حقاً «إنه المعلم» الشعلة المضيئة في حياتنا وحياة فلذات أكبادنا.. كم يحترق ليبني أجيالاً مفعمة بالعلم والنشاط والحيوية، كم يذوب ليزرع معلومة جديدة وصحيحة في عقول فلذات أكبادنا.. كم يتعب ويعاني لخلق جيل واع متعلم مثقف، مؤدب ليكون رجل المستقبل وساعد الأمة «حقاً إنه المعلم». من يقضي ثلاثة أرباع يومه في التعليم والبحث والمعرفة والاجتهاد ليكون رائعا أمام طلابه ينهلون من العلم ويقبلون عليه بلهفة لأن معلمهم واثق من نفسه، وواثق من معلوماته وواثق من أن طلابه يحبونه لأنه معلم وأب مثالي وحنون، ومعطاء بلا حدود. «حقا إنه المعلم» وما تكريم المعلم إلا جزء يسير من رد معروفه وتكريمه لعطائه المخلص البناء «حقاً إنه المعلم» فعلينا تكريمه، وعلينا احترامه، وتقديره، ومحبته. قم للمعلم وفه التبحيلا كاد المعلم أن يكون رسولا قال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: «ليس من أمتي من لَمْ يجل كبيرنا، ويرحم صغيرنا، ويعرف لعالمنا حقه». وقال الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه: «من حق العالم عليك أن تسلم على القوم وتخصه بالتحية، وأن تجلس أمامه ولا تشير عنده بيدك، ولا تغمز بعينك غيره، وإن كانت له حاجة سبقت القوم إلى خدمته إلى أن قال: فإنما هو كالنخلة تنتظر متى يسقط عليك منها شيء». فهكذا كان قديما تكريم المعلم والعلماء. إن تكريم المعلمين الذين قامت به وزارة المعارف لهو استمرار للنهج الاسلامي في تكريم المعلم وأهله والذي بدأه معلم البشرية عليه الصلاة والسلام الذي علمنا أن الملائكة لتضع أجنحتها رضاء لطالب العالم. ولاشك أن الانجاز اليومي الذي يحققه المعلم هو أعظم جائزة لفلذات أكبادنا ولكنه لا يعفينا من المسؤولية الاجتماعية والأخلاقية تجاه المعلمين.ففي يوم تكريمك أيها المعلم لابد أن نعمل جميعا لتحقيق عدد من الأهداف التي تهمك وهي ضرورة الحفاظ على مستوى معيشي ملائم لك، وتقديم كافة أنواع التكريم المادي والأدبي وضرورة الاستمرار في توفير برامج تدريب المعلمين قبل وأثناء الخدمة التي تؤدي إلى تطوير المعلمين علميا ومهنيا مما يسهم في تحقيق مستويات أعلى من تمهين التدريس. «حقا إنه المعلم» واليوم يجيء تكريم المعلم الذي نهجته وزارة المعارف رافداً خيِّراً منطلقاً من فكر رائد يستنهض همة المجتمع بأفراده ومؤسساته ووزاراته لتقدير دور المعلم فهنيئاً للمعلم بيوم تكريمه. وهنيئاً لفلذات أكبادنا بمعلمين أكفاء جادين معطائين ومربين أكفاء. وهنيئاً بأوطاننا إنشاء وتربية أجيال متعلمة تساند أمتها وأوطانها وتكون شعلة مضاءة في سماء الوطن. وبعد: حقاً إنه المعلم شعلة من العطاء والنور وحقاً اطلبوا العلم ولو في الصين وحقاً منْ طلب العلا سهر الليالي وحقاً العلم نور والجهل دمار وحقاً منْ علمني حرفاً صرت له عبداً ألم أقل في البداية «حقاً إنه المعلم». لحظة دفء: المعلم شجرة كثيرة الثمار وتحية لكل معلم جاد ومعطاء. *** الأمن كلمة عميقة في معانيها ترتبط برباط وثيق بحياة المواطن واستقرار النفس والوطن وتنميته. الأمن يعتبر من الثوابت الرئيسية لعجلة التطور والتنمية في البلاد. هناك علاقة قوية بين الأمن والتنمية.... فمن أجل تحقيق الرفاهية الاقتصادية والتنمية والتطور المستمر في حياتنا والابتعاد عن ما يعكر ويفسد نقاء ونظافة المجتمع، يجب علينا أولاً تثبيت وتطبيق قواعد وأنظمة وأسس الأمن والاستقرار في حياتنا اليومية، وذلك بالتعاون المكثف الداخلي مع رجال الأمن الذين يعملون لخدمة الوطن والمواطنين حتى تحدث التنمية والتطور الاجتماعي في البلاد. فالأمن والاستقرار والتنمية يسيران في خط واحد بدون توقف فإذا فقدنا الأمن سوف نفقد الكثير من حقوقنا الإنسانية وسوف تتوقف عجلة التنمية والتطور في مجتمعنا. ومما لا شك فيه أن عالم اليوم يعاني من ظاهرة خطيرة في حق الإنسانية، تهدد منطقتنا ومجتمعاتنا العربية والإسلامية، وهذه الظاهرة هي عمليات الإرهاب، العدو الأول للأمن والاستقرار. ويمكن القول هنا، بأن الإرهاب Terrorism كلمة جديدة على المجتمعات العربية والإسلامية، وهي ليست مألوفة أو معروفة في القاموس العربي، وهذه الكلمة من صنع الغرب وليست من صفاتنا العربية الإسلامية. «الإرهابيون Terrier» كمصطلح أجنبي يعني في اللغات الأجنبية القديمة مثل اليونانية أو اللاتينية: «حركة من الجسد تفزع الغير» ويعرف لنا قاموس الأكاديمية الفرنسية بأن الإرهاب نظام عصر الرعب، وأن الإرهابي هو الشخص الذي يحاول فرض وجهة نظره بطريقة قسرية تثير الخوف. وكذلك قال الفرنسيون في تعريفهم للإرهاب «إنه عمل همجي يتم ارتكابه على إقليم دولة أخرى بواسطة أجنبي ضد شخص لا يحمل نفس جنسية الفاعل بهدف ممارسة الضغط في نزاع لا يعد ذا طبيعة داخلية» المصدر (مجلة الدبلوماسي العدد، 13، (صفحة10)، 1410ه - 1990م. لذا، أصبحت مسألة الإرهاب تشغل عقول المتخصصين في الشؤون السياسية والدولية والباحثين في علم النفس وعلم الاجتماع. وهناك عدة دراسات تمت عن الإرهاب وأسبابه وقد كشفت الدراسات والبحوث أن الإرهاب هو أسلوب من أساليب الصراع النفسي والاجتماعي يصيب عقول شريحة من أفراد المجتمع من أجل تلبية رغباتهم وشهواتهم الإجرامية. وعلى الرغم مما حققه العالم اليوم من صناعات وتقنيات وأجهزة متطورة وحديثة في مجال الأمن ومكافحة الإرهاب، إلا أننا نجد أن عمليات الإرهاب قد ازدادت في أيامنا هذه، فقد تنوعت أعماله على الصعيد الدولي وكذلك على الصعيد الداخلي مما تسبب في قتل الأبرياء من الأطفال والنساء وخطف الطائرات والدبلوماسيين الذين تحت الحماية الدولية وحجز الرهائن وتدمير المنشآت العسكرية والمدنية مثل المطارات المدنية ومراكز التسوق والمجمعات التجارية. وكذلك الاغتيالات السياسية وتدمير المنازل والتخريب والتفجير والهجوم على المصالح الأجنبية والمحلية. وعلى هذا الأساس يمكن القول بأن، كل هذه العمليات الإرهابية هي انتهاك لجميع القوانين والتقاليد الدولية المعروفة في نظام وميثاق هيئة الأممالمتحدة والمتفق عليه من قبل الدول الأعضاء. والإرهاب مشكلة لا تخص أمة بعينها أو فئة بذاتها أو منطقة دون غيرها، حيث إنها تخص المجتمع الدولي بأسره باعتبارها قضية عالمية تستدعي عملاً دولياً مشتركاً لعلاجها. هذا ويلاحظ، ان الإرهاب يعتبر نوعاً من أنواع التحديات التي هدفها إثارة الشكوك السياسية والاتهامات وزعزعة الأمن والاستقرار بين الناس الأبرياء. ومن الطبيعي أن يرتبط.. هذا العمل مع صميم الأعمال الإجرامية والعدوانية التي ضد حق الإنسانية والسلام، ونجد الذين يقومون على تنفيذ هذه الأعمال منظمات عدوانية تعشق الرعب وتتمتع نفسياً بتخويف الناس وإشعال الكراهية بين الدول. وقد فشلت بعض الدول التي تعاني من وباء ومرض الإرهاب من استئصاله، بل فشلت في تحديد مفهوم وأهداف الأعمال الإرهابية التي يقوم بها الإرهابيون في بلادهم أو خارج بلادهم. ومن ناحية أخرى، نجد أن صفات وتصرفات هؤلاء الإرهابيين، العنف والقسوة والكراهية والتحريض على ارتكاب الجرائم ضد المواطنين والازدواجية الشخصية في تنفيذ أعمالهم الإجرامية ضد حقوق وحرية الأناس الأبرياء من أجل الشهرة والتسلية وزراعة داء الفتنة بين المجتمعات المختلفة. طبعاً هناك شعور عام تجاه جميع هذه الممارسات التي تعتبر جرائم والفاعل يصنف ويتصف بصفة المجرم الذي لا يخاف الله في أفعاله، لأن جميع القوانين الشرعية والقانونية تدين وتحارب هذه الظاهرة مع تطبيق أقصى العقوبات ضد الفاعل مع وضع ستار قوي حديدي أو حواجز وقائية ضد أي عمليات إجرامية إرهابية تخل بالأمن وأنظمته. فيجب علينا تأسيس فريق عمل أمني لمكافحة الأفكار الهدامة ضد الإسلام والعروبة والسلام وعدم التسامح أو الرحمة أو التعاطف، بل يجب علينا استنكار جميع الأفعال الإرهابية التي تنسب إلى ديننا الإسلامي الحنيف. ومن هنا فإنه، لا بد ان نعلم وندرك جميعاً نحن العرب وجميع المسلمين حول العالم بأن هناك فئات وجماعات يتجولون حول العالم يستخدمون الدين الإسلامي غطاء وستاراً للأفعال الإرهابية من أجل تشويه صورة الإسلام. ولا شك ان هذه الخطوط أو الاتجاهات، أخطر أساليب الدعوة التي تهدد ديننا الحنيف وانتشاره عالمياً. ويكفي أن نقول وبكل فخر واعتزاز، أن الدين الإسلامي صاحب منهج قوي وواضح في تطبيقه، إنه من أجمل الأديان، حيث يجد الإنسان في منهجه الحماية والأمان والراحة والهدوء والاطمئنان بمبادئه وتعاليمه. الدين الإسلامي نعمة من نعم الله الكبرى، لأنه يحثنا على التعاون والتعاطف وهو دين الأمانة والنزاهة والصدق والحق والنور. فيجب علينا التسلح بسلاح الإسلام لمواجهة الاتهامات ضدنا نحن المسلمين وعدم التهاون، بل يجب التركيز على تسيير أمور حياتنا تحت مظلة الدين الإسلامي التي من أهدافها السلام. بهذه الطريقة نستطيع الاستمرار في تكوين أمة عربية قوية وصلبة تتحدى أي مواجهات أو تيارات إرهابية هدفها هدم الشعور والروحانية والخشوع الإسلامي بين صفوف المسلمين وذلك عن طريق نشر السلبيات ضد مبادئه ومناهجه بهدف الإساءة اليه وتدمير قوته وسيطرته الدولية والحد من انتشاره عالمياً. ويمكن القول هنا وبكل صراحة... إن السياسة الأمنية في المملكة العربية السعودية تعتبر نموذجاً فريداً ومميزاً مقارنة بالدول الأخرى التي تعاني من مشاكل الإرهاب. والخطوط العريضة لهذه السياسة واضحة، حيث إنها تعمل بالأنظمة الشرعية الإسلامية التي هي الثوابت الرئيسية في أمننا واستقرارنا الاجتماعي والوطني. والقيادة السعودية المتمثلة بقائدها خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز، وصاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز، ولي العهد بابها مفتوح لتلبية جميع حقوق الإنسان. من هذا المنطلق، سارت المملكة على هذا المنهج الإسلامي السليم الذي ساعدها على تثبيت الأمن والاستقرار والازدهار في ماضيها وحاضرها. فالأمن والاستقرار يعملان تحت مظلة واحدة، وزارة الداخلية، الذي يقوم بإدارتها رجل الأمن والإعلام المحبوب صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز، وزير الداخلية. أستطيع أن أذكر هنا لمحة عن شخصية سموه، لأنه لا تمر علينا نحن أبناء الشعب السعودي أية مناسبة رسمية تتعلق بالأمن وراحة ورفاهية المواطن واستقراره، إلا ونستمع فيها إلى توجيه أو حديث أخوي صادق من قلب سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز -رعاه الله-. ففي مختلف أحاديثه وكلماته ونصائحه يلمس ويدرك المستمع والقارئ والمشاهد السعودي المصداقية وراحة البال والاطمئنان. سمو الأمير نايف شخصية رجل الأمن الذي يملك القدرات القيادية الأمنية العادلة والنخوة العربية عند الحاجة، فنجد روحه مبنية على الولاء والانتماء لخدمة الوطن والمواطن. فقد أعجبني ما ذكره سموه عن عمليات الإرهاب في كلمته التي ألقاها في الاجتماع الحادي والعشرين لوزراء الداخلية بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي تم عقده في مسقط (نص منقول مباشرة من الكلمة التي نشرتها جريدة البلاد): «تدركون جميعاً أن العالم يمر في مرحلته الحالية بمتغيرات كثيرة... تستوجب المعايشة والإعداد لكل متغير... بما يضمن أمن واستقرار دولنا لتواصل نموها.. وتحافظ على منجزاتها وإذا كان الأمن بكل معانيه هو الأساس للاستقرار والرخاء والثبات وتحقيق التطلعات.. فإن مسؤوليتنا جميعاً تتعاظم مع تعاظم الأحداث وتداعياتها... ولا بد من تسارع الخطى نحو توحيد الجهود ومضاعفتها... وتعلمون «أيها الإخوة»، أنه إذا كان للأحداث والمتغيرات التي يشهدها عالمنا اليوم من مغزى أو حكمة تذكر فإنها تكمن في وجوب توحد شتات جهوده ومجتمعاته وحكوماته في مواجهة ما يهدد وجودها من مخاطر الإرهاب في أطواره الفكرية والمادية وانعكاسات على الأمن والسلام الدوليين... وأن يعي الجميع حقيقة أن الحفاظ على كرامة الإنسان أساس في كل الأديان والأعراف دون تمييز لعرق أو لون أو دين... كما يجب الاعتراف بصدق أن الإرهاب ظاهرة عالمية لا ترتبط بدين أو بأمة أو بمجتمع دون غيره (جريدة البلاد، العدد 16831، صفحة 5، تاريخ 3/8/1423ه الموافق 9/10/2002م). إن ما ذكره، سمو الأمير نايف في اجتماع وزراء الداخلية لدول مجلس التعاون الخليجية العربية في (مسقط)، صحيح وواقعي في دول المجتمع الدولي. فيجب علينا مكافحة الإرهاب من أجل البقاء والاستقرار والسلام... فكلمة سموه بمعانيها وأهدافها غرست في نفوسنا الثقة والشجاعة والتضحية لمحاربة الإرهاب والإحساس بالأمان في حياتنا اليومية، والابتعاد عن الضغوط النفسية والخوف والرعب الذي أوجده الإرهاب بصورة مستمرة أو شبه دائمة في حياتنا. لأنه، لا تكفي إجراءات الوقاية الأمنية ضد الإرهاب وحدها مهما كانت درجة كفاءتها في القضاء عليه، فمن الضروري إيجاد ضوابط وأنظمة تساعدنا على الانضباط السلوكي عند الإنسان ومجتمعه. وكذلك من الضروري وضع إستراتيجية أمنية دولية قاسية في تنفيذها ومنظمة لحماية المصالح العامة والخاصة والتصدي بجميع ما لدينا من قوة أمنية وتعاون دولي ضد الإرهاب وعدم التنازل عن معاقبة الإرهابيين العاملين ضد الإنسان وحياته وحقوقه وحريته وأمنه واستقراره. [email protected]