اخطأ الرئيس الأمريكي جورج بوش عندما حاول أن يلعب دور المضيف الجيد في استقباله للرئيس المصري حسني مبارك وبعده رئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون، لأن المضيف الجيد هو من يرضي ضيوفه، فقد أرسل الرئيس بوش خلال لقائه بمبارك وبعده بشارون رسائل مختلفة، فمع الرئيس مبارك أكد على ضرورة بدء العمل على إقامة دولة فلسطينية فورا وان رفض الالتزام بجدول زمني ولكنه عندما التقى بشارون أكد اقتناعه بموقف شارون الداعي إلى إجراء إصلاحات في السلطة الفلسطينية قبل الدخول في أي عملية سلام. بالطبع فإن اصلاح السلطة الفلسطينية ضروري لكن يجب على الولاياتالمتحدة أن تقاوم طلب شارون ورغبته الداعية إلى وقف أي مفاوضات بشأن إقامة الدولة الفلسطينية قبل إجراء هذه الإصلاحات. فالرئيس بوش كان قد أعلن أنه سوف يلقي خطابا للشعب الأمريكي يحدد فيه خطط التحرك الأمريكي في الشرق الأوسط. وقال مساعدو الرئيس بوش أن خطابه سيكون خلال أسبوع أو أسبوعين، وأنه سيتضمن التحرك بشكل متواز لتحقيق ثلاثة أهداف: تحسين الأوضاع الأمنية وإنهاء العمليات الفدائية ضد إسرائيل، وإعادة بناء المؤسسات الفلسطينية لإقامة الدولة الفلسطينية، وإجراء مفاوضات سياسية بين إسرائيل والفلسطينيين حول كافة القضايا المختلف عليها. وعلى بوش أن يدرك أنه لو ترك القرار لشارون فلن تكون هناك أي محادثات بشأن الدولة الفلسطينية حتى تتوقف تماما العمليات الفلسطينية وحتى يترك الرئيس عرفات السلطة وتقام في فلسطين حكومة ديموقراطية. ونحن بالقطع سنكون سعداء إذا حدثت هذه التغييرات ولكن جعل هذه التغييرات شروطا مسبقة للمفاوضات سوف يغذي الاحباط والعداء لدى الفلسطينيين الذين ينظرون إلى دعوة إسرائيل إلى أجراء إصلاحات بالسلطة الفلسطينية على أنها لتأجيل أي تحرك سياسي فقط. في الواقع هناك أعداد متزايدة من الفلسطينيين تدعو للإصلاح الداخلي. فالفلسطينيون أنفسهم يطالبون بدمج أجهزة الأمن الفلسطينية المتنافسة وإقامة نظام قضائي مستقل ومحاربة الفساد الاقتصادي. وقد أحسنت الإدارة الأمريكية عندما سعت إلى إجراء الإصلاحات الفلسطينية من الداخل بدلا من فرضها على الفلسطينيين من خلال اتفاقات خارجية. كما أحسنت الإدارة الأمريكية عندما تجاهلت طلب شارون تهميش عرفات وأصرت على المضي قدما في عملية السلام سواء بقي عرفات أم رحل.