ولادة المها العربي ال15 في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل مدير جوازات المنطقة    نجاح عملية جراحية دقيقة لطفل يعاني من ورم عظمي    ضيوف الملك من أوروبا يزورون معالم المدينة    المملكة تستضيف الاجتماع الأول لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب .. غداً    فيصل بن بندر يرعى حفل الزواج الجماعي الثامن بجمعية إنسان.. الأحد المقبل    المملكة واليمن تتفقان على تأسيس 3 شركات للطاقة والاتصالات والمعارض    اليوم العالمي للغة العربية يؤكد أهمية اللغة العربية في تشكيل الهوية والثقافة العربية    "الوعلان للتجارة" تفتتح في الرياض مركز "رينو" المتكامل لخدمات الصيانة العصرية    الصحة تحيل 5 ممارسين صحيين للجهات المختصة بسبب مخالفات مهنية    قمر التربيع الأخير يزين السماء .. اليوم    القبض على ثلاثة مقيمين لترويجهم مادتي الامفيتامين والميثامفيتامين المخدرتين بتبوك    نائب وزير الخارجية يفتتح القسم القنصلي بسفارة المملكة في السودان    "سعود الطبية": استئصال ورم يزن خمسة كيلوغرامات من المعدة والقولون لأربعيني    تنفيذ حكم القتل بحق مواطنيْن بتهم الخيانة والانضمام لكيانات إرهابية    طقس بارد إلى شديد البرودة على معظم مناطق المملكة    أسمنت المنطقة الجنوبية توقع شراكة مع الهيئة الملكية وصلب ستيل لتعزيز التكامل الصناعي في جازان    اختتام أعمال المؤتمر العلمي السنوي العاشر "المستجدات في أمراض الروماتيزم" في جدة    "مجدٍ مباري" احتفاءً بمرور 200 عام على تأسيس الدولة السعودية الثانية    إقبال جماهيري كبير في اليوم الثالث من ملتقى القراءة الدولي    إصابة 14 شخصاً في تل أبيب جراء صاروخ أطلق من اليمن    «عكاظ» تنشر توصيات اجتماع النواب العموم العرب في نيوم    التعادل يسيطر على مباريات الجولة الأولى في «خليجي 26»    «الأرصاد»: طقس «الشمالية» 4 تحت الصفر.. وثلوج على «اللوز»    ضبط 20,159 وافداً مخالفاً وترحيل 9,461    مدرب البحرين: رينارد مختلف عن مانشيني    فتيات الشباب يتربعن على قمة التايكوندو    «كنوز السعودية».. رحلة ثقافية تعيد تعريف الهوية الإعلامية للمملكة    وفد «هارفارد» يستكشف «جدة التاريخية»    حوار ثقافي سعودي عراقي في المجال الموسيقي    رينارد: مواجهة البحرين صعبة.. وهدفنا الكأس الخليجية    «مالك الحزين».. زائر شتوي يزين محمية الملك سلمان بتنوعها البيئي    200 فرصة في استثمر بالمدينة    «العالم الإسلامي»: ندين عملية الدهس في ألمانيا.. ونتضامن مع ذوي الضحايا    5 حقائق حول فيتامين «D» والاكتئاب    سمو ولي العهد يطمئن على صحة ملك المغرب    التعادل الإيجابي يحسم مواجهة الكويت وعُمان في افتتاح خليجي 26    الحربان العالميتان.. !    رواية الحرب الخفيّة ضد السعوديين والسعودية    وزير الطاقة وثقافة الاعتذار للمستهلك    معرض وزارة الداخلية (واحة الأمن).. مسيرة أمن وازدهار وجودة حياة لكل الوطن    رحلة إبداعية    «موسم الدرعية».. احتفاء بالتاريخ والثقافة والفنون    هل يجوز البيع بسعرين ؟!    لمحات من حروب الإسلام    12 مليون زائر يشهدون أحداثاً استثنائية في «موسم الرياض»    «يوتيوب» تكافح العناوين المضللة لمقاطع الفيديو    السعودية أيقونة العطاء والتضامن الإنساني في العالم    مدرب الكويت: عانينا من سوء الحظ    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    وصول طلائع الدفعة الثانية من ضيوف الملك للمدينة المنورة    أمير القصيم يرعى انطلاق ملتقى المكتبات    ضيوف خادم الحرمين يشيدون بعناية المملكة بكتاب الله طباعة ونشرًا وتعليمًا    المركز الوطني للعمليات الأمنية يواصل استقباله زوار معرض (واحة الأمن)    الأمر بالمعروف في جازان تفعِّل المعرض التوعوي "ولاء" بالكلية التقنية    شيخ شمل قبائل الحسيني والنجوع يهنى القيادة الرشيدة بمناسبة افتتاح كورنيش الهيئة الملكية في بيش    الأمير محمد بن ناصر يفتتح شاطئ الهيئة الملكية بمدينة جازان للصناعات الأساسية والتحويلية    السيسي: الاعتداءات تهدد وحدة وسيادة سورية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مركز الملك عبدالعزيز التاريخي يعيد إحياء النسيج العمراني التقليدي
ملامح تراثية تعكس متطلبات الحي الإسلامي القديم

يعد مركز الملك عبدالعزيز التاريخي أحد أهم المراكز التي تضطلع بدور تاريخي مهم يحتوي بين جنبات أجنحته الإرث التاريخي الذي كاد يفقد، ولهذا مركز الملك عبدالعزيز هو رافد مهم للجيل الحاضر والقادم.
في هذه الحلقة نصحبكم في جولة لهذا الصرح التاريخي.
المناسبة والافتتاح
ارتبط افتتاح المركز بمناسبة غالية على قلوب الجميع وهي مرور 100 عام على تأسيس المملكة.
وقد افتتحه خادم الحرمين الشريفين حفظه الله في الخامس من شوال عام 1419ه.
وقد حظيت مراحل انشاء المركز باهتمام ومتابعة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز حيث وضع حجر أساس المركز عام 1418ه، وقد بلغت التكلفة الاجمالية للمشروع «680» مليون ريال.
الهوية العمرانية
عوامل رئيسة أسهمت في بلورة الهوية العمرانية التراثية لمركز الملك عبدالعزيز التاريخي نوردها بحسب نشرة تطوير بعددها 33.. في مقدمتها المناسبة المئوية التي أنشىء المشروع على هامشها، وطبيعة موقع المشروع الذي كان مقراً لمجمع قصور المربع التاريخية، ووجود بعض العناصر التراثية التاريخية في المشروع، وطبيعة المؤسسات الثقافية التراثية كالمتحف الوطني ودارة الملك عبدالعزيز، وأخيراً المنهجية العامة لتطوير وسط المدينة وضرورة التكامل مع برامج التطور في منطقة قصر الحكم، وسعي الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض لبلورة الهوية العمرانية للمدينة عبر الاستفادة من مفردات العمارة المحلية. يقدم مركز الملك عبدالعزيز التاريخي مستويات متفاوتة من العمارة التراثية، فعلى المستوى العام يعيد تصميم المركز احياء النسيج العمراني التقليدي، كما تستخدم جميع منشآت المركز مفردات العمارة التقليدية المحلية، وتسمح ممرات المركز والمناطق المفتوحة بتطوير حركة المشاة باعتبارها الأساس للتنقل ما يضفي أجواء تراثية حية على المكان.
كما روعي في تجديد العناصر الوظيفية القائمة ضرورة التجانس مع بقية منشآت المركز.
المباني الطينية
المباني الطينية في المركز خضعت لإعادة ترميم وفق أسس علمية باستخدام المواد المحلية، وهي تمثل عرضاً متحفياً للعمارة المحلية، كما أنها مهيأة لاستيعاب أنشطة ثقافية تراثية ومتحفية، في حين يقدم قصر المربع نموذجا خاصا لاعادة الترميم.
تقدم دارة الملك عبدالعزيزنموذجاً فريدا من العمارة التراثية حيث أقيمت على مخطط قصر الملك عبدالعزيز، وأعادت بناء بعض تكويناته العمرانية، أما المتحف الوطني فهو مبنى حديث يتجاوب بإيجابية مع العمران التراثي السائد في المركز من خلال عدم سيطرة مبنى المتحف على البيئة العامة في الموقع. وتداخلها مع التكوينات الطبيعية والمسطحات الخضراء، وينطبق ذلك على مباني مكتبة الملك عبدالعزيز وقاعة الملك عبدالعزيز للمحاضرات.
التراث العمراني
تولي الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض التراث العمراني عناية خاصة، سواء عبر برنامج الحفاظ على التراث التابع للهيئة الذي يتولى مسؤولية توثيق المباني التراثية في المدينة وترميمها، أو عبر المنهجية العمرانية التي تتبعها الهيئة في جميع مشاريعها التطويرية العمرانية، مثل برنامج قصر الحكم، وحي السفارات، ولقد أسهمت هذه المشاريع الحديثة وغيرها في بلورة الهوية العمرانية لمدينة الرياض، وكان لهذا النجاح الذي حققته هذه المشاريع في مجال تطوير سمة خاصة من العمارة التراثية أكبر الأثر في حفز بقية المشاريع التطويرية الرئيسية على تأكيد هذه الهوية وابتداع نماذج مطورة منها، ولم يقتصر هذا التوجه على المشاريع الكبرى وإنما تعداه ليشمل حتى المباني السكنية الخاصة التي يقدم بعضها نماذج راقية في بلورة الهوية العمرانية لمدينة الرياض.
مركز الملك عبدالعزيز التاريخي الذي قامت الهيئة على تطويره وانشائه يقدم صورة ديناميكية مفعمة بأنماط مختلفة من العمران التراثي الحديث، ويعتبر إحدى الركائز العمرانية الأساسية الموجهة للتطوير العمراني في المدينة، يركز هذا الموضوع على جانب العمران التراثي في مركز الملك عبدالعزيز التاريخي ومنهجية التعامل التي سلكتها الهيئة في تطويره.
المتطلبات التراثية في المركز
تأثرت السمة التراثية العمرانية لمركز الملك عبدالعزيز التاريخي بعوامل أساسية في مقدمتها طبيعة المناسبة التي أنشىء المركز على هامشها والمتمثلة في مرور
«100» عام على استعادة
الملك عبد العزيز -
رحمه الله -
لمدينة الرياض،
كما لعب
موقع المشروع
وطبيعة منشآته دوراً مهماً في توجيه تصميم منشآت المركز، فأرض المشروع في الأساس هي أرض مجمع المربع الذي عاصر بدايات تأسيس مؤسسات الدولة، وكان أول المباني التي أقيمت خارج أسوار الرياض، وشهد أبرز الأحداث التطويرية الأساسية في البلاد، من تأسيس الوزارات ومؤسسات الدولة، وبدء المؤسسات الخدمية، وتأسيس مشاريع المرافق العامة، كما ان عدداً كبيراً من منشآت المجمع ظلت قائمة، وإن بدرجات متفاوتة عن الحالة العمرانية، وفي مقدمتها قصر المربع «ديوان الملك عبدالعزيز» الذي يعد أهم العناصر التاريخية في المجمع الذي ظل محافظا على مبناه وقدراً كبيراً من أثاثه وموجوداته، كما بقيت في المجمع بيوت طينية سكنية كاملة من أشهرها قصر الملك عبدالعزيز، فضلا عن بقاء أجزاء من الأسوار والأبراج والآبار.
وكان لطبيعة المؤسسات الثقافية التي ستقام في المشروع دور تعزيزي نحو الاتجاه التراثي، فالمتحف الوطني مؤسسة ثقافية تعنى بتوثيق تاريخ البلاد عبر العصور، كما ان دارة الملك عبدالعزيز التي نقلت الى المركز هي الأخرى مؤسسة ثقافية تعنى بتاريخ البلاد وتراثها.
يقع مركز الملك عبدالعزيز التاريخي في الجزء التاريخي من مدينة الرياض، على مقربة من منشآت قصر الحكم، فكان من الضروري اعتبار عناصر التكامل والتجانس بين منشآت المركز ومنشآت قصر الحكم التي أصبحت بالاضافة الى مبنى المحكمة الكبرى بالرياض تمثل وحدة عمرانية متكاملة ومتجانسة، وستقوم بدور نقاط التوجيه ومحاور الارتكاز لتوجيه المشاريع العمرانية التطويرية في منطقة وسط المدينة بخاصة، وبقية أحيائها الحديثة بوجه عام.
كل هذه العناصر مجتمعة اضافة الى منهجية الهيئة في بلورة هوية الرياض العمرانية أدت الى الطابع المعماري الذاتي لمنشآت مركز الملك عبدالعزيز التاريخي.
تختلف منشآت المركز في مستوى العمارة التراثي ومنهجية الترميم واعادة التأهيل والدور المنوط بهذه المنشآت ما يمثل بيئة منوعة من المناهج العمرانية التراثية المختلفة، وفيما يلي أبرز هذه المستويات والأنماط التراثية.
بلورة هوية المكان
تعطي السمة العامة لمركز الملك عبدالعزيز التاريخي ملامح تراثية تتمثل في عدد من الجوانب، يأتي في مقدمتها الابقاء على النسيج العمراني القديم لمجمع المربع المكون من وحدات سكنية تتخللها أزقة ضيقة ومتعرجة، وعلى الرغم من الحداثة الشاملة لكل منشآت المركز إلا انه يعكس متطلبات الحي الاسلامي القديم،كما يتداخل المركز مع الأحياء المحيطة به ليشكل وحدة عمرانية متكاملة تخلو من التباين الشديد.
جانب آخر يتمثل في التصميم العام للمباني الذي يعكس مفردات العمارة المحلية بقوة في تصميم المباني وفي الفراغات البينية «بين المباني» ومستويات ارتفاعها المنخفضة نسبيا، واختراق حركة المشاة لهذه المباني من جوانب عديدة، كما تشكل المباني محددات طبيعية للفراغ سواء أكان ميدانا مفتوحاً أو ممراً أو حديقة دون الحاجة الى ايجاد حوائط خاصة تقوم بدور المحدد للفراغ، وهذه الميزة تتماشى مع مبادىء العمارة التقليدية التي تقوم على المشاركة وتبادل الوظائف، والاعتماد التكاملي في القيام بالوظائف العامة للحي القديم.
وتكتمل الصورة التراثية العامة للمركز ببيئة الحركة فهي في مجملها حركة خاصة بالمشاة «حركة السيارات متاحة في حدود ضيقة» تدعمها ممرات مصممة بأنماط مختلفة ومستويات متفاوتة في التجهيز، تنتشر خلالها أماكن الجلوس وبيئة الحدائق ما يعطي الجمهور شعوراً ايجابيا تجاه الحركة الراجلة، كما تفصل حركة المركبات عن حركة المشاة فصلا تاماً. فلا تكاد السيارة التي أصبحت جزءاً مألوفاً من الهيئة المعيشية العامة لا تكاد ترى في مركز الملك عبدالعزيز التاريخي.. ما يسهم في بلورة الصورة التراثية العامة له.
التجديد التكاملي
اشتمل مركز الملك عبدالعزيز التاريخي على عدد من المنشآت التي تؤدي دورها بكفاءة وتتمتع ببنية معمارية جيدة وهي مسجد الملك عبدالعزيز الذي جدد بناؤه عدة مرات ويعكس بناؤه مرحلة مهمة في نمو الرياض، وطريق الملك سعود الذي يمر عبر المركز، وأخيراً برج المياه الذي يشكل عنصراً أساسياً في شبكة مياه المدينة وأحد معالم الرياض، كان لابد من ايجاد صيغة عمرانية لدمج هذه المنشآت ضمن منظومة عناصر المركز مع الاحتفاظ بمقوماتها الحالية وأدوارها الحيوية.
أضيفت للمسجد جدران خارجية على غرار جدران بقية المنشآت الحديثة في المركز، كما أعيد تأهيل المسجد وتجهيزه وتأثيثه بالكامل ليتناسب مع المستوى الذي تتمتع به بقية عناصر المركز، واعتبر شارع الملك سعود رافداً لتوجيه حركة سكان المدينة عبر جنبات المركز ليشكل المركز جزءاً من الذاكرة اليومية لسكان المدينة. حيث وزعت المنشآت الرئيسية على جانبي الشارع وأعيد رصفه وتنسيق مرافقه الجانبية، وتجديد انارته وعناصره الجمالية بما يتناسب مع بقية العناصر الوظيفية والجمالية في أرجاء المركز، واتخذت الاجراءات الكفيلة بضمان حركة المشاة المتقاطعة مع حركة السيارات العابرة من خلاله.
حاليا يجرى الاعداد للإفادة من الميزة العمرانية لبرج المياه المتمثلة في علوه الشاهق نسبياً، واعادة تجهيز المطعم العلوي فيه، وتطوير الحديقة المحيطة به بنفس منهجية بقية حدائق المركز، وقد أعيد طلاء البرج بألوان تتناسب مع البيئة البصرية العامة لمنشآت المركز.
المعالم التراثية
تعرضت أجزاء كبيرة من أسوار مجمع المربع وأبراجه وبعض القصور للهدم، وبقيت أجزاء يسيرة منها يصعب الاعتماد عليها في تكوين عناصر وظيفية نظراً لذهاب معظم مكوناتها، لذا اعتبر فيها القيام بدور جمالي بصري بين منشآت المركز والاستفادة منها في حدود الأجزاء المتبقية منها، فأعيد ترميم أجزاء من السور، وأحد الأبراج القديمة، كما أعيد ترميم احدى الآبار وجعل المياه الجارية في الحديقة الوسطية تنبع قريبا منها، كما تم الحفاظ على أساسات أحد المباني «البيت الشمالي» في ارتفاع متفاوت لا يتجاوز المتر يساهم في العناصر الجمالية في الموقع ومكان للعب الأطفال، وخريطة حقيقية لنمط البيوت التقليدية القديمة في المنطقة.
ظل عدد من القصور السكنية في مجمع المربع محافظة على نسيجهاالعمراني ووحداتها الوظيفية الأساسية، وقد درست الهيئة عند تصميم المركز وتخطيطه عدة خيارات للتعامل مع هذا الوضع واستقر الأمر على اعادة ترميم هذه المباني، وتأهيلها انشائيا لتصبح كما كانت عليه في ماضيها، ونظراً لحجم هذه المباني الكبير نسبياً ووفرة غرفها وأفنيتها، فهي مهيأة لاستقطاب أنشطة ثقافية موسمية، وقد اتخذت الاحتياطات والتجهيزات اللازمة لتكون مهيأة للعروض المتحفية، أو عرض الفلكلور الشعبي، كما ان هذه المباني حتى بدون تأثيثها أو شغلها بنشاط معين تمثل معرضاً مفتوحاً للعمارة التراثية المحلية.
قصر المربع
يتمتع ديوان الملك عبدالعزيز «الذي اشتهر في مراحل متأخرة بقصر المربع» بمكانة تاريخية عالية، كما انه المبنى الوحيد في مجمع المربع الذي كان يلقى الرعاية والصيانة الدورية، التي حافظت على معظم مكونات المبنى في حال جيدة، مع الحفاظ على قسط وافر من أثاثه وتجهيزاته الأصلية، كما توفرت مادة أرشيفية كافية للأنشطة في القصر وطبيعة الأعمال التي كانت تتم في أجزائه، ويظل قصر المربع جزءاً لا يتجزأ من ذكراة الذين عملوا فيه، أو قصدوه سواء لزيارة الملك عبدالعزيز - رحمه الله - أو لمتابعة أعمالهم عند موظفي القصر، حالياً يمثل القصر عنصراً مهماً في مركز الملك عبدالعزيز التاريخي، ويقوم بدور متحف مصغر يوثق مرحلة تكوين مؤسسات الدولة، حيث أعيد ترميم مبنى القصر كلياً وفق منهجية علمية، استخدمت فيها المواد المحلية الأصلية، وشارك في الترميم بعض الذين شاركوا في بنائه قديما، وأعيد تأثيث حجرات القصر بما تبقى من أثاث محفوظ بعد تجديده، وخصوصا المجلس الصيفي والمجلس الشتوي، وأشهر مكاتب القصر، وبعض الحجرات الخدمية، كما أضيفت خزائن متحفية حوت معروضات حقيقية من فترة ازدهار القصر، وأضيفت لها لوحات تعريفية بها وبعناصر القصر، أعيد ربط القصر عبر أحد الجسور الثلاثة التي كانت في الماضي تربطه ببعض المباني والجامع، حيث يصل هذا الجسر الى مبنى دارة الملك عبدالعزيز التي انشئت على انقاض قصر الملك عبدالعزيز السكني، ويؤدي الجسر مباشرة الى قاعة الملك عبدالعزيز التذكارية في مبنى الدارة التي حوت مكتبة الملك عبدالعزيز ومكتبه الخاص وبعض أدواته الشخصية لتشكل قاعة مع قصر المربع وحدة موضوعية متكاملة.
المؤسسات الثقافية
المتحف الوطني أبرز المؤسسات الثقافية في المركز، وهو مبنى حديث بمواصفات متحفية عالمية، تكمن الجوانب التراثية فيه في تناسقه مع البيئة العمرانية للمشروع، ومن ذلك طبيعة المواد المستخدمة في تكسية جدرانه، وعدم سيطرة مبنى المتحف بالرغم من ضخامته على أرض المشروع، حيث يسمح المبنى باختراق حركة المشاة له في أكثر من موقع، كما تتداخل مسطحات الحدائق والبيئة الطبيعية مع تكوينات المبنى بما يحافظ على البيئة البصرية الخضراء للموقع.
قاعة الإنسان والكون
يبدأ العرض المتحفي بهذه القاعة التي تتنوع معروضاتها ضمن أربعة أجنحة رئيسية، حيث خصص الجناح الأول لموضوع نشأة الكون والأرض، والعوامل الطبيعية المؤثرة في تشكيل سطح الأرض الذي نعيش عليه، في حين يتعرف الزائر على الأحافير، وبعض العينات التي تعود الى ملايين السنين في الجناح الثاني.
وتشكل البيئات الطبيعية المختلفة في المملكة العربية السعودية موضوع الجناح الثالث. بينما خصص الجناح الأخير لأقدم الآثار المكتشفة عن حضارة الانسان في الجزيرة العربية في الأزمنة الغابرة.
قاعة الممالك العربية القديمة:
تضم هذه القاعة ثلاثة أجنحة تستعرض الفترة الممتدة من الألف السادسة قبل الميلاد الى الألف الثانية قبل الميلاد من تاريخ الجزيرة العربية، فقد خصص الجناح الأول للحضارات القديمة التي نشأت في أرض الجزيرة، والجناح الثاني للممالك العربية الوسطى، أما الجناح الثالث فيستعرض الممالك العربية المتأخرة.
قاعة العصر الجاهلي:
تمثل هذه القاعة الفترة التي سبقت ظهور الاسلام والمعروفة بالعصر الجاهلي، حيث يتعرف الزائر على أنماط الحياة الدينية والاجتماعية والسياسية التي سادت في المنطقة في ذلك الوقت.
وهناك استعرض لأهم المدن في تلك الفترة كمكة المكرمة والمدينة المنورة.
ويختم موضوع القاعة بحادثة الفيل التي تدل على قداسة مكة المكرمة وكعبتها المشرفة.
قاعة البعثة النبوية:
يمثل العهد المكي من سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم موضوع هذه القاعة الذي يبدأ بميلاد النبي صلى الله عليه وسلم ونشأته، يلي ذلك استعراض لأبرز أحداث سيرة النبي صلى الله عليه وسلم من نزول الوحي عليه في غار حراء الى خروجه مهاجراً الى المدينة المنورة.
قاعة الإسلام والجزيرة العربية:
يبدأ موضوع هذه القاعة بمقدم النبي صلى الله عليه وسلم الى المدينة المنورة وتأسيس مسجده، ويلي ذلك استعراض لأبرز أحداث العهد المدني من سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم حتى وفاته وذلك في الجناح الأول من القاعة، أما الجناح الثاني فقد خصص لعهد الخلفاء الراشدين، يليه جناح يمثل عهد الدولة الأموية، ثم جناح الدولة العباسية، وبعده جناح العهد المملوكي، وتختتم القاعة بجناح العهد العثماني.
قاعة الدولة السعودية الأولى والدولة السعودية الثانية:
تمثل تاريخ نشوء الدولة السعودية الأولى والثانية، وهي تتكون من جناحين يختص الأول منها بالدولة السعودية الأولى التي ظهرت على اثر ميثاق الدرعية بين الامامين محمد بن عبدالوهاب ومحمد بن سعود، وأهم أحداث تلك الدولة، ثم نهايتها على اثر حملة عسكرية قادها ابراهيم باشا.
أما الجناح الثاني فيستعرض الدولة السعودية الثانية، بدءاً بتأسيسها على يد الامام تركي بن عبدالله وانتهاء بخروج الامام عبدالرحمن الفيصل من الرياض.
قاعة توحيد المملكة:
تبدأ هذه القاعة باستعادة الرياض على يد الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - في 5 شوال 1319ه معلنة قيام الدولة السعودية الحديثة، وتمتاز القاعة بتصميمها الدائري حيث تظهر في محيطها الخارجي مناطق المملكة مرتبة حسب دخولها تحت لواء الدولة الفتية، وفي وسط القاعة يعرض فيلم وثائقي يحكي ملحمة توحيد المملكة.
قاعة الحج والحرمين الشريفين:
يمثل الحرمان الشريفان أقدس البقاع على وجه الأرض، وقد خصص لهما في المتحف الوطني قاعة مستقلة تستعرض تاريخ الحرم المكي والحرم المدني وتطورهما المعماري في العهود الاسلامية المتعاقبة.
كذلك حظيت مشاعر الحج المقدسة وطرق الحج بنصيب وافر من المعروضات الشائقة. ويمثل التطور المعماري والعمراني للحرمين الشريفين في عهد الدولة السعودية ورعايتها للحج موضوعاً أساسياً في القاعة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.