تشهد مدينة الرياض نمواً سكانياً سريعاً وتوسعاً عمرانياً كبيراً، حيث زاد عدد سكان المدينة حالياً على أربعة ملايين نسمة، حتى أضحت مدينة الرياض واحدة من أسرع مدن العالم نمواً وتطوراً. وقد أدى هذا النمو السكاني والتوسع العمراني وما رافقهما من ازدهار في الانشطة التجارية والصناعية إلى ازدياد الحاجة إلى التنقل بين أجزاء المدينة المختلفة، حيث قارب عدد الرحلات المتولدة في المدينة خمسة ملايين رحلة الأمر الذي أدى إلى ازدحام بعض الشوارع والطرق بالمدينة وصعوبة التنقل بين بعض أجزاء المدينة. كما تشير الدراسات الحضرية ذات العلاقة أنه من المتوقع أن يستمر النمو السكاني والاتساع العمراني وما يتولد عنهما من زيادة في حجم الحركة المرورية المتولدة في مدينة الرياض لسنوات عدة قادمة. حيث تفيد دراسات الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض أنه من المتوقع أن يتم توليد ما يزيد على 14 مليون رحلة يومياً بحلول عام 1442ه مقارنة بما يقارب 5 ملايين رحلة في الوقت الحالي وان ينخفض متوسط السرعة من 52كم/ ساعة إلى حوالي 20كم/ ساعة ما لم يتم النظر في سبل تطوير وادارة نظام النقل في المدينة بشكل مستمر والبحث عن بدائل فاعلة للوفاء بمتطلبات التنقل القائمة والمتوقعة بالمدينة بيسر وامان. وقد أدرك مشروع المخطط الاستراتيجي الشامل لمدينة الرياض، الذي تقوم عليه الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض ويتناول جميع القضايا في المدينة، جانب النقل واهميته وضرورة العمل على اتخاذ جميع الاجراءات الوقائية والعلاجية التي من شأنها أن توفر سبل التنقل الآمن واليسير. فقد عني هذا المشروع في مجال النقل بوضع استراتيجية متكاملة لتطوير نظام النقل بالمدينة تهدف إلى توفير سبل التنقل الآمن واليسير من خلال تطوير نظام نقل مستديم يفي بمتطلبات التنقل القائمة والمتوقعة في المدينة ويساهم في توجيه التطوير الحضري. وقد تضمنت هذه الاستراتيجية العناصر الرئيسة التالية: 1 شبكة الطرق: أقرت الهيئة في اجتماعها الأول لعام 1422ه خطة تطوير شبكة الطرق بالمدينة لعشرين سنة قادمة كما أقرت برنامجاً تنفيذياً للسنوات الخمس القادمة (14221427ه) ووجهت الجهات المعنية بتنفيذها. وقد تضمنت الخطة التنفيذية لشبكة الطرق المستقبلية بالمدينة حتى عام 1442ه رفع كفاءة بعض العناصر القائمة واضافة عناصر جديدة. وقد بلغ اجمالي اطوال الطرق السريعة الجديدة، في خطة تطوير شبكة الطرق التي اقرتها الهيئة العليا حوالي 300 كلم مقارنة مع 248 كلم اجمالي اطوال الطرق الحرة القائمة أي بزيادة (120%). كما بلغ مجموع اطوال الطرق الشريانية الرئيسية الجديدة في هذه الخطة حوالي 450 كلم، مقارنة 449 كلم طرق شريانية رئيسية قائمة أي بزيادة (100%). وتتضمن هذه العناصر انشاء عدد من الطرق الدائرية الجديدة وانشاء مجموعة من الطرق الحرة والشريانية الاخرى للوفاء بمتطلبات التنقل القائمة والمتوقعة بيسر وامان. 2 النقل العام: تشكل شبكات النقل العام جزءاً مهماً من نظم النقل في العديد من المدن العالمية وخاصة الكبيرة منها حيث يصبح الاعتماد على توسعة شبكات الطرق امراً عسيراً وغير كاف وأنه لابد من النظر في حلول أخرى مساندة مثل تطوير نظم النقل العام الفاعلة حيث بينت بعض الاستقصاءات أن نسبة الرحلات المستخدمة لوسائط النقل العام في بعض المدن العالمية الكبيرة تصل إلى 90% من مجموع الرحلات اليومية. كما أوضحت الدراسات التي تجريها الهيئة إلى أن عدم وجود شبكة نقل عام ذات استخدام مكثف في مدينة الرياض يعود إلى وجود حاجة ملحة، حتى عهد قريب، لتطوير مثل هذه الشبكة، وذلك بسبب الاعتماد الكبير على السيارة الخاصة في عملية التنقل داخل المدينة. إلا أنه وفي ضوء النمو المطرد الذي تشهده مدينة الرياض فقد أوضحت الدراسات الحضرية التي تجريها الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض أن خصائص التنقل السائدة حالياً غير قابلة للاستدامة وأنه لابد من البحث عن بدائل فاعلة وآمنة للتنقل داخل المدينة بما في ذلك النظر في سبل تطوير نظم نقل عام مناسبة وفي هذا المجال تقوم الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض بتنظيم ورشة عمل الإدارة المرورية بمدينة الرياض بمقر الهيئة حيث يتم فيها مناقشة دور النقل العام في مدينة الرياض في الوقت الراهن والمستقبل المنظور وطبيعة هذا النظام والمتطلبات الفنية والإدارية اللازمة لتطويره وإدارته وسبل مشاركة القطاع الخاص في اسثماره. وسيكون من بين توصيات هذه الورشة ضرورة البدء بأسرع وقت بتطوير مشروع نقل عام تجريبي على أحد محاور مدينة الرياض أو في احدى مناطقها. وفي ضوء ذلك كله فسيتم البدء بالاعداد لتصميم وتنفيذ مشروع النقل العام التجريبي الذي ستوصي به ورشة العمل والذي سيبحث في تطوير نظام نقل عام متطور على أحد محاور مدينة الرياض أو في احدى مناطقها باستخدام الوسائط المناسبة وذلك للتعرف على أفضل السبل الإدارية والتقنية والاستثمارية الكفيلة بتوفير نظام نقل عام آمن وفاعل مستديم بمدينة الرياض. 3 الإدارة المرورية : تشير التجارب العالمية ذات العلاقة أن الاعتماد على توسعة شبكة الطرق لحل المشاكل المرورية لن يفي بمتطلبات الحركة المرورية المتنامية، وأنه لابد من النظر في إجراءات أخرى مكملة ومدعمة لدور شبكة الطرق في توفير التنقل الآمن واليسير. ومن أهم هذه الإجراءات المدعمة لدور شبكة الطرق في المدينة، برامج الإدارة المرورية الفاعلة. في هذا الصدد بدأت الهيئة العليا بالعمل على إعداد برنامج إدارة مرورية شامل يهدف إلى تشغيل نظام النقل بكفاءة عالية. يتضمن هذا البرنامج البحث في سبل إدارة الطرق الحرة والسريعة وإدارة المواقف وإدارة نقل البضائع داخل المدينة، وإدارة النقل المدرسي وكذلك تقويم التقنيات المستجدة في هذا المجال، وتوصيف الملائم منها للاستخدام بمدينة الرياض إلى جانب توفير بيئة ملائمة للمشي، وسبل توفير هذه البيئة. ويجري في هذا المجال الإعداد لتنظيم ورشة عمل الإدارة المرورية بمدينة الرياض وذلك خلال الفترة من 11 إلى 13 محرم 1423ه بقصر طويق بحي السفارات تهدف إلى مناقشة سبل توفير برنامج إدارة مرورية فاعل بمدينة الرياض يعنى برفع كفاءة إدارة الحركة المرورية ورفع مستوى السلامة على شبكة الطرق بالمدينة وتوظيف التقنيات الحديثة المناسبة لرفع كفاءة الأداء. وسيشارك في هذه الندوة الجهات الحكومية ذات العلاقة مثل وزارة المواصلات وامانة مدينة الرياض وادارة مرور منطقة الرياض. كما سيتم الاستفادة من الخبرات العالمية المتميزة ودمجها بالخبرات المحلية لبحث أفضل السبل الكفيلة بتطوير نظام إدارة مرورية فاعل في مدينة الرياض وتوصيف طبيعة ومتطلبات هذا النظام. 4 توزيع استخدامات الاراضي: يتناول هذا العنصر البحث في سبل التكامل بين تخطيط استخدامات الاراضي وتخطيط النقل بالمدينة بهدف تقليل عدد الرحلات المتولدة والعمل على تقليل المسافات المقطوعة والساعات المنقضية على شبكة الطرق الأمر الذي يؤثر وبشكل فاعل جداً في تخفيف الازدحام المروري وتقليل التلوث الناتج عن حركة المرور هذا بالاضافة إلى العمل على توظيف نظام النقل كموجه للنمو الحضري بالمدينة في ظل استراتيجية التطوير الشامل للمدينة. ومن هنا ندرك أهمية نظام النقل في حاضر ومستقبل مدينة الرياض ومدى اهتمام وحرص الهيئة في هذا الجانب.