جاءت فكرة «السعودية الخضراء» التي أعلن عنها صاحب السمو الملكي ولي العهد استكمالاً لفكرة «الرياض الخضراء»، بل كان سموه -حفظه الله- ذا نظرة أشمل وأكبر عندما ربط المحيط الإقليمي بهاتين المبادرتين، وأطلق مبادرة ثالثة هي «الشرق الأوسط الأخضر»، ولكن ما يهمني اليوم هو «السعودية الخضراء» حيث تُعَدُّ من أهم مشاريع رفع التشجير طموحاً في العالم، والتي يمكن أن تساعد البيئة الصحية المحيطة بمدننا وترفع جودة الحياة بها، وذلك لأن الآثار البيئية للتحضر تفاقمت في الآونة الأخيرة بسبب التوسع السريع للمدن وغير المخطط له، وبعض الخطط غير ممنهجة لمراعاة واحترام البيئة الطبيعية لهذه المدن مما أثر على تغيير المناخ وما صاحبها من تأثير الضغط البشري وتمركزهم بهذه المدن. فمشروع السعودية الخضراء أتمنى أن لا يقتصر على زراعة الأشجار فقط وإنما تشمل خططه كذلك مراجعة استخدمات الأراضي وتحجيم دور البلديات والزراعة لمنع تحويل الأراضي الزراعية إلى استخدامات أخرى، وكذلك إلزام جميع مطوري الأراضي أيًا كان نوع التطوير (سكني - صناعي...الخ ) بنسب من المساحة كمناطق مفتوحة وخضراء، وكذلك وضع عدد معيَّن من الأشجار. ومن ضمن الخطط التي أتمنى رؤيتها مصاحبة لهذه المبادرة هي تنفيذ الأراضي المخصصة كحدائق في الأحياء السكنية وعدم تركها كأراضٍ جرداء، ووضع اعتبارات لها عند زراعة الأشجار بها، والاهتمام بصيانتها بشكل دوري. ومن ضمن الخطط وضع معايير وأنظمة عند زراعة الأشجار في الميادين والمحاور الرئيسة بالمدن وكذلك الشوارع الداخلية بالأحياء. ومن وجهة نظري لإنجاح «السعودية الخضراء» تشجيع نمو المدن المتوسطة والصغيرة والحد من الهجرة منها بتوفير مقومات جودة الحياة بها، والتوزيع للتنمية المشجعة بها لتقليل الضغط البشري على مدن معينة. ولا أنسى دور المواطن والمقيم عند التشجير مراعاة أحاطة الكتلة الخرسانية المتمثلة بالمباني التي يقطنونها بإسقاط ظلال تلك الشجار عليها لكي يتم الاستفادة منها لتقليل الانبعاث الحراري من تلك الكتل الخرسانية. ولتوضيح نقطة عزيزي القارئ عن مفهوم السعودية الخضراء هي التشجير وليست التعشيب لأن المسطحات العشبية فائدتها الحضرية في مدننا قليلة مقارنة بالتشجير وكذلك تستهلك كميات كبيرة من المياه. لكن تأكد عزيزي القارئ أن هذه المبادرة للسعودية الخضراء سوف تنعكس على مدننا بأن تسهم في تحسين جودة الهواء وخفض درجات الحرارة وتشجيع السكان على ممارسة نمط حياة أكثر نشاطاً وحيوية بما ينسجم مع أهداف هذه المبادرة الجبارة التي سوف تنعكس -بإذن الله- على الشرق الأوسط الأخضر وقبلها مدننا الخضراء ولنا بالعاصمة الرياض الخضراء أوضح تجربة مميزة.