لا يمكن لأي جهة أن تؤكد لك بأنَّ (الجبن السائل) الذي تشتريه من البقالة هو جبن حقاً، قد يبدو الأمر غريباً للوهلة الأولى ولكنَّها الحقيقة، أنت الوحيد الذي تعتقد أنَّك تناولت جبناً في الصباح، بينما البائع والصانع والمستورد وحتى المُراقب لا يمكنهم الجزم بأنَّك اشتريت وتناولت جبناً بالفعل، آخر مرَّة تحدثت فيه هيئة الغذاء والدواء عن مكونات (الجبن السائل) كان قبل 4 سنوات تقريباً، عندما أثبتت علمياً ومخبرياً أنَّ هذا الذي يطلق عليه (جبن) هو مجرَّد مستحضرات مطبوخة من (القشدة والحليب والزبدة). في مجتمعات أخرى قيل هي مستخلصات زيوت نباتية قابلة للدهن وشبيهة بالجبنة، والشبيه في عالم الغذاء لا حصر له، أشهره شبيه العصير أو نكهة العصير، ومنه شبيه اللبن، وشبيه الحليب، وشبيه القشطة، الأمر قد يختلط على المستهلك ليصل إلى أنَّ بعض ما يطلق عليه (عسل) في الأسواق ما هو إلا (سكر مُذاب)، تصدق هذا أو تكذبه ما تعلنه الجهات الرقابية من وقت لآخر حول كشف مصانع تمارس مثل هذا التحايل والتلاعب بالتصدِّي له، في ظل تباين وضعف دور حماية المستهلك. يحسب لوزارة التجارة وهيئة الغذاء والدواء إلزام التجار بتوضيح نوعية المنتجات وكتابة المسمى الصحيح للمكونات، ما لا يمكن تفسيره هو إصرارنا كمستهلكين على شراء (شبيه الجبن) على أنَّه جبن، وشراء الشيرة على أنَّها عسل، ونكهة العصير على أنَّها عصير، نقرأ ما كتب بخط صغير، ونصدق ما كتب بخط كبير، لا تفسير منطقياً لما يحدث إلا أنَّه عدم وعي، أو هو إقرار بأنَّ التماشي مع أسعار الشبيه أفضل من التورط في سعر المنتج الأصلي، بينما الحقيقة أن سعر الشبيه بات أغلى في بعض الأحيان. وعلى دروب الخير نلتقي.