العمى السياسي لليهود الأمريكيين على الرغم من أن الحرب الدائرة على الأرض بين إسرائيل والفلسطينيين تبعد ما يقرب من 6000 ميل عن مدينة نيويورك، إلا أن تأثيراتها على العلاقات الشخصية بين عدد لايحصى من المواطنين الأمريكيين هنا على تربتنا عميقة ومدمرة من عدة وجوه، وبالنسبة إلى الكثيرين من هؤلاء المواطنين، فإن الضرر يعد مستمرا ودائما. و يقع الانقسام حول إسرائيل وأولئك الذين لا يوافقون على سياسات الحكومة الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين والصوت المتعاطف مع الفلسطينيين الأبرياء الذين يسقطون في القصف النيراني، وهؤلاء يكونون في الغالب هدفا للانتقادات الإسرائيلية من قبيل معاداة السامية كما يتعرضون للازدراء وأحيانا لممارسة العنف ضدهم، المدهش في الأمر أن من يتعرض لهذه الممارسات من إهانات ومعاملة سيئة هم من اليهود وليسوا من ديانة أخرى. إذا أخذنا قضية آدم شابيرو، و هو أحد مواطني بروكلين كان يعمل ضمن الجهود الإنسانية بين الفلسطينيين في رام الله، و بالإضافة إلى عمله وسط الفلسطينيين، فقد اكتسب سمعة دولية سيئة بين اليهود لأنه خلال الحصار الإسرائيلي الأخير لرام الله ذهب لياسر عرفات بصحبة عربة إسعاف ليقوم بما تقتضيه جهود العمل الإنساني، كذلك فقد تحدث إلى الصحف واصفا المعاناة التي يقاسيها الفلسطينيون الأبرياء ،الضحية الأخرى للتحجر الأمريكي اليهودي الجديد هو بول ولفويتز نائب وزيرالدفاع بإدارة بوش، ففي إبريل تحدث ولفويتز ممثلا للإدارة الأمريكية أمام تجمع موال لإسرائيل بواشنطن، و لاحقت ولفويتز أسئلة كثيرة وانتقد بشدة علانية من قبل العديد من الحضور، كل ذلك لأنه ارتكب خطيئة القول أنه في صراع الشرق الأوسط «الفلسطينيون الأبرياء يعانون ويموتون بأعداد كبيرة كذلك» وهذا أمر يتجاوز كونه في ادارة بوش كونه يهوديا، وولفويتز يحمل هوية يهودية حقيقية فعائلة والده قتلت في الهولوكوست. وقبل أن يصبح سيجمان زميلا لمجلس العلاقات الخارجية فإنه كان يرأس المجلس الأمريكي اليهودي طيلة 16 عاما ، فقد درس لكي يصبح حاخاما وهو أيضا بطل عسكري فقد خدم بالجيش كواعظ للمقاتلين خلال الحرب الكورية ونال على القلب الأرجواني والنجمة البرونزية، وفي مقال نشر بصحيفة النيويورك تايمز ذكر سيجمان أن الكابوس الذي رآه كيهودي في الحرب العالمية الثانية و الخوف والمعاناة والموت الذي لاقاه في الحرب الكورية جعلته يتفهم «الخوف و المذلة اللذين يعيشهما الفلسطينيون» تحت الاحتلال الإسرائيلي، وذكر كذلك أن الفلسطينيين يستحقون أن تكون لهم دولة وسوف يتحقق لهم ذلك.ولأنه امتلك المقدرة على الفهم وعلى الجهر برأيه، أصبح سيجمان شخصا منبوذا بين اليهود الأمريكيين ورفضه المقربون منه من أفراد عائلته. لقد صرح سيجمان لصحيفة نيويورك تايمز قائلا : «لقد ضعنا في تلك الحياة الأمريكية اليهودية المنظمة ،عندما كنت طالبا وأحد المعجبين بالحاخام أبراهام هيشيل، قرأت كتابه، لقد كنا أنا وهو أصدقاء، سرنا معا في الجنوب خلال حركة الحقوق المدنية ، لقد أعاننى على فهم التشوق نحو الحقيقة والعدالة بوصفهما حجر الزاوية في تعاليم اليهودية، ولكن ذلك ليس هو الفهم الذي ينطلق منه المجتمع اليهودي الأمريكي الآن، ومن دون هذا الفهم فإنه لن يكون بمقدورنا أن نميز بين مطالب زعماء اليهود بشأن الوحدة والتضامن و بين المطالب التي تطلقها الحركات القومية الضيقة التي غالبا ماتنحدر إلى حضيض خوف مرضى». وقد أخبر سيجمان التايمز أن الأيدولوجية السياسية لدولة إسرائيل قد أصبحت تقوم على أساس «إقليم بديل» مملوء بالخواء الروحي المعنوي لليهود الأمريكيين، والنتيجة على حسب قوله خطيرة حيث، يقول : إذا لم تقم بتأييد حكومة إسرائيل وليس وفقا لما تمليه عليك أحكامك السياسية فإن يهوديتك تصبح موضع شك» يدعم سيجمان هذه الرؤية المتزنة قائلا :«إن المؤرخين اليهود في المستقبل والذين سوف يكتبون عن عصرنا الحالي لن يكونوا أبد رفقاء بنا بسبب هذا العمى السياسي والأخلاقي». بيل ماكسويل / سانت بيترسبورج تايمز