دادان، وواحة جبل عكمة، والواحة النبطية، وصولاً لمدينة الحجر الأثرية شمالاً حيث سيقام 15 مرفقًا ثقافيًا، تشمل المتاحف والمعارض ومعالم سياحية. وستتنوع الخيارات للمعيشة والضيافة ما بين الفنادق والمنتجعات السياحية البيئية إلى النزل الفاخرة ومزارع الوادي المنحوتة في صخور الجبال، كما ستشمل إنشاء معهد الممالك الذي سيكون مركزًا عالميًا يُعنى بدراسات الحضارات التي سكنت شمال غرب شبه الجزيرة العربية على مدار أكثر من 7000 عام من التاريخ البشري، بما فيها الممالك العربية القديمة. أما عن الأثر الاقتصادي للأهداف المرصودة حتى العام 2035 م في برنامج تطوير العلا الذي تشرف عليه الهيئة الملكية لمحافظة العلا فمن المستهدفات توليد 38 ألف وظيفة لأبناء المحافظة، ومن خلال برامج تنموية تستهدف تعظيم المنافع الاقتصادية للمحافظة في الزراعة من خلال مشروع طموح لتأهيل 10 ملايين متر مربع من المساحات الخضراء. وإضافة للنشاط السياحي بالمحافظة سيكون للنشاطات الثقافية والفنية دور كبير في رفد الاقتصاد الوطني خلال 15 عامًا بما يقارب 120 مليار ريال، أي بمتوسط 8 مليارات ريال سنويًا، تضاف للناتج المحلي مع تطوير مرافق عامة لتسهيل الوصول للعلا من طرق ومطار وخدمات كقطار العلا لتسهيل وصول مليوني سائح مستهدف سنويًا، إضافة لإنشاء 9000 غرفة فندقية. رحلة عبر الزمن تهدف لنموذج سياحة الطبيعة، وتمثل النقلة المنتظرة لانطلاق مدينة العلا نحو مكانة مرموقة في خارطة السياحة التراثية العالمية التي تساهم المملكة من خلال النهوض بالعلا بدعم التوجه العالمي للحفاظ على الإرث التاريخي للحضارة الإنسانية، ويأتي ضمن البرنامج التنموي الذي يعزز الاستفادة من مزايا كل منطقة بالمملكة بما تملكه من ثروات وتراث حضاري متجذر بالتاريخ.