ينتهي الاسم أو الفعل المعربان بحرف هو (حرف الإعراب) الذي تظهر عليه الحركات أو تقدر، «وإنما حرف الإعراب في المعرب»(1)، والأصل في (حرف الإعراب) هذا أن يكون لام اللفظ، أي الدال من (زيد) والباء من (يضرب)، وقد يكون حرف الإعراب أصلًا من أصول اللفظ كالمثالين السابقين، وقد يكون مزيدًا على الأصل، قال الفارسي «والمعنيّ بحروف الإعراب هو نهاية الكَلِم المعربة سواء كان ذلك زائدًا أم أصليًا»(2)، كالتاء من (عنكبوت)، «وَهَذِه التَّاء هِيَ حرف الْإِعْرَاب تجْرِي مجْرى الْحَرْف الْأَصْلِيّ فِي تعاقب حركات الْإِعْرَاب عَلَيْهَا»(3). وكذلك ما ألصق من علامات التأنيث أو النسب، مثل «تاءِ التأنيث إذا اتصلت ببناء الاسم نحو: قائم وقائمة، فإنها تصير حرف الإعراب؛ لأنها صارت آخر الكلمة وتُخرِج ما قبلها عن تلك الصفة؛ لأنه قد صار بمنزلة حَشْوِ الكلمة»(4). وقال الفارسي عن (طلْحَةَ)، و(تميميّ) «ألا ترى أن حرف الإعراب في هذين قبل لَحاق التاء والياء بهما كان لام الفعل أو ما يقوم مقام لامِه من جَرْي الإعراب واعتقابه فلما ألحق هذان الحرفان صارا حَرْفَيْ الإعراب»(5). وقد يكون حرف الإعراب عين اللفظ لا لامه في المقلوب نحو: (الجائي) على وزن الفالِع حسب قول الخليل(6)، أو المحذوف اللام، قال ابن يعيش «وذهب المازني إلى أنّها [الأسماء الستة] معربة بالحركات، وأن الباء في (أبيك) حرفُ الإعراب، والخاء في (أخيك) حرف الإعراب، وكذلك الباقيةُ»(7)، وقال «وتُؤيِّده [المازني] عنده لغةُ من يُعْرِب بالحركات في حال الإضافة، نحوَ: (هذا أبُك)، و(رأيت أبَك)، و(مررت بأبِك)»(8)، ومثلها الأسماء (ابن، واسم، ويد، ودم) فكلها محذوفة اللام عندهم(9). وقد تكون حركة الإعراب على العين مقدمة عن حرف الإعراب، قال ابن جني «ويقولون في الوصل: (هذا بكْرٌ، ومررت ببكْرٍ) فإذا وقفوا فمنهم من يقول: (هذا بَكُرْ، ومررت ببَكِرْ)، فينقل الحركة إلى ما قبل حرف الإعراب»(10). وهذا هو المسموع في الحجاز اليوم. وقد يحذف حرف الإعراب والعلامة، وذلك في الترخيم، قال سيبويه «واعلم أن الحرف الذي يلي ما حذفت ثابتٌ على حركته التي كانت فيه قبل أن تحذف، إن كان فتحًا أو كسرًا أو ضمًّا أو وقفًا؛ لأنك لم ترد أن تجعل ما بقي من الاسم اسما ثابتًا في النداء وغير النداء، ولكنك حذفت حرف الإعراب تخفيفًا في هذا الموضع، وبقي الحرف الذي يلي ما حُذف على حاله، لأنه ليس عندهم حرفَ الإعراب. وذلك قولك في يا حارِثُ: يا حارِ، وفي سلَمَةُ: يا سَلَمَ، وفي بُرْثُنُ: يا بُرْثُ، وفي هِرَقْلُ: يا هِرَقْ»(11). ومنهم من يضرب صفحًا عن المحذوف، فيُجدّ حرف إعراب آخر، ومن شواهد ذلك ما عند سيبويه: «يَدعون عنترُ، والرماحُ كأنَّها ... أشطانُ بيرٍ في لَبان الأدهمِ جعلوا الاسم عنترًا وجعلوا الراء حرف الإعراب»(12). ونجدهم ذكروا حرف الإعراب حشوًا في حالة نادرة، على الرغم من قول ابن جني «ومحال أَن يكون حرف الْإِعْرَاب وسطًا وَلَا يجوز إِلَّا أَن يكون آخرًا طرفًا»(13)، وذلك (اللهمّ) الذي يزعمون أن النون فيه عِوض حرف النداء؛ لأنه لا يستعمل إلا في النداء، قال الفارسي «قال أبو بكر: التوفيق بين الميمين في (اللهمّ) وبين النون في (المسلمين) أن حرف الإعراب في المسلمين قبل النون، كما أن حرف الإعراب في (اللهمّ) قبل الميمين»(14). (للموضوع صلة) ... ... ... ... (1) الفارسي، التعليقة على كتاب سيبويه، 1: 26. (2) الفارسي، التعليقة على كتاب سيبويه، 1: 27. (3) الرماني، منازل الحروف، ص33. (4) الأنباري، الإنصاف، 1: 27-28. (5) الفارسي، التعليقة على كتاب سيبويه، 1: 26. (6) السيرافي، شرح كتاب سيبويه، 5: 287. وأما سيبويه فلا يرى القلب بل الاسم عنده جائئ بهمزتين ثم سهلت الهمزة الآخرة التي هي لام الاسم حرف الإعراب. (7) ابن يعيش، شرح المفصل لابن يعيش، 1: 154. (8) ابن يعيش، شرح المفصل لابن يعيش، 1: 154. (9) خالف الكوفيون في اسم فهو محذوف الفاء عندهم لأنه من الوسم. (10) ابن جني، المنصف شرح كتاب التصريف لأبي عثمان المازني، 1: 160. (11) سيبويه، الكتاب، 2: 241. (12) سيبويه، الكتاب، 2: 246. ومن يبقي الحركة كما كانت قبل الحذف هو على لغة من ينتظر، أي ينتظر ما حذف من اللفظ، وأما من يغير الحركة بمقتضى العامل فهو على لغة من لا ينتظر، انظر: ابن هشام، شرح قطر الندى، ص 214. (13) ابن جني، علل التثنية، ص 90. (14) الفارسي، التعليقة على كتاب سيبويه، 1: 342.