أعرف أن بعض القراء بدأ يطفش من الحديث عن الكورة، وخصوصا أن زاويتي هذه ليست لها علاقة بالكورة، كما أنني لست متخصصا بالكورة، ولكن الذي يقرأ ما أكتبه ربما يلاحظ أني لا أناقش الكورة ككورة، أني أحاول أن أناقش أسلوب تفكير وطريقة عمل. الذي يقود الكورة هو نفس الذي يقود المرافق الأخرى، الصحة، الأمن، التعليم .. إلخ. لا يمكن فصل الأمور عن بعضها ولكن في الكورة تكون الأمور بارزة للعيان والإخفاقات فيها تحسب بالأرقام. ففي الصحة أو الأمن لا يوجد مونديال مع الدول الأخرى حتى تظهر أمامنا صورتنا الحقيقية. في مثل هذه الأمور يستطيع الإعلام الموجه أن يبيع فينا ويشتري. أما في الكورة فهذا الأمر متعذر لأن النتائج تتحدث وتعبِّر عن نفسها، الجاهل يعرف والمنافق لا يجد ما يمكن أن يوظِّفه. لست مستاء من خروج منتخبنا من كأس العالم الأخيرة خالي الوفاض، ولكني مستاء من تلك الأقلام التي كانت تنتظر من المنتخب أن يحقق شيئا من خلال قراءة حال المنتخب ستعرف كيف يصيغ الإعلام مواقف الناس وتوقعاتها. كان يمكن أن ننافس على المراكز المتقدمة في كأس العالم لأننا بذلنا جهداً ومالاً عظيمين وفترة زمنية كافية، لكن المسألة كما قلت يوم أمس الأول تعود إلى الإستراتيجية التي تبناها الفكر الإداري الرياضي. أطماعنا في الواقع تتوقف عند هزيمتنا لأشقائنا في دول الخليج وما زاد عن ذلك هو منة من الله لم نطلبها ولم نخطط لها. والدليل أنه لم يتحدث أي مسؤول أو كاتب رياضي عن إمكانية تحقيق المملكة لكأس العالم. في لا شعورنا نحن ننافس دول الخليج فقط. الإنسان أيها الإخوان يتحرك وفقا لمعاييره وأطماعه أكبر مشكلة تواجه الكورة السعودية أن هدفها الذي تصبو إليه أصبح وراءها. أصبحنا نهزم منتخبات الخليج بسهولة. فلم يعد لدينا هدف نتطلع إلى تحقيقه فطفقنا نعوِّض غياب الهدف بالكلمات الجميلة والخفاقة. لو استعرضت كل التصريحات والمقالات التي كتبت عن هدف منتخبنا من مشاركته في المونديال والهدف من تأهيله والصرف عليه بكل كرم لما حصلت على كلمة علمية واحدة قابلة للاختبار والتطبيق والمساءلة. منذ أن عرفت نفسي وأنا أسمع عن مكافحة الأمية في المملكة ولكن حتى هذا اليوم لا أعرف متى ستنتهي الأمية في المملكة. لم يعلن عن زمن محدد لإنهاء هذه المشكلة، وهكذا في الأمراض السارية وفي حوادث المرور.. إلخ. لدينا مشاريع ولكن بدون أهداف أو برامج زمنية محددة. يعني «دبكي»، «انطقها بالكاف النجدية أبلغ». لو قرأت التصريحات التي تنتج في المناسبات المتعلقة بالأمية «يوم الأمية العالمي مثلاً»، أو المتعلقة بالسلامة «أسبوع المرور مثلاً»، أو المتعلِّقة بالصحة «يوم الأيدز مثلاً»، ستجد أنها لا تختلف أبدا عن التصريحات التي سمعناها أثناء مشاركة منتخبنا في المونديال. كلمات فخمة ورنانة دون أي دلالات إستراتيجية ومستقبلية. إذا كان العالم يحاول تطبيق فلسفات إدارية مجربة مثل الإدارة بالنوعية أو الإدارة بالأهداف نحن -ولله الحمد- لدينا خصوصيتنا ومن أهم عناصرها الإدارة بالدبكي. فاكس 4702164