أمير الرياض يرأس الاجتماع السنوي الثاني للمحافظين ومسؤولي إمارة المنطقة    أمير تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    وزير البلديات والإسكان يؤكد أهمية المحتوى المحلي في تعزيز رؤية المملكة 2030    هتان السيف: جاهزة لمواجهة الجزائرية ليليا عثماني والجمهور سبب قوتي    دراسة تقول إن كرة القدم الاحترافية لا تشهد تطبيق معايير السلامة المطلوبة    حقوق الإنسان واليوم العالمي للطفل    بعد صواريخ «أتاكمز».. أمريكا تدعم أوكرانيا بألغام مضادة للأفراد    وزير العدل يبحث مع رئيس مؤتمر لاهاي للقانون الدولي الخاص سبل تعزيز التعاون    وزير الدولة للشؤون الخارجية يستقبل نائب وزير خارجية جمهورية طاجيكستان    المرأة السعودية أثبتت كفاءتها في سوق العمل وارتفعت نسبة تقلدها للمناصب القيادية    نائب أمير الشرقية يستقبل مدير عام التعليم    حرس الحدود يحبط محاولات تهريب 939 كيلوجرامًا من الحشيش المخدر و82,409 أقراص من مادة الإمفيتامين    استخدام «الجوال» أثناء قيادة المركبة يتصدّر مسببات الحوادث المرورية في منطقة المدينة المنورة    المملكة ترسّخ ريادتها "الإنسانية" باستضافة مؤتمر "التوائم الملتصقة"    استشهاد وفقد 20 فلسطينياً في قصف إسرائيلي على منزل بمخيم جباليا    "السعودية للكهرباء" و"كاوست" تطلقان أول مشروع بحثي من نوعه على مستوى العالم لاحتجاز الكربون في محطة توليد رابغ    ارتفاع أسعار الذهب    الوطنية للإسكان (NHC) تتألق في سيتي سكيب الرياض    دراسة التوجهات الدولية في العلوم والرياضيات والمعروف ب TIMSS    هوكشتاين من بيروت: ألغام أمام التسوية    أمير تبوك: «البلديات» حققت إنجازاً استثنائياً.. ومشكلة السكن اختفت    السواحة: ولي العهد صنع أعظم قصة نجاح في القرن ال21    «الوظائف التعليمية»: استمرار صرف مكافآت مديري المدارس والوكلاء والمشرفين    «الموانئ» للشركات المتعاقدة: التزموا ببطاقات تشغيل الشاحنات    نائب أمير جازان يطلع على جهود تعليم جازان مع انطلاقة الفصل الدراسي الثاني    مصير «الأخضر» تحدده 4 مباريات    فيتو روسي ضد وقف إطلاق النار في السودان    ياسمين عبدالعزيز تثير الجدل بعد وصف «الندالة» !    تحالف ثلاثي جامعي يطلق ملتقى خريجي روسيا وآسيا الوسطى    القافلة الطبية لجراحة العيون تختتم أعمالها في نيجيريا    22 ألف مستفيد من حملة تطعيم الإنفلونزا بمستشفى الفيصل    سهرة مع سحابة بعيدة    الرومانسية الجديدة    واعيباه...!!    الشؤون الإسلامية في جازان تقيم عدد من الفعاليات التوعوية والتثقيفية وتفتح فرصاً تطوعية    فرص تطوعية لتنظيف المساجد والجوامع أطلقتها الشؤون الإسلامية في جازان    رهانات زيارة ماكرون للمملكة العربية السعودية    25% من حوادث الأمن السيبراني لسرقة البيانات    كلب ينقذ سائحاً من الموت    إدارة الخليج.. إنجازات تتحقق    المعداوي وفدوى طوقان.. سيرة ذاتية ترويها الرسائل    القراءة واتباع الأحسن    جمع الطوابع    تعزيز البنية التحتية الحضرية بأحدث التقنيات.. نائب أمير مكة يستقبل رئيس الشؤون الدينية    صدور موافقة خادم الحرمين الشريفين.. استضافة 1000 معتمر من 66 دولة    في مؤجلات الجولة الثامنة بدوري يلو.. النجمة في ضيافة العدالة.. والبكيرية يلتقي الجندل    نجوم العالم يشاركون في بطولة السعودية الدولية للجولف بالرياض    مراحل الحزن السبع وتأثيرتها 1-2    الاستخدام المدروس لوسائل التواصل يعزز الصحة العقلية    تقنية تكشف أورام المخ في 10 ثوانٍ    نائب أمير مكة يستقبل رئيس الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي    محافظ الطائف يستقبل الرئيس التنفيذي ل "الحياة الفطرية"    مجمع الملك فهد يطلق «خط الجليل» للمصاحف    أمير تبوك يستقبل المواطن ممدوح العطوي الذي تنازل عن قاتل أخيه    سلطنة عمان.. 54 عاماً في عز وأمان.. ونهضة شامخة بقيادة السلطان    163 حافظا للقرآن في 14 شهرا    وزير الدفاع ونظيره الفرنسي يبحثان آفاق التعاون العسكري    لبنان نحو السلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نائب خادم الحرمين: تجربة «الشورى» حققت م ساحة من الإنجازات وعبرت عن التطلعات
لدى افتتاحه أعمال السنة الثانية للدورة الثالثة بمجلس الشورى.. نيابة عن المليك المفدى أمس
نشر في الجزيرة يوم 30 - 05 - 2002

نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود رعى نائب خادم الحرمين الشريفين صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز أمس حفل افتتاح أعمال السنة الثانية من أعمال مجلس الشورى في دورته الثالثة وذلك بمقر المجلس بالرياض.
وكان في استقبال نائب خادم الحرمين الشريفين لدى وصوله مقر المجلس صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام وصاحب السمو الملكي الأمير سطام بن عبدالعزيز نائب أمير منطقة الرياض ومعالي رئيس مجلس الشورى الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد.
وفور وصول سموه عزف السلام الملكي.
وبعد أن أخذ سموه مكانه في المنصة الرئيسية في قاعة المجلس بدأ الحفل بتلاوة آيات من القرآن الكريم.
ثم ألقى معالي رئيس مجلس الشورى الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد الكلمة التالية:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
نائب خادم الحرمين الشريفين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أما بعد.
فبادئ ذي بدء أعبر لمقامكم الكريم عن بالغ الاعتزاز والامتنان للثقة الكبرى بمجلس الشورى وبكل ما يلقاه من دعم ومساندة من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز حفظه الله وسموكم الكريم ومن سمو النائب الثاني ومن حكومتكم الرشيدة.
والشكر والتقدير لزملائي أعضاء المجلس ومنسوبيه لما يتجلى فيهم من تلاحم وثيق وتصميم واثق على تحمل الأمانة وحمل المسؤولية على النحو الذي يرضي الله عز وجل ثم يحقق تطلعاتكم ويلبي آمال الوطن والمواطنين.
أيها الحفل الكريم.
في مثل هذه الأيام من العام الماضي كان فضيلة الشيخ الراحل محمد بن إبراهيم بن جبير رحمه الله يقف في هذا الموقف في سيرة كريمة من عطاء نصف قرن في خدمة دينه ومليكه ووطنه متوجا ثماني سنوات من الانجازات في تطوير هذا المجلس منفذا خدمة الأمة في منظومة منسجمة متكاملة مع الأجهزة الحكومية ومؤسسات البلاد لإقامة شرع الله الحنيف والحفاظ على مكتسبات الوطن وانجازاته وتوطيد وحدته وأمنه واستشراف مستقبل مشرق وارف بإذن الله، فجزى الله والدنا الراحل الشيخ محمد بن جبير عما قدمه خير الجزاء وبلغه ما يتمناه من رضا ربه ومغفرته وإحسانه.
يأتي هذا اللقاء السنوي بمناسبة بدء أعمال سنة جديدة للمجلس في ظروف عالمية إسلامية وعربية واقليمية بالغة الحساسية والدقة وفي تحولات متعاظمة الخطورة وفي مقدمتها الاغتصاب الصهيوني الغاشم لفلسطين المحتلة قدسا ووطنا وشعبا وحرمات والذي لا يزال يكرس احتلاله بالاستيطان والقمع والإرهاب.
ومما يؤسف له أن العالم لم يظهر بعد وعيه أن هذا الاحتلال وما يمارسه من قهر وتمييز وعدوان هو مبعث الاضطراب والتوتر وعدم الاستقرار في المنطقة بأسرها.
وقد سجل التاريخ ان الأمتين العربية والإسلامية منذ اغتصاب فلسطين لم تدخرا وسعا في السعي نحو السلام وإزالة الاحتلال وسلوك كل المسالك المشروعة الممكنة ويأتي في مقدمتها التوجه إلى مجلس الأمن والجمعية العمومية للأمم المتحدة ومن خلال مؤتمرات السلام والمبادرات المستندة إلى القرارات الدولية.
كما دوَّن التاريخ أن المملكة كانت ومازالت في مقدمة الدول الراعية لقضية فلسطين والداعمة لها ماديا ومعنويا وكان المجتمع السعودي ولا يزال بعواطفه ومساعداته وتضحياته في الصدارة لدعم هذه القضية.
ومن نافلة القول أن نشير إلى ان مجلس الشورى الذي يجد في قضية فلسطين قضية الإسلام والمسلمين الأولى ورمزا للاستعمار القديم ومثالا صارخا للظلم والعدوان والبطش ما فتئ يعيش هذه القضية ويدافع عنها في كل محفل ولقاء ويقوم بمسؤولياته في لفت نظر المنصفين من البرلمانيين والرسميين ورجال الصحافة والإعلام لإدانة الاحتلال ورفع الظلم عن الشعب الفلسطيني الشقيق.
لقد ظل المجلس منذ قيامه مقصد الكثيرين من الساسة وحملة القلم ورجال الفكر ينشدون عنده الحقيقة ويتبادلون معه الرأي والمعلومات.
لقد مرت تسع سنوات على بداية أعمال المجلس بعد تطويره وهي سنوات تأسيسية مهمة وضع خلالها الكثير من التنظيمات الإجرائية والتي تماثل في أسلوبها وتطبيقها المتبع في مثاله من المجالس وقام بدراسة العديد من الموضوعات المتصلة بالسياسة العامة للدولة وأنظمتها ونال بكل اعتزاز ثقة القيادة وارتياح المواطن وتفاعل المجتمع فأصبح بتوفيق الله وهو يدخل سنة العمل العاشرة مؤهلا للانطلاق نحو مزيد من التطور من خلال مراجعة شاملة لنظامه ولمسيرته وانجازاته ولأساليب عمله، فالمجلس هو المطالب الأول قبل أن يطالب غيره بتحقق أكبر قدر من الفاعلية والكفاية الداخلية وتحاشي التأخير أو التقصير بأي مصلحة عامة وهي الأهداف نفسها التي كثيرا ما شدد عليها سموكم الكريم في خطاباتكم التوجيهية للمصالح الحكومية المسؤولة.
وإننا لمدركون أنه كلما ازدادت ثقة المواطن بالمجلس ووعيه بمسؤولياته ارتفعت تطلعاته لأن يقوم المجلس بدور أكبر على صعيد ممارسة الرقابة ومراجعة الأنظمة وتحديثها ودراسة القضايا الاجتماعية الملحة وان يكون عونا للأجهزة الحكومية في تحسين أدائها وتطوير خدماتها وسرعة انجاز أعمالها.
وهذه الزيادة الثانية في عدد أعضاء المجلس تحمل في طياتها كما حملت سابقتها ايجابيات كبرى منها ما يتمثل في تنوع التخصصات وتوسيع المشاركة في اللجان وافساح المجال لمزيد من شرائح المجتمع في إثراء المجلس وهي بالتأكيد من الأهداف التي يوجه المقام الكريم بتحقيقها.
نائب خادم الحرمين الشريفين..
تعود مجلس الشورى في مثل هذه المناسبة السنوية ان يقدم تقريرا عن أعماله في العام المنصرم وهذا هو العام الأول من دورته الثالثة وهو عام تخللته بعض الأحداث العالمية والاقليمية المؤلمة التي تفاعل معها المجلس وكرس جزءا من نشاطه للإسهام في معالجة تداعياتها وتأثيراتها الداخلية والخارجية على المملكة.
فلقد طغت أحداث الانتفاضة الفلسطينية المباركة وما تبعها من هجمة صهيونية شرسة على الشعب الفلسطيني ومدنه ومخيماته ومكتسباته كما جاءت أحداث سبتمبر في الولايات المتحدة وما استتبعها من أحداث وتداعيات لتلقي جميعها بظلال كثيفة على الساحات الاقليمية والدولية ولقد تفاعل المجلس مع تلك الأحداث فاستقبل كثيرا من الوفود البرلمانية والإعلامية والشعبية واشترك في العديد من النشاط السياسي والإعلامي والشوري في الداخل والخارج كما أسهم بدور فاعل في المؤتمرات والندوات التي عقدت في إطار اتحادات البرلمانات والمجالس العربية والإسلامية والآسيوية ولقد أبرز المجلس في كل تلك المنتديات دور المملكة وموقفها من كل هذه القضايا.
وما مبادرة سموكم الكريم وهي المبادرة التي تبنتها القمة العربية وأصبحت مبادرة عربية إلا حلقة في سلسلة جهود المملكة وتفاعلها الدائم مع هذه القضية.
لقد حافظ مجلس الشورى في عامه المنصرم على ما بدأه منذ أعوام من عقد جلساته بانتظام بواقع جلستين في الاسبوع كما عززت زيادة عدد الأعضاء من أعمال اللجان وساعدت في إثراء دراساتها ومناقشتها.
وأعرض في هذا المقام بيانا موجزا بمجموع اجتماعات المجلس ولجانه والموضوعات التي درسها والقرارات التي أصدرها.
فقد بلغت جلسات المجلس «73» جلسة أما اجتماعات اللجان المتخصصة فبلغت «287» اجتماعا كما عقدت اللجان الخاصة «29» اجتماعا. أما الموضوعات التي وردت للمجلس فبلغت «117» موضوعا وتبقى لديه «126» موضوعا كما أحيطكم حفظكم الله بأن المجلس قد أنجز «66» موضوعا وأصدر من القرارات «60» قرارا.
وكان من أبرز الأنظمة التي درسها المجلس خلال العام الماضى:
1 مشروع نظام الرهن التجارى.
2 مشروع نظام السوق المالية.
3 مشروع نظام بنك التسليف السعودي.
كما قام بدراسة جملة من الاتفاقيات الجمركية والاقتصادية والثقافية والرياضية والشبابية مع «11» دولة.
ولئن كانت هذه أرقاما عددية في إحصاء الاجتماعات أو تعداد القرارات فلا شك جزما ان المهم ليس في تعدادها ولكن الأهمية في مضامينها ومباني الحوار والنقاش فيها واستهداف الغايات الكبرى بما يخدم الدين والوطن.
إننا نؤكد لكم حفظكم الله ان المجلس يدرك ان المصلحة تكمن في العمل المتأني والمدارسة المتعمقة والحوار البناء من أجل الوصول إلى قرارات ونتائج بعيدة المدى عميقة الأثر بإذن الله تستهدف مصالح البلاد والعباد منسجمة مع عقيدتنا وشريعتنا لا تحيد عنها.
نائب خادم الحرمين الشريفين..
وفي هذه المناسبة السنوية العزيزة لا يمكن ألا تذكر مناسبة كبرى ووقفة في مسيرة هذه البلاد متميزة، تلكم هي مناسبة مرور عشرين عاما على تولي خادم الحرمين الشريفين حفظه الله وألبسه لباس الصحة والعافية مقاليد الحكم وقيادة هذه البلاد. إنها مسيرة مليئة بالعطاء والانجاز من إضاءاتها حمله حفظه الله للقب خادم الحرمين الشريفين وقبل ذلك وبعده اتخاذه للخطوات الكبرى في تنظيم البلاد حين أصدر الأنظمة الثلاثة: النظام الأساسي للحكم ونظام مجلس الشورى ونظام مجالس المناطق ناهيكم بما اشتملت عليه خطط التنمية وترسيخ البنية الأساسية والتوسعة الكبرى للحرمين الشريفين وكلها كانت تستهدف الإنسان السعودي. لقد كانت مسيرة رائدة في انجازاتها على الأصعدة كافة الداخلية والخارجية والاقليمية والدولية. إنها تجسد بُعد النظر ونهج الحكمة والشجاعة في اتخاذ القرار ولا سيما في إدارة الأزمات ولا يمكن تجاوز هذه الإشارة دون التنويه بالاهتمام الخاص بالشأن الإسلامي في دوله وأقلياته دعوة إلى الله ودعما لقضاياه ومشاركة في همومه يسنده في ذلك عضده الأيمن سموكم الكريم وسمو النائب الثاني ومن بعدهما رجال الدولة أعانهم الله وسددهم.
أجدد العرفان لمقام خادم الحرمين الشريفين ولسموكم الكريم ولسمو النائب الثاني على ما يلقاه المجلس من مساندة وثقة وأتوجه بعميق التقدير ووافر التحية لزملائي معالي النائب ومعالي الأمين العام والعاملين معه وإلى أصحاب الفضيلة والمعالي والسعادة أعضاء المجلس لما يتميز به أداؤهم من عمل جماعي جاد.
وأسجل هنا بقلم التقدير أنه لولا عون الله عز وجل وتوفيقه ثم جدية الزملاء في العمل وحيادهم في الطرح وموضوعيتهم في المعالجة والتزامهم بآداب الحوار لما توصل المجلس إلى هذه النتائج المرضية والتي تقود بإذن الله إلى مزيد من الطموح والآمال الكبار في العطاء والمتطلبات.
وأختتم كلمتي هذه بما بدأتها به بحمد الله على فضله وتمكينه وعلى ما تتمتع به مملكتنا الغالية لمواطنيها والتنمية والرخاء في مجتمعها.
ونسأل الله العلي القدير أن يزيدنا احسانا وتوفيقا وان يثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة وان يجعل أعمالنا خالصة لوجهه تعالى وأن يحفظ هذه البلاد خاصة وبلاد المسلمين عامة بحفظه ورعايته.
والسلام عليكم ورحمة الله.
بعد ذلك ألقى صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز نائب خادم الحرمين الشريفين الخطاب الملكي السنوي في افتتاح أعمال السنة الثانية من الدورة الثالثة للمجلس وفيما يلي نص الخطاب:
بسم الله الرحمن الرحيم... الحمد لله القائل في محكم كتابه {وّأّمًرٍهٍمً شٍورّى" بّيًنّهٍمً}.
والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أيها الأخوة الكرام.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. يسرني أن أكون بينكم اليوم نيابة عن أخي خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز يحفظه الله لافتتاح أعمال السنة الثانية من الدورة الثالثة متمنيا أن يكون التوفيق حليفها كما كان حليف ما سبقها من دورات.
أيها الأخوة الكرام.. لقد حققت تجربة مجلس الشورى في بلادنا مساحة واسعة من الانجازات فقد عبّرت عن تطلعات المواطنين وقدمت الرأي الحكيم المسنود بالخبرة والحكمة.. ولا غرابة في ذلك فهي التجربة المستمدة من كتاب الله جل جلاله ومن سنّة نبيه عليه الصلاة والسلام.
ولمجلسكم الموقر دور هام وحيوي في الشؤون العامة فالرأي والمشورة يسهمان في تحقيق الأفضل بتحديد ملامح الصورة بكل أبعادها لولي الأمر قبل اتخاذ القرار.
وهذه الرؤية الإسلامية تحتم علينا جميعا التصدي لدورنا بقوة في عصر لا مكان فيه للضعفاء فالإرادة الصلبة والمؤمنة تجعل من المستحيل واقعا ومن الحلم حقيقة ومن الشك يقينا بإذن الله.
أيها الأخوة الكرام..
إن بلادنا ولله الحمد شهدت منذ تأسيسها على يد الموحد الملك عبدالعزيز يرحمه الله نهضة حضارية شاملة استهدفت الإنسان السعودي في عيشه وعمله وأمنه وصحته وتعليمه.. ولقد قامت الدولة بخطوات هامة في هذا المجال مؤخرا إذ فتحت الباب أمام الاستثمار الأجنبي واهتمت بالسياحة وحرصت على تنويع مصادر الدخل واتبعت أسلوب التخصيص وأولت اهتماما خاصا وبالغا بقضية السعودة وتوطين الوظائف وأقرت الكثير من الأنظمة الهادفة إلى تطوير وإعادة هيكلة القطاع العام والخاص مستمدة روح هذه التشريعات من كتاب الله وسنّة نبيه صلى الله عليه وسلم وهدفنا من ذلك كله الإصلاح والتطوير لخدمة ديننا ثم وطننا.
أيها الأخوة الكرام..
من بيتنا السعودي انتقل معكم إلى شجون وطننا الإسلامي والعربي ولا خلاف ان قضية العرب والمسلمين وكل الشرفاء في العالم هي قضية فلسطين وشعبها المناضل.
ولقد تابع العالم أجمع معاناة أشقائنا في فلسطين وما تمارسه قوى الاحتلال والبطش عليهم من ظلم وقهر حتى أصبحت القيم الدينية والإنسانية والأخلاقية في لحظة تاريخية أقرب إلى الفناء منها إلى الأمل والرجاء وكان لابد للحكمة أن تأخذ دورها بعيدا عن الشعارات والمزايدات.
ومن هنا جاءت المبادرة السعودية للسلام متضمنة شرعية الحقوق العربية العادلة والكاملة وأصبحت بعد القمة العربية في لبنان وإقرارها مبادرة العرب جميعا فكان صوت العرب الواضح إلى السلام أقرب وهو ما جعل المجتمع الدولي يبادر إلى تبنيها الأمر الذي وضع حكومة إسرائيل بين مفترقين الأول.. طريق العدل والإنصاف والسلام كما جاء في المبادرة العربية والثاني طريق البغي والعناد والاستبداد وهو طريق لن يقود إلا إلى المزيد من الدماء والدمار لجميع الأطراف دون استثناء ولا بد من القول إن المبادرة هي بداية الطريق لا نهايته وأمامنا عقبات وصعوبات ولا بد للعرب والمسلمين ان يتحملوا مسؤولياتهم كاملة لا نستطيع تجاوزها والوصول إلى السلام العادل الدائم الذي يعيد حقوقنا المشروعة الكاملة.
أيها الأخوة الكرام..
لقد كان معنا في هذا المجلس في السابق رجال حملوا أمانتهم بكل اقتدار فلهم منا جميعا الشكر على دورهم ونخص بالذكر أخا عزيزا علينا جميعا خدم دينه ثم وطنه بكل إخلاص وأمانة غيبته الأقدار وهو معالي الأخ الشيخ محمد بن جبير رحمه الله أول رئيس للمجلس فله منا جميعا الدعاء بأن يجزيه الله عنا خيرا وأن يوفق رئيسه الحالي معالي الأخ الشيخ صالح بن حميد وزملاءه كافة بتوفيق من عنده جل جلاله ليواصل هذا المجلس دوره مع المسؤولية وفي خدمة الوطن والمواطنين.
هذا وأسأل الله لنا جميعا التوفيق وأن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه والباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه {وّمّن يّتّوّكَّلً عّلّى پلَّهٌ فّهٍوّ حّسًبٍهٍ}...
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الأولى لفضيلة الشيخ محمد بن إبراهيم بن جبير رحمه الله رئيس مجلس الشورى السابق تسلمه من سموه أبناؤه الذين تشرفوا بالسلام على سموه وعلى صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام.
نص كلمة الأمير عبدالله نيابة عن خادم الحرمين الشريفين في افتتاح جلسة مجلس الشورى
الحمد لله رب العالمين، القائل في محكم التنزيل «وشاورهم في الأمر» والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أيها الإخوة الافاضل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد...
باسم الله العلي العظيم نستهل اللقاء معكم في بداية أعمال السنة الثانية من الدورة الثالثة لمجلس الشورى، حامدين الله عز وجل وشاكرين له ما تحقق من انجازات في السنة الماضية، وما سبقها من سنوات منذ تأسيس هذا المجلس، وسائلينه تعالى أن يجعلنا من عباده المخلصين، الذين وصفهم في كتابه الكريم بقوله «وأمرهم شورى بينهم» وأن يوفق الجميع، ويجعل النيات والاعمال خالصة لوجهه الكريم، وينفع بها الأمة إنه سميع مجيب.
ونحن إذ نجتمع هذا اليوم فإنه لا يغيب عن بالنا أن نذكر بكل تقدير الرئيس السابق للمجلس الشيخ/ محمد بن جبير - رحمه الله- حيث عاصر بدايات هذا المجلس، وشارك مشاركة فعالة في تأسيسه، وكانت جهوده في هذا الصدد خلال السنوات التي مضت من عمر المجلس واضحة ومشكورة تغمده الله برحمته.
أيها الإخوة الأفاضل:
قامت هذه الدولة منذ أسسها الملك عبدالعزيز- رحمه الله- على تطبيق شرع الله في القول والعمل، فشريعته- عز وجل- هي المنهج الذي نسير عليه، ومبادئ الإسلام وأصوله هي المرجع لنا، وإليها نحتكم، متمسكين بكتاب الله عز وجل، ومهتدين بسنة رسوله الكريم، ومقتدين بهما في جميع السياسات فهما الحاكمان على جميع الانظمة.
ومن هذا المنطلق تبنت الدولة منذ عهد المؤسس- رحمه الله- الشورى طريقة حكم، واسلوب عمل، فالشورى- أيها الإخوة- منهج حكم تتبعه المملكة في اطار التزامها بتطبيق الدين الاسلامي في كل الامور، والعمل بأحكامه في سائر الشؤون، وهي تستمد مشروعيتها من نصوص الكتاب الكريم، ومن هدى المصطفى عليه الصلاة والسلام، واعمال خلفائه الراشدين وصحبه الكرام، وتستند إلى إرث تاريخي عريق يمتد عبر التاريخ الاسلامي، وتعتمد على اصول ومصادر فقهية غنية بالدراسات والبحوث، ولقد ركزت هذا المنطلق المادة الثانية من نظام مجلس الشورى حيث نصت على أن «يقوم المجلس على الاعتصام بحبل الله، والالتزام بمصادر التشريع الاسلامي، ويحرص اعضاء المجلس على خدمة الصالح العام، والحفاظ على وحدة الجماعة، وكيان الدولة، ومصالح الأمة».
ولقد مرت هذه الممارسة- وكما تعلمون- بمراحل مختلفة كان آخرها مجلس الشورى هذا بنظامه الذي صدر عام 1412ه، وبتكوينه خلال دورتيه الاوليين وخلال هذه الدورة الثالثة التي نبتدئ اليوم سنتها الثانية، ولقد ساهمت ممارسة المملكة للشورى مساهمة عميقة في تأكيد مبدأ الشورى أسلوب حكم، ومنهج عمل، وكان لنشاط المجلس الايجابي، وما قام به من جهود، وما حققه من انجازات على مختلف المستويات، وما بناه من علاقات واتصالات، دور رئيس في تأصيل فقه الشورى، وتقديمه للعالم اسهاماً من المملكة في اثراء التراث البشري في فلسفة الحكم وأنظمته، وكان من ثمار هذه الجهود أن احتل المجلس مكانة لائقة به ضمن خريطة المجالس النيابية على مستوى العالم العربي والاسلامي خاصة، وعلى مستوى العالم عامة، ليكون اضافة تؤكد الثراء الفكري الذي تتمتع به الحضارة الاسلامية، وتبرز قدرة هذا الدين على التعامل ايجاباً مع متغيرات الزمان، واستيعاب معطيات الحضارة، والتفاعل معهما تفاعلاً بناء وراعياً بتجاوز السلبيات إن لم يصححها، وبأخذ الايجابيات والبناء عليها، وهذا هو الحوار الحضاري المثمر الذي لا بديل عنه.
أيها الإخوة الكرام:
يأتي هذا اللقاء بكم تقليداً حميداً جرت عليه العادة كل عام، وتحقيقاً لما ورد في نظام المجلس ليكون مناسبة نستعرض فيها ما تم من انجازات على الصعيد الداخلي والخارجي، وما يمكن رسمه من سياسات في هذا المنطلق، وما نطمح إلى تحقيقه من مشروعات تهدف إلى الصالح العام، وتصب في مصلحة المواطن الذي هو هدف جميع خطط التنمية، وبرامج التطوير التي نفذتها الدولة في الماضي، أو التي لا زالت في طور التنفيذ، أو سوف تعتمدها الدولة في مستقبل الايام، في منهج يقوم على تحقيق النمو المتوازن، وتثبيت دعائم الامن والاستقرار، وتحقيق التنمية الشاملة لجميع القطاعات، وسائر الفئات، والحفاظ على ما تحقق من مكتسبات، وما تم من انجازات.
أيها الإخوة:
تشهد المملكة نهضة شاملة في جميع المناحي الاقتصادية والاجتماعية، وهذه النهضة نتاج للخطط التنموية الطموحة التي استطاعت أن تحقق اهدافاً كثيرة، ومكتسبات عديدة، والسعي الآن إلى تعزيز هذه المكتسبات المختلفة في رفع مستوى المعيشة للمواطنين، وتوسيع قاعدة الاقتصاد، وتنمية الصادرات غير النفطية، والمحافظة على الاستقرار الاجتماعي، وتحقيق نمو اقتصادي متوازن، وتنمية الموارد البشرية، وتعزيز دور القطاع الخاص، والمحافظة على ما تم من البنية الاساسية والعمل على استكمالها.
ونحن نعيش السنة الثانية من خطة التنمية السابعة فمن المناسب هنا أن نستذكر أن مما ركزت عليه تلك الخطة توفير الخدمات التعليمية، وتدريب الكوادر السعودية التي تعد رافداً رئيساً في تعزيز القدرات الانتاجية للكفاءات الوطنية، والتعجيل بمعدلات التنمية الاقتصادية في ضوء المتغيرات والمستجدات على الصعيد المحلي والاقليمي والدولي، وذلك من خلال تنشيط الاستثمار الخاص الوطني والاجنبي، واتخاذ الاجراءات اللازمة لتعزيز التحسن في البيئة الاستثمارية، ووضع التنظيمات والوسائل التي تخدم هذا التوجه، وتحديث السياسات الاقتصادية لتواكب متطلبات العصر وظروفه وتحقق الاستجابة السريعة، والمرونة اللازمة للتعامل مع المتغيرات والمستجدات على كافة المستويات.
وفي مقدمة الوسائل التي استحدثت والتنظيمات التي وضعت جاء انشاء المجلس الاقتصادي الاعلى عام 1420ه، والذي يندرج ضمن اولوياته اقتراح السياسات والاجراءات التي تستهدف تهيئة المناخ الاقتصادي المواتي للاستثمارات الخاصة وطنية واجنبية، وما تلا ذلك من صدور نظام الاستثمار الاجنبي بما تضمنه من حوافز ومزايا وإعفاءات، وانشاء الهيئة العامة للاستثمار.
وعلى الرغم من التقلبات في الايرادات النفطية، والتزام الدولة المستمر بتحقيق التوازن المالي، فقد حرصت الدولة على الاستمرار في تمويل برامج خطة التنمية ومشروعاتها، وتوفير مستويات جيدة من الخدمات الاقتصادية والاجتماعية التي تواكب متطلبات النمو، وترتقي بالمستوى المعيشي للمواطنين.
أيها الإخوة:
لقد سعت الدولة لاستغلال ما أنعم الله به علينا من ثروات للقيام بتنمية متسارعة شملت جميع جوانب الحياة، ولسنا في حاجة إلى تعداد ما تحقق من انجازات في مجال التجهيزات الاساسية وتنمية الموارد الاقتصادية من نقل ومواصلات واتصالات، وشؤون بلدية وقروية، وتنمية صناعية وزراعية ومياه، أو في مجال التنمية البشرية والاجتماعية والصحية وغير ذلك، فتقارير منجزات الخطة السابعة الحالية زاخرة بأرقام هذه الانجازات وحقائقها ودلالتها مما يبرز مرتكزات التنمية في المملكة، وقيامها على محاور رئيسة في مقدمتها الاهتمام بالانسان لأنه هدف التنمية، وتنمية القوى البشرية، وتحقيق الكفاية الاقتصادية في القطاعين الحكومي والخاص.
وإن ما تحقق من انجازات ارتكز في مجمله على الحفاظ على العقيدة الاسلامية وتطبيق شريعة الله، وترسيخ مبادئها ونشرها والدفاع عنها وعن الوطن، والمحافظة على الامن والاستقرار الاجتماعي للبلاد، وتهيئة المواطن العامل المنتج، وذلك بتوفير الروافد التي توصله لتلك المرحلة مما يؤدي إلى تنمية الموارد البشرية، والتأكد المستمر من زيادة فرصها، ورفع كفايتها لتخدم جميع القطاعات، والاستمرار في احداث تغيير حقيقي في البنية الاقتصادية بالتحول المستمر نحو تنويع قاعدة الانتاج، وبالتركيز على الصناعة والزراعة وتنمية الثروات المعدنية، وتشجيع استكشافها واستثمارها والتأكيد على التنمية النوعية بتحسين اداء ما تم انجازه من منافع وتجهيزات والعمل على تطويره.
كما أن الحكومة مهتمة بالانجاز في الجانب التنظيمي للنهوض بما تقدمه من خدمات من خلال التطوير المستمر للتنظيم الاداري بغية تحسين نوعية الخدمات العامة، وانشاء الوسائل المناسبة للاسهام في ترشيد اتخاذ القرارات وتسريعها.
وإن مما يشغل بال الحكومة دائماً توفير المزيد من فرص العمل لأبنائنا وبناتنا، وعلى الرغم مما يبذله القطاع الخاص من جهود في هذا المجال إلا أن من المأمول أن يتزايد دوره في توظيف العمالة الوطنية، وأن تعمل جهات التعليم والتدريب في الوقت نفسه على تضييق الفجوة بين برامج التعليم والتدريب من جانب، ومتطلبات سوق العمل من جانب آخر بحيث يكون هناك المزيد من التناغم بين هذه البرامج واحتياجات القطاع الخاص.
أيها الإخوة:
هناك بعض القضايا والانجازات التي نود التركيز عليها ومنها قضية التقنية، والتقنية في عصرنا الحديث من أهم الموضوعات التي يتحتم على جميع القطاعات التعامل معها بجدية كاملة، ويتطلب هذا ايجاد صناعة نشطة وفاعلة قابلة للتطوير والمنافسة دولياً، وبناء مجتمع معلومات مؤهل، ووضع الخطط الوطنية لذلك، وتحديد الاولويات، واقتراح السياسات وما يرتبط بها من نشاط ومنتجات وخدمات وتطبيقات تتعلق بالانترنت، والتجارة الالكترونية، والتقنية الحيوية نحو ذلك.
وإن توطين التقنية في المملكة يقوم على وجود خطة واضحة ومعدة وفق برنامج زمني يحدد المراحل المختلفة في عملية التوطين، ووجود هدف واضح في التعامل مع ذلك يهتم بتشجيع الاستثمار في هذا المجال، والمبادرات المتعلقة بزيادة فرص التأهيل والتوظيف، والافادة من الطاقات البشرية السعودية في انشطة التقنية والمعلومات وهو ما نسعى لتحقيقه بمشيئة الله تعالى.
وكذلك فإن المملكة تتمتع بمناخ استثمار مشجع تدعمه حوافز للاستثمار في العديد من المجالات، ويأتي نمو القطاع الخاص في المملكة، واستثماراته الطموحة دليلاً على ذلك، فبالاضافة إلى المزايا النسبية التي تتمتع بها المملكة وتوافر الخامات اللازمة للعديد من الصناعات فإن انظمة المملكة لا تتضمن أي قيود على حرية تنقل الاموال اضافة إلى وجود نظام ضريبي للمستثمر الاجنبي يتضمن العديد من الحوافز والتسهيلات، كما أن النظام الاساسي للحكم حظر في مادته التاسعة عشرة المصادرة العامة للاموال، وقيد عقوبة المصادرة الخاصة بصدور حكم قضائي بها، كما أن صدور نظام الاستثمار الاجنبي، وانشاء الهيئة العامة للاستثمار يعد منطلقات اساسية في هذا المجال.
كما أن لدى المملكة الامكانات والخبرة اللازمة لتوظيف السياحة مصدراً من مصادر الدخل، فالسياحة عنصر مهم، ومحرك رئيس لتوسيع النشاط الاقتصادي بما تتضمنه من توظيف اعداد من المواطنين، وايجاد مزيد من الفرص لرؤوس الاموال الوطنية الصغيرة والمتوسطة الحجم، واتاحة مجال للاموال المستثمرة في الخارج لتجد طريق العودة للوطن، حيث إن هناك قبولاً واسعاً من المجتمع لمفهوم السياحة، واستعدادا للمشاركة فيها، فضلاً عن أن التراث الثقافي الذي تزخر به المملكة يعد وسيلة جيدة لتطوير منتجات متميزة سياحياً ذات طبيعة من حيث المحتوى والشكل، في إطار الشريعة الاسلامية.
أما في مجال التنظيم فقد تم اصدار كثير من الانظمة وتحديثها حيث صدر نظام المرافعات، ونظام الاجراءات الجزائية، ونظام ملكية الوحدات العقارية ونظام التسجيل العيني للعقار، ونظام المحاماة، ونظام التأمينات الاجتماعية، ونظام الضمان الصحي التعاوني، ونظام المؤسسات الصحفية وغيرها، ويعد اصدار هذه الانظمة نقلة متميزة تبرز معطياتها ايجابياً على الوطن والمواطنين.
ايها الإخوة:
إذا كانت الانجازات في مجال البناء الاقتصادي والتخطيط والتنظيم تقف اليوم شواهد تاريخية في مسيرة الشعب السعودي فإن ما تحقق في مجال السياسة الخارجية يؤكد ايضاً على الدور الفاعل للمملكة في توجيه سياستها الخارجية، وقدرتها على صياغة المواقف التي تواجه بها الاحداث، فسياسة المملكة الخارجية تقوم على ثوابت محددة تنطلق فيها من التزاماتها الاسلامية والعربية والدولية، وتقوم على اساس من احترام سيادة الدول، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، والمبادرات في حل المشكلات والازمات الاقليمية والدولية. وكل ذلك جعل المملكة دولة تتسم سياستها بالرصانة والتعقل فأصبحت ولله الحمد تتبوأ مكانتها اللائقة عربياً واسلامياً وعالمياً.
ولم تأل المملكة جهداً في النهوض بواجباتها تجاه الاسرة الدولية، سواء كان ذلك في تقديم العون أو المؤازرة للقضايا الانسانية، أو في تبني قضايا الحق والعدل والانتصار لها، فالعالم المعاصر بحضاراته وثقافاته يسير نحو مزيد من التقارب، ونحو مزيد من الاعتماد المتبادل بين دوله ومجتمعاته، ونحن في تعاملنا مع هذا كله لا نحيد عما تمليه علينا شريعة الاسلام الغراء.
أيها الإخوة الكرام:
إن القضية الفلسطينية تشغل بال المملكة فلم تكن هموم الشعب الفلسطيني غائبة عنا في أي لحظة، بل انها تأخذ منا الاهتمام الاكبر، وان اهتمام المملكة العربية السعودية بقضية فلسطين يمثل توجهاً اصيلاً في السياسة السعودية، اذ يعود إلى بدايات نشوء هذه القضية حيث بذلت المملكة كل طاقاتها لنصرة الحق الفلسطيني وفق ثوابت وضعها الملك عبدالعزيز- رحمه الله- وسرنا جميعاً على دربه من بعده.. وموقف المملكة من القضية الفلسطينية موقف ثابت يدعم حق الشعب الفلسطيني في ارضه، وتحديد مصيره واقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وفي كل الفترات التي مرت بها القضية الفلسطينية كانت المملكة سنداً قوياً لنضال الشعب الفلسطيني في كفاحه المشروع.
وإن العدوان الاسرائيلي على الفلسطينيين وما يشهده العالم حالياً من تقتيل وتدمير وحرق، وتحطيم للبنية الاساسية والعمرانية وهدم للبيوت على سكانها، واستخدام كل انواع الاسلحة الفتاكة، كل ذلك يحدث في الوقت الذي يقف فيه المجتمع الدولي عاجزاً تماماً عن ردعهم عن غيهم وغطرستهم.
من أجل هذا جاءت مبادرة السلام السعودية التي قدمت في اجتماع القمة العربية في بيروت، وتبنتها القمة، وأصبحت مبادرة سلام عربية لحل هذه القضية معطية الوجه الحقيقي للعرب الذين كانوا على الدوام طلاب سلام.
إن هذه المبادرة تهدف إلى سلام عادل وشامل ودائم دون التفريط في حقوق الشعب الفلسطيني وحقه في اقامة دولته من خلال تطبيق القرارات الدولية واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وعودة اللاجئين، وإنهاء الاحتلال للاراضي السورية واللبنانية كافة، ولقد وجدنا خلال زيارتنا إلى الولايات المتحدة الأمريكية تفهماً للموقف العربي لدى الرئيس جورج دبليو بوش وتلمساً لحل عادل مقبول، ورغبة في دور نشط تمارسه الولايات المتحدة للوصول إلى هذا الحل.
وإننا نطالب المجتمع الدولي، والدول المحبة للسلام بالتدخل لحماية الشعب الفلسطيني من هذا العدوان الشرس الذي يستخدم مختلف الاسلحة الفتاكة، ونطالب المجتمع الدولي بأعمال قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، وانسحاب القوات الاسرائيلية من الاراضي المحتلة، وتنشيط الوسائل اللازمة لتحقيق الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الاوسط.
أيها الإخوة:
أما فيما يتعلق بدورنا على الصعيد العربي والاسلامي فأنتم تعلمون حرص المملكة العربية السعودية على توحيد الصف العربي، وعلى تعزيز التضامن الاسلامي، واستثمار جميع امكانات المملكة في مختلف المستويات بما يعود على أمتنا العربية والاسلامية بالخير والاطمئنان والاستقرار، وبما يوفر الرخاء، ويعزز فرص السلام في سائر انحاء العالم، ونحن سعداء بما يتحقق بتدرج وهدوء وتعقل في منظومة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وفي جامعة الدول العربية من تكامل في مجالات كثيرة، ومن تنسيق في الامور السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها.
أيها الإخوة:
نغتنم هذا اللقاء لتوجيه الشكر لأمراء المناطق وللاشادة بما تقدمه مجالس المناطق من تعزيز للتنمية في البلاد، ومن دفع لعجلة التطور في المناطق المختلفة كما نتوجه بالتقدير لمعالي رئيس المجلس ونائبه والامين العام وجميع اعضاء المجلس ومنسوبيه على جهودهم الطيبة، ونرجو لهم التوفيق والسداد، ونسأل الله أن يوفق المجلس إلى اداء واجباته بما يحقق مصلحة الوطن والمواطنين.
هذا وفي الختام أوصيكم جميعاً بتقوى الله في القول والعمل، وأن تضعوا مصلحة بلادكم نصب أعينكم، وفوق أي اعتبار لأن المسؤولية كبيرة، والامانة ثقيلة أعاننا الله واياكم على اداء حقها على الوجه الذي يرضيه، وأبتهل إلى الله العلي القدير أن يديم علينا نعمة الاسلام، وأن يكلأنا بعنايته ورعايته، وأن يسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنة، إنه على كل شيء قدير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.