على بعد 350 كيلو متر من العاصمة الرياض ومن قرية يقال لها «القرين» شمال الدوادمي وقفنا على مأساة اسرة فقدت ابنها الاكبر الذي كان حبيساً لمرض طاوله سنين عديدة قبل ان يفارق الحياة ثم ما لبث هذا المرض ان بدأت اعراضه على بقية اخوته الذكور دون الاناث. حيث اصيب الابناء بضعف في اعصاب وعضلات الطرف السفلي نتج عنه شلل وتقوس في الظهر مما جعل الاسرة في حيرة من امرها بعد ان بدأ المرض في مداهمة الابناء واحداً تلو الآخر بينما عاشت الفتيات في صحة جيدة - ولله الحمد -. وتبدأ مأساة اسرة «ابو خالد» مع الابن الاكبر الذي توفي بهذا المرض منذ خمسة عشر عاما.. بعد ان طاوله المرض مدة تسعة عشر عاما اي قبل ولادة اخوانه الذكور ويعاني من هذا المرض الآن ثلاثة آخرين تبلغ اعمارهم على التوالي اربعة عشر عاما واثني عشر عاما وعشرة اعوام. بينما الطفل الرابع الذي يبلغ السابعة من عمره يعاني من ظهور هذه الاعراض واختفائها بين فترة واخرى حيث ان هذا المرض ومن واقع تاريخ مرض الاخوة الكبار كان يبدأ من سن الخامسة. وقد رزق الله الاسرة بخمس بنات وخمسة اولاد بدأت مأساتها بعد خمس سنوات من قدوم الابن الكبير «رحمه الله» ففي هذه السنوات الجميلة من حياة كل طفل بدأت اعراض غريبة تظهر على «ابنه المتوفى» تقوس في الظهر دخول العمود الفقري وبروز الصدر وتيبس في الاطراف السفلى وانكماش في اطراف اليد وشلل تام في الاطراف السفلية. اصبح بعدها الطفل حبيسا لمكانه في الارض لا يستطيع الحركة ولا اللعب مع اقرانه ولا يستطيع القيام بأي مجهود. فوالدته هي التي تقوم بكل حركاته تعينه على الاكل والشرب وتنقله من مكان لمكان وتساعده على قضاء حاجته ولقلة الموارد المادية وسكن تلك الاسرة في قرية خارج الرياض كانت المتابعة الطبية قليلة جدا تقتصر على المستوصف الحكومي ومع العلاج الشعبي ولكن لا فائدة تذكر، شاء الله ان يسترد امانته بعد هذا المشوار الطويل مع التعب. وفي هذه المدة رزقهم الله بخمس فتيات صحيحات لا يشتكين من شئ.. وجاء الطفل الثاني وسط فرحة غامرة بقدومه انقلبت تلك الفرحة الى حزن عميق فجر ذكرى الراحل الاول فبعد خمس سنوات بدأت اعراض مرض الطفل الاول تظهر على الثاني وبدأ نفس المشوار ما بين المستوصف والعلاج الشعبي وجاء الطفل الثالث ثم الرابع والخامس الذين يحملون نفس المرض ونفس الاعراض اعيت الحيلة ذلك الوالد اليسير الحال الذي يعمل سائقا في دائرة حكومية حاول بموارده البسيطة ان يعالج ابناءه ولكن المرض اقوى من كل ذلك. ووسط عيشة الكفاف التي يساعده عليها اهل الخير فهو مصاب ايضا باعاقة دائمة في احدى يديه نتيجة لحادث مروري اصابه اثناء الخدمة لا يعلم كيف يقاوم هذا المرض الذي حصد فلذات كبده هم يذبلون امامه ويموتون ولا يستطيع ان يفعل لهم شيئا لا يستطيع ان ينقلهم للرياض فليس لديه القدرة على ذلك وتشخيص مركز القرين التابعين له يؤكد انه مرض وراثي يصيب الذكور دون الاناث. تقول والدتهم اغتال هذا المرض الغريب كل فرحة في حياتي فهاهم ابنائي الذكور يسيرون في نفس الخط المميت وليس بيدي حيله سوى القيام على رعايتهم وخدمتهم ليل نهار وقد وصلت لعمر احتاج فيه لمن يرعاني ولكن الامل في رب العالمين كبير وفي تقدم الطب الذين نتمنى ان يساعدنا على ايجاد حل يخفف من هذا المرض الذي سيقتلهم وسيقتلني معهم. وفي محاولة منا لمعرفة هذا المرض يقول الدكتور/ايمن قصاص استشاري المخ والاعصاب في مستشفى التأمينات في الرياض بان هذا المرض يعتبر من الامراض الوراثية نتيجة للقرابة بين الزوجين وتكون الوالدة حاملة موروثة المرض وغير مصابة به ولكنها تنقله للابناء الذكور فقط. وعلى حسب ما ذكرنا له عن اعراض المرض افاد انه مرض وراثي يؤدي لتشوهات في العمود الفقري بسبب ضغط على الجهاز العصبي يؤدي لشلل الاطراف ورأى ان العائلة تحتاج لدراسة جينية ودراسة سريرية يتحدد بعدها سبب الاصابة ويمكن متابعتها طبيا.