دأبتْ جامعة الملك فهد على إجراءٍ سنويٍّ لتعيين عدد المقبولين فيها، وذلك بإخضاعهم لاختبار مقنَّن يقيس قدرات الراغبين في مجالاتها العلميَّة، وهو ذو شقَّين، أحدهما لقياس مهارات القدرات العقلية العليا من خلال مضمونه في مجال المسائل العلميَّة والرياضيات، والآخر لقياس مهارات اللغة وقدرة الخاضعين له من خلال تمكُّنهم من اللغة الأجنبية... وإذا كان الأول والثاني مبسوطيْن أمام من يرغب في الانضمام إلى هذه الجامعة بحكم أنها يتمُّ التدريس فيها والدراسة لمقرراتها باللغة الأجنبية الأولى (الإنجليزية) فإنَّ هذا يشير إلى أنَّ الجميع يعلم ذلك، فلا يتقدَّم لها إلاّ من له قدرة في إتقانها، اكتسبها إمَّا بالدراسة المسبقة، وإمَّا بوسائل أخرى... إلاّ أنَّ تقنين الجانب الثاني لهذا الاختبار في أمر القبول في الجامعات الأخرى داخلياً فيه ما يعيق حركة وحجم سعة القبول سواءً في جامعة الملك فيصل أو أمّ القرى أو من سوف ينحو نحوهما مستقبلاً... وهذا يتعارض مع خطط التنمية واستشراف التعليم العالي، ذلك لأنَّ اللغة الأولى في المجتمع هي اللغة العربية، فهل يعني ذلك أنَّ الجامعات تسعى لأن تجعل اللغة الأساس للتعليم فيها هي اللغة الإنجليزية؟ إذا كان هذا هو المخطَّط له فذلك يعني أنَّ على الجميع معرفة ذلك مسبقاً، وأنَّ على وزارة المعارف إعادة النظر في برامج اللغة الأجنبية في المراحل المختلفة جميعها قبل الجامعة، بحيث تؤهِّل الدراسين «مضموناً ومستوى» من إتقان مهاراتها كي تتساوى في الاستواء على الألسنة باللُّغة الأم!!!. ويبقى السؤال: ألا يصحُّ توجيه طلب من يرغب في الاندراج لقياس قدراته تأهُّباً للقبول في الجامعات (ذات هذا الاختبار) شرط القبول بألاّ يجازف من ليس لديه حصيلة لغوية إنجليزية؟. أو أن يتم ذلك بعد الحصول على الثانوية العامة بعام على الأقل يتمكن فيه الدارسون من دراسة اللغة الإنجليزية، ويستعد له أولياء الأمور «بمصاريف الدراسة لها»!! داخلياً أو في مواطنها؟!... ويبقى السؤال الأكبر: ما مصير تعريب العلوم المختلفة إذ يبدو أنَّه مشروع عبر ثم أجهض لدى المختصين!! وما مصير فرض هيمنة اللغة العربية في «المواقف » العلمية الرسمية على مستوى داخلي، وكيف يتحقَّق من ثمَّ على مستوى (خارجي) حيث أسفرت الأحداث الأخيرة على مستوى العالم كلِّه عن «فشل» العربيِّ في «سيادة» لغته بين اللغات الأخرى؟! بما يؤكد أنَّ مجرَّد تعميم هذا الاختبار بهذا الجانب فيه في أمر القبول في جامعاتنا فيه ما يشير إلى بُعْدٍ خطيرٍ وسالبٍ، وليس هو مؤشراً إلى تحضُّر، يمكن أن يوحي به ظاهر الأمر.