انتشرت العمارة في شبه القارة الهندية مع مطلع القرن الثاني عشر الميلادي، اذ اسست كل من السلالات التي حكمت الهند طابعا خاصا بها منذئذ، ولم تعرف شبه القارة الهندية قبل ذلك التاريخ الوفرة الغنى والتنوع التي حفلت به العمارة بعد القرن الثاني عشر، وتعرف العمارة بعمارة المغول نظرا للسلالات المنحدرة من جنكيز خان من جهة امه، والتي تأسست على يد بابور والذي ينتسب لتيمور المشهور، ونظرا لادراك المغول لاهمية العمارة في ارساء الحضارة وتأكيد الهوية، إبان الازدهار الذي ساد في عهد السلطان اكبر في القرن السابع عشر الميلادي، فقد عمد السلاطين المتتابعون من شاه جاهان الى اورانغزب وبابور، الى تخليد حكمهم باقامة الابنية العظيمة والمدن التي تشهد لهم. ويعلق احد المؤرخين للسلطان شاه جاهان بقوله، ان شغف السلطان باقامة المباني العظيمة كان من اعتقاده بأن ذلك جزء من مهمات الحاكم الناجح، فيما يقول المؤرخ قانداهاري للسلطان اكبر: يتحقق المجد للسلطان وتخليد اسمه ببناء عظيم، ولذلك يتبارى السلاطين في رفعة مكانتهم في التاريخ فيما يبنون من صروح تحمل اسمهم، وتروي كتب التاريخ ان العمارة المغولية حتى عهد اورانغزب (1658م- 1707م) لم يتحكم في تصميم البناء معماري بعينه، انما كان التصميم يتم اقراره من قبل لجنة يترأسها السلطان نفسه، ولذلك فقد كان النمط المعماري السائد في كل من الفترات التي سبقت اورانغزب يتحدد غالبا بذوق السلطان الحاكم في تلك الفترة، ومن هنا يمكن القول ان العمارة المغولية في معظم فتراتها قد كانت نتيجة اذواق الطبقة الحاكمة والسلاطين، بل وكانت تحمل اسم السلطان الذي حكم تلك الفترة كنمط معماري سائد. ومن هنا فيمكن النظر لتاج محل الشهير بالهند على انه احد الابنية التي خلدت ذكرى شخص اذ انه ضريح لزوجة كبار الاثرياء اكثر من انه بناء يدل على هوية فترة زمنية او نمطية معمارية، وبالنظر الى مجموعة من المباني التي تتخذ نفس الطابع يتبين ان المبنى يشترك مع العديد من غيره في سمات عامة انتشرت في تلك الفترة، وان المبنى لا يتميز بمفردات او عناصر معمارية معينة تميزه كضريح، بل على العكس، يشترك مع مدافن وأضرحة أخرى بنفس التفاصيل المعمارية، اذ توجد القباب البصلية والابراج الاربع التي تتربع على اطراف الساحة التي يعلو عليهاالمنشأ، وهي احدى سمات العمارة في تلك الفترات، بالاضافة الى اساليب البناء باستعمال العقود المتراكبة والاقواس المدببة، ومما يؤكد ذلك ان مباني دينية كالمساجد التي بنيت بفترات مماثلة او لاحقة تحوي تفاصيل مشابهة وتتكون من نفس الطبيعة البنائية، ومن هنا فتتلخص الفكرة بأن العمارة المغولية قد مثلت عمارة فترات حكم والتي غلب عليها الفردية السلطوية اكثر من انها عبرت عن انعكاسات اجتماعية مباشرة، وكانت العمارة غالبا تجسيدا لطموحات السلطان اوالطبقة الحاكمة دون العامة من الناس، وبذلك فيمكن القول انه من الاجحاف ان تتم نسبة العمارة التي تنبع من هذه الدوافع لنمط اعم، بل هي خاصة بكل فترة وبالظروف التي انتجتها، من سياسية واقليمية، وبخاصة بالنظر الى وظيفة معظم المباني والتي لا تتعدى كونها اضرحة او شواهد لتخليد افراد ويقتصر استعمالها على فترات زمنية محدودة، بالاضافة الى الصرحية التي تشاهد في تركيبتها، حيث تعلو المباني مصاطب وتقف منفردة تشرف على المحيط بها من خلال محاور تمتد عبر البصر، وبخلاف التكوينات المعمارية والمعالجات الدقيقة والتفاصيل الجميلة ينبغي النظر الى المبنى ككل وتقييم مدى اسهامه للحضارة والشعب دون النظرة الفردية المحدودة التي لا تراعي الا محدودية الفرد وخصوصيته.