أعلن سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مبادرتَي «السعودية الخضراء» و»الشرق الأوسط الأخضر» اللتين سيجري إطلاقهما قريبًا، وتستهدفان حماية الأرض والطبيعة، ورسم خارطة طريق بأهداف عملية محددة محققة المستهدفات العالمية. هناك علاقة قوية بين المتغيرات البيئية والتحديات الاقتصادية الطارئة ما فتح الباب أمام منتهزي الفرص للتأثير السلبي على منتجي النفط، وبما يهدد مستقبله، ويؤثر سلبًا على اقتصاديات الدول المنتجة. بات التحيز الغربي ضد النفط نهجًا تُسن من أجله التشريعات الدولية التي ربما تسببت في التأثير المباشر على صناعة النفط العالمية. «ملف التغير المناخي» من أهم الملفات العالمية التي يهدف من خلالها إلى الحد من الانبعاثات الضارة المؤثرة على سلامة البيئة وصحة الإنسان، ومن المؤسف أن يركز فيه على النفط كسبب وحيد للتلوث، وبمعزل عن مخرجات الدول الصناعية عدوة البيئة، والمسؤولة عن الأضرار الفادحة التي لحقت بها. التلوث الصناعي والإشعاعي بأنواعه من أخطر الملوثات الحديثة التي تُسأل عنها دول الغرب والدول الكبرى عمومًا. الأكيد أن ملف التغير المناخي من الملفات التي تتسبب في الكثير من الأضرار الاقتصادية للمنطقة، خاصة أنه يتسبب في فقدان ما يقرب من 13 مليار دولار سنويًّا من العواصف الرملية، إضافة إلى انعكاسات التلوث البيئي على صحة الإنسان، وتقليص متوسط العمر، وتحميل الحكومات أعباء مالية للخدمات الصحية الموجهة لمعالجة المتضررين من التلوث، وبخاصة مرضى السرطان. لذا ركزت رؤية 2030 على الجوانب البيئية، منها زيادة الغطاء النباتي، وتقليل انبعاثات الكربون، ومكافحة التلوث، وتدهور الأراضي، والحفاظ على الحياة البحرية، وشدّدت على تحقيق المواءمة بين المتطلبات البيئية والمشاريع التنموية عمومًا، وبدأت المملكة في خلق المحميات البيئية، والمحافظة على البيئة البحرية، والبدء في إنشاء المدن الذكية، والتوسع في إنتاج الطاقة النظيفة بالرغم من توافر النفط لديها بكميات مهولة وتكلفة رخيصة. ذا لاين، ونيوم الكبرى، ومشروع البحر الأحمر من المشاريع الكبرى الصديقة للبيئة، التي تعتمد على الطاقة النظيفة، وتحتضن مشاريع بيئية متنوعة، ومحميات مهمة. قدمت المملكة في قمة مجموعة العشرين الافتراضية ملفًّا متكاملاً لحماية الأرض، والمساهمة العملية في المشاريع المحققة لذلك الهدف، منها «الاقتصاد الدائري للكربون»، وهو مشروع تبنته المملكة، وتعمل على تحقيقه بكفاءة عالية. لذا يمكن القول إن مبادرة السعودية الخضراء هي استكمال للجهود العملية التي تقوم بها المملكة في مساهمتها لمعالجة ملف التغير المناخي، في الوقت الذي تعتبر فيه مبادرة الشرق الأوسط امتدادًا لدور المملكة الإقليمي المحفز لدول المنطقة بالمشاركة في المشاريع الكبرى والطموحة الداعمة لأمن واستقرار وازدهار اقتصادات تلك الدول وسلامة بيئتها. مبادرة طموحة، تهدف إلى تكثيف زراعة الأشجار في المملكة، وإعادة تأهيل ملايين الهكتارات من الأراضي المتدهورة، ورفع نسبة المناطق المحمية، إضافة إلى عدد من المبادرات لحماية البيئة البحرية والساحلية. تقليل الانبعاثات الكربونية بأكثر من 4 % من الإسهامات العالمية التي تقدمها المبادرة، التي ستتحقق من خلال مشاريع الطاقة المتجددة التي ستوفر 50 % من إنتاج الكهرباء داخل المملكة بحلول عام 2030م، ومشاريع في مجال التقنيات الهيدروكربونية النظيفة وتدوير النفايات. مكافحة التغير المناخي جزءٌ رئيس من رؤية سمو ولي العهد التطويرية، والهادفة لخلق مستقبل أكثر خضرة، ونظافة واستدامة، بما يضمن حماية البيئة وصحة الإنسان، ويعزز القدرة التنافسية للمملكة، ويحد من الانعكاسات السلبية على الاقتصاد، والصناعة النفطية.