إنه لمن المؤسف حقاً أن تنعكس المفاهيم لدى الكثير من شبابنا، وذلك بسبب بعدهم عن مواطن الثقافة الحقة، وضحالة معلوماتهم العامة، بل وسطحيتها، وهذه لا شك من البوادر السيئة التي تنذر بأسوأ العواقب وأوخم النتائج لأجيالنا الصاعدة. ومصداق كلامي هذا هو أنك لو سألت واحداً من الشباب عن محمد عبده، لقال لك في الحال إنه المطرب السعودي والفنان الشاب الذي ظهر على مسرح الفن السعودي، وأعطى صوراً حية تنبئ عن مستقبل فني رائع وسوف لا يجول بخاطره أو يدور بخلده أنك تعني الشيخ الأستاذ محمد عبده رائد الفكر المصري، الذي كتب عنه عمالقة الأدب ورجال الفكر أمثال العقاد وعثمان أمين وطاهر الطناحي وغيرهم كثير.. ويقاس على ذلك أم كلثوم بنت نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وأم كلثوم سيدة الغناء في الوقت الحاضر. والأمثلة من هذا النوع كثيرة، ولكنني أتيت بهذه الشواهد لأبرهن على حقيقة كلامي وأنا عندما أذكر ذلك فإنني ألوم الشباب لوم الصديق الناصح وأعتب عليهم عتاب المخلص الغيور، وكلي أمل ورجاء أن يوفق الله على النور خطاهم، وأن يعوا هذه الظاهرة الخطيرة، التي ليس لها من علاج سوى قليل من الوعي ونزر من الاهتمام، وذلك بالنظر إلى مواطن الجد والحرص على تنمية ميولهم الثقافية المثمرة، لأن الثقافة الواعية في عصرنا هذا أصبحت اكثر من ضرورة، وهذا ما نلمسه من الدول المتقدمة في حقل التصنيع، والتي لا يزيد عدد سكان بعضها عن مليون نسمة. ونحن نعرف سلفاً أنه قد ولى إلى غير رجعة العهد الذي ترضى فيه الشعوب بالقشور وترضى فيه بالواقع المهين، وأصبح الإنسان في عصرنا هذا تواقاً إلى البحث عن المعرفة والبحث عن مواطن الخير، مقتدياً بسلفه الصالح، الذين حاولوا الاجتهاد وساهموا في اكتشاف أصول الاكتشافات الحديثة، التي ضاعت من أيدينا، بعد أن أصبحنا مستضعفين بسبب تكاسلنا واستسلامنا للواقع، واقع الترف والنعيم الذي جرنا إلى الكسل والتواني، بعد أن اعتمدنا على الغير في جميع سبل الحياة، وتخلينا عن معظم مبادئنا الإنسانية التي تدعونا للعمل الجاد المثمر، وتحثنا على السعي المتواصل والكفاح الدائم حتى نثبت وجودنا في الحياة كما أثبتها أسلافنا، وذلك بقوة عقيدتهم وجلدهم وصبرهم، وحرصهم على النافع والمفيد. فهل يا ترى نأخذ العبرة ونبتعد بأنفسنا عن مواطن الثقافة السطحية، والمفاهيم المنعكسة ونبحث عن الجد في مواطنه؟!. هذا ما أرجوه، ويرجوه معي كل شاب مخلص.. والله ولي التوفيق.