مارتن لوثر كينغ ولد في 15 يناير عام 1929 في أتلانتا بولاية جورجيا، وتم اغتياله في 4 أبريل 1968م، كان مناضلاً وخطيباً ورجل دين أميركي عُيِّن عام 1947 مساعداً لأبيه في كنيسته، ثم عُيِّن عام 1951م راعياً للكنيسة المعمدانية في مدينة مونتغمري بولاية آلاباما، وهو من أصل أفريقي، اشتهر بنضاله السلمي في سبيل حصول السود الأميركيين على حقوقهم السياسية والمدنية، ومن المطالبين بإنهاء التمييز العنصري ضد السّود، وكان ذا تأثير كبير جدًا على العلاقات العرقية في الولاياتالمتحدة... اسمه الحقيقي مايكل ومليس مارتن، ولكنه سمى نفسه مارتن على غرار أبيه الذي كان معجبًا بالمفكر مارتن لوثر, منذ عام 1957 وحتى 1968 سافر لوثر كينغ أكثر من 6 ملايين ميل، وتحدث علنًا أكثر من 2500 مرة، وجرى اعتقاله 19 مرة، وتعرض للاعتداء 4 مرات، وكان أول رجل أسود يحظى بلقب رجل العام الذي تطلقه مجلة تايم... ومن بين جهوده العديدة، ترأس كينغ مؤتمر القيادة المسيحية الجنوبية، ولعب دورًا محوريًا من خلال نشاطه وخطاباته الملهمة في إنهاء الفصل القانوني للمواطنين الأمريكيين من أصل أفريقي في الولاياتالمتحدة... في عام 1964م حصل على جائزة نوبل للسلام، وكان أصغر من يحوز عليها. تعرض للسجن مرات عدة، وأدخل زنزانة فيها السكارى واللصوص والقتلة، كما تعرض لهجوم بقنبلة وهو يخطب بمونتغمري، فمنع أنصاره الغاضبين من أي رد فعل على هذه المحاولة. أحداث مزعجة في 1955 رفضت فتاة من السود تبلغ من العمر 15 عامًا التخلي عن مقعدها لرجل ٍأبيض في حافلة بمدينة مونتجومري فيما كان يعد انتهاكًا للقانون المحلي، فألقي القبض عليها واقتيدت إلى السجن... رأى الفرع المحلي من الجمعية الوطنية للنهوض بالملونين NAACP أن لديهم حالة ممتازة للطعن في سياسة حافلات مونتجومري، ولكن بعد ذلك اكتشفوا أن الفتاة كانت حاملًا، فتخوف قادة حركة الحقوق المدنية من أن هذا سيؤدي إلى تشويه سمعة المجتمع الأسود المحافظ، وبالتالي جعل جهود الجماعة أقل مصداقية في نظر البيض المتعاطفين... بحلول الأول من شهر ديسمبر 1955، حصلت الحركة على فرصة أخرى، ففي ذلك المساء، استقلت روزا باركس البالغة من العمر 42 عامًا حافلة كليفلاند أفينو للعودة إلى منزلها بعد يوم عمل مرهق، جلست بالصف الأول في منتصف حافلة «للملونين»، وفي طريق الحافلة امتلأ القسم المخصص للبيض، صعد عدة ركاب بيض للحافلة فأشار سائق الحافلة إلى أن هناك العديد من الرجال البيض واقفين ويجب أن يتخلى بعض الأفارقة عن مقاعدهم ومنهم تلك السيدة، ترك ثلاثة ركاب أماكنهم على مضض، لكن باركس ظلت جالسة... طلب السائق منها مرةً أخرى التخلي عن مقعدها فرفضت مجددًا تم القبض عليها وحجزها لانتهاك القانون في محاكمتها، وأدينت باركس وحكم عليها بدفع غرامة مالية إضافة لرسوم المحكمة... في الليلة التي قُبض فيها على روزا باركس، اجتمع أي.دي. نيكسون، رئيس فرع NAACP المحلي بمارتن لوثر كينغ وغيره من قادة الحقوق المدنية المحلية للتخطيط لمقاطعة الحافلات على مستوى المدينة، وانتُخب لوثر لقيادة هذه المقاطعة لأنه كان شابًا مثقفًا وله صلات عائلية قوية كما أن له مكانة مهنية، وما يزال جديدًا على المجتمع وليس عنده كثيرٌ من الأعداء، لذلك شعروا أنه سيكون ذا مصداقية قوية مع المجتمع الأسود... وفي كلمته الأولى كرئيس للجماعة، أعلن «ليس لدينا بديل سوى الاحتجاج، وقد أظهرنا لسنوات عديدة صبرًا مذهلًا، وأعطينا أحيانًا إخواننا البيض الشعور بأننا نحب الطريقة التي نعامل بها. لكننا نأتي إلى هنا الليلة لنتخلص من ذلك الصبر الذي يجعلنا نصبر على أي شيء أقل من الحرية والعدالة»... وضعت مهارة مارتن لوثر كينغ وحماسته في الخطابة طاقة جديدة في كفاح حركة الحقوق المدنية، واستمرت المقاطعة 382 يومًا من المشي إلى العمل على الأقدام، والتحرش، والعنف والترهيب بمجتمع مونتجومري الأفريقي، وتعرضت منازل كل من كينغ ونيكسون للهجوم والاعتداء... ولكن المجتمع الأمريكي الأفريقي اتخذ أيضًا إجراءات قانونية ضد مرسوم المدينة بحجة أنه غير دستوري بناء على قرار المحكمة العليا «الفصل ليس مساواة»، وبعد أن خسرت مدينة مونتجومري العديد من الأحكام القضائية وتعرضت لخسائر مالية كبيرة، ألغت القانون الذي يفرض الفصل في وسائل النقل العام... عام 1957م شكَّل لوثر مؤتمر القيادة المسيحي الجنوبي لنشر الأسلوب الذي اتبعه مواطنو مونتجومري السود في كل أنحاء الجنوب، وأصبح مارتن لوثر كينغ أصغر شخص وأول قسيس يحصل على ميدالية «سينجارن» والتي تعطى سنويًا للشخص الذي يقدم مساهمات فعالة في مواجهة العلاقات العنصرية، حيث كان في السابعة والعشرين من عمره... أقيم له نصب تذكاري بسبب حركة الحرية التي قادها، ويهدف النصب إلى تمجيد رسالته من أجل والمساواة والعدالة والحب، وافتتح هذا النصب في مسيرة واشنطن الثامنة والأربعين، وهي مسيرة تقام كل عام في واشنطن، ويقع النصب في مركز المدينة وهو فريد من نوعه، إذ إنه ضخم جدًا وتم نحته على الحجر, ويمثل هذا النصب الحلم الأمريكي... وفي 17 فبراير/شباط 1959 ألقي القبض عليه في كنيسته بأتلانتا بتهمة التزوير في تقديم إقرارات ضريبة الدخل، ثم أفرج عنه بكفالة. «أحلم باليوم الذي يعيش به أطفالي الأربعة مع شعب لا يكون فيه الحكم على الناس بألوان جلودهم، ولكن بما تنطوي عليه أخلاقهم». وربما لو كان حياً إلى يومنا هذا ورأى «باراك أوباما» يصعد إلى منصب رئيس للولايات المتحدةالأمريكية لغمرته السعادة كون حلمه قد تحقق أخيراً وتم القضاء على العنصرية بدخول الرجل الأسود البيت الأبيض معززاً، وليمارس تعذيب وتشريد الشعوب والقضاء على الدول مخالفًا مبادئ وقيم لوثر... الآن يا سيدي المناضل أصبح الأسود مجرمًا والمسلم إرهابيًا، ولكن الفارق في حالة التمييز العرقي هو أن الأمريكيين السود ينظر إليهم كمشكلة داخلية، أما المسلمون الأمريكيون فمشكلة خارجية دخيلة هذا البلد المعروف بأنه بوتقة للثقافات المختلفة، لكنه في الوقت ذاته ينزف من جرح العنصرية الذي لا يندمل... استطاع «مارتن لوثر كينج» أن يخطو بالسود إلى الأمام كما جاء في كتاب «السجل الأسود لأمريكا.. « الشيطان يسكن تمثال الحرية» ل (عصام عبد الفتاح)، لا نستطيع الحديث عن السود وما لاقوه وما زال من اضطهاد وفظائع في بلاد العم سام دون أن نتوقف عند «مارتن لوثر» الثائر والمصلح الاجتماعي الأسود، وأشهر من حمل راية الكفاح ضد العنصرية الأمريكية بتاريخها كله... وتحت شعار «عندى حلم» دشن لوثر حملته ضد العنصرية، وقال خطبته الشهيرة عند نصب لينكولن التذكاري في 28 أغسطس 1963 أثناء مسيرة واشنطن للحرية عبَّر خلالها عن رغبته في رؤية مستقبل يتعايش فيه السود والبيض بحرية ومساواة... لم يعش سوى 39 عامًا، ولكنه أصبح أيقونة شعبية كبيرة، فكان مدافعًا عن قضايا المساواة، والحقوق المدينة للمواطنين الزنوج بالولاياتالمتحدةالأمريكية، إلى جانب مناداته بحقوق الإنسان... وقف أمام 250.000 ألف من مناصري الحقوق المدنية، واعتبر حطابه من أكثر الخطب بلاغة وتم اختياره كأهم خطاب أمريكي في القرن العشرين طبقاً لتصويت كتاب الخطب الأمريكيين.... المحبة هي القوة الوحيدة القادرة على تحويل عدوي إلى صديق، لقد قررت أن أتمسك بالحب.. الكراهية هي عبء كبير جداً لأتحمله، هؤلاء الذين يحبون السلام عليهم أن يتعلموا التنظيم بكفاءة وفعالية مثل أولئك الذين يحبون الحروب، لا يمكن طرد الظلام بالظلام، الضوء الوحيد الذي يمكن القيام به.. لا يمكن للكراهية أن تطرد الكراهية الحب فقط يمكن أن يفعل ذلك... ومع أن الممارسة الفعلية غير التصرف والقول في الحكومة الأمريكية فقد أغلقت البورصة والبنوك والهيئات الحكومية في الولاياتالمتحدة أبوابها أمام المستثمرين تخليدًا لذكرى ميلاد «مارتن لوثر كينج»... حلمه بأنه في يوم ما سيستطيع أبناء العبيد السابقين الجلوس مع أبناء أسياد العبيد السابقين معاً على منضدة واحدة. وبهذا الإيمان سنكون قادرين على شق جبل اليأس بصخرة الأمل، بهذا الإيمان سنكون قادرين على تحويل أصوات الفتنة إلى لحن جميل من الإخاء، وسنكون قادرين على العمل معاً والصلاة معاً والكفاح معاً والدخول إلى السجون معاً والوقوف من أجل الحرية معاً سنكون أحراراً يوماً ما. عندي حلم بأنه في يوم ما سيعيش أطفالي الأربعة بين أمة لا يُحكم فيها على الفرد من لون بشرته، إنما من ما تحويه شخصيته، دعوا الحرية تدق... السود والبيض، اليهود وغير اليهود، الكاثوليك والبروتستانت قد أصبحوا قادرين على أن تتشابك أيديهم وينشدون كلمات أغنية الزنجي الروحية القديمة: «أحرار في النهاية! أحرار في النهاية! شكراً يا رب العالمين، نحن أحرار في النهاية! «عندي حلم بأنه في يوم ما ستنهض هذه الأمة وتعيش المعني الحقيقي لعقيدتها الوطنية، بأن كل الناس خُلقوا سواسية... لا يزال عندي حلم..».. هذا هو صوت الخطاب الأشهر للقس الأسطورة (مارتن لوثر كينج) الرجل الذي وقف وحيدًا ضد العنصرية والتمييز والفتنة، وقدم دمه في النهاية في سبيل الحرية، ولكي يعيش الأمريكان في العقيدة الوطنية - كل الناس خُلقوا سواسية - ويتباهوا بهذه الحرية أمام كل العالم... علينا أن نتعلم العيش معاً كإخوة، أو الفناء معاً كأغبياء، فالكراهية تشل الحياة، والحب يطلقها؛ والكراهية تربك الحياة، والحب ينسقها؛ والكراهية تظلم الحياة، والحب ينيرها... في النهاية لن نذكر كلمات أعدائنا، بل صمت أصدقائنا، فالإيمان هو أن تأخذ الخطوة الأولى حتى ولو لم تستطع لأنه لا يستطيع أحدٌ ركوب ظهرك إلا إذا انحنيت... كان يتمتع بمحبة الآخرين، فقد اتحد مع زعماء الأمريكان الأفارقة مثل زعيم المسلمين مالكوم إكس بكل آرائهم ومعتقداتهم الدينية لمواجهة عدوهم المشترك سويًا... التقى مارتن لوثر كوريتا سكوت، المغنية الطموحة والموسيقية، في مدرسة نيو انغلاند كونسيرفاتوري في بوسطن، تزوجا في حزيران 1953 وأنجبا أربعة أطفال هم يولاندا، ومارتن لوثر كينغ الثالث، ودكستر سكوت وبرنيس... سعت السينما الأمريكية في تنفيذ 5 أفلام، لكي تبرز دوره المهم، والأعمال هي فيلم الرسوم المتحركة Our friend, Martin، وفيلم Selma, Lord, Selma، وفيلم Boycott، الذي طرح في عام 2001 ودار عندما رفضت روزا باركس بشغف أن تشغل مقعدًا خلفيًا، بدأت في إطلاق سلسلة من الأحداث الصاخبة التي تركزت حول مقاطعة الحافلات والفيلم الوثائقي The Witness - From the Balcony of Room 306، لتكريم الذكرى السنوية الأربعين لحياة لوثر، وحصل الفيلم على ترشيح أوسكار، عام 2008 في فئة «أفضل موضوع قصير وثائقي» وفيلم Selma، عام 2014، وقامت ب إنتاجه المذيعة الشهيرة أوبرا وينفري، واحتفل الرئيس السابق باراك أوباما بهذا الفيلم، وأقام عرضًا خاصًا له في البيت الأبيض.