قرأت ما كتبته فاطمة التركي في جريدة الجزيرة العدد 10909 الصادر يوم الاحد 2 جمادى الآخر 1423ه حول النصائح قبل السفر للشباب والشابات وتعقيباً على الموضوع الذي طرحه الكاتب عبدالله الكثيري.. وطلبت الرد على ذلك. وهذا هو ردي لك: أولاً: اسمحي لي بأن ادعوك أستاذتي لأن من كتبت مثل تلك الكلمات لابد لنا أن نتخذها استاذة. ثانياً: بالرغم من تقلبات الدهر وظهور أقوام وفناء اقوام إلى أن استقر بنا الحال إلى هذه الحياة التي نعيشها حالياً وما نراه من تطور له ايجابياته، ومن المؤكد التطور بما أن له ايجابيات وله الكثير من السلبيات، وكلما زاد التطور والتكنولوجيا زادت هذه السلبيات إذاً العلاقة بينهما علامة طردية ذكرتني يا استاذتي تلك الفتاة التي تنزع حجابها في الطائرة وذكرتني ذلك الفتى الذي يستعرض رجولته أمام الجنس اللطيف، واردت أن يقف كل منهما أمام المرآة ليسأل نفسه وذاته عن تلك التصرفات وأنا احدى هؤلاء الشباب الذين عاشوا هذا الزمن، ومن المؤكد أن أعرف جزءاً من مشاكلهم ولماذا ذلك؟ إلى نهاية التساؤلات. لكن سوف أبدأ أناقش معك الموضوع من وجهة نظري أنا وسوف أسرد لك الفكرة السائدة لدى الكثير من الشابات في هذا الزمن.. استاذتي في ظل الانترنت وعبر اثير القنوات الفضائية ضاعت مفاهيم كثيرة وتبدلت اساسيات كانت ترتكز عليها معظم المنازل «وهذا من المؤسف حقاً» أصبح الكل يركض خلف التطور المنشود، ويحشر ارنبة انفه بما لا يعرف الجميع يدخلون في نقاشات عقيمة ويعملون أعمالاً تميل إلى السذاجة اكثر من التعقل إذاً.. أصبحوا تحت شعار واحد. يهرف بما لا يعرف.. أصبح الأب يركض خلف المادة أو تراه يحمل أبناءه إلى السفر الخارجي.. «وهذا ما أراه واسمع شكوى كثير من الفتيات منه لذلك لم يأت هذا الكلام من فراغ». وانت تعلمين ما يختبئ خلفه السفر الخارجي إذا كان بدون رقابة.. ومن جهة أخرى أسمع كثيراً من الفتيات ممن يشكين إلي بأن الخيط الوحيد الذي يربطهن بأهلهن هو المادة وللاسف.. لا أريد بأن أجور على البقية الاخرى من الآباء ولكن يا معلمتي نادراً ما نجد أباً يستحق هذا اللقب إلا من رحم الله وأعتقد أن الأب مسؤول مسؤولية نصفية عن الأبناء.. لأن نصف المسؤولية الآخر يقع على عاتق الأم، وإلا لماذا سمي الزواج بمسألة مشتركة؟ أما الأم الحنون فهي لم تعد مثل قبل.. دعينا نتطرق إلى المرأة العاملة أولاً: تراها تخرج منذ الصباح الباكر إلى العمل.. قبل الذهاب هل اعددت طعام الافطار لاولادك بنفسك أم استعنت بالخادمة؟ هل طبعت قبلة حانية على جبين ابنائك؟ كثير منا ينسى ذلك في لحظة استعجال مع أن هذه الاشياء البسيطة لها وقع أكبر في نفسية الأبناء. ثانياً: رأيت غيرك يعطي ابنته هاتف النقال «الجوال» فأردت مثلهم اعطاء ابنتك حتى لا تجعليها أقل.. أنا معك في ذلك إن ابنتك من المفترض ألا تكون أقل من زميلاتها ولكن: اسألي نفسك أليس ذلك من القيل والقال وكثرة السؤال واضاعة المال؟ أنت أيتها الأم من احضرت ذلك الهاتف لابنتك هل تستطيعين أن تكوني خلف ابنتك وتعرفين من تحادث بالطبع لا.. لأن ذلك من التعجيز قد تفلت ابنتك منكم بلحظات تخلو بها مع الهاتف في هذه اللحظات تحدث مشكلة عندما تكتشفينها بعد مدة تجدينها قد استفحلت ولحظتها ترفض الفتاة أن تترك ما تعتقده حباً وهو في الحقيقة حب وهمي وتفقدين انت سيطرتك على التعقل، ومن هنا تبدأ المشاكل بينك وبين ابنتك وتفقد ما نسميه ثقة عائلية.. .هذا قليل من كثير من النماذج اكتفي بهذا النموذج لآخذ به مثلاً لأن في جعبتي الكثير مما لا تتسع له الاوراق.. الأم غير المتعلمة في زمننا الحالي هي مشكلة بالنسبة للفتيان والفتيات لأنها لا تستوعب ما يقال لها وكثيراً ما تنسى بعض الأمهات «هداهن الله» بأن الطريقة التي تربت بها غير الزمان وغير المكان.. أصل إلى الشباب والشابات.. استاذتي.. الدين ماذا يعني بالنسبة لك وماذا يعني بالنسبة لي؟ إنه كل شيء ولكن من منا علم أبناءه تعاليم الدين ولكن بمنهج فكري مبسط ومن منا حبب هذا الدين إلى أبنائه من منا جعل في أبنائه غيرة ومن زرع في داخل أبنائه حب الشهادة وحب الشجاعة في قول الحق ومن زرع حب العلم والمعرفة ومن منا ضرب أبناءه لعدم الصلاة أو حتى تأخيرها عن وقتها؟؟؟؟؟ واسألي نفسك كم جزءاً يحفظ أبناؤك وانت من كتاب الله ومن ومن ومن.. هذا الموضوع بالذات يريد له مجلدات مما لا تتسع المكتبات العالمية والعربية.. الدين يا معلمتي إنه الحياة بحد ذاته ....الرضا؟ هذه الكلمة ماذا تعني؟ من المؤكد أنها تعني الكثير والكثير.. ولكن للأسف نسينا أن نزرعها داخل وجدان ابنائنا وبناتنا.. الرضا بما لدينا وبما قسمه الله لنا.. نرى الاحتجاج القائم بين كثير من الأبناء على آبائهم ونرى تأفف البعض الآخر من آبائهم لعدم تعلمهم.. الفتاة لا تحادث شاباً في الهاتف إلا لأنها فقدت الحنان الصادق، فقدت ما نسميه بالحوار العائلي الدافئ فقدت ما نسميه التوجيه لا القدع والاستهزاء. كذلك الشاب.. فقد القدوة أو ما نسميه برجل المنزل وكذلك فقد الحوار العائلي الدافئ فقد اعطاء حقه في أن يكون له شخصية مستقلة وترك فتح باب النقاش الحر.. السفر إلى الدول العربية أو الغربية أكبر جريمة يرتكبها الآباء في حق الأبناء.. وفي حق الفتى في نفسه. استاذتي: ليس هناك سبب بدون مسبب الكل يشترك في هذا الانحراف الذي نراه في مجتمعاتنا ا ليوم، إن الأب والأم والأبناء هم أولى سلاسل المجتمع لماذا لا نجعلها سلسلة من ذهب كما قال أحد الكتاب.. لماذا نصنع الجريمة ثم نذهب بعدها للبحث عن المجرم.. استاذتي: العلم وحده لا ينفع الشهادة المركز وحده لا ينفع بدون معرفة حقوق الأبناء والأهل والزوجة وغيرها من الحقوق بل وفي حق النفس أولاً وأخيراً. إن ما نراه اليوم من البعد عن الدين والتحلل الأخلاقي إنه لمؤشر خطر على انهيار الدول كيف تنتج جيلاً لا يعرف من الحياة غير اللهو إننا بذلك نصنع جيلاً ضعيفاً بينما الدول الأخرى تتأهب وتشمر عن ساعديها لوضع خطط مستقبلية لأبنائها لتمحو بلادنا فلماذا لا نزرع هذه المفاهيم في عقول أبنائنا لأنهم أمل المستقبل وعماده. استاذتي: المجتمع بما فيه الآباء والأبناء بحاجة إلى ذوات العقول النيرة فهناك بعض السلبيات لا يكفي الوقت لسردها وشرحها ولكن سوف أدونها لك إذا سمحت لي. طلب الفتاة نوعاً من العباءات وتلبية ذلك الطلب بحجة أنها تساير الموضة لا بأس، ولكن فكري هل ابنتك يوثق بها لتمنح ذلك الشيء. الانترنت: لابد أن نخبرهم قبل احضاره بسلبياته وايجابياته وألا يفتح إلا أمام شخص كبير يوثق به. الدش: إنه العار فكيف برجل وامرأة يدعيان التعقل ويجلبانه إلى منازلهم إن هذا لهو الجنون بعينه. الأفلام الخالعة: أين انتم عندما يراها ابناؤكم وانتم في دار واحدة استيقظوا أيها النائمون. أم أو أب يحضر إلى ابنه شريط اغان ويسأل لماذا يبحثون عن الحب والعاطفة بالرغم من أننا اشبعناهم استمعوا إليها جيداً وسوف تجدون الاجابة. الشاب يعطى مالاً ويذهب خارج البلاد اسأل نفسك أيها الأب والأم لماذا؟ ولا تبكوا ولا تنتحبوا إذا مرض بمرض معد والعياذ بالله فهذا ما جنته على نفسها براقش. السيارة في يد الشاب والجوال في يد الفتاة من هم اصدقاؤهم؟؟؟ ضعف الثقافة لدينا إننا لا نرى مسابقات علمية أدبية لا نرى مكتبات مخصصة للفتيات لا نرى رغبة الأبناء في البحث والتنقيب لأنهم تربوا على شيء واحد هو الاتكال على الغير. اسمحي لي يا معلمتي لقد قلت لك باختصار ولكن ما دفعني هو غيرتي. استاذتي: الخطأ لدينا في منهجية التفكير لدى البعض حقائق نقر بها أنا وأنت وينفيها غيرنا.. لماذا؟ لاختلاف الآراء واختلاف المنهج الفكري لدينا.. قد نختلف في نسبة الخير والشر ولكن نتفق بأن في كل قلب إنساناً مسلماً مستعداً لاستقبال كل ما هو مفيد وعلى رأي أحد الكتاب لنثق بوجود الفضيلة ما دمنا واثقين بوجود الرذيلة.. واخيرا: أنا آسفة لركاكة اسلوبي وبساطة طرحي للقضية وضعف ثقافتي التي قد لا تذكر أمام ثقافتك ولكنني اجتهد ومنا السؤال وعلى الله الاجابة. اختتم ردي هذا بما اختتم به كاتبي شاكر النابلسي في كتاب «طلق الرمل أوراق في الوحدة والتنمية والثقافة العربية في الخليج». استاذتي: توقف الحوار.. لا لم يتوقف نحن الذين أوقفناه وأخاف أن يغط في سبات طويل الطيور التي هاجرت إلى حين أكيد لابد لها أن تعود إلى أوطانها. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تلميذتك