8 عوامل محفزة لنمو لوجستيات الأحساء    6.47 مليارات ريال إيرادات المنشآت السياحية في 90 يوما    42% من الاستثمار الأجنبي المباشر في المنطقة الشرقية    محافظ محايل يكرم العاملين والشركاء في مبادرة "أجاويد 3"    فرقنا نحو المجد الآسيوي: إنجازات غير مسبوقة.. ونهائي نحلم به    الدوري الأقوى آسيوياً    نهج كريم دأبت عليه الدولة    الاستثمار في الإعلام    هل قتل الذكاء الاصطناعي الحسّ الإعلامي؟    جيسوس: ندرك قوة الأهلي    اختتام فعاليات بطولة القصيم لجمال الخيل العربية    واشنطن: ضرب 800 هدف باليمن منذ منتصف مارس    انقطاع الكهرباء يعطل 50 مليونا في إسبانيا والبرتغال    الطائف مدينة الأدب تشارك في معرض بوينس آيرس الدولي للكتاب    لجنة الانضباط تجدد رفض احتجاج الوحدة    GPT-5 وGPT-6 يتفوقان على الذكاء البشري    انطلاق ملتقى "عين على المستقبل" في نسخته الثانية    شذرات من الفلكلور العالمي يعرف بالفن    مكونات صحة سكانية ترفع الأعمار    مكتبة الملك عبدالعزيز تعقد ندوة "مؤلف وقارئ بين ثنايا الكتب"    أمير المدينة المنورة يدشّن المرافق الحديثة للمتحف الدولي للسيرة النبوية    "مركز استهداف تمويل الإرهاب".. جهودٌ فعّالة ورائدة في مكافحة جريمة الإرهاب وتمويله    وزير الخارجية يجري مباحثات مع نظيره العُماني    تدشين 9 مسارات جديدة ضمن شبكة "حافلات المدينة"    الشورى يطالب توحيد الجهود وتطوير تصنيف موحد للإعاقة    القبض على مواطن بتبوك لترويجه مادة الحشيش المخدر    أمير تبوك يستقبل رئيس وأعضاء جمعية خدمة ضيوف الرحمن بالمنطقة    محافظ تيماء يرأس الجلسه الأولى من الدورة السادسة للمجلس المحلي    بلدية مركز شري تُفعّل مبادرة "امش 30" لتعزيز ثقافة المشي    أمير منطقة جازان يستقبل قائد قوة أمن المنشآت المعيّن حديثًا بالمنطقة    "التخصصي" بالمدينة المنورة يتوّج بجائزة مجلس الضمان الصحي للتميّز في برامج الترميز الطبي والفوترة    نائب أمير منطقة مكة المكرمة يشرّف غدًا حفل تخرج الدفعة ال 73 لجامعة أمّ القرى    جامعة الأمير سلطان تطلق أول برنامج بكالوريوس في "اللغة والإعلام" لتهيئة قادة المستقبل في الإعلام الرقمي    أمير الشرقية يرعى تخريج الدفعة ال 46 من جامعة الملك فيصل    استشهاد 18 فلسطينيًا    "البحر الأحمر الدولية" تكشف عن مستعمرة مرجانية عمرها 800 عام    اكسر حواجز الواقع و اصفع الفشل بالإصرار    محادثات القاهرة تتعثر.. ولا ضوء في نهاية النفق.. الاحتلال يصعد في غزة ويطارد حماس عبر «مناطق عازلة»    دمشق ل"قسد": وحدة سوريا خط أحمر    هنأت رؤساء توغو وسيراليون وجنوب أفريقيا.. القيادة تعزي الرئيس الإيراني في ضحايا الانفجار    للمرة ال 20 في تاريخه.. ليفربول يتوج بالدوري الإنجليزي بجدارة    الموارد تطلق خدمة "أجير الحج" لتمكين العمل الموسمي    تنفذها الإدارة العامة للتوجيه والإرشاد بوزارة الداخلية.. أمير الرياض: الحملة الوطنية.. "الولاء والانتماء" تعزز الأمن وتحصن الشباب    بتوجيه من ولي العهد.. إطلاق اسم "مطلب النفيسة" على أحد شوارع الرياض    كيف تحل مشاكلك الزوجيه ؟    أكدت أنه يتفق والمصلحة المطلوبة شرعًا.." كبار العلماء": لا يجوز الذهاب للحج دون أخذ تصريح    السعودية تمتلك تجارب رائدة في تعزيز ممارسات الصيد    مدير الجوازات يستعرض خطة أعمال موسم الحج    صقر في القفص الذهبي    «هيئة الشورى» تعقد اجتماعها الثامن    ملتقى «توطين وظيفة مرشد حافلة» لخدمة ضيوف الرحمن    «جمعية تجهيز» تُخصص رقماً مجانياً للتواصل    تشكيليات يرسمن أصالة الأحساء    حل 40 ألف قضية أسرية قبل وصولها للمحاكم    وفاة عميد أسرة آل أبوهليل    طلاء سحري يقتل البكتيريا والفيروسات    ارتفاع حرارة الأطفال بلا سبب    نائب أمير مكة: اقتصاد مزدهر لرفعة الوطن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. محمد بن سعد الشويعر
تنشئة الفتاة المسلمة 2-2
نشر في الجزيرة يوم 15 - 03 - 2002

بعد المبحث الأول الذي اهتمّت به المؤلفة في كتابها الدور التربوي للوالدين، في تنشئة الفتاة المسلمة في مرحلة المراهقة، الجزء الثاني، حيث اهتمّت المؤلفة: حنان عطية الطوري الجهنيّ، في هذا المبحث من الفصل الأول بالتنشئة الروحية.. فإنها خصصت المبحث الثاني منه: للتنشئة الجسمية..
وما ذلك إلا لأن الاهتمام بالجسم، يأتي في الدرجة الثانية بعد الروح، لأن الروح هي الأساس، وهي الجوهر والجسم وعاء فيها، فإن سعدت الروح سعد الجسم، وإن شيقت شقي الجسم.
وقد ساقت المؤلفة في التمهيد لهذا المبحث، تمهيداً مختصراً، تضمن الدور التربوي للوالدين، في التنشئة الجسمية للمراهقة بعناصر موجزة، توسعت في الحديث منها، إبانة وتجلية فيما بعد، كما عملت من قبل في المبحث الأول.
وهذه العناصر أربعة لبعضها جزئيات كما يلي:
أولاً: إعداد المراهقة للتغيرات العضوية «الخارجية» والفسيولوجية «الداخلية» الطارئة في هذه المرحلة.
ثانياً: توعية المراهقة بالمعلومات والقواعد الصحية اللازمة لسلامتها الجسمية:
أ ضرورة التوازن والاعتدال في الطعام والشراب.
ب الاستمرار في تعويدها النوم والاستيقاظ الباكر.
ج مزاولة الرياضة البدنية المناسبة.
د الاستمرار في حثها على النظافة.
ه حماية جسد المراهقة، بوقايتها من أسباب الأمراض.
ثالثاً: مساعدتها في اتخاذ الأساليب والطرق لعلاج الأمراض التي تعتريها.
رابعاً: التربية الجنسية للمراهقة:
أ متابعة تعويدها غضّ البصر.
ب منع الفتاة من التبرج، ومن ابداء زينتها لغير محارمها، وتحذيرها من الاختلاط.
ج تحذيرها من الخلوة بالأجنبي.
د تجنيبها جميع ما يثيرها من كلمة أو صورة أو حقيقة ملموسة.
ه إبعادها عن الرفقة السيئة.
و تقوية الوازع الديني، وغرس قيمة العفة والحياء في نفس المراهقة.
ز تعويد المراهقة فنّ الاستئذان.
ح تلبية الحاجة الغريزية لدى المراهقة عن طريق الزواج المبكر [ص6970].
وقد اهتمت المؤلفة في الحديث عن هذه الأشياء، بأن تلبس لكل نوع منها لباساً فضفاضاً من تعاليم الاسلام، وحرصه على حماية المرأة، وحفظها عن كل أمر يخدش كرامتها، فهي جوهرة ثمينة، ترعاها أوامر دين الاسلام، وتحوطها آدابه.
ونراها تحث الوالدين، عند تعاملهما مع المراهقة، والتحولات الطارئة عليها في هذا السن: بأنه لابد أن يتجنبّا السخرية، والاستغراب والاستهجان للحالة، أو الهيئة أو الحجم، أو الشكل الذي آلت اليه الفتاة، ويتجنبا وصفها بالصغر والطفولة والقصور، إذ إن وصفها بذلك يشعرها باحتقار الآخرين لها، واستهانتهم بها، وقد ذمّ الإسلام هذه الأساليب في مواجهة الناس، والتعامل معهم صغاراً وكباراً، ومقتها مقتاً شديداً. واستشهدت بآية سورة الحجرات.
كما ركزت على دور الأم في كيفية التعامل مع ابنتها المراهقة: بأن تقوم بدور الصديقة لابنتها، فتجعلها بذلك تصارحها بكل مخاوفها ومتاعبها، فتعجل على إزالتها والتخفيف منها [ص74].
كما أن على الأم: أن ترشد ابنتها إلى أهمية كثرة الاستحمام، وخاصة في أيام الطمث، وأحكام المرأة في الحيض، ما يحرم عليها عمله كالصلاة والصيام ومس المصحف، ومتى يباح ذلك في الطهر، حيث تقضي الصوم، ولا تقضي الصلاة، وتعلّمها ما يحسن للحائض أن تعمله كالأذكار الشرعية والأدعية والتهليل والتكبير والتسبيح والاستغفار، وغير هذا مما يباح للحائض، وتعّرفها بعلامة نهاية حيضها، وتشرح لها كيفية الغسل المستحب والمبادرة بالاغتسال أذا طهرت في أثناء وقت الصلاة، لتدرك أداءها قبل خروج وقتها.. إلى آخر ما ذكرت من الأمور الشرعية التي تجهلها المراهقة وتستحي من السؤال منها، [ص80 83].
وقد اهتمت المؤلفة بتوعية المراهقات، عن مضار الخبائث التي بدأت تنتشر في المجتمعات الإسلامية مثل التدخين بأنواعه، والمخدرات بأنواعها.. لأن هذه الأمور خبائث تجر إلى مضار بالجسم، ومفاسد بالمجتمع، وقد أحسنت في التشديد على ذلك، ودور الوالدين في التوعية للمراهقات عن ذلك [ص93 96].
وقد ألقت الباحثة، الثقل الأكبر في هذا المبحث: وهو التنشئة الجسمية على كاهل الأم، لأنها ألقصق بها من جانب، ومن جوانب أخرى، فهي التي يخفّ حياء البنت عندما تشرح الجوانب لابنتها، فقد يجد الأب الغضاضة من الدخول مع ابنته في أمور تتعلق بجسدها، وقد ختمت هذا المبحث بدور الأم في تعليم ابنتها المقبلة على الزواج وخاصة الزواج المبكر، الذي تحث عليه الباحثة، لدعوة الإسلام إلى التعجيل بالزواج، والتبكير، فبعد الحث على تسيهله وتيسير أسبابه قالت: على الأم أن تعرف ابنتها بأحكام الزواج وآدابه، وآداب الإتصال الجنسي، ومرامي الزواج وفوائده وذلك على الأسس الشرعية الصحيحة، ولا تتركه للرفيقات، أو للنساء الجاهلات [ص123].
والفصل الثاني عقدته للتنشئة الوجدانية والفكرية للفتاة المسلمة، في مرحلة المراهقة، الذي بدأته كالعادة [ص137] بتمهيد عن الدور التربوي للوالدين في التنشئة الوجدانية للمراهقة، وجعلته في أربعة عشر عنصراً وهي:
أولاً: إشباع حاجة المراهقة للأمن.
ثانياً: اشباع حالة المراهقة إلى القبول والتقدير.
ثالثا: ضبط قوة الإنفعال وتوجيهها لدى المراهقة.
رابعاً: التعامل الصحيح مع ذاتية المراهقة.
خامساً: إشباع حاجة المراهقة إلى التدين.
سادساً: التعامل مع انفعال العجب والغرور والكبرياء عند المراهقة.
سابعاً: إشباع حاجة المراهقة إلى الهوية السّوية.
ثامناً: التعامل مع انفعال الغضب عند المراهقة.
تاسعاً: التعامل مع انفعال الرجاء عند المراهقة.
عاشراً: متابعة تدعيم ثقة المراهقة بنفسها.
حادي عشر: تكوين عاطفة كراهية الكافرين، وعدم موالاتهم في وجدان المراهقة.
ثاني عشر: متابعة توجيه عاطفة الحب لدى المراهقة.
ثالث عشر: متابعة اشباع حاجة المراهقة إلى الحب والعطف والحنان.
رابع عشر: دعم الوازع الداخلي «النفس اللوامة» وتعزيزه لدى المراهقة [137 138].
ولاشك ان التنشئة الوجدانية من الأمور المهمة للمراهقات والمراهقين: توجيهاً على أسس علمية ثابتة، وأمكن العلوم، وما يستمد من كتاب الله عز وجل، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنهما الأساس الذي يجب أن يهتم الوالدان، والمربّون والمربيات بتمكينه في مثل هذه السن، حتى تنبني المعارف كلها، على قواعد متينة، يرجع الشباب والشابات بعد تجاوزهم مرحلة المراهقة اليهما في كل ما يعترضهم.
وقد اجادت المؤلفة في ايضاح ما تعنيه بهذه العناصر ال 14، داعمة الرأي بالبرهان، والدليل من مصدري الشريعة الإسلامية، حتى يهتم الوالدان بهذا الجانب، تعليماً وتربية في قلوب المراهقات وهن المقصودات بهذا البحث، وتدخل المراهقين بالتبعية، فيما يتلاءم مع فطرتهم ومشاعرهم [139190].
والمبحث الثاني عن التنشئة الفكرية، وضعت الباحثة في التمهيد للدور التربوي للوالدين، في التنشئة الفكرية للمراهقة: اثنى عشر عنصراً، عرضتها اجمالاً في صفحتين 191192 فقالت:
اولاً : توجيه طاقة الفتاة الفعلية الى التأمل في حكمة الله الخالق المدبر، وتدبيره.
ثانياً: توجيه طاقة الفتاة العقلية، الى التدبير والنظر في حكمة التشريع. ثالثاً: توجيه طاقة الفتاة العقلية الى طريقة اقامة المجتمع الصالح. رابعاً: توجيه طاقة الفتاة العقلية الى النظر في سنن الله في خلقه.
خامساً: توجيه عقل الفتاة الى استخلاص الطاقة المادية، وتذليلها لخدمة نفسها وغيرها.
سادساً: متابعة تحديد مجال نظر الفتاة العقلي: سابعاً: تدريب طاقة الفتاة العقلية على طريقة الاستدلال المثمر والتصرف على الحقيقة: ثامناً: توسيع قاعدة فكر المراهقة وتفسير الحقائق لها، وتزويدها بافكار اساسية وكلية في الحياة والاجابة عن تساؤلاتها. تاسعاً: تحويل ما لدى الفتاة من مثل عليا، الى حقيقة واقعية، والحيلولة بينها وبين ان تصبح احلام يقظة.
عاشراً: العناية بصحة عقل المراهقة. حادي عشر: اتاحة الفرصة للفتاة للاخذ بأسباب العلم.
ثاني عشر: تنمية ثقافة الفتاة، وتوعيتها فكرياً.
ثم حرصت كالمعتاد في كل بحث، بتوضيح ما جملته في هذه العناصر، ولإبانة اهمية التنشئة الفكرية لدى المراهقين، ودور الوالدين التربوي، في السيطرة على ذلك الامر، وقد جعلت ذلك التوضيح تحت عنوان : تمهيد، ويصح ان يسمى توضيح لتمهيد، لان التمهيد جاء مجملاً ، فبدأت في تجلية وبسط ما اجمل، بأسلوب رصين لا اطالة فيه، ولكنه مفيد ونافع، ويرتكز كما هي منهجيتها على قاعدة الاسلام بمصدريه: تذليلاً وتوضيحاً، حتى يكون ادعى للقبول، وامكن في الرسوخ [193237].
والفصل الثالث : خصصته المؤلفة لامر حيوي في جبلّة المرأة، وطبع من طباعها الراسخة فطرياً، وهي التنشئة الجمالية والاجتماعية للفتاة في مرحلة المراهقة، ذلك ان الاسلام يهتم بزينة المرأة، وابيح لها بالتجمل بما لم يبح للرجل كالذهب والحرير، واسبال الثياب، وغير ذلك، ولذا كانت الصناعات الجمالية والزينة، اوفر حظاً في العرض، واكثر انفاقاً في الشراء والبيع، لكن المؤلفة قد حرصت ان تكون المراهقة بحسب ما تربى عليه، متّزنة غير مسرفة، ومهدت لذلك اجمالاً بخمسة عناصر هي:
أولاً: توعيتها باقسام الزينة، ثانياً: حثها على عدم الاسراف في مطالب الزينة، وعلى عدم اضاعة الوقت فيها.
ثالثا: تنشئتها على ضرورة التزين للزوج. رابعاً: متابعة تعويدها الالتزام، بالزيّ الشرعيّ، الدال على شخصية الفتاة المسلمة.
أ. ان يستوعب جميع البدن. ب الاّ يكون زينة في نفسه ج الاّ يكون مبخَّراً او مطّيباً.
د الاّ يكون ضيقاً يصف شيئاً من جسمها. ه الاّ يشبه لباس الرجال او لباس الكافرات. و الاّ يكون لباس شهرة.
خامساً: متابعة حثّها على التزين بالزينة المستحبة، مع الابتعاد عن كل ما فيه تغيير وتشويه لخلق الله تعالى [241242].
وقد أجادت المؤلفة في توضيح مجمل هذه العناصر، وانتقدت بأسلوب رصين، عدم تقيد الشابات المسلمات بتعاليم الإسلام في الزينة، وحرصت على الإنصياع لما يحدده الإسلام من زينة مقيّدة، لا إسراف ولا تبرج ولا اظهار الزينة لغير المحارم، مع إيضاح الزينة المباحة، والزينة المستحبة والزينة المحرمة. والبعد عمّا فيه تغيير أصلي أو تشوبه فطري في خلق الله، كالوشم والنّمص، والتفليج والوصل وغير هذا مما حرمه رسول الله صلى الله عليه وسلم على نساء المسلمين، وعدم تقليد الموضات الغربية.
وأبانت دور الوالدين في هذا وفي التربية الاجتماعية والتواصل مع الأقارب والأرحام وزيارة المريضات، لما في ذلك من رأفة للقلوب، وتقارب ومحبة بين الناس: أقرباء وجيران وأرحام [243307].
أما الفصل الرابع والأخير، فقد خصصته لمقومات شخصية الوالدين، لتنشئة الفتاة المسلمة، وجعلت تمهيده في تسعة عناصر، وذلك لرغبتها بأن يكون الوالدان مؤهلين للقيام بالأدوار المناطة بهما في ثنايا هذا الكتاب، وقد اهتمت بالصفات التي تزيد مكانة شخصية الوالدين وتجعلهما قادرين على أداء الدور التربوي في حياة المراهقة وفائدتها.
وهذه الصفات اجملت كالعادة في هذه العناصر التسعة:
أولاً: اختيار كل من الزوجين للآخر على أساس الدين والخلق. ثانياً: أن يكونا مسلمين بالمعنى الحقيقي.
ثالثاً: أن يكون الوالدان مثقفين. رابعاً: أن يكون الوالدان قدوة حسنة ومثلاً طيباً في جميع جوانب الحياة.
خامساً: أن يتصفا بالرحمة والرفق واللين في غير اسراف. سادساً: أن يتصفا بالتواضع والصدق والوفاء بالوعد والوعيد. سابعاً: أن يبتعدا قدر المستطاع عن كثرة اللوم والعتاب واظهار العيوب. ثامناً: أن يتحينا الوقت المناسب للتوجيه ويتخوّلا الموعظة الحسنة.
تاسعاً: أن يلتزما الدعاء للأبناء لا عليهم [ص311]. وقد أوردت في توضيح هذا التمهيد بعناصره، أدلة في النماذج التي استشهدت بها، تربوية فريدة، تمثل القدوة الواقعية للوالدين، إن أرادا أن يتمثلا المنهج التربوي الصحيح في مجال تربية الأولاد، والصبر عليهم، ومراعاة حالهم، لأنها توجيهات إسلامية في لين الجانب وحسن القول. وفضيلة المعاملة [324328].
إن تربية الأبناء ورعاية المراهقين يجب أن يتأهل لها الأبوان، ويدركا مهمتها بوعي، وحسن تطبيق في النفس، لأن فاقد الشيء لا يعطيه، ألاّ يوجها أبناءهما إلى شيء بالتحذير وهما يعملانه، ولا بالعمل وهما لا يطبقانه، فإن ذلك يحدث تبايناً لدى الأطفال، ومن الخطأ أن يعتقد الوالدان أن الصغار من أولادهما لا يحيطون عما حولهم، ولا يربطون بين التصرفات التي توجه إليهم، بل ذلك مما ينعكس أثره في ذاكرة الصغير ويتربى عليه: طبعاً وتطبعاً، والشاعر يقول:
وينشأ ناشىء الفتيان منا
على كل ما كان عوّده أبوه
ولم تنس المؤلفة التركيز على الدعاء للأولاد لا عليهما لأن الدعاء مخّ العبادة، والمعبّر عن رابطة العبد بربه، وقد أجادت بما أوردت من أدلة وشواهد في إيضاح هذه العناصر [313337].
وقد ختمت المؤلفة هذا البحث بنتائج وتوصيات، بلغت سبعاً، [339241].
والواقع أنه كتاب جيد في مادته ومحتواه، جدير بدراسة واسعة، وتوضيح أكثر، عن الجوانب التي أعطتها حقها من البيان والتوضيح. وقد تشوّقْتُ بعدما قرأتُ هذا القسم، الذي كتبت عليه الجزء الثاني إلى ما سبقه في الجزءالأول لتكتمل الفائدة ويترابط البحث بجزأيه، فقد شدّ فيَّ هذا الموضوع عندما قرأته ، وبان جهد الكاتبة المبذول، وحرصها على أن تكون مفيدة في عملها، لاهتمامها بالقاسم الأعظم من هذه المادة العلمية، وهو الارتكاز على تقوية تعاليم الاسلام في كل جانب، وهي رسالة عظيمة، يحسن بكل عالم وباحث ان يضعها بين عينيه، لأن هذا من العلم النافع، المستمر أثره لصاحبه: حياً وميتاً.
وانني لأنصح كل أب وأم بقراءة هذا الكتاب، ووضع مافيه من فوائد امام المراهقات خاصة، والابناء المراهقين عامة، حتى يتسلحوا لمستقبل ايامهم، بسلاح يعينهم على تخطي العقبات التي تعترض مسيرتهم، فتكون بالنسبة لهم طريقاً ممهداً لا عثرات فيه.
صالح وثمود:
ان القرآن الكريم يقص علينا اخبار بعض الأمم الماضية، التي انحرفت عن عبادة الله، ولم تستجب لدعوة رسله: فأهلكها الله بكفرها وعنادها..وهذه قصة ما جرى لثمود مع نبيهم صالح، وديارهم في منطقة العلا شمال المدينة المنورة، مستقاة من القرآن الكريم.
لقد سكنت ثمود بواد ارضه خصبة وعامرة، ومياهه جارية، ومحاصيله وافرة، وكانت تحيط بهم جبال عالية، فنحت القوم احجارها فارهين، وشيدوا في فجواتها مساكن واسعة وقصوراً شامخة تشهد بما اعطاهم الله من قوة، وجمعوا من خيرات ارضهم اموالاً طائلة، ومضى عليهم حين من الدهر، وهم ينعمون برغد العيش، وسعة الرزق، فنسوا الله، ظناً منهم انهم في نعمتهم خالدون، واتخذوا لهم اصناماً يعبدونها من دون الله، زينها لهم الشيطان، وسوّل لهم الكفر بالله، وجحدان نعيمه عليهم.
فبعث الله فيهم صالحاً نبياً، وكان عندهم صادقاً صالحاً، حليماً عاقلاً، شريفاً لا يقدحون فيه بشيء، ولو كان منصرفاً عن عبادتهم، ولا يعبد ما يعبدون. فدعا صالح قومه الى عبادة الله وحده، فهزئوا منه ومن دعوته، ولم يؤمن برسالته الا نفر قليل من مستضعفي القوم وفقرائهم، واعرض عنه الكبراء والاشراف، معتزين بآلهتهم وتائهين في ضلالتهم، وكلما عاودهم نبيهم صالح في الدعوة، ازدادوا منه نفوراً، ولرأيه تأنيباً وعناداً، قائلين: كيف تنهانا يا صالح عن عبادة آلهتنا؟ كفّ عنا، ولاتتنكّب لنا وتعترض علينا، فقد كنا نعدّك فينا صالحاً عاقلاً مصيباً قبل هذا، كيف تنهانا عن عبادة ما يعبده آباؤنا؟
وتحمّل نبيّ الله صالح أذاهم، دون ان ينثني عن دعوته، وغير آيس من هدايتهم، وساق الله عليهم الآيات، ومنها نقصان الماء في ديارهم، ولما اعياهم الامر، طلبوا منه ان يقيم لهم الدليل على صدق نبوّته، وان يأتيهم ببرهان من ربّه، فدعا صالح ربّه، واستجاب الله لدعائه، واذا الحجر ينشقّ امامهم، فتبرز منه ناقة حمراء الوبر، سوداء العينين عظيمة الجرم، واذا بها ترغو بين الصخور، فقال لهم صالح: {هّذٌهٌ نّاقّةٍ پلَّهٌ لّكٍمً آيّةْ فّذّرٍوهّا تّأًكٍلً فٌي أّرًضٌ پلَّهٌ وّلا تّمّسٍَوهّا بٌسٍوءُ فّيّأًخٍذّكٍمً عّذّابِ أّلٌيمِ} [الأعراف: 73] .
واعلمهم صالح ان لها يوم تشرب ماء البئر كله، ويأخذون من لبنها ما يكفيهم ذلك اليوم، وفي اليوم الثاني يكون الماء لهم كله، لكن غلب عليهم العناد والمخالفة لنبيهم، فتواعد تسعة رهط، من اشقياء القوم، عتوا عن امر ربهم، واستخفوا بوعيده سبحانه، فعمدوا الى الناقة فعقروها، وقالوا لنبيهم: {\ئًتٌنّا بٌمّا تّعٌدٍنّا إن كٍنتّ مٌنّ پًمٍرًسّلٌينّ } [الأعراف: 77] .
ولم يستجيبوا لنداء العقلاء منهم في نهيهم لهم، ولا في قول صالح لهم لما اخذتهم الرجفة {لّقّدً أّبًلّغًتٍكٍمً رٌسّالّةّ رّبٌَي $ّنّصّحًتٍ لّكٍمً $ّلّكٌن لاَّ تٍحٌبٍَونّ پنَّاصٌحٌينّ} [الأعراف:79 ] .
وعجل الله سبحانه بعذابه عليهم، بعد ثلاثة ايام فأهلهم عقاباً لمعصيتهم، بصاعقة دمرت بيوتهم فكانت جثثهم هامدة، وديارهم خاوية، ليمر بهم الناس، ويعتبروا بما آلوا اليه، ولم تنفعهم قوتهم لما عاندوا امر الله، وعصوا رسولهم صالح، وهذه عاقبة من عاند امر الله، واشرك معه غيره، فهو سبحانه اغنى الشركاء عن الشرك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.