لم تكن إستراتيجية صندوق الاستثمارات العامة التي أعلن عنها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان موجهة لتعظيم أصول الصندوق وزيادة معدل العائد على استثماراته المالية فحسب، بل تتجاوزها إلى «الاستثمار في مستقبل المملكة والعالم». فتنمية القطاعات الواعدة، وتنفيذ المشروعات العملاقة، وتحقيق النقلة التنموية الكبرى المتوافقة مع احتياجات المستقبل، وتحقيق الاستدامة المالية في حاجة إلى استثمارات ضخمة، وإدارة حصيفة قادرة على تحقيق تلك الأهداف الطموحة المنبثقة عن رؤية المملكة 2030 . تحول صندوق الاستثمارات العامة منذ إعادة هيكلته، إلى قاطرة الاستثمارات التنموية في الداخل، وجسر لجذب الشراكات العالمية والاستثمارات النوعية الموجهة نحو القطاعات المستهدفة بالتنمية. الربط بين الفرص الاستثمارية الواعدة ذات العوائد المرتفعة، والجاذبة للاستثمارات النوعية، وإستراتيجية التنمية الوطنية التي تحاكي المستقبل؛ من الرؤى المتميزة التي تعتمد التوجيه الاستثماري والمشاركة أساساً لها وبما يحقق هدف تنويع مصادر الاقتصاد وتنمية القطاعات الواعدة وتعزيز الاستدامة فيها، وهي رؤية سمو ولي العهد لصندوق الاستثمارات العامة التي أصبحت من محركات نمو الاقتصاد الوطني، ومحفزات الاقتصاد العالمي حيث الفرص النوعية في القطاعات المهمة، ومن أدوات مواجهة المتغيرات الاقتصادية الطارئة، ومنها جائحة كورونا وانعكاسها الحاد على أسعار النفط والإيرادات العامة. تحقيق الاستدامة المالية من أهم أهداف القيادة لتجنيب البلاد والعباد مفاجآت أسواق النفط غير المستقرة وبالتالي التأثير على الإيرادات الحكومية المحرك الحقيقي للاقتصاد في الوقت الحالي. تحقيق الاستدامة المالية وتنمية الإيرادات غير النفطية هي الضامن بعد الله لاستمرار عجلة التنمية وتحقيق الأهداف الطموحة. وأحسب أن صندوق الاستثمارات العامة ومن خلال استثماراته بعيدة المدى يحقق ذلك الهدف الإستراتيجي. ضخ الصندوق ل 150 ملياراً سنوياً خلال العام الحالي والأعوام القادمة يعني ضخ ما مجمله 750 مليار ريال في قطاعات الاقتصاد المختلفة وهذا سيعزز النمو ويحفز قطاعات اقتصادية جديدة، ويخلق المزيد من فرص العمل، وتوفير إيرادات إضافية للدولة، تعود بالرفاهية والرخاء على جميع المواطنين، ويسهم في خلق فرص استثمارية نوعية للقطاع الخاص الذي يعتبر شريكاً رئيساً للحكومة والصندوق في التنمية المحلية. برغم أهمية ضخ الاستثمارات في الاقتصاد المحلي، ينتهج الصندوق آلية استثمار متوازنة، محلياً ودولياً، ما يضمن، بتوفيق الله، تحقيق العائد الأفضل واقتناص الفرص وتنويع الاستثمارات، من حيث الأصول، وتوزيعها على الأسواق العالمية وبما يحقق الأمان الاستثماري، إضافة إلى ما يحققه من تحفيز للقطاعات الاقتصادية الواعدة محلياً، واستثمار المقومات التنافسية المتاحة، وعقده شراكات دولية تسهم في جذب الاستثمارات الأجنبية، ونقل المعرفة للسوق المحلية وتوطين التقنية. إعلان سمو ولي العهد لإستراتيجية صندوق الاستثمارات العامة، تضمن الإعلان عن مؤشرات أداء الصندوق خلال السنوات القليلة الماضية، ومنها مضاعفة أصول الصندوق ليصل إلى 1.5 تريليون ريال، ومساهمته في تفعيل عشرة قطاعات جديدة، واستحداث 331 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة حتى نهاية الربع الثالث لعام 2020 إضافة إلى دوره الفاعل في قيادة مشروعات عملاقة في نيوم والبحر الأحمر والقدية وذا لاين. تعظيم الاستثمارات العامة، وتفعيل دورها في التنمية الاقتصادية، وتمكين القطاع الخاص وتحقيق الاستدامة المالية والاستثمارية وخلق شراكات دولية وتوطين التقنية وتعزيز المحتوى المحلي من ركائز الإستراتيجية الجديدة التي ستنعكس على قوة المملكة الاستثمارية، والتنمية عموماً، ورفاهية المواطنين. تُشكل استثمارات الصندوق استثماراً في مستقبل المملكة ومواطنيها والعالم، وفق رؤية طموحة يقودها مهندسها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بكفاءة واقتدار نحو مستقبل واعد واقتصاد مزدهر، بإذن الله.